الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الفصل الأول المبيت بمنى ليالي أيام التشريق
المبحث الأول: المبيت بمنى ليالي التشريق وما يلزم من تركه
المطلب الأول: حكم المبيت بمنى ليالي التشريق
المبيت بمنى في ليالي أيام التشريق (1) واجب، وهو مذهب جمهور الفقهاء (2) من المالكية (3)، والشافعية (4)، والحنابلة (5).
الأدلة:
1 -
أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم بات في منى، وقد قال:((لتأخذوا مناسككم)) (6).
2 -
عن عائشة رضي الله عنها قالت: ((أفاض رسول الله من آخر يومه حين صلى الظهر، ثم رجع إلى منى فمكث بها ليالي أيام التشريق)) (7)
3 -
أن النبي صلى الله عليه وسلم: ((رخص لعمه العباس أن يبيت في مكة ليالي التشريق من أجل السقاية)) (8).
وجه الدلالة:
أن كلمة (رخص) تدل على أن الأصل الوجوب؛ لأن الرخصة لا تقال إلا في مقابل أمر واجب وعزيمة (9).
4 -
عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال عمر رضي الله عنه: ((لا يبيتن أحد من الحاج من وراء العقبة وكان يوكل بذلك رجالا لا يتركون أحدا من الحاج يبيت من وراء العقبة إلا أدخلوه)) (10)(11).
مسألة: حكم المبيت بمنى ليلة الثالث عشر للمتعجِّل
(1)[2788])) أيام التشريق هي اليوم الحادي عشر، والثاني عشر، والثالث عشر من ذي الحجة، قال ابن عبدالبر:(فأيام منى ثلاثة بإجماع، وهي أيام التشريق وهي الأيام المعدودات، فقف على ذلك)((التمهيد)) (21/ 233)، وانظر:(12/ 129).
(2)
قال ابن عبدالبر: (لا أعلم أحدا أرخص في المبيت عن منى ليالي منى للحاج إلا الحسن البصري، ورواية رواها عكرمة عن ابن عباس)((التمهيد)) (17/ 262). وقال: (أجمع الفقهاء على أن المبيت للحاج غير الذين رخص لهم ليالي منى بمنى من شعائر الحج ونسكه)((التمهيد)) (17/ 263). وقال القرطبي: (ولا تجوز البيتوتة بمكة وغيرها عن منى ليالي التشريق، فإن ذلك غير جائز عند الجميع إلا للرعاء ولمن ولي السقاية من آل العباس)((الجامع لأحكام القرآن)) (3/ 7).
(3)
[2790])) ((الكافي)) لابن عبدالبر (1/ 375 - 376)، ((القوانين الفقهية)) لابن جزي (1/ 138).
(4)
[2791])) ((المجموع)) للنووي (8/ 247)، ((مغني المحتاج)) للخطيب الشربيني (1/ 505).
(5)
[2792])) ((الإنصاف)) للمرداوي (4/ 35،44)، ((كشاف القناع)) للبهوتي (2/ 510،521).
(6)
رواه مسلم (1297)
(7)
رواه أبو داود (1973)، وأحمد (6/ 90)(24636)، والدارقطني في ((السنن)) (2/ 274)، وابن حبان (9/ 180)(3868)، والحاكم (1/ 651)، والبيهقي (5/ 148) (9941). قال الحاكم:(صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه)، واحتج به ابن حزم في ((المحلى)) (7/ 141)، وجود إسناده ابن كثير في ((إرشاد الفقيه)) (1/ 342)، وقال الألباني في ((صحيح سنن أبي داود)): صحيح إلا قوله: (حين صلى الظهر) فهو منكر.
(8)
رواه البخاري (1634)، ومسلم (1315)
(9)
[2796])) ((الشرح الممتع)) لابن عثيمين (7/ 389 - 390)، ((مجموع فتاوى ورسائل العثيمين)) (23/ 241).
