المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌الفصل الرابع: شروط الوقوف بعرفة - الموسوعة الفقهية - جـ ٢

[مجموعة من المؤلفين]

فهرس الكتاب

- ‌المطلب الثاني: حكم الاعتكاف في غير المساجد الثلاثة

- ‌المطلب الثالث: ضابط المسجد الذي يصح فيه الاعتكاف

- ‌المطلب الرابع: الاعتكاف في غير مسجد الجمعة

- ‌المطلب الخامس: هل المنارة والرحبة والسطح وغيرها تعد من المسجد

- ‌المبحث السابع: الطهارة مما يوجب غسلاً

- ‌المطلب الأول: زمان الاعتكاف

- ‌المطلب الثاني: متى يبدأ من أراد الاعتكاف في العشر الأواخر من رمضان ومتى ينتهي

- ‌المطلب الثالث: أقل مدةٍ للاعتكاف

- ‌المطلب الرابع: أطول مدةٍ للاعتكاف

- ‌المبحث التاسع: اشتراط الصوم للاعتكاف

- ‌مطلب: أقسام الخروج من المسجد

- ‌المبحث الثاني: الجماع وإنزال المني والاحتلام

- ‌المبحث الثالث: طروء الحيض والنفاس

- ‌المبحث الرابع: طروء الإغماء والجنون

- ‌المبحث الخامس: المعاصي

- ‌المبحث السادس: الردة

- ‌المبحث الأول: حكم نذر الاعتكاف

- ‌المبحث الثاني: نذر الاعتكاف في المساجد الثلاثة

- ‌المبحث الثالث: حكم من نذر الاعتكاف قبل إسلامه

- ‌المبحث الرابع: من نذر يوماً هل يدخل فيه الليل

- ‌المبحث الأول: قضاء الاعتكاف المستحب

- ‌المطلب الأول: قضاء الاعتكاف المنذور إذا فات أو فسد

- ‌المطلب الثاني: قضاء الاعتكاف الواجب عن الميت

- ‌المطلب الأول: أفضل الاعتكاف زمناً

- ‌المطلب الثاني: أفضل الاعتكاف مكاناً

- ‌المطلب الأول: اشتغال المعتكف بالعبادات المختصة به

- ‌المطلب الثاني: حكم الصمت عن الكلام مطلقاً

- ‌المطلب الثالث: هل للمعتكف أن يعقد النكاح سواء كان له أو لغيره

- ‌6 - الحج والعمرة

- ‌الباب الأول: حكم الحج وفضله وحِكَمه

- ‌الفصل الأول: تعريف الحج وفضله

- ‌الفصل الثاني: من حِكَم مشروعية الحج

- ‌الفصل الثالث: حكم الحج وهل هو على الفور أم التراخي

- ‌تمهيد:

