الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
واكتفى رسول الله صلى الله عليه وسلم بالدعاء على قبيلة رعل وذكوان، وقد قتلوا غدرا القراء المرسلين إليهم (1).
ولم يبعث لقتالهم، فدل على أن خيار القتال له شروط وأركان.
ولا يكون في أي حال حتى لو اعتدى الكفار على المسلمين فقتلوهم كحال رعل وذكوان لما قتلوا القراء.
ففتح جبهات قتالية تضر المسلمين عامة هو من المحرمات الشرعية.
وقد منع رسول الله صلى الله عليه وسلم أبا بصير من البقاء في الدولة (2) حتى لا يحمل المسلمين ودولتهم ما لا طاقة لهم به آنذاك؛ ولوجود عهد وميثاق جعلهم يتفرغون للدعوة سماه الله فتحاً وهو صلح الحديبية (إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُّبِينًا)(الفتح: 1).
-
إجراءات قتالية:
ويعين قيادات القوة المتحركة للقتال، بدءا بالقائد، ونوابه، ومساعديه.
وهو أمر متعلق بالمصالح.
وقد عين رسول الله صلى الله عليه وسلم قيادات في سرايا وجيوش، وعين نوابا كما في مؤتة (3).
(1) - أخرجه البخاري برقم 1003 عن أنس قال قنت النبي صلى الله عليه وسلم شهرا يدعو على رعل وذكوان. وهو في مسلم برقم 1577 عن أنس بن مالك قال دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم على الذين قتلوا أصحاب بئر معونة ثلاثين صباحا يدعو على رعل وذكوان ولحيان وعصية عصت الله ورسوله.
(2)
- تقدم تخريجه.
(3)
- قولنا «وقد عين رسول الله صلى الله عليه وسلم .. » منه ما أخرجه أحمد بسند صحيح في قصة مؤتة برقم 22604 عن أبي قتادة فارس رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم جيش الأمراء وقال عليكم زيد بن حارثة فإن أصيب زيد فجعفر فإن أصيب جعفر فعبدالله بن رواحة الأنصاري فوثب جعفر فقال بأبي أنت يا نبي الله وأمي ما كنت أرهب أن تستعمل على زيدا قال امضوا فإنك لا تدري أي ذلك خير قال فانطلق الجيش فلبثوا ما شاء الله ثم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صعد المنبر وأمر أن ينادى الصلاة جامعة فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ناب خير أو ثاب خير شك عبدالرحمن ألا أخبركم عن جيشكم هذا الغازي إنهم انطلقوا حتى لقوا العدو فأصيب زيد شهيدا فاستغفروا له فاستغفر له الناس ثم أخذ اللواء جعفر بن أبي طالب فشد على القوم حتى قتل شهيدا أشهد له بالشهادة فاستغفروا له ثم أخذ اللواء عبدالله بن رواحة فأثبت قدميه حتى أصيب شهيدا فاستغفروا له ثم أخذ اللواء خالد بن الوليد ولم يكن من الأمراء هو أمر نفسه فرفع رسول الله صلى الله عليه وسلم إصبعيه وقال اللهم هو سيف من سيوفك فانصره وقال عبدالرحمن مرة فانتصر به فيومئذ سمي خالد سيف الله ثم قال النبي صلى الله عليه وسلم انفروا فأمدوا إخوانكم ولا يتخلفن أحد فنفر الناس في حر شديد مشاة وركبانا.
وتوديع الجيش إلى مشارف البلد من ولي الأمر، أو القيادات العليا مشروع، وقد ودع رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو بكر وعمر.
ويستقبلون الجيش العائد كما ورد في جيش مؤتة.
ولا مانع من إطلاع الشعب على مجريات المعركة إعلاميا لأن الرسول صلى الله عليه وسلم قال على المنبر «أخذ الراية زيد فأصيب» .
وإذا سار الجيش كبروا على مرتفع، وسبحوا على كل سهل للنص (1).
ولأنه أوقع في نفوس من يمرون عليهم (تُرْهِبُونَ بِهِ عَدْوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ وَآخَرِينَ مِن دُونِهِمْ لَا تَعْلَمُونَهُمُ اللَّهُ يَعْلَمُهُمْ)(الأنفال: 60).
