الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الفصل الخامس: صلاتا المغرب والعشاء في المزدلفة
المبحث الأول: الجمع بين صلاتي المغرب والعشاء في المزدلفة
يسن للحاج أن يجمع في مزدلفة بين صلاتي المغرب والعشاء جمع تأخير (1)، وهذا مذهب جمهور الفقهاء من المالكية في المشهور (2)، والشافعية (3)، والحنابلة (4)، وبه قال أبو يوسف من الحنفية (5)، وهو قول طائفة من السلف (6). وحكى الإجماع على ذلك ابن المنذر (7)، وابن عبدالبر (8)، وابن رشد (9)
الأدلة:
أولاً: من السنة:
1 -
عن ابن عمر، رضي الله عنهما قال:((جمع النبي صلى الله عليه وسلم بين المغرب والعشاء بجمع كل واحدة منهما بإقامة ولم يسبح بينهما، ولا على إثر كل واحدة منهما)) (10).
2 -
عن أبي أيوب الأنصاري: ((أن رسول الله صلى الله عليه وسلم جمع في حجة الوداع المغرب والعشاء بالمزدلفة)) (11).
3 -
عن كريب عن أسامة بن زيد رضي الله عنهما أنه سمعه يقول: ((دفع رسول الله صلى الله عليه وسلم من عرفة، فنزل الشعب فبال ثم توضأ ولم يسبغ الوضوء، فقلت له: الصلاة؟ فقال (الصلاة أمامك). فجاء المزدلفة فتوضأ فأسبغ، ثم أقيمت الصلاة فصلى المغرب، ثم أناخ كل إنسان بعيره في منزله، ثم أقيمت الصلاة فصلى ولم يصل بينهما)) (12).
المبحث الثاني: الجمع بين المغرب والعشاء بأذان واحد وإقامتين
(1) قال ابن حزم: (واتفقوا على أن جمع صلاتي الظهر والعصر بعرفة
…
وعلى أن جمع صلاتي المغرب والعشاء في مزدلفة بعد غروب الشمس) ((مراتب الإجماع)) لابن حزم (ص: 45). وقال ابن تيمية: (اتفق المسلمون على الجمع بين الصلاتين بعرفة ومزدلفة؛ لأن جمع هاتين الصلاتين في حجة الوداع دون غيرهما مما صلاه بالمسلمين بمنى، أو بمكة هو من المنقول نقلاً عاما متواترا مستفيضاً)((مجموع الفتاوى)) (22/ 85).
(2)
((التمهيد)) لابن عبدالبر (22/ 202)، ((الشرح الكبير)) للدردير (2/ 44)، ((حاشية الدسوقي)) لمحمد بن أحمد الدسوقي (2/ 44)،
(3)
((المجموع)) للنووي (8/ 133)، ((الحاوي الكبير)) للماوردي (4/ 176).
(4)
((المغني)) لابن قدامة (أن السنة لمن دفع من عرفة)((الشرح الكبير)) لشمس الدين ابن قدامة (3/ 437).
(5)
((بدائع الصنائع)) (2/ 155).
(6)
قال ابن قدامة: (وهو قول عطاء وعروة والقاسم بن محمد وسعيد بن جبير، واختاره إسحاق وأبو ثور)((الشرح الكبير)) لشمس الدينابن قدامة (3/ 439).
(7)
قال ابن المنذر: (وأجمعوا على أن السنة أن يجمع الحاج بين المغرب والعشاء)((الإجماع)) لابن المنذر (ص: 57).
(8)
قال ابن عبدالبر: (وأجمع العلماء أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دفع من عرفة بالناس بعدما غربت الشمس يوم عرفة فأفاض إلى المزدلفة وأنه عليه السلام أخر حينئذ صلاة المغرب فلم يصلها حتى أتى المزدلفة فصلى بها بالناس بالمغرب والعشاء جميعا بعدما غاب الشفق ودخل وقت العشاء الآخرة وأجمعوا أن ذلك سنة الحاج في ذلك الموضع)((التمهيد)) لابن عبدالبر (9/ 269).
