الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَلَا عَلَى الْمَرْضَى وَلَا عَلَى الَّذِينَ لَا يَجِدُونَ مَا يُنفِقُونَ حَرَجٌ إِذَا نَصَحُوا لِلّهِ وَرَسُولِهِ مَا عَلَى الْمُحْسِنِينَ مِن سَبِيلٍ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ) (التوبة: 91).
فلما لم يجدوا ما ينفقون بالنص ولم يجدوا عطاء رفع الله عنهم الحرج.
التدريب القتالي:
وأما اشتراط التدريب فلقوله تعالى (لَّيْسَ عَلَى الضُّعَفَاء وَلَا عَلَى الْمَرْضَى وَلَا عَلَى الَّذِينَ لَا يَجِدُونَ مَا يُنفِقُونَ حَرَجٌ إِذَا نَصَحُوا لِلّهِ وَرَسُولِهِ مَا عَلَى الْمُحْسِنِينَ مِن سَبِيلٍ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ)(التوبة: 91).
والضعفاء هنا هم كل من لا يستطيع القتال لعلة ضعف، كالنساء والأطفال والشيخ الهرم، ويلحق بهم الأعمى والأعرج كما تفيده نصوص أخرى.
فإن كان الضعف لعدم تدريب معتبرٍ على القتال والسلاح والكر والفر؛ فإن النص يشمل في الأعذار من كان فيه ذلك.
وفرض عليه وعلى الأمة كافة تحصيل هذه الشروط الخمسة للقتال في سبيل الله كما يفرض على المصلي الوضوء ونحوه؛ لأنه شرط لا تصح الصلاة إلا به.
وفرض عين على الدولة أن تحصل شروط الجهاد في فئة كافية من الشعب للقيام بذلك ببناء قوات مسلحة عالية التدريب والكفاءة قادرة على القيام بذلك (1).
قوة التسليح:
وأما اشتراط التسليح فدليله (وَلَا عَلَى الَّذِينَ إِذَا مَا أَتَوْكَ لِتَحْمِلَهُمْ قُلْتَ لَا أَجِدُ مَا أَحْمِلُكُمْ عَلَيْهِ تَوَلَّوا وَّأَعْيُنُهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ حَزَنًا أَلَاّ يَجِدُوا مَا يُنفِقُونَ)(التوبة: 92)؛ لأنهم لما عدموا المال لشراء السلاح وعدة الحرب ذهبوا إلى رسول الله ليعطيهم السلاح والعدة ولم يكن عنده ما يعطيهم فأعذرهم الله، فدل على اشتراط التسليح لفرض حضور المعركة.
أركان القتال في سبيل الله:
أما أركان الجهاد في سبيل الله فهي الثبات عند اللقاء، والإخلاص لله، والقتال لتكون كلمة
(1) - انظر بتفصيل فقه المؤسسة العسكرية.
الله هي العليا، وطاعة الأمر، ووحدة القيادة ووحدة القرار وطاعته.
والفرق بين الأركان والشروط أن الأركان مفروضة حال المعركة المعيَّنة وما يتعلق بها من السوابق واللواحق.
أما الشروط فهي أمور مفروضة قبل مباشرة أيِّ معركة قتالية في سبيل الله.
فالثبات ركن لصحة الجهاد حال اللقاء، ودليل ركنيته الأمر به والنهي عن ضده المعين (إِذَا لَقِيتُمْ فِئَةً فَاثْبُتُوا وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَّعَلَّكُمْ تُفْلَحُونَ) (الأنفال: 45)، (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا زَحْفاً فَلَا تُوَلُّوهُمُ الأَدْبَارَ) (الأنفال: 15)، واجتماعهما نصا على أمر واحد يدل على عدم الصحة إلا بوجوده، وهذا دليل على الركنية أو الشرطية.
وإنما جعلناه ركنا لا شرطا؛ لأن الركن جزء من الشيء بخلاف الشرط، والثبات جزء من القتال حال المعركة، فهو كالقيام في الصلاة حال أدائها.
وأما الإخلاص لله فهو أمر قلبي، وهو ركن لصحة العمل عند الله.
وأما القتال لتكون كلمة الله هي العليا فللنص «من قاتل لتكون كلمة الله هي العليا فهو في سبيل الله» (1)، و «من قاتل تحت راية عمية ينصر عصبة فهو من جثي جهنم» (2).
والقتال حينئذ محرم، وقد جمع هذان الركنان في قوله تعالى (وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ خَرَجُوا مِن دِيَارِهِم بَطَرًا وَرِئَاء النَّاسِ وَيَصُدُّونَ عَن سَبِيلِ اللَّهِ وَاللَّهُ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطٌ) (الأنفال: 47)، فحرم القتال رياء وبطرا بلا هدف مشروع.
وأما طاعة الأوامر فلأن معصيتها مؤد إلى مفسدة الفشل والتنازع وعدم النصر (وَلَقَدْ صَدَقَكُمُ اللَّهُ وَعْدَهُ إِذْ تَحُسُّونَهُم بِإِذْنِهِ حَتَّى إِذَا فَشِلْتُمْ وَتَنَازَعْتُمْ فِي الأَمْرِ وَعَصَيْتُم مِّن بَعْدِ مَا أَرَاكُم مَّا تُحِبُّونَ مِنكُم مَّن يُرِيدُ الدُّنْيَا وَمِنكُم مَّن يُرِيدُ الآخِرَةَ ثُمَّ صَرَفَكُمْ عَنْهُمْ لِيَبْتَلِيَكُمْ وَلَقَدْ عَفَا عَنكُمْ وَاللَّهُ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ)(آل عمران: 152).
وأما توحد القيادة على قائد مطاع فوجوبه الركني حال القتال في سبيل الله مستفاد من (وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ)(الأنفال: 46)، والنهي يفيد الفساد كما هو معلوم في الأصول.
(1) - فدل على الركنية مع كون تركه مؤدياً إلى إبطال مقصود الجهاد ..
(2)
- تقدم تخريجه.