الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وإذا رأى الطفل في نومه رؤيا فصِدْقُها واردٌ كرؤيا بالغ.
وقد يتعلق بها خير كثير للولد ولأسرته وغيرهم، ويندفع بها شر كثير.
وإذا قصها على والده استمع له، ويبشره بها ويشجعه لقوله تعالى عن يوسف (إِذْ قَالَ يُوسُفُ لأَبِيهِ يَا أَبتِ إِنِّي رَأَيْتُ أَحَدَ عَشَرَ كَوْكَبًا وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ رَأَيْتُهُمْ لِي سَاجِدِينَ* قَالَ يَا بُنَيَّ لَا تَقْصُصْ رُؤْيَاكَ عَلَى إِخْوَتِكَ فَيَكِيدُوا لَكَ كَيْدًا إِنَّ الشَّيْطَانَ لِلإِنسَانِ عَدُوٌّ مُّبِينٌ* وَكَذَلِكَ يَجْتَبِيكَ رَبُّكَ وَيُعَلِّمُكَ مِن تَأْوِيلِ الأَحَادِيثِ وَيُتِمُّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ وَعَلَى آلِ يَعْقُوبَ كَمَا أَتَمَّهَا عَلَى أَبَوَيْكَ مِن قَبْلُ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْحَقَ إِنَّ رَبَّكَ عَلِيمٌ حَكِيمٌ) (يوسف: 4 - 6).
وشرع من قبلنا شرع لنا إذا لم يرد في شريعتنا خلافه، ولم يرد هنا ما يخالف.
وفيه إمكان رؤية الطفل رؤيا يتعلق بها حدوث أمر عظيم مما يكون في المستقبل حقا.
وفيه الاستماع من الأب لذلك.
وفيه تحذير الوالد لولده مما يضره في هذا الأمر، وغيره قياساً.
وفيه تنبيه الولد على الضرر ولو أدى إلى ذكر قريب كأخ له فيه بلا تحريض، بل يعلل له أن منشأ ذلك نزغ الشيطان كما في الآية السابقة.
وفيه فتح باب المستقبل، والتيسير للطفل، وتذكيره بنعمة الله عليه.
وفيه تذكير الطفل بمآثر الصالحين، وخاصة من آبائه ليسير على ذلك (1).
العدل بين الأبناء
والعدل بين الأبناء واجب لقوله تعالى (إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ)(النحل: 90).
ولقوله صلى الله عليه وسلم: «اتقوا الله واعدلوا بين أبنائكم» (2).
وعند خلافهم يفصل بينهم بالحكمة (3) لكثرة خلاف الأطفال، فإن بلغوا فبالعدل والحكمة.
(1) - وفي قصة يوسف من الأحكام المتعلقة بالولد الكثير، ذكرناها في مؤلف مستقل وكتبنا عنها كذلك في مقالات فقه التنزيل.
(2)
- تقدم تخريجه.
(3)
- قلنا بالحكمة، ولم نقل بالعدل؛ لأن العدل هنا قد يؤدي إلى كثرة العقوبة للصغار؛ لكثرة خلافهم.
ولا يعطي أحداً عطية إلا عَدَلَ مع غيره نحوه بما يليق به (1).
وإن أعطى عقارا لأحد ساوى بين الآخرين في ذلك ذكرا أو أنثى.
وإن زوج أحدهم زوج غيره.
فإن مات الوالد أخرج من رأس المال من الوصية الواجبة ما يفي بزواجه.
وكل هذا أصله ما سبق من النص.
وليحذر من افتتان بولدٍ، أو زوجةٍ، أو مالٍ؛ لقوله تعالى (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ وَأَوْلادِكُمْ عَدُوًّا لَّكُمْ فَاحْذَرُوهُمْ) (التغابن: 14).
ومع الحذر أمر بالعفو والصفح والمغفرة.
ويحذر الالتهاء عن ذكر الله بمال أو ولد؛ لقوله تعالى (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُلْهِكُمْ أَمْوَالُكُمْ وَلا أَوْلادُكُمْ عَن ذِكْرِ اللَّهِ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ)(المنافقون: 9).
وقد يكون الولد عاقا ابتلاءً، كولد نوح، فليدْعُ له وليصبر عليه.
والفخر بالولد محرم.
ولا يجوز الإعجاب بمال حرامٍ أو ظالم وولد منحرف؛ لأنها أدوات تعذيب في الدنيا (فَلَا تُعْجِبْكَ أَمْوَالُهُمْ وَلَا أَوْلَادُهُمْ إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُم بِهَا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا)(التوبة: 55).
(وَإِذَا رَأَيْتَهُمْ تُعْجِبُكَ أَجْسَامُهُمْ وَإِن يَقُولُوا تَسْمَعْ لِقَوْلِهِمْ كَأَنَّهُمْ خُشُبٌ مُّسَنَّدَةٌ يَحْسَبُونَ كُلَّ صَيْحَةٍ عَلَيْهِمْ هُمُ الْعَدُوُّ فَاحْذَرْهُمْ قَاتَلَهُمُ اللَّهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ)(المنافقون: 4).
ويحرم اعتقاد أن الولد أعطي لمحبة الله ورضاه عنك، فقد يكون نقمةً ولهوا وعدوا.
والولد في الأصل نعمة ومتاع دنيوي يعطى لمسلم وكافر (وَمَا أَمْوَالُكُمْ وَلا أَوْلادُكُم بِالَّتِي تُقَرِّبُكُمْ عِندَنَا زُلْفَى إِلَاّ مَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَأُوْلَئِكَ لَهُمْ جَزَاء الضِّعْفِ بِمَا عَمِلُوا وَهُمْ فِي الْغُرُفَاتِ آمِنُونَ)
(1) - قلنا عدل مع غيره، ولم نقل أعطي؛ لأن العدل يشمل العطاء المثلي والعطاء الإكرامي المناسب.
ولما كان قد لا يناسب أن يعطى مثله، كمن أعطى ولده الكبير هبة كسيارة فليس من الحكمة إعطاء طفل ذلك. بل يحفظ له ذلك، ويعطيه إذا بلغ ذلك السن.
وكذا من دعم ولده للدراسة خارج البلاد مثلا بمال كثير، لا يلزمه مثله في تدريس من في مكان تكلفته أقل.
وكذلك يعطى الكبير من المصروف ما لا يعطى الطفل، فالعدل كل بحسبه.
(سبأ: 37)، (إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَن تُغْنِيَ عَنْهُمْ أَمْوَالُهُمْ وَلَا أَوْلَادُهُم مِّنَ اللَّهِ شَيْئًا وَأُوْلَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ) (آل عمران: 116)، (ثُمَّ رَدَدْنَا لَكُمُ الْكَرَّةَ عَلَيْهِمْ وَأَمْدَدْنَاكُم بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَجَعَلْنَاكُمْ أَكْثَرَ نَفِيرًا) (الإسراء: 6)، (الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ خَيْرٌ عِندَ رَبِّكَ ثَوَابًا وَخَيْرٌ أَمَلاً) (الكهف: 46).