(9)
قال ابن رشد: (أجمعوا على أن الجمع بين الظهر والعصر في وقت الظهر بعرفة سنة وبين المغرب والعشاء بالمزدلفة أيضا في وقت العشاء سنة أيضا. واختلفوا في الجمع في غير هذين المكانين)((بداية المجتهد)) (1/ 170).
(10)
رواه البخاري (1673)، ومسلم (703)
(11)
رواه البخاري (1674)، ومسلم (1287)
(12)
رواه البخاري (139)، ومسلم (1280)
يجمع بين المغرب والعشاء بأذان واحد وإقامتين، وهذا مذهب الشافعية (1) والحنابلة (2)، وبه قال زفر (3) والطحاوي (4) من الحنفية، وعبدالملك ابن الماجشون من المالكية (5)،واختاره ابن المنذر (6)، وابن حزم (7)، وابن القيم (8)، والشوكاني (9)، والشنقيطي (10)، وابن باز (11)، وابن عثيمين (12).
الأدلة:
أولاً: من السنة:
1 -
عن جابر رضي الله عنه: ((أن النبي صلى الله عليه وسلم أتى المزدلفة، فصلى بها المغرب والعشاء بأذان واحد وإقامتين، ولم يسبح بينهما شيئاً، ثم اضطجع حتى طلع الفجر وصلى الفجر)) (13).
2 -
عن أسامة بن زيد رضي الله عنهما قال: ((دفع رسول الله صلى الله عليه وسلم من عرفة حتى إذا كان بالشعب نزل فبال، ثم توضأ فقلت له: الصلاة يا رسول الله، قال: الصلاة أمامك. فركب فلما جاء مزدلفة نزل، فتوضأ فأسبغ الوضوء، ثم أقيمت الصلاة فصلى المغرب، ثم أناخ كل إنسان بعيره في منزله، ثم أقيمت الصلاة فصلى، ولم يصل بينهما)) (14).
ثانياً: الاعتبار بالجمع بعرفة (15).
المبحث الثالث: صلاة الفجر في مزدلفة تصلى في أوَّل وقتها
(1)((المجموع)) للنووي (8/ 134)، ((مغني المحتاج)) للشربيني (1/ 135).
(2)
((المغني)) لابن قدامة (3/ 374)((كشاف القناع)) للبهوتي (2/ 491).
(3)
((الهداية شرح البداية)) للمرغيناني (1/ 145)، ((تبيين الحقائق)) للزيلعي (2/ 27).
(4)
قال الطحاوي بعدما ذكر الخلاف في المسألة: (فلما اختلفوا في ذلك على ما ذكرنا ، وكانت الصلاتان يجمع بينهما بمزدلفة ، وهما المغرب والعشاء ، كما يجمع بين الصلاتين بعرفة ، وهما الظهر والعصر ، فكان هذا الجمع في هذين الموطنين جميعا لا يكون إلا لمحرم في حرمة الحج ، فلا يكون لحلال ولا لمعتمر غير حاج ، وكانت الصلاتان بعرفة تصلى أحدهما في إثر صاحبتها ، ولا يعمل بينهما عمل ، وكانتا يؤذن لهما أذانا واحدا ، ويقام لهما إقامتين كما يفعل بعرفة سواء. هذا هو النظر في هذا الباب وهو خلاف قول أبي حنيفة ، وأبي يوسف ، ومحمد)((شرح معاني الآثار)) (2/ 214)، وانظر ((تبيين الحقائق)) للزيلعي (2/ 27). و ((حاشية رد المحتار)) لابن عابدين (1/ 391).
(5)
((كفاية الطالب الرباني)) لأبي الحسن المالكي (1/ 424)، ((التمهيد)) لابن عبدالبر (9/ 266).
(6)
رجح ابن المنذر بعدما ذكر الخلاف في المسألة القول بأذان واحد وإقامتين، انظر ((الإشراف)) (3/ 316).
(7)
((المحلى)) لابن حزم (7/ 129).