- ‌الفصل الأول: شروط وجوب، وصحة، وإجزاء

- ‌الفصل الثاني: شروط وجوب وإجزاء

- ‌المبحث الأول: تعريف الاستطاعة

- ‌المبحث الثاني: حكم الاستطاعة

- ‌المبحث الثالث: أقسام الاستطاعة

- ‌المبحث الرابع: شروط الاستطاعة

- ‌المبحث الخامس: الاستطاعة البدنية

- ‌المبحث السادس: الاستطاعة المالية

- ‌المبحث السابع: اشتراط أمن الطرق لتحقيق الاستطاعة

- ‌المبحث الثامن: اشتراط المحرم

- ‌المبحث التاسع: الشرط الثاني الخاص بالمرأة عدم العدة

- ‌تمهيد: تعريف المواقيت

- ‌الفصل الأول: مواقيت الحج الزمانية

- ‌تمهيد

- ‌المبحث الأول: ميقات الآفاقي

- ‌المبحث الثاني: ميقات الميقاتي

- ‌المبحث الثالث: ميقات المكي (الحرمي) للعمرة

- ‌الفصل الأول: تعريف الإحرام، وحكمه، والحكمة منه

- ‌المبحث الأول: الاغتسال

- ‌المبحث الثاني: الإحرام في إزار ورداء

- ‌المبحث الثالث: التطيب

- ‌المبحث الرابع: الإحرام عقب صلاة

- ‌المبحث الخامس: التلبية

- ‌المبحث الأول: أحكام الأنساك الثلاثة

- ‌المبحث الثاني: الإفراد في الحج

- ‌المبحث الثالث: القران في الحج

- ‌المبحث الرابع: التمتع في الحج

- ‌المبحث الخامس الاشتراط في الحج والعمرة

- ‌الفصل الأول: تعريف المحظورات، والفدية، وأنواعهما

- ‌المبحث الأول: أنواع محظورات الترفه، وما يجب فيها

- ‌المبحث الثاني: حلق الشعر

- ‌المبحث الثالث: تقليم الأظافر

- ‌المبحث الرابع: الطيب

- ‌المبحث الخامس: تغطية الرأس للذكر

- ‌المبحث السادس: لبس المخيط

- ‌المبحث الأول: حكم عقد النكاح للمحرم

- ‌المبحث الثاني: الخطبة للمحرم

- ‌المبحث الأول: الجماع في النسك

- ‌المبحث الثاني: مقدمات الجماع

- ‌المبحث الأول: تدارك الواجبات متى ما أمكن

- ‌المبحث الثاني: فدية ترك الواجب

- ‌الفصل الأول تعريف الطواف ومشروعيته وفضائله

- ‌الفصل الثاني: أنواع الطواف

- ‌المبحث الأول: صفة الطواف

- ‌المبحث الثاني: شروط الطواف

- ‌الفصل الرابع: سنن الطواف

- ‌الفصل الأول: تعريف السعي بين الصفا والمروة

- ‌الفصل الثاني: مشروعية السعي وأصله وحكمته

- ‌الفصل الثالث: حكم السعي والتطوع به

- ‌الفصل الرابع: الموالاة بين السعي والطواف

- ‌الفصل الخامس: شروط السعي

- ‌الفصل السادس: ما لا يشترط في السعي

- ‌الفصل السابع: سنن السعي

- ‌الفصل الثامن: أنواع السعي في الحج

- ‌تمهيد: التعريف بيوم التروية

- ‌الفصل الأول: الإحرام في يوم التروية لمن كان حلالاً

- ‌الفصل الثاني: الذهاب إلى منى

- ‌الفصل الثالث: حكم المبيت بمنى ليلة عرفة

- ‌الفصل الأول: التعريف بيوم عرفة والفرق بينه وبين عرفات وسبب التسمية به

- ‌الفصل الثاني: فضل يوم عرفة

- ‌الفصل الثالث: حكم الوقوف بعرفة

- ‌الفصل الرابع: شروط الوقوف بعرفة

- ‌الفصل الخامس: سنن ومستحبات الوقوف بعرفة

- ‌الفصل السادس: ما يكره للحاج يوم عرفة

- ‌الفصل الأول: أسماء مزدلفة

- ‌الفصل الثاني: حد المزدلفة

- ‌الفصل الثالث: حكم الوقوف بالمزدلفة

- ‌الفصل الرابع: حكم من فاته الوقوف الواجب في مزدلفة

- ‌الفصل الخامس: صلاتا المغرب والعشاء في المزدلفة

- ‌الفصل السادس: الدفع من مزدلفة

- ‌المبحث الأول: معنى رمي الجمار

- ‌المبحث الثاني: أنواع الجمرات

- ‌المبحث الثالث: حكمة الرمي

- ‌المبحث الرابع: حكم رمي الجمار

- ‌المبحث الخامس: شروط الرمي

- ‌المبحث السادس: سنن الرمي

- ‌المبحث السادس: الرمي يوم النحر

- ‌المبحث السابع: زمن الرمي يوم النحر

- ‌المبحث الثامن: رمي الجمار في الليل

- ‌المبحث التاسع: لقط حصيات الرجم

- ‌المبحث العاشر: النيابة (التوكيل) في الرمي

- ‌المبحث الأول: ما هو الهدي

- ‌المبحث الثاني: حكم الاشتراك في الهدي

- ‌المبحث الثالث: زمن الذبح

- ‌الفصل الثالث: الحلق والتقصير

- ‌الفصل الرابع: طواف الإفاضة

- ‌الفصل الخامس: التحلل الأول

- ‌الفصل الأول المبيت بمنى ليالي أيام التشريق

- ‌الفصل الثاني: رمي الجمار أيام التشريق

- ‌تمهيد

- ‌الفصل الأول: حكم طواف الوداع للحاج

- ‌الفصل الثاني شروط طواف الوداع

- ‌الفصل الأول: النيابة عن الحي

- ‌الفصل الثاني: النيابة عن الميت

- ‌الفصل الثالث: النيابة في حج النفل

- ‌الفصل الرابع: الاستئجار على الحج

- ‌الفصل الخامس: ما يشترط في النائب

- ‌الفصل الأول: الفوات

- ‌الفصل الثاني: الإحصار

- ‌الفصل الثالث: التحلل من الإحصار

- ‌الفصل الأول: تعريف الأضحية ومشروعيتها وفضلها وحكمتها

- ‌الفصل الثاني: حكم الأضحية، وطريقة تعيينها

- ‌الفصل الثالث: شروط صحة الأضحية

- ‌الفصل الرابع: وقت الأضحية

- ‌الفصل الخامس: من آداب التضحية وسننها

- ‌الفصل السادس: من شروط الذكاة

- ‌المبحث الأول: حكم قتل الصيد للمحرم

- ‌المبحث الثاني: ضابط الصيد المحرَّم

- ‌المبحث الثالث: ما يباح للمحرم

- ‌المبحث الأول: كفارة قتل المحرم للصيد

- ‌المبحث الثاني: الجزاء في الصيد

- ‌المبحث الثالث: صيد الحرم

- ‌المبحث الرابع: ما لا يدخل في الصيد

- ‌المبحث الخامس: أحكام الأكل من الصيد، والدلالة عليه

- ‌المعاملات

- ‌1 - البيع

- ‌ أقسام العقود ثلاثة:

- ‌ حكمة مشروعية البيع:

- ‌ شروط صحة البيع:

- ‌ ينعقد البيع بإحدى صفتين:

- ‌ فضل الورع في المعاملات:

- ‌ فضل الكسب الحلال:

- ‌ فضل السماحة في البيع والشراء:

- ‌ خطر كثرة الحلف في البيع:

- ‌مفاتيح الرزق وأسبابه:

- ‌ التبكير في طلب الرزق:

- ‌ تقوى الله عز وجل:

- ‌ اجتناب المعاصي:

- ‌ التوكل على الله عز وجل:

- ‌ التفرغ لعبادة الله عز وجل:

- ‌ المتابعة بين الحج والعمرة:

- ‌ الإنفاق في سبيل الله تعالى:

- ‌ الإنفاق على من تفرغ لطلب العلم الشرعي:

- ‌ صلة الرحم:

- ‌ إكرام الضعفاء والإحسان إليهم:

- ‌ الهجرة في سبيل الله:

- ‌ المحرمات في الشرع نوعان:

- ‌ صور من البيوع المحرمة:

- ‌ حكم التأمين التجاري:

- ‌ حكم بيع التقسيط:

- ‌ حكم المحاقلة:

- ‌ حكم المزابنة:

- ‌ بيوع الغرر تجر مفسدتين كبيرتين:

- ‌ حكمة مشروعية الخيار:

- ‌ أقسام الخيار:

- ‌ خطر الغش:

- ‌3 - السلم

- ‌ شروط صحة السلم:

- ‌ مسائل تتعلق بالبيع والشراء:

- ‌4 - بيع العربون:

- ‌4 - الربا

- ‌ حكم الربا:

- ‌ عقوبة الربا:

- ‌ أقسام الربا:

- ‌ أحكام ربا الفضل:

- ‌ كيف يتخلص من الأموال الربوية:

- ‌ حكم بيع الصرف والأوراق المالية:

- ‌5 - القرض

- ‌ حكمة مشروعية القرض:

- ‌ فضل القرض:

- ‌ فضل إنظار المعسر والتجاوز عنه:

- ‌ المدين له أربع حالات:

- ‌ العقود ثلاثة أقسام:

- ‌ حكمة مشروعية الرهن:

- ‌7 - الضمان والكفالة

- ‌8 - الحوالة

- ‌ حكمة مشروعية الحوالة:

- ‌ فضل التجاوز عن المعسر:

- ‌9 - الصلح

- ‌ حكمة مشروعية الصلح:

- ‌ فضل الإصلاح بين الناس:

- ‌ الصلح في المال على قسمين:

- ‌1 - صلح على إقرار:

- ‌2 - صلح على إنكار:

- ‌10 - الحجر

- ‌ حكمة مشروعية الحجر:

- ‌ الحجر نوعان:

- ‌ فضل إنظار المعسر:

- ‌ يزول الحجر عن الصغير بأمرين:

- ‌11 - الوكالة

- ‌ حكمة مشروعية الوكالة:

- ‌ الحقوق ثلاثة أنواع:

- ‌ حالات الوكالة:

- ‌ تبطل الوكالة بما يلي:

- ‌12 - الشركة

- ‌ حكمة مشروعية الشركة:

- ‌ الشركة نوعان:

- ‌13 - المساقاة والمزارعة

- ‌ فضل المساقاة والمزارعة:

- ‌ حكمة مشروعية المساقاة والمزارعة:

- ‌14 - الإجارة

- ‌ حكم الإجارة:

- ‌ حكمة مشروعية الإجارة:

- ‌ الإجارة نوعان:

- ‌ شروط الإجارة:

- ‌ حكم تأجير أهل المحرمات:

- ‌ حكم الشرط الجزائي:

- ‌15 - السبق

- ‌ حكمة مشروعية المسابقة:

- ‌ شروط صحة المسابقة:

- ‌ أخذ العوض في المسابقات له ثلاث حالات:

- ‌ يحرم القمار، والميسر، واللعب بالنرد:

- ‌ حكم اللعب بالكرة المعاصرة:

- ‌16 - العارية

- ‌ حكمة مشروعيتها:

- ‌17 - الغصب

- ‌ أقسام الظلم:

- ‌ حكم الغصب:

- ‌18 - الشفعة والشفاعة

- ‌ حكمه مشروعية الشفعة:

- ‌19 - الوديعة

- ‌ حكمة مشروعيتها:

- ‌20 - إحياء الموات

- ‌ حكمة مشروعيته:

- ‌ فضل إحياء الموات لمن حسنت نيته:

- ‌ حكم أحياء الموات:

- ‌ كيفية إحياء الأرض الموات:يحصل إحياء الأرض بما يلي:

- ‌ حكم التعدي على حق الغير:

- ‌21 - الجعالة

- ‌ صفة الجعالة:

- ‌22 - اللقطة واللقيط

- ‌ المال الضائع على ثلاثة أقسام:

- ‌ حكم لقطة الحرم:

- ‌ حكم إنشاد الضالة في المسجد:

- ‌ حضانة اللقيط:

- ‌23 - الوقف

- ‌ حكمة مشروعية الوقف:

- ‌ حكم الوقف:

- ‌ شروط صحة الوقف:

- ‌ كيف يُكتب الوقف:

- ‌ أفضل أبواب الوقف:

- ‌ المواساة بالمال على ثلاث مراتب:

- ‌ هدي النبي صلى الله عليه وسلم في الإنفاق:

الفصل: ‌الفصل الرابع: شروط الوقوف بعرفة

‌الفصل الرابع: شروط الوقوف بعرفة

المبحث الأول: أن يكون الوقوف في أرض عرفات

تمهيد

يشترط أن يكون الوقوف في أرض عرفات لا في غيرها، وعرفة كلها موقف (1).