(10)
رواه مالك في ((الموطأ)) (3/ 595)، والبيهقي (5/ 153) (9972). قال ابن عبدالبر في ((التمهيد)) (17/ 263):(أحسن ما في هذا الباب)، وقال ابن حزم في ((المحلى)) (7/ 185):(صح هذا عنه رضي الله عنه، وعن ابن عباس مثل هذا)، وصحح إسناده ابن حجر في ((الدراية)) (2/ 29).
(11)
[2798])) قال ابن عبدالبر: (والنظر يوجب على كل مسقط لنسكه دماً؛ قياساً على سائر شعائر الحج ونسكه، وأحسن ما في هذا الباب ما رواه مالك عن نافع عن ابن عمر قال: قال عمر: لا يبيتن أحد من الحاج من وراء العقبة، وكان يوكل بذلك رجالاً لا يتركون أحداً من الحاج يبيت من وراء العقبة إلا أدخلوه. وهذا يدل على أن المبيت من مؤكدات أمور الحج والله أعلم)((التمهيد)) (17/ 263).
من تعجَّل فليس عليه سوى مبيت ليلتين فقط، ويسقط عنه المبيت ورمي الجمرة لليوم الثالث عشر.
الأدلة:
أولاً: من الكتاب:
قوله تعالى: وَاذْكُرُواْ اللَّهَ فِي أَيَّامٍ مَّعْدُودَاتٍ (1) فَمَن تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ وَمَن تَأَخَّرَ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ لِمَنِ اتَّقَى [البقرة: 203].
ثانياً: من السنة:
عن عبدالرحمن بن يعمر الديلي، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:((أيام منى ثلاثة: فمن تعجل في يومين فلا إثم عليه ومن تأخر فلا إثم عليه)) (2).
ثالثاً: الإجماع:
نقل الإجماع على ذلك الماوردي (3)، وابن قدامة (4).
المطلب الثاني: حكم المتعجل إذا غربت عليه الشمس ثاني أيام التشريق
(1)[2799])) قال ابن عبدالبر: (لا خلاف بين العلماء أن أيام منى هي الأيام المعدودات التي ذكر الله عز وجل في قوله وَاذْكُرُوا اللَّهَ فِي أَيَّامٍ مَعْدُودَاتٍ *البقرة: 203* وهي أيام التشريق وأن هذه الثلاثة الأسماء واقعة عليها
…
وأيام منى هي أيام رمي الجمار بمنى، وهي واقعة بإجماع على الثلاثة الأيام التي يتعجل الحاج منها في يومين بعد يوم النحر) ((التمهيد)) (21/ 233). قال النووي:(وكذا نقل القاضي أبو الطيب والعبدري وخلائق، إجماع العلماء على أن المعدودات هي أيام التشريق)((المجموع)) (8/ 381). وقال الجصاص: (لا خلاف بين أهل العلم، أن المعدودات أيام التشريق)((أحكام القرآن)) (1/ 393). وقال ابن كثير: (والقول الأول هو المشهور، وعليه دل ظاهر الآية الكريمة، حيث قال: فَمَنْ تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ وَمَنْ تَأَخَّرَ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ *البقرة: 203* فدلَّ على ثلاثة بعد النحر)((تفسير القرآن العظيم)) (1/ 561). قال ابن العربي: (ولو كان يوم النحر معدوداً منها لاقتضى مطلق هذا القول لمن نفر في يوم ثاني النحر أن ذلك جائز، ولا خلاف أن ذلك ليس له، فتبين أنه غير معدود فيها لا قرآناً ولا سنة، وهذا منتهى بديع)((أحكام القرآن)) (1/ 270).
(2)
رواه أبو داود (1949)، والترمذي (889)، والنسائي (5/ 264)، وابن ماجه (2459)، وأحمد (4/ 309)(18795)، وابن خزيمة (4/ 257)(2822)، وابن حبان (9/ 203)(3892)، والحاكم (2/ 305). قال الترمذي:(حسن صحيح)، وقال الحاكم:(صحيح ولم يخرجاه)، وقال ابن عبدالبر في ((الاستذكار)) (3/ 638):(لا أشرف ولا أحسن من هذا)، وصححه الطحاوي في ((شرح معاني الآثار)) (2/ 209)، والنووي في ((المجموع)) (8/ 95)، وابن كثير في ((تفسير القرآن)) (1/ 350).