(8)
قال ابن القيم: (والصحيح: أنه صلاهما بأذان وإقامتين، كما فعل بعرفة)((زاد المعاد)) (2/ 247).
(9)
قال الشوكاني بعد أن ذكر الأقوال: (والحق ما قاله الأولون؛ لأن حديث جابر مشتمل على زيادة الأذان، وهي زيادة غير منافية فيتعين قبولها)((نيل الأوطار)) (3/ 221).
(10)
قال الشنقيطي: (فاعلم أنه صلى الله عليه وسلم نزل في الطريق، فبال وتوضأ وضوءا خفيفا وأخبرهم بأن الصلاة أمامهم ثم أتى المزدلفة فأسبغ وضوءه وصلى المغرب والعشاء بأذان واحد وإقامتين)((أضواء البيان)) (4/ 442).
(11)
قال ابن باز: (المشروع لجميع الحجاج المبادرة بصلاة المغرب والعشاء جمعا وقصرا بأذان واحد وإقامتين من حين وصولهم إلى مزدلفة قبل حط الرحال)((مجموع فتاوى ابن باز)) (17/ 243).
(12)
قال ابن عثيمين: (وقوله: ((بأذان واحد وإقامتين))، وهذا هو الصحيح في الجمع أنه أذان واحد للصلاتين جميعاً وإقامتان، لكل صلاة إقامة) ((مجموع فتاوى ورسائل ابن عثيمين)) (24/ 491).
(13)
رواه مسلم (1218)
(14)
رواه البخاري (139)، ومسلم (1280)
(15)
((شرح معاني الآثار)) (2/ 214)، و ((الهداية شرح البداية)) (1/ 145).
يُشرع للحاج بعد بياته بمزدلفة أن يصلي صلاة الفجر في أوَّل وقتها، ويأتي المشعر الحرام (جبل قزح) ويقف عنده فيدعو الله سبحانه وتعالى (1)، وهذا باتفاق المذاهب الفقهية الأربعة: الحنفية (2)، والمالكية (3)، والشافعية (4)، والحنابلة (5).
الأدلة:
أولاً: من السنة:
1 -
فعل النبي صلى الله عليه وسلم كما في حديث جابر وفيه: ((حتى أتى المزدلفة فصلى بها المغرب والعشاء بأذان واحد وإقامتين، ولم يسبح بينهما شيئاً، ثم اضطجع حتى طلع الفجر، وصلى الفجر حين تبين له الصبح بأذان وإقامة، ثم ركب حتى أتى المشعر الحرام، فاستقبل القبلة، فدعا الله تعالى وكبره وهلله، فلم يزل واقفاً حتى أسفر جدًّا، فدفع قبل أن تطلع الشمس)) (6).
2 -
عن عبدالله قال ((ما رأيت رسول الله صلي الله عليه وسلم صلى صلاة إلا لميقاتها إلا المغرب والعشاء بجمع وصلاة الفجر يومئذ قبل ميقاتها)) (7).
ثانياً: أنه يستحب الدعاء بعدها، فاستحب تقديمها ليكثر الدعاء.
ثالثاً: ليتسع الوقت لوظائف هذا اليوم من المناسك فإنها كثيرة في هذا اليوم، فليس في أيام الحج أكثر عملاً منه (8).
(1) قال ابن عبدالبر: (وأجمع العلماء على أن النبي عليه السلام وقف بالمشعر الحرام بعد ما صلى الفجر ثم دفع قبل طلوع الشمس)((الاستذكار)) (4/ 292).
(2)
((المبسوط)) للسرخسي (4/ 33)، ((بدائع الصنائع)) للكاساني (2/ 156).
(3)
((الكافي)) لابن عبدالبر (1/ 374)، ((التاج والإكليل)) لمحمد بن يوسف العبدري (3/ 478)
(4)
((المجموع)) للنووي (8/ 125).
(5)
((المغني)) لابن قدامة (3/ 375 - 376).
(6)
رواه مسلم (1218)
(7)
رواه البخاري (1682)، ومسلم (1289).
(8)
((المجموع)) للنووي (8/ 141).