وإذا حضرت الصلاة صلوا صلاة الخوف (وَإِذَا ضَرَبْتُمْ فِي الأَرْضِ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَن تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلَاةِ إِنْ خِفْتُمْ أَن يَفْتِنَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنَّ الْكَافِرِينَ كَانُوا لَكُمْ عَدُوًّا مُّبِينًا* وَإِذَا كُنتَ فِيهِمْ فَأَقَمْتَ لَهُمُ الصَّلَاةَ فَلْتَقُمْ طَآئِفَةٌ مِّنْهُم مَّعَكَ وَلْيَأْخُذُوا أَسْلِحَتَهُمْ فَإِذَا سَجَدُوا فَلْيَكُونُوا مِن وَرَآئِكُمْ وَلْتَأْتِ طَآئِفَةٌ أُخْرَى لَمْ يُصَلُّوا فَلْيُصَلُّوا مَعَكَ وَلْيَأْخُذُوا حِذْرَهُمْ وَأَسْلِحَتَهُمْ وَدَّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ تَغْفُلُونَ عَنْ أَسْلِحَتِكُمْ وَأَمْتِعَتِكُمْ فَيَمِيلُونَ عَلَيْكُم مَّيْلَةً وَاحِدَةً وَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِن كَانَ بِكُمْ أَذًى مِّن مَّطَرٍ أَوْ كُنتُم مَّرْضَى أَن تَضَعُوا أَسْلِحَتَكُمْ وَخُذُوا حِذْرَكُمْ إِنَّ اللَّهَ أَعَدَّ لِلْكَافِرِينَ عَذَابًا مُّهِينًا)(النساء: 101 - 102).
ولها كيفيات عديدة، بحسب الوضع ومردها إلى ثلاثة أنواع:
الأول: أن يصلوها جماعة بكيفيات وتكتيك معين (2).
الثاني: أن لا يستطيعوا أن يصلوا أي صلاة، لا فرادى ولا جماعة، فيؤخرونها حتى إمكان الاستطاعة، ثم يجمعونها كما ورد في الخندق (3).
(1) - أخرجه البخاري برقم 2993 عن جابر بن عبدالله رضي الله عنهما قال: كنا إذا صعدنا كبرنا، وإذا نزلنا سبحنا.
(2)
- أورد الإمام أبي داود في سننه سبعة عشر كيفية فراجعها.
(3)
- تقدم تخريجه.
الثالث: إن استطاع أن يصلي الفرد بالإيماء؛ فيجوز لورود ذلك (1).
وأما الصوم فإن كان الفطر أقوى لهم فالفطر واجب ويقضون؛ لورود تسمية من لم يفطر في فتح مكة بالعصاة (2)، لاقتراب القتال؛ فإن كان لا قتال ولا خوف فلهم الإفطار لعلة السفر، ولهم الإمساك.
ومن أفطر قضى وجوبا.
وأما الأذكار فقد بيناها في كتابنا «فقه المقاتل» (3).
