الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وهي مؤتمنة على حفظه شرعا.
المرأة ووالدا زوجها:
ويجب عليها الإحسان إلى والدي الزوج إن كانا معه في بيته؛ لأنه في معنى النص في حديث جابر، إذ هو كمشروعية خدمة أخوات زوجها القُصَّر بالنص، بل أولى منه.
والإحسان إلى والدي الزوج يكون بما جرت به العادات.
فإن خرج زوجها من البيت لطلب المعاش ونحوه تعين عليها رعاية من يحتاج إلى رعاية كأطفالهما أو أطفاله، أو أخواته القصر، أو والديه الكبيرين لعموم المسئولية في النص.
فإن فرطت فحصل ضرر أثمت، وضيعت الأمانة.
فإن اشتكت لزوجها وتأففت من ذلك، وأنها ستمتنع عن رعاية ذلك، بلا ضرر معتبر عليها، فلا يحق لها ذلك؛ لأنها مسئولة عن الرعاية بالنص.
ولأنها حينئذ تضار بزوجها، وهو منهي عنه.
وهو خلاف العشرة بالمعروف؛ لأنه يجب عليه حينئذ حفظ ما تحت يده من والدين كبيرين، وأخوات قُصَّر وأطفاله. وهذا متعذر حال غيبته عن بيته.
وبقاؤه لرعايتهم يؤدي إلى تركه أمور معاشهم وهو ضرر بالغ.
فوجب عليها بالتكليف الشرعي عشرته بالمعروف (وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ)(البقرة: 228).
و«على» تدل على الوجوب.
وقَيْدُ المعروف أي: بالعرف المشروع؛ وهذا منه؛ لأنه مبني على تبادل المصالح بين الزوجين ودفع المفاسد عنهما وعن الأسرة، وهذا أمر شرعي.
فإن أصرت على الامتناع تعنتا بلا ضرر عليها؛ وعَضَهَا.
فإن وجد إعراضا هَجَر؛ فإن اضطر لتأديب أدبها بالمعروف بلا ضرر (وَاللَاّتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلَا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلاً إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيًّا كَبِيرًا)(النساء: 34).
فإن زاد الشقاق (فَابْعَثُوا حَكَمًا مِّنْ أَهْلِهِ وَحَكَمًا مِّنْ أَهْلِهَا إِن يُرِيدَا إِصْلَاحًا يُوَفِّقِ اللَّهُ بَيْنَهُمَا)(النساء: 35).
فإن تعذر طلقها؛ لأنها مضارة.
يحرم على المرأة اعتياد التشكي من والد زوجها أو والدته؛ لأنه يؤدي إلى الكبائر كالعقوق:
ولا يجوز لامرأة اعتياد التشكي لزوجها من والديه، سواء كانا يعيشان معه أحدهما أو كلاهما، أو لا.
لأن الدوام في التشكي يؤدي إلى تأففه من والديه وترك الإحسان لهما، وهذا منكر منصوص عليه وما أدى إليه حرام (فَلَا تَقُل لَّهُمَآ أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُل لَّهُمَا قَوْلاً كَرِيمًا) (الإسراء: 23).
ولأن نقل ما يؤدي إلى التباغض بين الخلق حرام، وهو نميمة، وهذا أقبحه.
ولو طلبت المرأة من زوجها منع والديه أحدهما أو كلاهما من دخول بيته، أو من الإحسان إليهما، فقد أمرته بالعقوق.
فتوعظ؛ ويصبر عليها، ثم يُحَكِّم كما أمر الله، فإن لم تنته وجب طلاقها؛ لأنها تؤدي إلى ارتكاب أعظم الكبائر وهو عقوق الوالدين وقطيعتهما، وهي امرأة سوء.
طاعة الزوج وخدمته:
وخدمتها لزوجها واجب بالعرف والفطرة، والشرع أقر ذلك؛ لأن الله أمر برد العشرة إلى العرف (وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ) (البقرة: 228).
وقوله تعالى (وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ)(النساء: 19).
أي: آمركم بمعاشرتهن بالعرف، والأمر يدل على الوجوب، والغالب الأكثري في هذا الأمر على مدار تاريخ الخليقة إيجاب العرف على الزوجة الخدمة لزوجها.