الدليل:

أولا: من السنة:

1 -

فعله صلى الله عليه وسلم، وقوله:((لتأخذوا مناسككم)) (2).

2 -

حديث جابر وفيه: ((

وقفت هاهنا، وعرفة كلها موقف)) (3).

ثانيا: فعل الصحابة رضي الله عنهم، ولم يثبت أن أحدًا منهم وقف خارج عرفات.

المطلب الأول: ما هي حدود عرفات؟

لعرفات أربعة حدود:

أحدها: ينتهي إلى حافة طريق المشرق.

والثاني: إلى حافات الجبل الذي وراء أرض عرفات.

والثالث: إلى البساتين التي تلي قرية عرفات، وهذه القرية على يسار مستقبل الكعبة إذا وَقَفَ بأرضِ عرفات.

والرابع: ينتهي إلى وادي عرنة. (4).

وقد وُضِعَت الآن علاماتٌ حول أرض عرفة تبين حدودها، ويجب على الحاج أن يتنبه لها؛ لئلا يقع وقوفه خارج عرفة، فيفوته الحج (5).

المطلب الثاني: حكم الوقوف بوادي عرنة (6).

لا يصح الوقوف بوادي عرنة، ولا المسجد المسمَّى: مسجد إبراهيم (7)، ويقال له أيضاً: مسجد عرنة، بل هذه المواضع خارجة عن عرفات، وهذا باتفاق المذاهب الفقهية: الحنفية (8)، والمالكية في المشهور (9)، والشافعية (10) والحنابلة (11) وحكى الإجماع على ذلك ابن عبدالبر (12)، والقاضي عياض (13)، وسند (14)، والزيلعي (15).

الدليل:

(1) قال النووي: (يصح الوقوف في أي جزءٍ كان من أرض عرفات بإجماع العلماء)((المجموع)) (8/ 105).

(2)

رواه مسلم (1297)

(3)

رواه مسلم (1218)

(4)

((المجموع)) للنووي (8/ 107).

(5)

((القاموس المحيط)) للفيروز آبادي (مادة: ع ر ف)، و ((المصباح المنير)) للفيومي (مادة: ع ر ف)، ((المجموع)) للنووي (8/ 105 - 111)، ((كشاف القناع)) للبهوتي (2/ 492) ، ((الموسوعة الفقهية الكويتية)) (30/ 61).

(6)

وادي عرنة: واد بحذاء عرفات بين العلمين اللذين على حد الحرم. ((النهاية في غريب الحديث والأثر)) (مادة: عرن)، ((لسان العرب)) (مادة: عرن)، ((حاشية العدوي)) (1/ 539).

(7)

المراد بإبراهيم: ابن محمد العباسي، وقد بُني المسجد في في الدولة العباسية علامة على الموضع الذي صلى فيه النبي صلى الله عليه وسلم الظهر والعصر يوم عرفة، وقد تم وضع علامات لتحديد ماهو من عرفة وما هو من عرنة. جامع المسائل لابن تيمية - عزير شمس (4/ 160)، وينظر:((مرقاة المفاتيح)) (5/ 1771).

(8)

((بدائع الصنائع)) للكاساني (2/ 125).

(9)

قال الحطاب: (فتحصل في بطن عرنة ثلاثة أقوال الصحيح أنه ليس من عرفة ولا من الحرم)((مواهب الجليل)) (4/ 135، 136)، ((حاشية العدوي على كفاية الطالب الرباني)) (1/ 539)، وينظر:((المجموع)) للنووي (8/ 120 - 122).

(10)

((المجموع)) للنووي (8/ 107).

(11)

((المغني)) لابن قدامة (3/ 367).

(12)

قال ابن عبدالبر: (ليس المسجد موضع وقوف؛ لأنه فيما أحسب من بطن عرنة الذي أمر الواقف بعرفة أن يرتفع عنه؛ وهذا كله أمرٌ مجتمعٌ عليه لا موضع للقول فيه)((التمهيد)) (13/ 158). وقال أيضاً: (أجمع الفقهاء على أن من وقف به لا يجزئه)((الشرح الكبير)) لشمس الدين ابن قدامة (3/ 428).

(13)

قال القاضي عياض: ((اتفق العلماء على أنه لا موقف فيه [يعني بطن عرنة])) ((إكمال المعلم)) (4/ 154).

(14)

قال الحطاب: (حكى سند الاتفاق على أن بطن عرنة ليس من عرفة ولا يجزئ الوقوف به)((مواهب الجليل)) (4/ 136)، وينظر:((المجموع)) للنووي (8/ 120 - 122).

(15)

قال الزيلعي: (عرفات كلها موقف إلا بطن عرنة)

وعليه إجماع المسلمين فيكون حجةً على مالك في تجويز الوقوف ببطن عرنة وإيجاب الدم عليه) ((تبيين الحقائق)) (2/ 25).

ص: 224

حديث: ((ارفعوا عن بطن عرنة)) (1)، فلا يجزيه أن يقف بمكان أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم أن لا يقف به (2).

المطلب الثالث: هل نمرة من عرفة؟

نَمِرة (3) ليست من عرفة، ولا من الحرم، وإنما يُستحبُّ النزول بها بعد طلوع الشمس قبل النزول بعرفة (4).

الدليل:

عن جابر بن عبدالله رضي الله عنهما أنه قال في حديثه الطويل في صفة حجة النبي صلى الله عليه وسلم: ((فأجاز رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى أتى عرفة، فوجد القبة قد ضربت له بنمرة، فنزل بها، حتى إذا زاغت الشمس أمر بالقصواء، فرحلت له، فأتى بطن الوادي، فخطب الناس)) (5).

وجه الدلالة:

أن فيه استحباب النزول بنمرة اذا ذهبوا من منى؛ لأن السنة أن لا يدخلوا عرفات، إلا بعد زوال الشمس وبعد صلاتي الظهر والعصر جمعاً (6).

مسألة:

مسجد نمرة والذي كان يسمى مسجد إبراهيم، يقع مقدمته في عرنة خارج عرفات، والتي فيها محل الخطبة والصلاة، ويقع آخره في عرفة، وقد ميز بينهما بعلامات، وقد كان قديما يميز بينهما بصخراتٍ كبارٍ فرشت هناك (7).