(3)
قال الماوردي: (فإن نفر في اليوم الأول كان جائزا وسقط عنه المبيت بمنى في ليلته، وسقط عنه رمي الجمار من غده، وأصل ذلك الكتاب والسنة، وإجماع الأمة)((الحاوي الكبير)) (4/ 199).
(4)
قال ابن قدامة: (أجمع أهل العلم على أن من أراد الخروج من منى شاخصا عن الحرم، غير مقيم بمكة، أن ينفر بعد الزوال في اليوم الثاني من أيام التشريق)((المغني)) لابن قدامة (3/ 401). قال شمس الدين ابن قدامة: (والمذهب جواز النفر في النفر الأول لكل أحد، وهو قول عامة العلماء؛ لقول الوله تعالى (فمن تعجل في يومين فلا إثم عليه ومن تأخر فلا إثم عليه) قال عطاء: (هي للناس عامة)((الشرح الكبير)) (3/ 483).
إذا غربت الشمس على المتعجل وهو بمنى لزمه المبيت والرمي من الغد، وهذا مذهب جمهور الفقهاء من المالكية (1)، والشافعية (2)، والحنابلة (3)، وهو رواية عن أبي حنيفة (4)، وبه قال أكثر أهل العلم (5)، واختاره ابن المنذر (6)، وابن تيمية (7)، والشنقيطي (8)، وابن باز (9)(10).
الأدلة:
أولاً: من الكتاب:
قال الله تعالى: فَمَن تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ [البقرة: 203].
وجه الدلالة:
أن اليوم اسم للنهار دون الليل، فيكون من أدركه الليل لم يتعجل في يومين فإن في للظرفية، ولا بد أن يكون أوسع من المظروف، وعليه فلا بد أن يكون الخروج في نفس اليومين (11).
ثانياً: عن عبدالرحمن بن يعمر، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:((أيام منى ثلاثة، فمن تعجل في يومين فلا إثم عليه، ومن تأخر فلا إثم عليه)) (12).
ثالثاً: الآثار عن الصحابة رضي الله عنهم::
1 -
عن عمر رضي الله عنه قال: ((من أدركه المساء في اليوم الثاني بمنى فليقم إلى الغد حتى ينفر مع الناس)) (13).
(1) لكن الشرط عند المالكية هو نية الخروج من منى قبل الغروب، وفي ذلك يقول الدسوقي:(الحاصل أن المقتضي لوجوب بيات الليلة الثالثة وعدم وجوب بياتها قصد التعجيل وعدم قصده فإن قصد التعجيل فلا يلزمه بيات بها، وإن لم يقصد التعجيل لزمه البيات بها)((مواهب الجليل)) (4/ 188)، ((الشرح الكبير)) للشيخ الدردير و ((حاشية الدسوقي)) (2/ 49)، وينظر:((الذخيرة)) (3/ 281)، ((الموسوعة الفقهية الكويتية)) (12/ 224).
(2)
((المجموع)) للنووي (8/ 283).نهاية المحتاج إلى شرح المنهاج (3/ 310).
(3)
((المغني)) لابن قدامة (3/ 401)، ((شرح منتهى الإرادات)) (1/ 591).
(4)
((تبيين الحقائق)) و ((حاشية الشلبي)) (2/ 34).
(5)
ومنهم: عمر، وابن عمر وأبو الشعثاء وعطاء وطاوس وأبان بن عثمان والنخعي وأهل المدينة والثوري وأهل العراق وإسحاق. ((المجموع)) للنووي (8/ 283)، ((المغني)) لابن قدامة (3/ 401)، ((أضواء البيان)) للشنقيطي (4/ 476).
(6)
((المجموع)) للنووي (8/ 283).
