الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فما لهج به من لم يلزمها بذلك ليس عليه ولا فيه حجة.
والأصل قرار المرأة في بيتها للأمر في (وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الأُولَى)(الأحزاب: 33).
وهي عامة؛ لأن العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب، ولا بخصوص المخاطب.
وتخرج لحاجتها إن أرادت، «أذن لكن أن تخرجن في حاجتكن» (1).
وتستأذن زوجها في خروج يستأذن منه عرفا؛ للأمر بالعشرة بالمعروف، ومنه هذا، ولأن العادة محكمة.
وطاعة الزوج حكم بها الله وشرعها بالنص؛ لقوله تعالى (فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلَا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلاً)(النساء: 34)، ومن طاعته خدمته بالمعروف، ومنها إذنه في الخروج والقيام على بيته وحفظه وماله وولده بلا مضارة، وإلا فلا معنى للأمر بالطاعة إن لم تفعل ذلك بالمعروف، ونصوص السنن في هذا كثيرة.
يجب في النكاح رضى المرأة وأهلها:
ويجب في النكاح رضى أهل المرأة لقوله تعالى (فَانكِحُوهُنَّ بِإِذْنِ أَهْلِهِنَّ)(النساء: 25).
وإذنهم رضاهم، فالرضا من الأهل واجب؛ لأنه مأمور به في الآية على سبيل الشرط، فيكون المعنى «إذا أذن أهلهن فانكحوهن» كقولك لمن استأذن في استعارة شيء: خذ بإذن فلان، أي إذا أذن لك فخذه، فهذا شرط، وكقول الفقهاء يجاهد الابن بإذن والديه، أي إذا أذنا جاهد وإلا فلا.
فإن امتنع الأهل من الرضى فلا نكاح.
لكن إن وصل عدم الرضى إلى التعنت في منع المرأة من الزواج فهو عضل محرم (فَلَا
(1) - أخرجه البخاري برقم 4795 عن عائشة رضي الله عنها قالت خرجت سودة بعد ما ضرب الحجاب لحاجتها وكانت امرأة جسيمة لا تخفى على من يعرفها فرآها عمر بن الخطاب فقال يا سودة أما والله ما تخفين علينا فانظري كيف تخرجين قالت فانكفأت راجعة ورسول الله صلى الله عليه وسلم في بيتي وإنه ليتعشى وفي يده عرق فدخلت فقالت يا رسول الله إني خرجت لبعض حاجتي فقال لي عمر كذا وكذا قالت فأوحى الله إليه ثم رفع عنه وإن العرق في يده ما وضعه فقال إنه قد أذن لكن أن تخرجن لحاجتكن.
تَعْضُلُوهُنَّ أَن يَنكِحْنَ أَزْوَاجَهُنَّ إِذَا تَرَاضَوْا بَيْنَهُم بِالْمَعْرُوفِ) (البقرة: 232).
فالرضى من أهلها شرط، ولكنه إن وصل إلى العضل مُنِع.
والاستئذان من الأهل غير إذن الأهل؛ لأن الأول مجرد إعلام الأهل بنكاح ابنتهم، والثاني: هو اشتراط إذنهم، ولا إذن إلا عن رضى فكان المقصود رضى الأهل.
لأن الإذن يتضمن الموافقة على النكاح وهو الرضى.
والأهل هم الذكور؛ لأنه هكذا يطلق في اللغة، والعرف، فيقال: أهل المرأة يعني عصبتها من الذكور.
والقرآن خاطب بلسان عربي مبين، ولعموم قوله تعالى (وَأُوْلُوا الأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ) (الأنفال: 75)، فشمل كل رحمٍ وبعضهم أولى من بعض كما يفيده النص.
ورأسهم الأب؛ لأن الأبناء تحت طاعته (1).
والأب أقرب من الإخوة بلا خلاف، ولذلك يسقطهم في الميراث.
ولأنه يصدق عليه النص في (بِإِذْنِ أَهْلِهِنَّ)، بخلاف رضى غيره مع عدم رضاه؛ ولأن النفقة على ابنته لازمة عليه لا على إخوتها؛ لأنه أولى بها وطاعته عليها فرض، بخلاف طاعة الأخ.
ويبطل النكاح إن زوجت المرأة نفسها بلا إذن أهلها مع إمكان لولي؛ للشرط في الآية، والنص في الحديث «لا نكاح إلا بولي» (2) ونحوه كثير، وأصرحها «أيما امرأة نكحت بغير إذن وليها فنكاحها باطل فنكاحها باطل فنكاحها باطل فإن دخل بها فلها المهر بما استحل من فرجها فإن اشتجروا فالسلطان ولي من لا ولي له» (3).
ولأن عقد النكاح بيد الولي؛ لقوله تعالى (أَوْ يَعْفُوَ الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكَاحِ)(البقرة: 237).
ولا يقصد به الزوج هنا؛ لأن الآية فيمن طلق قبل الدخول ومعلوم أنه بمجرد طلاقه تبين منه
(1) - ولم نقل تحت ولايته؛ لأنهم إن كانوا بالغين راشدين، فلا ولاية للأب عليهم ولاية نظر لكن طاعة بالمعروف.
(2)
- أخرجه أبو داود برقم 2087 عن أبي بردة عن أبي موسى أن النبي صلى الله عليه وسلم قال «لا نكاح إلا بولي» . قلت: سند أبي داود صحيح. والاختلاف فيه لا يضر. وحسنه الترمذي وله شواهد كثيرة.
(3)
- أخرجه الترمذي برقم 1102 وحسنه. قلت: سنده حسن أو صحيح.