المطلب الرابع: حكم من وقف بعرفة وهو لا يعلم أنه عرفة

(1) رواه أحمد (1/ 219)(1896)، وابن خزيمة (4/ 254)(2816)، والحاكم (1/ 633)، والبيهقي (5/ 115) (9731). من حديث ابن عباس رضي الله عنهما. قال الحاكم:(صحيحٌ على شرط مسلم)، وصحح إسناده عبدالحق الإشبيلي في ((الأحكام الصغرى)) (435)، وصححه الألباني في ((صحيح الجامع)) (903). قال الباجي: (وقوله صلى الله عليه وسلم ارتفعوا عن بطن عرنة يحتمل معنيين: أحدهما أن تكون عرنة من جملة ما يقع عليه اسم عرفة فيكون ذلك استثناء مما عممه بقوله عرفة كلها موقف، فكأنه قال صلى الله عليه وسلم عرفة كلها موقف إلا بطن عرنة

ويؤيد هذا التأويل أنه لم يمد عرفة من غير جهة عرنة واقتصر على أن يكون الموقف يختص بالموضع الذي يتناوله هذا الاسم، فدل ذلك على أنه احتاج إلى استثنائها كما لم يستثن ما ليس من عرفة من سائر الجهات، وإن كنا نعلم أنه لا يجوز الوقوف به، ويحتمل أن تكون عرنة ليست من عرفة ولا يتناولها اسمها فيكون معنى قوله صلى الله عليه وسلم وارتفعوا عن بطن عرنة على معنى قصر هذا الحكم على عرفة وما قرب منها؛ ولذلك قال ارتفعوا عن بطن عرنة مع قربه من عرفة) ((شرح الموطأ)) (2/ 319).

(2)

((الإشراف)) لابن المنذر 3/ 311، و ((التمهيد)) لابن عبدالبر 24/ 420.

(3)

نَمِرة: موضعٌ معروفٌ بقرب عرفات خارج الحرم بين طرف الحرم وطرف عرفات، وعليه أنصاب الحرم، وفيها كان ينزل خلفاؤه الراشدون، وبها الأسواق وقضاء الحاجة والأكل ونحو ذلك. ((المجموع)) للنووي (8/ 81)، ((مجموع الفتاوى)) (26/ 161).

(4)

قال النووي: (أما نمرة فليست أيضاً من عرفات بل بقربها، هذا هو الصواب الذي نص عليه الشافعي في مختصر الحج الأوسط وفي غيره وصرح به أبو علي البندنيجي والأصحاب ونقله الرافعي عن الأكثرين، وقال صاحب الشامل وطائفة: هي من عرفات. وهذا الذي نقله غريبٌ ليس بمعروفٍ ولا هو في الشامل ولا هو صحيح، بل إنكار للحس ولما تطابقت عليه كتب العلماء)((المجموع)) للنووي (8/ 85)، وينظر:((مجموع الفتاوى)) لابن تيمية (26/ 129، 130، 161)، ((حاشية العدوي)) (1/ 538)، ((لسان العرب)) لابن منظور (مادة: نمر).

(5)

رواه مسلم (1218)

(6)

((شرح النووي على مسلم)) (8/ 180)، ((فتح القدير)) للكمال ابن الهمام (2/ 468).

(7)

((نهاية المحتاج)) للرملي (3/ 296)((مجلة البحوث الإسلامية)) (81/ 862).

ص: 225

من وقف بعرفة محرماً في زمن الوقوف وهو لا يعلم أنه بعرفة، فإنه يجزئه باتفاق المذاهب الأربعة: الحنفية (1)، والمالكية (2)، والشافعية (3)، والحنابلة (4).

الأدلة:

أولاً: عموم قوله صلى الله عليه وسلم: ((وقد أتى عرفات، قبل ذلك ليلاً أو نهاراً)) (5)

ثانياً: أنه لا تشترط النية لصحة الوقوف بعرفة (6).

ثالثاً: أن الركن قد حصل وهو الوقوف ولا يمتنع ذلك بالإغماء والنوم كركن الصوم (7).

رابعاً: أنه وقف بها في زمن الوقوف وهو مكلف، فأشبه إذا علم أنها عرفة (8).

المطلب الخامس: حكم من وقف بغير أرض عرفات:

إن غلط الناس فوقفوا في غير أرض عرفات، يظنونها عرفات لم يجزئهم، ويلزمهم القضاء سواء كانوا جمعاً كثيراً أو قليلاً.

الأدلة:

أولاً: الإجماع:

نقله النووي (9).

ثانياً: أن الوقوف بأرض عرفات شرطٌ من شروط صحة الوقوف.

ثالثاً: لتفريطهم (10).

المبحث الثاني: أن يكون الوقوف في زمان الوقوف

تمهيد:

يشترط لصحة الوقوف بعرفة أن يكون في وقت الوقوف

الأدلة:

أولا: من السنة:

وقوفه صلى الله عليه وسلم في زمن الوقوف، وقوله:((لتأخذوا مناسككم)) (11).

ثانياً: الإجماع:

نقله ابن حزم (12).

المطلب الأول: أول وقت الوقوف بعرفة:

(1)((الهداية)) للمرغياني (1/ 151)، و ((المبسوط)) للسرخسي (4/ 50).

(2)

((التمهيد)) لابن عبدالبر (4/ 286).

(3)

((المجموع)) للنووي (8/ 94،119).

(4)

((كشاف القناع)) للبهوتي (2/ 494).

(5)

رواه أبو داود (1950)، والترمذي (891)، والنسائي (5/ 263)، وأحمد (4/ 15) (16253). قال الترمذي:(حسنٌ صحيح)، وصححه الطحاوي في ((شرح معاني الآثار)) (2/ 208)، وأبو أحمد الحاكم ((المدخل)) (52)، وقال أبو نعيم في ((حلية الأولياء)) (7/ 221):(صحيحٌ ثابت)، وصححه النووي في ((المجموع)) (8/ 97)، وابن الملقن في ((البدر المنير)) (6/ 240)، وابن القيم في ((أعلام الموقعين)) (4/ 252).

(6)

قال النووي: (لو وقف بعرفة ناسياً أجزأه بالإجماع)((المجموع)) للنووي (8/ 17)، وينظر:((كشاف القناع)) البهوتي (2/ 494)، ((المجموع)) للنووي (8/ 17)

(7)

((الهداية)) للمرغياني (1/ 151).

(8)

((المغني)) لابن قدامة 3/ 372.

(9)

قال النووي: (إن غلطوا في المكان فوقفوا في غير أرض عرفات يظنونها عرفات لم يجزهم بلا خلاف)((المجموع)) (8/ 292)، وانظر:((الموسوعة الفقهية الكويتية)) (19/ 155).

(10)

((المجموع)) للنووي (8/ 292).

(11)

رواه مسلم (1297)

(12)

قال ابن حزم: (فصح أن كل من وقف بها أجزأه ما لم يقف في وقتٍ لا يختلف اثنان في أنه لا يجزيه فيه)((المحلى)) (7/ 191رقم 858) ..

ص: 226

يبدأ الوقوف بعرفة من زوال الشمس يوم التاسع من ذي الحجة، وهو قول الجمهور (1) من الحنفية (2) والمالكية (3) والشافعية (4) ورواية عن أحمد (5). وحكى الإجماع على ذلك ابن عبدالبر (6)، وابن حزم (7)، والقرطبي (8).

الأدلة:

أولا: من السنة:

1 -

فعله صلى الله عليه وسلم، كما في حديث جابر الطويل في صفة حجة النبي صلى الله عليه وسلم:«فأجاز رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى أتى عرفة، فوجد القبة قد ضربت له بنمرة، فنزل بها، حتى إذا زاغت الشمس أمر بالقصواء، فرحلت له، فأتى بطن الوادي، فخطب الناس» (9)، وقد قال:((لتأخذوا مناسككم)) (10).