(7)
قال ابن تيمية: (إن شاء تعجل في اليوم الثاني بنفسه قبل غروب الشمس. كما قال تعالى: فَمَنْ تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ *البقرة: 203*، فإذا غربت الشمس وهو بمنى أقام حتى يرمي مع الناس في اليوم الثالث)((مجموع الفتاوى)) (26/ 140، 141).
(8)
قال الشنقيطي: (الأظهر عندي حجة الجمهور; لأن الله تعالى قال: فَمَنْ تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ، ولم يقل في يومين وليلة)((أضواء البيان)) (4/ 476).
(9)
قال ابن باز: (من غربت عليه الشمس في هذا اليوم وهو في منى لزمه المبيت والرمي في اليوم الثالث عشر، وهذا هو الذي فعله النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه)((مجموع فتاوى ابن باز)) (17/ 386).
(10)
((المجموع)) للنووي (8/ 283).
(11)
((المجموع)) للنووي (8/ 283)، ((شرح منتهى الإرادات)) للبهوتي (1/ 591)، ((الشرح الممتع)) لابن عثيمين (7/ 361).
(12)
رواه أبو داود (1949)، والترمذي (889)، والنسائي (5/ 264)، وابن ماجه (2459)، وأحمد (4/ 309)(18795)، وابن خزيمة (4/ 257)(2822)، وابن حبان (9/ 203)(3892)، والحاكم (2/ 305). قال الترمذي:(حسن صحيح)، وقال الحاكم:(صحيح ولم يخرجاه)، وقال ابن عبدالبر في ((الاستذكار)) (3/ 638):(لا أشرف ولا أحسن من هذا)، وصححه الطحاوي في ((شرح معاني الآثار)) (2/ 209)، والنووي في ((المجموع)) (8/ 95)، وابن كثير في ((تفسير القرآن)) (1/ 350).
(13)
ذكره ابن قدامة في ((المغني)) (3/ 401)، والنووي في ((المجموع)) (8/ 284). وصححه ابن الملقن في ((البدر المنير)) (6/ 310)
2 -
عن ابن عمر رضي الله عنهما أنه كان يقول: ((من غربت عليه الشمس في أوسط أيام التشريق وهو بمنى فلا ينفر حتى يرمي الجمار من الغد)) (1).
مسألة: إذا غربت الشمس قبل انفصاله من منى:
إذا غربت الشمس على المتعجل من منى وهو سائر فيها قبل انفصاله منها، فإنه يجوز له التعجل، نص على هذا فقهاء الشافعية (2)، واختاره ابن عثيمين إذا حبسه المسير (3)، لأن ذلك وقع بغير اختياره، ولما في تكليفه من حل الرحل والمتاع من المشقة عليه (4).
المطلب الثالث: بم يحصل المبيت؟
القدر الواجب لمبيت الحاج بمنى، هو أن يمكث أكثر الليل، وهو مذهب المالكية (5)، والشافعية في الأصح (6)، وذلك لأن مسمَّى المبيت لا يحصل إلا بمعظم الليل، كما لو حلف لا يبيت بمكان لم يحنث إلا بمعظم الليل (7).
المطلب الرابع: ما يلزم من ترك المبيت بمنى من غير أصحاب الأعذار
(1) أخرجه مالك في ((الموطأ)) (3/ 596)؛ والبيهقي (5/ 152). قال النووي في ((المجموع)) (8/ 284): (ثابت عن عمر).
(2)
قال النووي: (لو رحل فغربت الشمس وهو سائر في منى قبل انفصاله منها فله الاستمرار في السير، ولا يلزمه المبيت ولا الرمي، هذا هو المذهب، وبه قطع الجماهير)((المجموع)) للنووي (8/ 250، 249)، ((مغني المحتاج)) (1/ 506).
(3)
قال ابن عثيمين: (لو أن جماعة حلوا الخيام وحملوا العفش وركبوا، ولكن حبسهم المسير؛ لكثرة السيارات فغربت عليهم الشمس قبل الخروج من منى، فلهم أن يستمروا في الخروج، لأن هؤلاء حبسوا بغير اختيار منهم)((الشرح الممتع)) (7/ 361)، ((مجموع فتاوى ورسائل العثيمين)) (23/ 296).