وواجب الأخذ بعوامل النصر، وهي: الإعداد التام، والثبات، وذكر الله كثيرا، وطاعة الله
(1) - قولنا «لورود ذلك» مما ورد فيها ما أخرجه أحمد برقم 16090 عن عبدالله بن أنيس قال دعاني رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: إنه قد بلغني أن خالد بن سفيان بن نبيح يجمع لي الناس ليغزوني وهو بعرنة فأته فاقتله. قال: قلت: يا رسول الله، أنعته لي حتى أعرفه. قال: إذا رأيته وجدت له اقشعريرة. قال: فخرجت متوشحا بسيفي حتى وقعت عليه وهو بعرنة مع ظعن يرتاد لهن منزلا وحين كان وقت العصر فلما رأيته وجدت ما وصف لي رسول الله صلى الله عليه وسلم من الاقشعريرة فأقبلت نحوه وخشيت أن يكون بيني وبينه محاولة تشغلني عن الصلاة فصليت وأنا أمشي نحوه أومئ برأسي الركوع والسجود فلما انتهيت إليه قال: من الرجل؟ قلت: رجل من العرب سمع بك وبجمعك لهذا الرجل فجاءك لهذا. قال: أجل أنا في ذلك. قال: فمشيت معه شيئا حتى إذا أمكنني حملت عليه السيف حتى قتلته ثم خرجت وتركت ظعائنه مكبات عليه، فلما قدمت على رسول الله صلى الله عليه وسلم فرآني فقال: أفلح الوجه. قال: قلت: قتلته يا رسول الله. قال: صدقت. قال: ثم قام معي رسول الله صلى الله عليه وسلم فدخل في بيته فأعطاني عصا فقال: أمسك هذه عندك يا عبدالله بن أنيس. قال: فخرجت بها على الناس فقالوا: ما هذه العصا؟ قال: قلت: أعطانيها رسول الله صلى الله عليه وسلم وأمرني أن أمسكها. قالوا: أولا ترجع إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فتسأله عن ذلك. قال: فرجعت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت: يا رسول الله، لم أعطيتني هذه العصا. قال: آية بيني وبينك يوم القيامة، إن أقل الناس المتخصرون يومئذ يوم القيامة. فقرنها عبدالله بسيفه فلم تزل معه حتى إذا مات أمر بها فصبت معه في كفنه ثم دفنا جميعا. قال الحافظ في الفتح (2/ 437) برقم 904: أخرجه أبو داود وإسناده حسن.
(2)
- أخرجه مسلم برقم 2666 عن جابر بن عبدالله رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج عام الفتح إلى مكة في رمضان فصام حتى بلغ كراع الغميم فصام الناس ثم دعا بقدح من ماء فرفعه حتى نظر الناس إليه ثم شرب فقيل له بعد ذلك إن بعض الناس قد صام فقال «أولئك العصاة أولئك العصاة» .
(3)
- وهو كتاب ألفناه في مهمات ما يحتاجه الجندي من العقائد والعبادات والطهارات والأذكار والجهاد وأعذاره والفتاوى، وطبع منه أكثر من مائة ألف نسخة -الطبعة الأولى- ووزع على كثير من وحدات القوات المسلحة والأمن رسمياً.
ورسوله وترك التنازع، والصبر، وترك البطر، والرياء، والتكبر على الخلق بعدد أو عدة، ووجوب اعتقاد أن النصر من عند الله، وهذه مجموعة في قوله تعالى (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا لَقِيتُمْ فِئَةً فَاثْبُتُوا وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَّعَلَّكُمْ تُفْلَحُونَ* وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبِرُوا إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ) (الأنفال: 45 - 46).
ومن كان مخذلا أو مرجفا حرم إخراجه في الجيش (لَوْ خَرَجُوا فِيكُم مَّا زَادُوكُمْ إِلَاّ خَبَالاً ولأَوْضَعُوا خِلَالَكُمْ يَبْغُونَكُمُ الْفِتْنَةَ)(التوبة: 47).
ويجوز إرسال العيون والاستخبارات على العدو كما ثبت في النصوص (1).
والإيهام والخداع والتحرك والتكتيك والقتال من أصول الحرب عرفاً وشرعاً على المستوى الدولي الرسمي وغيره «الحرب خدعة» (2).
وإن اطلع على جاسوس للعدو قبض عليه لمحاكمته والنظر في أمره.
والإلهاب والتحفيز للمقاتلين والتحريض واجب (وَحَرِّضِ الْمُؤْمِنِينَ)(النساء: 84)، وهذا أمر.
ويجب إنشاء جهة مسئولة عن ذلك كالتوجيه المعنوي؛ لأن الوسائل تأخذ أحكام المقاصد.
ويختار مكان المعسكر بما يفيد قتاليا، ويشاور في ذلك كما ورد في بدر (3).
ويتفحص الرأي لأهل القيادة والخبرة فيما يتعلق بالقتال كما في بدر (وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ)(آل عمران: 159).
(1) - تقدم تخريجه.
(2)
- أخرجه البخاري برقم 3029 عن أبي هريرة رضي الله عنه قال سمى النبي صلى الله عليه وسلم الحرب خدعة. وهو في مسلم برقم 4638.