ثانيا: أن النبي صلى الله عليه وسلم وقف بعد الزوال، وكذلك الخلفاء الراشدون فمن بعدهم إلى اليوم، وما نُقِلَ أن أحدًا وقف قبل الزوال (11).

المطلب الثاني: آخر وقت الوقوف بعرفة:

ينتهي الوقوف بعرفة بطلوع فجر يوم النحر، فمن أتى إلى عرفة بعد فجر يوم النحر فقد فاته الحج

الأدلة:

أولا من السنة:

1 -

عن عروة بن مضرس الطائي، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:((من شهد صلاتنا هذه، ووقف معنا حتى ندفع، وقد وقف قبل ذلك بعرفة ليلاً أو نهاراً فقد تم حجه وقضى تفثه)) (12).

ثانياً: الإجماع:

(1) قال القاضي أبو الطيب والعبدري: (هو قول العلماء كافة إلا أحمد فإنه قال: وقته ما بين طلوع الفجر يوم عرفة وطلوعه يوم النحر)((المجموع)) للنووي (8/ 120)، وينظر:((الذخيرة)) للقرافي (3/ 259).

(2)

((بدائع الصنائع)) للكاساني (2/ 125).

(3)

((الكافي)) لابن عبدالبر 1/ 359، ((الشرح الكبير)) للدردير (2/ 37).

(4)

((روضة الطالبين)) للنووي (3/ 97).

(5)

((الإنصاف)) للمرداوي (4/ 29).

(6)

قال ابن عبدالبر: (ولا يجزئ الوقوف بالنهار قبل الزوال بإجماع، ولا حكم له، وإنما أول وقت الوقوف بعد جمع الصلاتين: الظهر والعصر في أول وقت الظهر)((الكافي في فقه أهل المدينة)) (1/ 359).

(7)

قال ابن حزم: (فصح أن كل من وقف بها أجزأه ما لم يقف في وقتٍ لا يختلف اثنان في أنه لا يجزيه فيه. وقد تيقن الإجماع من الصغير، والكبير، والخالف، والسالف: أن من وقف بها قبل الزوال من اليوم التاسع من ذي الحجة أو بعد طلوع الفجر من الليلة الحادية عشرة من ذي الحجة فلا حج له)((المحلى)) (7/ 191رقم 858). وقال أيضاً: (وأجمعوا أن وقت الوقوف ليس قبل الظهر في التاسع من ذي الحجة)((مراتب الإجماع)) (42). وتعقبه شيخ الإسلام قائلا: قلت: (أحد القولين بل أشهرهما في مذهب أحمد أنه يجزئ الوقوف قبل الزوال وإن أفاض قبل الزوال لكن عليه دم كما لو أفاض قبل الغروب)((مراتب الإجماع)) (ص: 42)

(8)

وقال القرطبي: (أجمع أهل العلم على أن من وقف بعرفة يوم عرفة قبل الزوال، ثم أفاض منها قبل الزوال أنه لا يُعتدُّ بوقوفه ذلك قبل الزوال)((تفسير القرطبي)) (2/ 415).

(9)

رواه مسلم (1218)

(10)

رواه مسلم (1297)

(11)

((المجموع)) للنووي (8/ 120).

(12)

رواه أبو داود (1950)، والترمذي (891)، والنسائي (5/ 263)، وأحمد (4/ 15) (16253). قال الترمذي:(حسنٌ صحيح)، وصححه الطحاوي في ((شرح معاني الآثار)) (2/ 208)، وأبو أحمد الحاكم ((المدخل)) (52)، وقال أبو نعيم في ((حلية الأولياء)) (7/ 221):(صحيحٌ ثابت)، وصححه النووي في ((المجموع)) (8/ 97)، وابن الملقن في ((البدر المنير)) (6/ 240)، وابن القيم في ((أعلام الموقعين)) (4/ 252).

ص: 227

نقله ابن المنذر (1)، وابن حزم (2)،وابن عبدالبر (3)، وابن قدامة (4).

المسألة الأولى: ما هو قدر الوقوف المجزئ؟

من وقف بعرفة ولو لحظة من زوال شمس يوم التاسع إلى فجر يوم العاشر، قائمًا كان أو جالسًا أو راكبًا فإنه يجزئه، وهو مذهب الجمهور: الحنفية (5)، والشافعية (6) والحنابلة (7).

الدليل:

عن عروة بن مضرس الطائي، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:((من شهد صلاتنا هذه، ووقف معنا حتى ندفع، وقد وقف قبل ذلك بعرفة ليلاً أو نهاراً فقد تم حجه وقضى تفثه)) (8).

ثانياً: أنه إذا وقف لحظةً في زمن الوقوف صدق عليه أنه وقف بعرفات.

المسألة الثانية: إلى متى يجب الوقوف بعرفة لمن وافاها نهارا؟

(1) قال ابن المنذر: (وأجمعوا على أن الوقوف بعرفة فرض، ولا حج لمن فاته الوقوف بها)((الإجماع)) لابن المنذر (ص 57).

(2)

قال ابن حزم: (قد تيقن الإجماع من الصغير، والكبير، والخالف، والسالف: أن من وقف بها قبل الزوال من اليوم التاسع من ذي الحجة أو بعد طلوع الفجر من الليلة الحادية عشرة من ذي الحجة فلا حج له)((المحلى)) (7/ 191رقم 858). ملاحظة: لعل قول ابن حزم: (من الليلة الحادية عشر) سبق قلم، ولعل الصواب من الليلة العاشرة.

(3)

قال ابن عبدالبر: (وذكر مالك عن يحيى بن سعيد عن سليمان بن يسار قصة أبي أيوب إذ فاته الحج، وذكر عن نافع عن سليمان بن يسار قصة هبار بن الأسود إذ فاته الحج أيضاً، فأمرهما عمر بن الخطاب كل واحدٍ منهما أن يحل بعمل عمرة ثم يحج من قابل ويهدي، فمن لم يجد صام ثلاثة أيام في الحج وسبعةٍ إذا رجع، وهذا أمرٌ مجتمعٌ عليه فيمن فاته الحج بعد أن أحرم به ولم يدرك عرفة إلا يوم النحر)((التمهيد)) لابن عبدالبر (15/ 201).

(4)

قال ابن قدامة: (آخر وقت الوقوف آخر ليلة النحر، فمن لم يدرك الوقوف حتى طلع الفجر يومئذٍ فاته الحج، لانعلم فيه خلافًا)((المغني)) (3/ 454)، الشرح الكبير لشمس الدين ابن قدامة (3/ 433).

(5)

((بدائع الصنائع)) للكاساني (2/ 126).

(6)

((المجموع)) للنووي (8/ 103)

(7)

((كشاف القناع)) للبهوتي (2/ 494).

(8)

رواه أبو داود (1950)، والترمذي (891)، والنسائي (5/ 263)، وأحمد (4/ 15) (16253). قال الترمذي:(حسن صحيح)، وصححه الطحاوي في ((شرح معاني الآثار)) (2/ 208)، وأبو أحمد الحاكم ((المدخل)) (52)، وقال أبو نعيم في ((حلية الأولياء)) (7/ 221):(صحيح ثابت)، وصححه النووي في ((المجموع)) (8/ 97)، وابن الملقن في ((البدر المنير)) (6/ 240)، وابن القيم في ((أعلام الموقعين)) (4/ 252).