(4)
((نهاية المحتاج إلى شرح المنهاج)) (3/ 310)، ((الشرح الممتع)) (7/ 361).
(5)
[2820])) ((الشرح الكبير)) للدردير (2/ 49)، ((الفواكه الدواني)) للنفراوي (2/ 815).
(6)
[2821])) ((مغني المحتاج)) للخطيب الشربيني (1/ 505)، ((المجموع)) للنووي (8/ 247).
(7)
[2822])) ((نهاية المحتاج إلى شرح المنهاج)) (3/ 309)، ((المبدع)) لبرهان الدين ابن مفلح (3/ 163).
من بات ليلة واحدة في منى، وترك بقية الليالي منى فعليه أن يتصدق بما تيسَّر، وإن ترك مبيت ليلة الحادي عشر والثاني عشر فعليه دم، وهو روايةٌ عن الإمام أحمد (1)، واختيار ابن باز (2)، وابن عثيمين (3).
المطلب الخامس: سقوط المبيت عن أصحاب سقاية الحجيج ورعاة الإبل
يسقط المبيت عن أصحاب سقاية الحجيج ورعاة الإبل، وهو مذهب جمهور الفقهاء من المالكية (4)، والشافعية (5)، والحنابلة (6).
الأدلة:
ابن عمر أن العباس استأذن النبي صلى الله عليه وسلم أن يبيت بمكة ليالي منى من أجل سقايته فأذن له (7).
(1)((الإنصاف)) للمرداوي (4/ 36)، (3/ 323).
(2)
قال ابن باز: (أمَّا تركه المبيت في منى ليلة الثاني عشر فعليه عن ذلك صدقة بما يتيسر مع التوبة والاستغفار عما حصل منه من الخلل والتعجل في غير وقته، وإن فدى عن ذلك كان أحوط لما فيه من الخروج من الخلاف؛ لأن بعض أهل العلم يرى عليه دما بترك ليلة واحدة من ليلتي الحادي عشر والثاني عشر بغير عذر شرعي)((مجموع فتاوى ابن باز)) (17/ 386). وقال أيضاً: (من ترك المبيت في منى ليلة الحادي عشر وليلة الثاني عشر بلا عذر فعليه دم)((مجموع فتاوى ابن باز)) (16/ 150).
(3)
سُئل ابن عثيمين: والدتي عجوز ووكلتني برمي الجمار ولم تبت بمنى البارحة واليوم هي موجودة بمنى فهل عليها شيء لعدم مبيتها البارحة؟ فأجاب بقوله: (ليس عليها إلا أن تتصدق بأقل ما يسمَّى صدقة يعني بعشرة ريالات أو ثلاثة ريالات؛ لأنها لم تترك النسك كله فهي تركت ليلة من ليلتين هذا هو القول الراجح، وبعض العلماء يقول: عليها فدية، شاةٌ تُذبح وتوزع على الفقراء، لكن لا وجه لهذا)((مجموع فتاوى ورسائل العثيمين)) (23/ 239). وقال أيضاً: (وأن تتصدقوا عن ترك المبيت ليلة الثاني عشر بمنى، ويكون ذلك بمكة يوزع على الفقراء)((مجموع فتاوى ورسائل العثيمين)) (23/ 245). وقال ابن عثيمين أيضاً: (المبيت في منى ليالي أيام التشريق واجب، والواجب في تركه دم يذبح في مكة ويوزع على الفقراء)((مجموع فتاوى ورسائل العثيمين)) (23/ 245).
(4)
[2826])) ((الشرح الكبير)) للدردير (2/ 49)، ((الفواكه الدواني)) للنفراوي (2/ 815).
(5)
[2827])) ((المجموع)) للنووي (8/ 247)، ((مغني المحتاج)) للشربيني (1/ 506).
(6)
[2828])) ((الفروع)) لابن مفلح (6/ 61)، ((كشاف القناع)) للبهوتي (2/ 497).