(3)
- أخرجه البخاري برقم 4178 عن المسور بن مخرمة ومروان بن الحكم يزيد أحدهما على صاحبه قالا خرج النبي صلى الله عليه وسلم عام الحديبية في بضع عشرة مئة من أصحابه فلما أتى ذا الحليفة قلد الهدي وأشعره وأحرم منها بعمرة وبعث عينا له من خزاعة وسار النبي صلى الله عليه وسلم حتى كان بغدير الأشطاط أتاه عينه قال إن قريشا جمعوا لك جموعا وقد جمعوا لك الأحابيش وهم مقاتلوك وصادوك، عن البيت ومانعوك فقال أشيروا أيها الناس علي أترون أن أميل إلى عيالهم وذراري هؤلاء الذين يريدون أن يصدونا، عن البيت فإن يأتونا كان الله عزوجل قد قطع عينا من المشركين وإلا تركناهم محروبين قال أبو بكر يا رسول الله خرجت عامدا لهذا البيت لا تريد قتل أحد، ولا حرب أحد فتوجه له فمن صدنا عنه قاتلناه قال امضوا على اسم الله.
ويكثرون من التضرع لله، وطلب النصر، والبعد عن المعاصي (1).
وواجب الالتزام بالأوامر للقيادة ويحرم عصيانها، وهو مأثم مؤدٍ إلى الفشل (وَلَقَدْ صَدَقَكُمُ اللَّهُ وَعْدَهُ إِذْ تَحُسُّونَهُم بِإِذْنِهِ حَتَّى إِذَا فَشِلْتُمْ وَتَنَازَعْتُمْ فِي الأَمْرِ وَعَصَيْتُم مِّن بَعْدِ مَا أَرَاكُم مَّا تُحِبُّونَ مِنكُم مَّن يُرِيدُ الدُّنْيَا وَمِنكُم مَّن يُرِيدُ الآخِرَةَ ثُمَّ صَرَفَكُمْ عَنْهُمْ لِيَبْتَلِيَكُمْ وَلَقَدْ عَفَا عَنكُمْ وَاللَّهُ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ) (آل عمران: 152). ولا إثم إلا من ذنب.
ويجب اعتقاد أن الموت والحياة بإذن الله، ويحرم ربطها ببقاءٍ وتخلف عن قتال؛ وهو من قول الكفار والمنافقين (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ كَفَرُوا وَقَالُوا لإِخْوَانِهِمْ إِذَا ضَرَبُوا فِي الأَرْضِ أَوْ كَانُوا غُزًّى لَّوْ كَانُوا عِندَنَا مَا مَاتُوا وَمَا قُتِلُوا لِيَجْعَلَ اللَّهُ ذَلِكَ حَسْرَةً فِي قُلُوبِهِمْ وَاللَّهُ يُحْيِي وَيُمِيتُ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ) (آل عمران: 156)، (وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَاّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِن مَّاتَ أَوْ قُتِلَ انقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ وَمَن يَنقَلِبْ عَلَىَ عَقِبَيْهِ فَلَن يَضُرَّ اللَّهَ شَيْئًا وَسَيَجْزِي اللَّهُ الشَّاكِرِينَ) (آل عمران: 144).
والفرار من الزحف محرم، وهو من كبائر الموبقات (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا زَحْفاً فَلَا تُوَلُّوهُمُ الأَدْبَارَ) (الأنفال: 15).
إلا إن كان بتكتيك قتالي، أو لإعادة جمع القوات وهو وارد في النص (وَمَن يُوَلِّهِمْ يَوْمَئِذٍ دُبُرَهُ إِلَاّ مُتَحَرِّفاً لِّقِتَالٍ أَوْ مُتَحَيِّزاً إِلَى فِئَةٍ فَقَدْ بَاء بِغَضَبٍ مِّنَ اللَّهِ وَمَأْوَاهُ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ) (الأنفال: 16).
