الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وللدولة تحجير مناطق من غير المملوك لاستثمارها للمال العام؛ لأنه من نظر المصلحة، وإقامة تصنيع للإسمنت ومواد البناء وما يدخل في الصناعات من الوسائل كثيرة المنافع والمصلحة العامة؛ فطلبت.
والثروة البحرية والنهرية:
واجب على الدولة استغلالها. والوجوب مأخوذ من مقتضى عقد الولاية، وهو النظر المصلحي، والوفاء به واجب.
ولا بد من حماية مياه الدولة. واختراقها من عدو والهيمنة عليها احتلال واجب الدفع.
وما سبق قوله من أحكام الجو يقال هنا ..
واستغلال النقل البحري والموانئ والمنافذ والثروات الحية، والمكنوزة البحرية مقصود في نصوص الشرع (وَمِن كُلٍّ تَأْكُلُونَ لَحْمًا طَرِيًّا وَتَسْتَخْرِجُونَ حِلْيَةً تَلْبَسُونَهَا وَتَرَى الْفُلْكَ فِيهِ مَوَاخِرَ لِتَبْتَغُوا مِن فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ) (فاطر: 12).
ويحرم الإفساد للبيئة البحرية بسموم، أو مبيدات، أو مخلفات، أو منتجات نفطية أو غيرها (ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُم بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ) (الروم: 41).
فعاقبهم على الفساد في البر والبحر، وهو دليل التحريم، وتسميته فسادا كاف في التحريم.
والصيد العشوائي الضار ممنوع؛ لأن الضرر مدفوع في الشرع؛ ولأنه من إهلاك النسل المحرم (وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الفَسَادَ)(البقرة: 205).
والثروة الحيوانية مال عيني موضوع على وجه المنة الإلهية للانتفاع به (وَالأَنْعَامَ خَلَقَهَا لَكُمْ فِيهَا دِفْءٌ وَمَنَافِعُ وَمِنْهَا تَأْكُلُونَ* وَلَكُمْ فِيهَا جَمَالٌ حِينَ تُرِيحُونَ وَحِينَ تَسْرَحُونَ* وَتَحْمِلُ أَثْقَالَكُمْ إِلَى بَلَدٍ لَّمْ تَكُونُوا بَالِغِيهِ إِلَاّ بِشِقِّ الأَنفُسِ إِنَّ رَبَّكُمْ لَرَؤُوفٌ رَّحِيمٌ* وَالْخَيْلَ وَالْبِغَالَ وَالْحَمِيرَ لِتَرْكَبُوهَا وَزِينَةً وَيَخْلُقُ مَا لَا تَعْلَمُونَ)(النحل: 5 - 8).
والإحسان إليها ورعايتها وإيتاؤها حقوقها مطلوب شرعا، فيجب إطعامها ويحرم حبسها وتعذيبها، وقد دخلت امرأة النار في هرة حبستها كما جاء في الحديث (1).
(1) - تقدم الحديث وتخريجه.
ويحرم إيذاء الحيوان، ففي الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم مر عليه حمار قد وسم في وجهه فقال «لعن الله الذي وسمه» (1).
وما أتلفت فلا ضمان «جرح العجماء جبار» (2)، أي هو هدر إلا إن فرط صاحبها؛ لأن تفريطه تسبب في العدوان، وهو محرم (وَلَا تَعْتَدُوا) (المائدة: 87)، «ولا ضرر ولا ضرار» (3)، والتسبب في العدوان كمباشرته.
وواجبٌ الإحسان إليها كما أحسَنَتْ لعموم النص (هَلْ جَزَاء الإِحْسَانِ إِلَاّ الإِحْسَانُ)(الرحمن: 60)، ولحديث الجمل (4).
ويقصد شرعا تنميتها، خاصة المنتج منها؛ للنهي عن ذبح الحلوب «إياك والحلوب» (5).
(1) - تقدم الحديث وتخريجه.
(2)
- أخرجه البخاري برقم 1499 عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال «العجماء جبار والبئر جبار والمعدن جبار وفي الركاز الخمس» . وهو في مسلم برقم 4562.
(3)
- تقدم الحديث وتخريجه.
(4)
- أخرجه أحمد برقم 1745 عن عبدالله بن جعفر قال: أردفني رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم خلفه فأسّر إليَّ حديثا لا أخبر به أحدا أبدا وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم أحب ما استتر به في حاجته هدف أو حائش نخل فدخل يوما حائطا من حيطان الأنصار فإذا جمل قد أتاه فجرجر وذرفت عيناه قال بهز وعفان فلما رأى النبي صلى الله عليه وسلم حن وذرفت عيناه فمسح رسول الله صلى الله عليه وسلم سراته وذفراه فسكن فقال من صاحب الجمل فجاء فتى من الأنصار فقال هو لي يا رسول الله فقال أما تتقى الله في هذه البهيمة التي ملككها الله انه شكا إلى انك تجيعه وتدئبه. قلت: سنده صحيح رجاله كلهم ثقات من رجال مسلم. ورواه أحمد برقم 17583 عن يعلى بن مرة بسند حسن في الشواهد.