ص: 228

يجب الوقوف بعرفة لمن وافاها نهارًا إلى غروب الشمس، ولا يجوز له الدفع قبل الغروب، فإن دفع أجزأه الوقوف وعليه دم، وهذا مذهب الحنفية (1) والحنابلة (2) وهو قول للمالكية (3)، والشافعية (4)، واختاره اللخمي وابن العربي، ومال إليه ابن عبدالبر (5) وهو اختيار ابن باز (6) واستحسنه ابن عثيمين (7).

الأدلة:

أولاً: من السنة:

حديث جابر: ((حتى إذا زاغت الشمس أمر بالقصواء. فرحلت له. فأتي بطن الوادي. فخطب الناس

ثم أذن. ثم أقام فصلى الظهر. ثم أقام فصلى العصر. ولم يصل بينهما شيئاً. ثم ركب رسول الله صلى الله عليه وسلم. حتى أتى الموقف)) (8)

وجه الدلالة:

أن مكث النبي صلى الله عليه وسلم فيها إلى الغروب مع كون الدفع بالنهار أرفق بالناس يدل على وجوبه لأنه لو كان جائزاً لاختاره النبي صلى الله عليه وسلم فإنه: ((ما خير بين أمرين إلا اختار أيسرهما ما لم يكن إثماً)) (9).

ثانياً: أن تأخير الرسول صلى الله عليه وسلم الدفع إلى ما بعد غروب الشمس، ثم مبادرته به قبل أن يصلي المغرب مع أن وقت المغرب قد دخل يدل على أنه لا بد من البقاء إلى هذا الوقت (10).

ثالثاً: أن في الدفع قبل الغروب مشابهة لأهل الجاهلية حيث يدفعون قبل غروب الشمس، إذا كانت الشمس على رؤوس الجبال، كعمائم الرجال على رؤوس الرجال (11).

رابعاً: أنه لو كان جائزًا لرخص النبي صلى الله عليه وسلم للضعفة أن يتقدموا من عرفة إلى مزدلفة قبل الغروب.

المسألة الثالثة: حكم من دفع قبل غروب شمس التاسع ثم عاد قبل فجر العاشر

(1)((شرح فتح القدير)) لابن الهمام (2/ 478)، ((البحر الرائق)) لابن نجيم (2/ 366).

(2)

((المغني)) لابن قدامة (3/ 370).

(3)

((مواهب الجليل)) للحطاب (4/ 132)،

(4)

((روضة الطالبين)) للنووي (3/ 97)، ((نهاية المحتاج إلى شرح المنهاج)) الرملي (3/ 299).

(5)

قال ابن عبدالبر: (لا نعلم أحدًا من فقهاء الأمصار قال بقول مالك، ولا روينا عن أحد من السلف، وقال سائر العلماء: كل من وقف بعرفة بعد الزوال أو في ليلة النحر فقد أدرك الحج)((التمهيد)) لابن عبدالبر (10/ 21)، وينظر:((مواهب الجليل)) للحطاب (4/ 132).

(6)

قال ابن باز: (من وقف بعد الزوال أجزأه فإن انصرف قبل المغرب فعليه دم إن لم يعد إلى عرفة ليلا ًأعني ليلة النحر)((مجموع فتاوى ابن باز)) (16/ 142).

(7)

قال ابن عثيمين: (ولو قيل بالقول الثالث الذي يلزمه الدم إذا دفع قبل الغروب مطلقاً، إلا إذا كان جاهلاً ثم نبه فرجع ولو بعد الغروب فلا دم عليه، لكان له وجه؛ وذلك لأنه إذا دفع قبل الغروب فقد تعمد المخالفة فيلزمه الدم بالمخالفة، ورجوعه بعد أن لزمه الدم بالمخالفة لا يؤثر شيئاً، أما إذا كان جاهلاً ودفع قبل الغروب، ثم قيل له: إن هذا لا يجوز فرجع ولو بعد الغروب، فإنه ليس عليه دم، وهذا أقرب إلى القواعد مما ذهب إليه المؤلف)((الشرح الممتع)) لابن عثيمين (7/ 301).

(8)

رواه مسلم (1218)

(9)

رواه البخاري (6786)، انظر:((الشرح الممتع)) لابن عثيمين (7/ 387، 388).

(10)

((الشرح الممتع)) لابن عثيمين (7/ 388، 389).

(11)

((شرح فتح القدير)) لابن الهمام (2/ 477)، ((الشرح الممتع)) لابن عثيمين (7/ 388).

ص: 229

من دفع قبل غروب شمس يوم التاسع ثم عاد قبل فجر يوم النحر أجزأه الوقوف، هولا شيء عليه، وهو قول الجمهور من المالكية (1)، والشافعية (2)، والحنابلة (3)، وهو قول للحنفية (4)، واختاره الكمال ابن الهمام (5).

وذلك للآتي:

أولا: أنه استدرك ما فاته وأتى بما عليه، لأن الواجب عليه الإفاضة بعد غروب الشمس، وقد أتى به فيسقط عنه الدم كمن جاوز الميقات حلالاً ثم عاد إلى الميقات وأحرم (6).

ثانياً: أنه لو وقف بها ليلاً دون النهار لم يجب عليه دم (7).

ثالثاً: أنه أتى بالواجب وهو الجمع بين الليل والنهار (8).

المسألة الرابعة: حكم من وقف بعرفة ليلا فقط

من لم يقف بعرفة إلا ليلة العاشر من ذي الحجة فإنه يجزئه ولا يلزمه شيء، ولكن فاتته الفضيلة.

الأدلة:

أولاً: من السنة:

1 -

عن عبدالرحمن بن يعمر الديلي أن ناساً من أهل نجد أتوا رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو بعرفة، فسألوه فأمر مناديا فنادى: الحج عرفة، من جاء ليلة جمع قبل طلوع الفجر فقد أدرك الحج)) (9).

2 -

عن عروة بن مضرس الطائي، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:((من شهد صلاتنا هذه، ووقف معنا حتى ندفع، وقد وقف قبل ذلك بعرفة ليلاً أو نهاراً فقد تم حجه وقضى تفثه)) (10).

ثانياً: الإجماع:

(1)((المدونة الكبرى)) لمالك (1/ 422)، ((مواهب الجليل)) للحطاب (4/ 132).

(2)

((الحاوي الكبير)) للماوردي (4/ 174)، ((المجموع)) للنووي (8/ 119).

(3)

((الإنصاف)) للماوردي (4/ 24)، ((كشاف القناع)) للبهوتي (2/ 495).

(4)

((المبسوط)) للسرخسي (4/ 50، 51).

(5)

قال الكمال ابن الهمام: (الواجب مقصود النفر بعد الغروب ووجوب المد ليقع النفر كذلك فهو لغيره، وقد وجد المقصود فسقط ما وجب له كالسعي للجمعة في حق من في المسجد. وغاية الأمر فيه أن يهدر ما وقفه قبل دفعه في حق الركن، ويعتبر عوده الكائن في الوقت ابتداء وقوفه، أليس بذلك يحصل الركن من غير لزوم دم). ((فتح القدير)) للكمال ابن الهمام (2/ 478).

(6)

((المبسوط)) للسرخسي (4/ 51).

(7)

((الحاوي الكبير)) للماوردي (4/ 174).

(8)

((كشاف القناع)) للبهوتي (2/ 495).