(1) - قولنا «ويكثرون من التضرع .. » فقد تضرع رسول الله صلى الله عليه وسلم في بدر حتى سقط الرداء عن منكبه وهو يناشد ربه، وقد أخرجه مسلم برقم 4687 عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: لما كان يوم بدر نظر رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المشركين وهم ألف وأصحابه ثلاثمائة وتسعة عشر رجلا فاستقبل نبي الله صلى الله عليه وسلم القبلة ثم مد يديه فجعل يهتف بربه «اللهم أنجز لي ما وعدتني، اللهم آت ما وعدتني، اللهم إن تهلك هذه العصابة من أهل الإسلام لا تعبد فى الأرض» . فما زال يهتف بربه مادا يديه مستقبل القبلة حتى سقط رداؤه عن منكبيه فأتاه أبو بكر فأخذ رداءه فألقاه على منكبيه ثم التزمه من ورائه. وقال: يا نبي الله كفاك مناشدتك ربك فإنه سينجز لك ما وعدك فأنزل الله عزوجل (إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجَابَ لَكُمْ أَنِّي مُمِدُّكُم بِأَلْفٍ مِّنَ الْمَلآئِكَةِ مُرْدِفِينَ)(الأنفال: 9) فأمده الله بالملائكة.
ويختار وقت المعركة بما هو أنفع للجيش كاعتدال الحرارة، وحركة الشمس «كان صلى الله عليه وسلم ينتظر حتى تزول الشمس وتهب الأرواح» (1).
وواجب الرد على الإشاعات والدعايات والشعارات التي يطلقها العدو؛ لورود «أعل هبل. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: قولوا الله أعلى وأجل
…
» (2).
وقلنا بالوجوب؛ لأنه أرفع للمعنويات، وأدفع لمفسدة الوهن والإرجاف.
(1) - أخرجه البخاري برقم 3160 عن النعمان بن بشير رضي الله عنه قال: شهدت القتال مع رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا لم يقاتل في أول النهار انتظر حتى تهب الأرواح وتحضر الصلوات.
(2)
- أخرجه البخاري برقم 3039 عن البراء بن عازب رضي الله عنهما يحدث قال جعل النبي صلى الله عليه وسلم على الرجالة يوم أحد -وكانوا خمسين رجلا- عبدالله بن جبير فقال إن رأيتمونا تخطفنا الطير فلا تبرحوا مكانكم هذا حتى أرسل إليكم وإن رأيتمونا هزمنا القوم وأوطأناهم فلا تبرحوا حتى أرسل إليكم فهزموهم قال فأنا والله رأيت النساء يشتددن قد بدت خلاخلهن وأسوقهن رافعات ثيابهن فقال أصحاب عبدالله بن جبير الغنيمة -أي قوم- الغنيمة ظهر أصحابكم فما تنتظرون فقال عبدالله بن جبير أنسيتم ما قال لكم رسول الله صلى الله عليه وسلم قالوا والله لنأتين الناس فلنصيبن من الغنيمة فلما أتوهم صرفت وجوههم فأقبلوا منهزمين فذاك إذ يدعوهم الرسول في أخراهم فلم يبق مع النبي صلى الله عليه وسلم غير اثني عشر رجلا فأصابوا منا سبعين، وكان النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه أصاب من المشركين يوم بدر أربعين ومئة سبعين أسيرا وسبعين قتيلا فقال أبو سفيان أفي القوم محمد ثلاث مرات فنهاهم النبي صلى الله عليه وسلم أن يجيبوه ثم قال أفي القوم ابن أبي قحافة ثلاث مرات ثم قال أفي القوم ابن الخطاب ثلاث مرات ثم رجع إلى أصحابه فقال أما هؤلاء فقد قتلوا فما ملك عمر نفسه فقال كذبت والله يا عدو الله إن الذين عددت لأحياء كلهم وقد بقي لك ما يسوؤك قال يوم بيوم بدر والحرب سجال إنكم ستجدون في القوم مثلة لم آمر بها ولم تسؤني ثم أخذ يرتجز أعل هبل أعل هبل قال النبي صلى الله عليه وسلم ألا تجيبوا له. قالوا: يا رسول الله ما نقول؟ قال: قولوا الله أعلى وأجل. قال: إن لنا العزى، ولا عزى لكم. فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ألا تجيبوا له. قال: قالوا: يا رسول الله ما نقول؟ قال: قولوا الله مولانا ولا مولى لكم.