(5)
- أخرجه مسلم برقم 5434 عن أبي هريرة رضي الله عنه قال خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم أو ليلة فإذا هو بأبي بكر وعمر فقال «ما أخرجكما من بيوتكما هذه الساعة» . قالا الجوع يا رسول الله. قال «وأنا والذي نفسي بيده لأخرجني الذي أخرجكما قوموا» . فقاموا معه فأتى رجلا من الأنصار فإذا هو ليس في بيته فلما رأته المرأة قالت مرحبا وأهلا. فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم «أين فلان» . قالت ذهب يستعذب لنا من الماء. إذ جاء الأنصارى فنظر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وصاحبيه ثم قال الحمد لله ما أحد اليوم أكرم أضيافا منى -قال- فانطلق فجاءهم بعذق فيه بسر وتمر ورطب فقال كلوا من هذه. وأخذ المدية فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم «إياك والحلوب» . فذبح لهم فأكلوا من الشاة ومن ذلك العذق وشربوا فلما أن شبعوا ورووا قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأبي بكر وعمر «والذي نفسي بيده لتسألن عن هذا النعيم يوم القيامة أخرجكم من بيوتكم الجوع ثم لم ترجعوا حتى أصابكم هذا النعيم» .
ويعطى في الزكاة الأنثى من الأنعام من الأبل بالنص، واختيارا في الأبقار تبيعٌ أو تبيعةٌ، وفي الغنم الأنثى للنهي عن أخذ الفحل (1)؛ لأن الإناث أصول منتجة نافعة.
والطب البيطري من وسائل حفظها وتنميتها ودفع الأذى عنها؛ فهو مطلوب لذلك.
وحرم إتلاف وإهلاك الثروة الحيوانية ونسلها؛ فإن عم فهو من الإفساد في الأرض (وَإِذَا تَوَلَّى سَعَى فِي الأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيِهَا وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الفَسَادَ)(البقرة: 205).
وواجب تمام الرفق بها في مسرحها ومراحها ومشربها لعموم «شر الرعاء الحطمة» (2).
ولا تستعمل في غير ما خلقت له لحديث «أن رجلا من بني إسرائيل كان راكبا بقرة فقالت له: لم أخلق لهذا خلقت للحراثة» (3).
أما الثروة الجغرافية فتشمل الموقع الجغرافي، والمعابر، والمضايق، والمنافذ بحرا وجوا وبرا، وتشمل الثروة الزراعية والنباتية، والمتنفسات الطبيعية، والمناطق السياحية، وتشمل كثيرا مما ذكر من الثروات وتقدم الكلام عنها.
وأما الموقع الجغرافي فدولة الإسلام في أهم موقع، وهي قلب العالم وصلته بالاختيار الإلهي لا بالمجازفة؛ فواجب توظيف موقعها في جلب المصالح ودفع المفاسد، وحرم تمكين غير المسلمين من الاستحواذ عليه عسكريا، أو سياديا، أو سياسيا، أو اقتصاديا، وكل مضر يضر بالإسلام والمسلمين.
(1) - أخرج مالك في الموطأ برقم 601 عن سفيان بن عبدالله أن عمر بن الخطاب بعثه مصدقا فكان يعد على الناس بالسخل فقالوا أتعد علينا بالسخل ولا تأخذ منه شيئا فلما قدم على عمر بن الخطاب ذكر له ذلك فقال عمر نعم تعد عليهم بالسخلة يحملها الراعي ولا تأخذها ولا تأخذ الأكولة ولا الربى ولا الماخض ولا فحل الغنم وتأخذ الجذعة والثنية وذلك عدل بين غذاء الغنم وخياره قال مالك والسخلة الصغيرة حين تنتج والربى التي قد وضعت فهي تربى ولدها والماخض هي الحامل والأكولة هي شاة اللحم التي تسمن لتؤكل.
(2)
- تقدم الحديث وتخريجه.
(3)
- أخرجه البخاري برقم 2324 عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: بينما رجل راكب على بقرة التفتت إليه فقالت لم أخلق لهذا خلقت للحراثة قال آمنت به أنا، وأبو بكر وعمر وأخذ الذئب شاة فتبعها الراعي فقال الذئب من لها يوم السبع يوم لا راعي لها غيري قال آمنت به أنا، وأبو بكر وعمر قال أبو سلمة ما هما يومئذ في القوم. وهو في مسلم برقم 6334.