(7)
رواه البخاري (1634)، ومسلم (1315)
وحديث مالك: رخَّص النبي صلى الله عليه وسلم لرعاء الإبل في البيتوتة أن يرموا يوم النحر (1)(2)
المطلب السادس: حكم المبيت خارج منى بسب أعذار أخرى غير أصحاب سقاية الحجيج ورعاة الإبل
(1) رواه أبو داود (1975)، والترمذي (955)، وابن ماجه (2481)، وأحمد (5/ 450)(23826)، ومالك في ((الموطأ)) (3/ 598)، والدارمي (2/ 86)(1897)، والحاكم (1/ 652)، والبيهقي (5/ 150) (9955). قال الترمذي:(حسن صحيح)، وصححه ابن عبدالبر في ((الاستذكار)) (3/ 651)، والألباني في ((صحيح سنن أبي داود)) (1975)
(2)
[2831])) قال ابن عبدالبر: (فغير جائز عند الجميع إلا للرعاء على ما في حديث أبي البداح هذا عن أبيه ولمن ولي السقاية من آل العباس، ولا خلاف بين العلماء أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سن في حجته المبيت بمنى ليالي التشريق، وكذلك قال جماعة من أهل العلم، منهم مالك وغيره أن الرخصة في المبيت عن منى ليالي منى إنما ذلك للرعاء وللعباس وولده خاصة، فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم ولاهم عليها وأذن لهم في المبيت بمكة من أجل شغلهم في السقاية، وكان العباس ينظر في السقاية ويقوم بأمرها ويسقي الحاج شرابها أيام الموسم، فلذلك أرخص له في المبيت عن منى بمكة، كما أرخص لرعاء الإبل في المبيت عن منى أيام منى في إبلهم من أجل حاجتهم إلى رعي الإبل وضرورتهم إلى الخروج بها نحو المراعي التي تبعد عن منى، فلا يجوز لأحد غيرهم ذلك من سائر الحاج)((التمهيد)) (17/ 259).
يجوز المبيت خارج منى، لمن كان له عذر آخر غير السقاية والرعي، وتسقط عنه الفدية، والإثم، وذهب إلى ذلك الشافعية (1)، وبعض الحنابلة (2)، وهو اختيار ابن باز (3)، وابن عثيمين (4).
وذلك لأن النبي صلى الله عليه وسلم رخص لأصحاب سقاية الحجيج ورعاة الإبل تنبيها على غيرهم، أو نقول: نص عليه لمعنى وُجِد في غيرهم ، فوجب إلحاقه بهم (5).
المطلب السابع: حكم المبيت لمن لم يجد مكاناً مناسباً في منى
(1)[2832])) ((الحاوي الكبير)) للماوردي (4/ 199)، ((المجموع)) للنووي (8/ 246 - 248).
(2)
[2833])) ((الفروع)) لابن مفلح (6/ 61)، ((كشاف القناع)) للبهوتي (2/ 510).
(3)
[2834])) قال ابن باز: (المبيت في منى يسقط عن أصحاب الأعذار كالسقاة والمريض الذي يشق عليه المبيت في منى، لكن يشرع لهم أن يحرصوا في بقية الأوقات على المكث بمنى مع الحجاج؛ تأسيا بالنبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه رضي الله عنهم إذا تيسر ذلك)((مجموع فتاوى ابن باز)) (16/ 149). وقال أيضا: (يُرخَّص للسقاة والرعاة والعاملين على مصلحة الحجاج أن يتركوا المبيت في منى، ويؤخروا الرمي لليوم الثالث إلا يوم النحر، فالمشروع للجميع فعله وعدم تأخيره)((مجموع فتاوى ابن باز)) (16/ 149).