(9)

رواه الترمذي (889)، وابن خزيمة (4/ 257)(2822)، والحاكم (2/ 305). قال الترمذي: حسن صحيح، وقال الحاكم: صحيح ولم يخرجاه، وقال ابن عبدالبر في ((الاستذكار)) (3/ 638):(لا أشرف ولا أحسن من هذا) وصححه النووي في ((المجموع)) (8/ 95)، وصححه الألباني في ((صحيح سنن الترمذي)).

(10)

رواه أبو داود (1950)، والترمذي (891)، والنسائي (5/ 263)، وأحمد (4/ 15) (16253). قال الترمذي: حسن صحيح، وصححه الطحاوي في ((شرح معاني الآثار)) (2/ 208)، وأبو أحمد الحاكم ((المدخل)) (52)، وقال أبو نعيم في ((حلية الأولياء)) (7/ 221): صحيح ثابت، وصححه النووي في ((المجموع)) (8/ 97)، وابن الملقن في ((البدر المنير)) (6/ 240)، وابن القيم في ((أعلام الموقعين)) (4/ 252).

ص: 230

نقل الإجماع على ذلك: ابن المنذر (1) ، وابن عبدالبر (2)، وابن قدامة (3) ، النووي (4).

المسألة الخامسة: الخطأ في زمن الوقوف

أولاً: الخطأ في زمن الوقوف بالتقديم

إذا كان الخطأ في التقديم: بأن أخطأ الناس جميعاً فوقفوا يوم الثامن يوم التروية وأمكن أن يقفوا في التاسع فإنه لا يجزئ، وهذا مذهب الجمهور من الحنفية (5) ، والمالكية في المشهور (6)، والشافعية (7)، وذلك لأن التدارك ممكن في الجملة بأن يزول الاشتباه في يوم عرفة (8).

ثانياً: الخطأ في زمن الوقوف بالتأخير

إذا كان الخطأ في التأخير بأن أخطأ الناس فوقفوا يوم النحر

وكان الخطأ من الجميع أو الأكثر فحجهم صحيح باتفاق المذاهب الأربعة: الحنفية (9)، والمالكية (10)، والشافعية (11)، والحنابلة (12).نقل النووي الاتفاق على ذلك (13).

الأدلة:

أولاً: من السنة:

حديث: (الصوم يوم تصومون والفطر يوم تفطرون والأضحى يوم تضحون)(14)

ثانياً: أن الهلال هو اسم لما اشتهر عند الناس وعملوا به لا لما يطلع في السماء (15).

ثالثاً: أن في القول بعد الإجزاء حرج شديد؛ لعموم البلوى به، وتعذر الاحتراز عنه، والتدارك غير ممكن، وفي الأمر بقضاء الحجيج كلهم حرج بين، فوجب أن يكتفى به عند الاشتباه (16).

رابعاً: أنهم فعلوا ما أمروا به، ومن فعل ما أمر به على وجه ما أمر به فإنه لا يلزمه القضاء؛ لأننا لو ألزمناه بالقضاء لأوجبنا عليه العبادة مرتين (17).

المبحث الثالث: أن يكون الواقف أهلاً للحج

(1) قال ابن المنذر: (أجمعوا على من وقف بها من ليل، أو نهار بعد زوال الشمس من يوم عرفة أنه مدرك للحج، وانفرد مالك، فقال: عليه الحج من قابل). ((الإجماع)) لابن المنذر (57). ملاحظة: انفراد مالك هو في قوله بعدم الإجزاء في الوقوف نهارا بعد الزوال، لأن الركن عنده الوقوف بالليل.

(2)

قال ابن عبدالبر: (أجمع المسلمون أن الوقوف بعرفة ليلاً يجزئ عن الوقوف بالنهار). ((الإجماع)) لابن عبدالبر (169).

(3)

قال ابن قدامة: (من لم يدرك جزءاً من النهار، ولا جاء عرفة، حتى غابت الشمس، فوقف ليلاً، فلا شيء عليه، وحجه تام. لا نعلم فيه مخالفاً)((المغني)) لابن قدامة (3/ 371)، ((الشرح الكبير)) لشمس الدين ابن قدامة (3/ 436).

(4)

قال النووي: (أما من لم يحضر عرفات إلا في ليلة النحر فحصل فيها قبل الفجر- وقيل بالمذهب إنه يصح وقوفه – فلا دم عليه بلا خلاف، وإنما الخلاف فيمن وقف نهاراً ثم انصرف قبل الغروب لأنه مقصر بالاعراض وقطع الوقوف والله أعلم)((المجموع)) للنووي (8/ 102).

(5)

((المبسوط)) للسرخسي (4/ 51)، ((حاشية ابن عابدين)) (2/ 618).

(6)

((الذخيرة)) للقرافي (3/ 259)، ((التاج والإكليل)) للعبدري (3/ 95).

(7)

((المجموع)) للنووي (8/ 293).

(8)

((حاشية ابن عابدين)) (2/ 618).

(9)

((المبسوط)) للسرخسي (4/ 51)، و ((حاشية ابن عابدين)) (2/ 618).

(10)

((حاشية الدسوقي)) (2/ 37).

(11)

((المجموع)) للنووي (8/ 292).

(12)

((الشرح الكبير)) لشمس الدين ابن قدامة (3/ 513)، و ((الإنصاف)) للمرداوي (4/ 66).

(13)

قال النووي: (اتفقوا على أنهم إذا غلطوا فوقفوا في العاشر وهم جمع كثير على العادة أجزأهم). ((المجموع)) للنووي (8/ 293).

(14)

رواه الترمذي (697)، والدارقطني في ((السنن)) (2/ 164). من حديث أبي هريرة رضي الله عنه. قال الترمذي: حسن غريب، وصححه ابن العربي في ((عارضة الأحوذي)) (2/ 159)، وابن كثير في ((إرشاد الفقيه)) (1/ 280)، وحسن إسناده النووي في ((المجموع)) (6/ 283).

(15)

((كشاف القناع)) للبهوتي (2/ 525)، ((الشرح الممتع)) لابن عثيمين (7/ 414).

(16)

((حاشية ابن عابدين)) (2/ 618).

(17)

((الشرح الممتع)) لابن عثيمين (7/ 414، 415).

ص: 231

يشترط في صحة الوقوف بعرفة أن يكون الواقف أهلاً للحج، وذلك كما يلي:

أولاً: أن يكون مسلماً؛ لأن غير المسلم لا يصح منه الحج (1).

ثانياً: أن يكون محرماً؛ لأن غير المحرم ليس أهلاً للحج، ولم يكن في إحرام حتى يصح منه الوقوف (2).

ثالثاً: أن يكون عاقلاً؛ لأن المجنون لا يصح وقوفه إذ إنه فاقد لعقله الذي هو مناط التكليف (3).

المبحث الرابع: حكم من وقف بعرفة على غير طهارة

يجزئ الوقوف بعرفة على غير طهارة، ولا شيء عليه ولكن يستحب له أن يكون على طهارة (4).

الأدلة:

أولاً: من السنة:

1 -

قوله صلى الله عليه وسلم لعائشة رضي الله عنها: ((اصنعي كل ما يصنع الحاج غير ألا تطوفي بالبيت)) (5) ..

وجه الدلالة:

أن استثناء الطواف من عمل الحائض في الحج حتى تطهر، يدل على عدم اشتراط الطهارة لغيره من أعمال الحاج، ومن جملة ذلك الوقوف بعرفة.