ولم يأت دين سماوي يعارض ذلك.
بل أقر ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأقره الله والوحي يتنزل.
وقد بلغ من خدمة المرأة من نساء الصحابة في شئون زوجها وبيتها أن ظهر آثار الخدمة على أيديهن، وأبدانهن.
ومنهن فاطمة حتى اشتكت له صلى الله عليه وسلم ليعطيها خادما فلم يفعل، بل وعظها بالصبر والذكر (1).
ومنهن أسماء كما في الأحاديث الصحيحة «أنها كانت تسوس فرس الزبير» (2).
واطلع رسول الله على ذلك وأقرها على خدمة زوجها، وهو المبين صلى الله عليه وسلم ما أجمل من الأمر الواجب بالعشرة بالمعروف، فلو كان خلاف ذلك لنهى.
(1) - أصل القصة في البخاري برقم 3705 ومسلم برقم 7090، عن ابن أبي ليلى قال: حدثنا علي أن فاطمة عليها السلام شكت ما تلقى من أثر الرحا فأتى النبي صلى الله عليه وسلم سبى فانطلقت فلم تجده فوجدت عائشة فأخبرتها فلما جاء النبي صلى الله عليه وسلم أخبرته عائشة بمجيء فاطمة فجاء النبي صلى الله عليه وسلم إلينا وقد أخذنا مضاجعنا فذهبت لأقوم فقال على مكانكما فقعد بيننا حتى وجدت برد قدميه على صدري وقال ألا أعلمكما خيرا مما سألتماني إذا أخذتما مضاجعكما تكبرا أربعا وثلاثين وتسبحا ثلاثا وثلاثين وتحمدا ثلاثة وثلاثين فهو خير لكما من خادم. وأخرجه أبو داود بسند لا بأس به ثم أورد له متابعة صحيحة برقم 2990، عن ابن أعبد قال: قال لي علي رضي الله عنه ألا أحدثك عنى وعن فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم وكانت من أحب أهله إليه قلت بلى. قال إنها جرت بالرحى حتى أثر في يدها واستقت بالقربة حتى أثر في نحرها وكنست البيت حتى اغبرت ثيابها فأتى النبي صلى الله عليه وسلم خدم فقلت لو أتيت أباك فسألتيه خادما فأتته فوجدت عنده حداثا فرجعت فأتاها من الغد فقال «ما كان حاجتك» . فسكتت فقلت أنا أحدثك يا رسول الله جرت بالرحى حتى أثرت في يدها وحملت بالقربة حتى أثرت في نحرها فلما أن جاءك الخدم أمرتها أن تأتيك فتستخدمك خادما يقيها حر ما هي فيه. قال «اتقى الله يا فاطمة وأدى فريضة ربك واعملي عمل أهلك فإذا أخذت مضجعك فسبحي ثلاثا وثلاثين واحمدي ثلاثا وثلاثين وكبرى أربعا وثلاثين فتلك مائة فهي خير لك من خادم» . قالت رضيت عن الله عزوجل وعن رسوله صلى الله عليه وسلم.
(2)
- أخرجه مسلم برقم 5822 أن أسماء قالت كنت أخدم الزبير خدمة البيت وكان له فرس وكنت أسوسه فلم يكن من الخدمة شيء أشد على من سياسة الفرس كنت أحتش له وأقوم عليه وأسوسه. قال ثم إنها أصابت خادما جاء النبي صلى الله عليه وسلم سبى فأعطاها خادما. قالت كفتني سياسة الفرس فألقت عنى مئونته فجاءني رجل فقال يا أم عبدالله إني رجل فقير أردت أن أبيع في ظل دارك. قالت إني إن رخصت لك أبى ذاك الزبير فتعال فاطلب إلى والزبير شاهد فجاء فقال يا أم عبدالله إني رجل فقير أردت أن أبيع في ظل دارك. فقالت ما لك بالمدينة إلا دارى فقال لها الزبير ما لك أن تمنعي رجلا فقيرا يبيع فكان يبيع إلى أن كسب فبعته الجارية فدخل على الزبير وثمنها في حجري. فقال هبيها لي. قالت إني قد تصدقت بها.