(4)
[2835])) قال ابن عثيمين: (إن النبي صلى الله عليه وسلم رخص للعباس أن يبيت في مكة من أجل سقاية الحاج، وهذا عمل عام، وكذلك رخص للرعاة أن يتركوا المبيت بمنى؛ لأنهم يرعون رواحل الحجيج، ويشبه هؤلاء من يترك المبيت لرعاية مصالح الناس كالأطباء وجنود الإطفاء، وما أشبه ذلك، فهؤلاء ليس عليهم مبيت؛ لأن الناس في حاجة إليهم. وأما من بهم عذر خاص كالمريض والممرض له وما أشبه، ذلك فهل يلحقون بهؤلاء؟ على قولين للعلماء: فمن العلماء من يقول: إنهم يُلحقون لوجود العذر. ومن العلماء من يقول: إنهم لا يلحقون؛ لأن عذر هؤلاء خاص، وعذر أولئك عام. والذي يظهر لي أن أصحاب الأعذار يلحقون بهؤلاء كمثل إنسان مريض احتاج أن يرقد في المستشفى هاتين الليلتين إحدى عشرة واثنتي عشرة فلا حرج عليه، ولا فدية لأن هذا عذر، وكون الرسول صلى الله عليه وسلم يرخص للعباس رضي الله عنهما مع إمكانه أن ينيب أحداً من أهل مكة الذين لم يحجوا يدل على أن مسألة المبيت أمرها خفيف، يعني ليس وجوبها بذلك الوجوب المحتَّم، حتى إن الإمام أحمد رحمه الله رأى أن من ترك ليلة من ليالي منى فإنه لا فدية عليه، وإنما يتصدق بشيء يعني عشرة ريالات أو خمسة ريالات حسب الحال)((مجموع فتاوى ورسائل العثيمين)) (23/ 237 - 238). وقال أيضاً: (أهل السقاية أي: سقاية الحجاج من زمزم، والرعاية رعاية إبل الحجاج، وذلك أن الناس فيما سبق يحجون على الإبل، فإذا نزلوا في منى احتاجوا إلى من يرعى إبلهم؛ لأن بقاءها في منى فيه تضييق، وربما لا يتوفر لها العلف الكافي؛ لهذا يذهب بها الرعاة إلى محلات أخرى من أجل الرعي، وقد رخَّص النبي صلى الله عليه وسلم للرعاة أن يدعوا المبيت بمنى ليالي منى لاشتغالهم برعاية الإبل)((الشرح الممتع)) (7/ 390 - 391).
(5)
((المغني)) لابن قدامة (3/ 256).
من لم يجد مكاناً مناسباً (1) للمبيت في منى، اختلف فيه أهل العلم على قولين:
القول الأول: يجب عليه أن يبيت في أقرب مكان يلي منى، وهو قول ابن عثيمين (2).
الأدلة:
أولاً: من الكتاب:
1 -
قوله تعالى: لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا [البقرة: 286].
2 -
قوله سبحانه: وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ [الحج: 78]
ثانياً: القياس:
قياس امتلاء منى على امتلاء المسجد، فإن المسجد إذا امتلأ وجب على الناس أن يصلوا حوله لتتصل الصفوف حتى يكونوا جماعة واحدة والمبيت نظير هذا (3).
ثالثاً: المقصود من المبيت أن يكون الناس مجتمعين أمة واحدة، فالواجب أن يكون الإنسان عند آخر خيمة حتى يكون مع الحجيج (4).
القول الثاني: له أن يبيت خارج منى في مزدلفة أو العزيزية أو غيرهما، ولا شيء عليه، وهو قول ابن باز (5).
الأدلة:
أولاً: من الكتاب:
قوله تعالى: فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ (6)[التغابن: 16]
ثانياً: من السنة:
قوله صلى الله عليه وسلم: ((إذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم)) (7).
والحاج إذا اجتهد في التماس مكان في منى ليبيت فيه ليالي منى فلم يجد شيئاً، فلا حرج عليه أن ينزل في خارجها (8).
المبحث الثاني: ذكر الله عز وجل في أيام منى
يُسنُّ ذكر الله عز وجل في أيام منى.
الدليل:
عن نبيشة الهذلي، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((أيام التشريق أيام أكل وشرب وذكر لله عز وجل)(9).
