الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وإذا وجب الجهاد فللأمة أحوال:
أ- فإما أن تكون بإمام واحد، وسياستها الخارجية متحدة سواء كانت في دولة متحدة كليا، أو كانت في دولة متحدة في السياسة الخارجية والأمن الداخلي والخارجي والاقتصاد فقط، فواجب النفير العام بأمر الدولة.
ب- أو كانت في اتحاد أقل من ذلك، فواجب على دول الاتحاد كافة الدفع والنفير.
ج- وإن كانوا دويلات متفرقة فواجب على رؤساء الدول وقياداتها الدعوة للنفير العام.
د- فإن لم يفعلوا وجب على كل قادر النفير ويأثمون للترك.
وإذا احتل الكفار بلاد الإسلام وتخاذل حكامهم؛ فلا يسقط وجوب الجهاد على الشعوب، وفَرْضٌ وجود طائفة تدفع الاحتلال (وَأَخْرِجُوهُم مِّنْ حَيْثُ أَخْرَجُوكُمْ) (البقرة: 191)؛ لأن الميسور لا يسقط بالمعسور (فَقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ لَا تُكَلَّفُ إِلَاّ نَفْسَكَ وَحَرِّضِ الْمُؤْمِنِينَ عَسَى اللَّهُ أَن يَكُفَّ بَأْسَ الَّذِينَ كَفَرُوا وَاللَّهُ أَشَدُّ بَأْسًا وَأَشَدُّ تَنكِيلاً)(النساء: 84).
ويكون رباطهم وجهادهم في الأرض التي بها احتلال العدو؛ لأن هذا هو محل الفرض.
ولا يجوز لهم قتال كافر في داخل دولة مسلمة دَخَلَ برضا ولي الأمر لتلك الدولة ولو كان محتلا لدولة مسلمة أخرى.
لأن الفرض يؤدى في محله وهي الأرض المحتلة؛ ولأَن وجوده في دولة مسلمة أخرى لم يكن احتلالا؛ لأنه بأمان وتوافق، وبغير قوات عسكرية؛ لأن ذمة المؤمنين واحدة.
وسواء كان هؤلاء في تلك الدولة تجارا، أو سواحا، أو شركات استثمارية، أو عمالا، أو مبعوثا عسكريا.
فإن كانت قوات عسكرية فيحرم على الإمام والدولة إعطاؤها الإذن والأمان بالتواجد داخل الدولة المسلمة؛ لأنه إن كانت ضعيفة فهو احتلال، أو كانت قوية فهو عمالة ونفاق (1)، إلا في حالة الضعف وكان ذلك تقية لدفع ما هو أعظم (إِلَاّ أَن تَتَّقُوا مِنْهُمْ تُقَاةً) (آل عمران: 28).
فيرجع النظر فيها إلى أولي الأمر لعموم النص (وَإِذَا جَاءهُمْ أَمْرٌ مِّنَ الأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُوا
(1) - انظر مسائل الأجواء في فقه المال.
بِهِ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُوْلِي الأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنبِطُونَهُ مِنْهُمْ وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لَاتَّبَعْتُمُ الشَّيْطَانَ إِلَاّ قَلِيلاً) (النساء: 83).
ويقدر الأمر قدره.
ويشترط في العقد إخراجهم في أي وقت، وعدم استعمالهم الأرض لضرب دولة أخرى.
فإن لم يشترط ذلك لشدة ضعف، وفرقة دول المسلمين، فهي مصيبة عامة حينئذ أصلها ذنوب عظيمة في الأمة وجب التوبة منها والسعي لجمع الكلمة والخروج من الوضع القائم العام، وهذه فروض.
وأحكام الإسلام ودولته تبدأ بالتدرج كما تدرج رسول الله صلى الله عليه وسلم في الدعوة والدولة، ولم يقاتل المعتدي حتى اشتدت قوة الدولة، ولم يعلن إخراج المشركين من جزيرة العرب حتى كان الإسلام قوة عظيمة، وقد واجه محاور القوة للمشركين وغلبهم، وهي قريش، والطائف، وحنين، وقوى اليهود، وأعلن بعد ذلك إخراج القوات المشركة من جزيرة العرب.
ونزلت براءة مفتتحة ذلك.
ويستنبط من هذه الاستدلالات أنه إذا تواجدت قوات كافرة في دولة مسلمة باتفاق رسمي لا باحتلال حال ضعف المسلمين كما هو حاصل الآن فالواجب الأول هو السعي لجمع الكلمة وتوحيدها، والإعداد، والتوبة، وغرس الإيمان في الأمة.
وقيام طائفة مسلمة بالعدوان على تلك القوات الكافرة غير المحتلة الموجودة باتفاق رسمي في وضعنا الراهن متعذر؛ ومفاسده عظيمة، فيمنع.
بل يصنع كما صنع رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلم يمنع التواجد المسلح للكفار في الجزيرة حتى كان قد وحد جزيرة العرب، وظهر الإسلام فيها على غيره، واجتمعت الكلمة العامة.
وقد شرط الله للجهاد جمع الكلمة، وعدم التنازع (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا لَقِيتُمْ فِئَةً فَاثْبُتُوا وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَّعَلَّكُمْ تُفْلَحُونَ* وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبِرُوا إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ) (الأنفال: 45 - 46).
ومنع نصرة المستضعفين في بلاد الكفار إن كان بيننا وبينهم ميثاق (حَتَّى يُهَاجِرُوا وَإِنِ اسْتَنصَرُوكُمْ فِي الدِّينِ فَعَلَيْكُمُ النَّصْرُ إِلَاّ عَلَى قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُم مِّيثَاقٌ)(الأنفال: 72).