2 -

عن عروة بن مضرس الطائي، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:((من شهد صلاتنا هذه، ووقف معنا حتى ندفع، وقد وقف قبل ذلك بعرفة ليلاً أو نهارا ًفقد تم حجه وقضى تفثه)) (6).

وجه الدلالة:

أن هذا الحديث وغيره من أحاديث الوقوف بعرفة مطلق عن شرط الطهارة (7).

ثانياً: الإجماع:

نقل الإجماع على ذلك: ابن المنذر (8)، وابن قدامة (9).

المبحث الخامس: هل يشترط ستر العورة واستقبال القبلة للوقوف بعرفة؟

لا يشترط للواقف بعرفة أن يستر عورته أو أن يستقبل القبلة، وحكاه ابن قدامة إجماعًا (10).

المبحث السادس: حكم وقوف النائم

من وقف بعرفة وهو نائم فقد أدرك الحج باتفاق المذاهب الأربعة: الحنفية (11)، والمالكية (12)، والشافعية (13)، والحنابلة (14).

وذلك للآتي:

أولاً: أنه أتى بالقدر المفروض، وهو حصوله كائنا بعرفة (15).

ثانياً: أنه نسك غير متعلق بالبيت فلا تشترط له الطهارة، كرمي الجمار (16).

ثالثاً: أن النائم في حكم المستيقظ فهو من أهل العبادات، لذا فإنه إن نام في جميع النهار صح صومه (17).

المبحث السابع: حكم وقوف المغمى عليه

(1)((الشرح الممتع)) لابن عثيمين (7/ 298).

(2)

((الشرح الممتع)) لابن عثيمين (7/ 298).

(3)

((الشرح الممتع)) لابن عثيمين (7/ 298).

(4)

قال الإمام أحمد: (يستحب أن يشهد المناسك كلها على وضوء). انظر: ((الشرح الكبير)) لشمس الدين ابن قدامة (3/ 435).

(5)

رواه مسلم (1211).

(6)

رواه أبو داود (1950)، والترمذي (891)، والنسائي (5/ 263)، وأحمد (4/ 15) (16253). قال الترمذي: حسن صحيح، وصححه الطحاوي في ((شرح معاني الآثار)) (2/ 208)، وأبو أحمد الحاكم ((المدخل)) (52)، وقال أبو نعيم في ((حلية الأولياء)) (7/ 221): صحيح ثابت، وصححه النووي في ((المجموع)) (8/ 97)، وابن الملقن في ((البدر المنير)) (6/ 240)، وابن القيم في ((أعلام الموقعين)) (4/ 252).

(7)

((بدائع الصنائع)) للكاساني (2/ 127).

(8)

(57) قال ابن المنذر: (وأجمعوا على أنه من وقف بعرفات على غير طهارة، أنه مدرك للحج ولا شيء عليه). ((الإجماع)) لابن المنذر (57)

(9)

قال ابن قدامة: (ولا يشترط للوقوف طهارة ولا ستارة ولا استقبال ولا نية ولا نعلم في ذلك خلافاً). ((المغني)) لابن قدامة (3/ 372).

(10)

قال ابن قدامة: (ولا يشترط للوقوف طهارة ولا ستارة ولا استقبال ولا نية ولا نعلم في ذلك خلافاً). ((المغني)) لابن قدامة (3/ 372).

(11)

((بدائع الصنائع)) للكاساني (2/ 127).

(12)

((مواهب الجليل)) للحطاب (4/ 133).

(13)

((المجموع)) للنووي (8/ 94).

(14)

((المغني)) لابن قدامة (3/ 372).

(15)

((بدائع الصنائع)) للكاساني (2/ 127).

(16)

((بدائع الصنائع)) للكاساني (2/ 127).

(17)

انظر: ((المجموع)) للنووي (8/ 94).

ص: 232

من وقف بعرفة وهو مغمى عليه فإنه يجزئه الوقوف، وهو مذهب الحنفية (1)، والمالكية (2)، ووجه عند الشافعية (3)، وتوقف فيه أحمد (4)، واختاره الشنقيطي (5) ، وابن عثيمين (6).

الأدلة:

أولاً: من السنة:

عن عروة بن مضرس الطائي قال: ((أتيت النبي صلى الله عليه وسلم بالموقف - يعني بجمع - فقلت: يا رسول الله، أهلكت مطيتي، واتعبت نفسي، والله ما تركت من جبل إلا وقفت عليه، فهل لي من حج؟ فقال صلى الله عليه وسلم: من أدرك معنا هذه الصلاة وأتى قبل ذلك عرفات ليلاً أو نهاراً فقد تم حجه وقضى تفثه)) (7).

وجه الدلالة:

أن من وقف بعرفة وهو مغمى عليه فقد أتى بالقدر المفروض، وهو حصوله كائناً بعرفة، فحصل الركن، ولا يمتنع ذلك بالإغماء والنوم كركن الصوم (8).

ثانياً: أن الوقوف ليس بعبادة مقصودة ولهذا لا يتنفل به، فوجود النية في أصل العبادة وهو الإحرام يغني عن اشتراطه في الوقوف (9).

ثالثاً: أن الوقفوف بعرفة لا يعتبر له نية ولا طهارة، ويصح من النائم، فصح من المغمى عليه، كالمبيت بمزدلفة (10).

(1)((المبسوط)) للسرخسي (4/ 51)، و ((بدائع الصنائع)) للكاساني (2/ 127)، ((الهداية شرح البداية)) للمرغياني (1/ 151).

(2)

((مواهب الجليل)) للحطاب (4/ 133).

(3)

((المجموع)) للنووي (8/ 104).

(4)

قال ابن قدامة: (وقد توقف أحمد رحمه الله في هذه المسألة، وقال: الحسن يقول بطل حجه، وعطاء يرخص فيه). ((المغني)) لابن قدامة (3/ 372).

(5)

قال الشنقيطي: (ليس في وقوف المغمى عليه نص من كتاب ولا سنة يدل على صحته أو عدمها، وأظهر القولين عندي قول من قال بصحته لما قدمنا من أنه لا يشترط له نية تخصه، وإذا سلمنا صحته بدون النية، كما قدمنا أنه هو الصواب فلا مانع من صحته من المغمى عليه، كما يصح من النائم). ((أضواء البيان)) للشنقيطي (4/ 439).

(6)

قال ابن عثيمين: (وقوفه صحيح؛ لأن عقله باق لم يزل وهذا هو الراجح). ((الشرح الممتع)) لابن عثيمين (7/ 299).

(7)

رواه أبو داود (1950)، والترمذي (891)، والنسائي (5/ 263)، وأحمد (4/ 15) (16253). قال الترمذي: حسن صحيح، وصححه الطحاوي في ((شرح معاني الآثار)) (2/ 208)، وأبو أحمد الحاكم ((المدخل)) (52)، وقال أبو نعيم في ((حلية الأولياء)) (7/ 221): صحيح ثابت، وصححه النووي في ((المجموع)) (8/ 97)، وابن الملقن في ((البدر المنير)) (6/ 240)، وابن القيم في ((أعلام الموقعين)) (4/ 252).

(8)

((بدائع الصنائع)) للكاساني (2/ 127)، ((الهداية شرح البداية)) للمرغيناني (1/ 151)، ((الذخيرة)) للقرافي (3/ 257).

(9)

((البحرالرائق)) لابن نجيم (2/ 379).

(10)

((المغني)) لابن قدامة (3/ 372).

ص: 233