(1) على الحاج أن يجتهد في إيجاد مكان للمبيت في منى، فإن لم يجد مكاناً فلا يلزمه المبيت على الأرصفة والشوارع. قال ابن باز:(إذا اجتهد الحاج في التماس مكان في منى ليبيت فيه ليالي منى فلم يجد شيئاً، فلا حرج عليه أن ينزل في خارجها؛ لقول الله عز وجل: فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ *التغابن: 16* ولا فدية عليه من جهة ترك المبيت في منى؛ لعدم قدرته عليه)((مجموع فتاوى ابن باز)) (17/ 362). وسئل عن المكان الذي يُجلس فيه، هل يكون على الأرصفة أو السيارة؟ فقال:(لا يجلس في مكان خطر، إن تيسر المكان المناسب وإلا يخرج)((من شرح ابن باز لبلوغ المرام – منقول من كتاب النوزل في الحج)) لعلي الشلعان (ص: 460). وقال ابن عثيمين: (فالواجب على الإنسان أن يبحث عن مكان في منى قبل أن ينزل في مزدلفة، فإذا لم يجد مكاناً فلينزل في مزدلفة، ويبقى فيها، ولا يلزمه أن يذهب إلى منى يدور فيها بسيارته معظم الليل أو يجلس على الأرصفة بين السيارات، وقد يكون ذلك خطراً عليه فنقول: إذا لم تجد مكاناً في منى، فاجلس في مزدلفة، عند منتهى الخيام، ولا يلزمك شيء مادمت بحثت عن مكان ولم تجد، لأن الله تعالى لا يكلف نفساً إلا وسعها)((مجموع فتاوى ورسائل ابن عثيمين)) (23/ 241).
(2)
قال ابن عثيمين: (إذا لم يجد الإنسان مكاناً في منى فلينزل حيث انتهت الخيام، أما إذا كان يجد مكاناً فإن الواجب أن يبيت فيها)((مجموع فتاوى ورسائل العثيمين)) (23/ 240). وقال أيضا: (سئلت عن الحاج لا يجد مكاناً في منى هل يجزئه أن يبيت خارج منى؟ فأجبت: بأنه لا حرج عليه أن يبيت خارج منى، لكن يكون منزله متصلاً بمنازل الحجاج، لقوله تعالى: (فَاتَّقُوا اللهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ) وقوله: (وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ) وقوله: (يُرِيدُ الله بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ) ولكن يكون منزله متصلاً بمنازل الحجاج، كالجماعة إذا امتلأ المسجد يصفون عند نهاية الصفوف، ويكون لهم حكم المصلين داخل المسجد) ((مجموع فتاوى ورسائل العثيمين)) (23/ 240).
(3)
((مجموع فتاوى ورسائل ابن عثيمين)) (23/ 254).
(4)
((مجموع فتاوى ورسائل ابن عثيمين)) (23/ 254).
(5)
قال ابن باز: (المبيت في منى واجب من واجبات الحج، على كل حاج مع القدرة إلا السقاة والرعاة ومن في حكمهما، فمن عجز عن ذلك فلا شيء عليه؛ لقوله الله سبحانه: فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ *التغابن: 16* وبذلك يعلم أن من لم يجد مكاناً في منى فله أن ينزل خارجها في مزدلفة والعزيزية أو غيرهما)((مجموع فتاوى ابن باز)) (17/ 363).
(6)
قال ابن باز: (إذا اجتهد الحاج في التماس مكان في منى ليبيت فيه ليالي منى فلم يجد شيئاً، فلا حرج عليه أن ينزل في خارجها؛ لقول الله عز وجل: فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ *التغابن: 16* ولا فدية عليه من جهة ترك المبيت في منى؛ لعدم قدرته عليه)((مجموع فتاوى ابن باز)) (17/ 362).
(7)
رواه البخاري (7288)، ومسلم (1337)
(8)
((مجموع فتاوى ابن باز)) (17/ 362).
(9)
[2845])) رواه مسلم (1141)