الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الفصل الخامس: ما يشترط في النائب
مبحث: أن يكون النائب قد حج عن نفسه حج الفريضة
يشترط في النائب أن يكون قد حج حجة الإسلام عن نفسه أولا، وإلا كانت الحجة عن نفسه، ولم تجزئ عن الأصيل، وهذا مذهب الشافعية (1)، والحنابلة (2)، وهو قول طائفة من السلف (3)، واختاره الشنقيطي (4)، وبه صدرت فتوى اللجنة الدائمة (5)
الأدلة:
أولاً: من السنة:
1 -
عن ابن عباس رضي الله عنهما: ((أن النبي صلى الله عليه وسلم سمع رجلا يقول: لبيك عن شُبْرُمة. قال: من شبرمة؟ قال: أخ لي، أو قريب لي. قال: حججت عن نفسك؟ قال: لا. قال: حج عن نفسك، ثم حج عن شبرمة))، وفي بعض ألفاظ الحديث:((هذه عنك وحج عن شبرمة)) (6).
ثانياً: أن النظر يقتضي أن يقدم الإنسان نفسه على غيره؛ لعموم قوله صلى الله عليه وسلم: ((ابدأ بنفسك)) (7)، ونفسك أحق من غيرك (8).
مسألة: نيابة المرأة في الحج:
تجوز النيابة في الحج سواء كان النائب رجلاً أو امرأة عند عامة أهل العلم (9).
الدليل
(1)((الحاوي الكبير)) للماوردي (4/ 20، 21)، ((المجموع)) للنووي (7/ 117).
(2)
((المبدع شرح المقنع)) لابن مفلح (3/ 43)، ((شرح منتهى الإرادات)) للبهوتي (1/ 520).
(3)
منهم ابن عباس والأوزاعي وإسحاق بن راهويه. ((الحاوي الكبير)) للماوردي (4/ 21)، ((المجموع)) للنووي (7/ 118).
(4)
قال الشنقيطي: (فتحصل من هذا كله: أن الحديث صالح للاحتجاج، وفيه دليل على أن النائب في الحج لا بد أن يكون قد حج عن نفسه). وقال أيضاً: (الأظهر تقديم الحديث الخاص الذي فيه قصة شبرمة ; لأنه لا يتعارض عام وخاص، فلا يحج أحد عن أحد حتى يحج عن نفسه حجة الإسلام، والعلم عند الله تعالى)((أضواء البيان)) (4/ 329).
(5)
((فتاوى اللجنة الدائمة)) المجموعة الأولى (11/ 50).
(6)
رواه أبو داود (1811)، وابن ماجه 2364)، وابن خزيمة (4/ 345)(3039)، وابن حبان (9/ 299)(3988)، والطبراني (12/ 42)(12419)، والبيهقي (4/ 336)(8936). صححه الدارقطني في ((السنن)) (2/ 517)، وقال البيهقي:(إسناده صحيح)، ليس في هذا الباب أصح منه، وقال النووي في ((المجموع)) (7/ 117):(إسناده على شرط مسلم)، وقال ابن الملقن في ((البدر المنير)) (6/ 45):(إسناده صحيح على شرط مسلم)، وقال ابن كثير في ((إرشاد الفقيه)) (1/ 307):(الصحيح أنه موقوف على ابن عباس كما رواه الحفاظ)، وصححه ابن حجر في ((الفتوحات الربانية)) (4/ 356)، والألباني في ((صحيح سنن ابن ماجه)).
(7)
رواه مسلم (997). من حديث جابر بن عبدالله رضي الله عنهما.
(8)
((الشرح الممتع)) لابن عثيمين (7/ 32).
(9)
قال ابن قدامة: (يجوز أن ينوب الرجل عن الرجل والمرأة، والمرأة عن الرجل والمرأة، في الحج، في قول عامة أهل العلم. لا نعلم فيه مخالفا، إلا الحسن بن صالح، فإنه كره حج المرأة عن الرجل. قال ابن المنذر: هذه غفلة عن ظاهر السنة، فإن النبي صلى الله عليه وسلم أمر المرأة أن تحج عن أبيها، وعليه؛ يعتمد من أجاز حج المرء عن غيره وفي الباب حديث أبي رزين، وأحاديث سواه)((المغني)) (3/ 226). وقال ابن تيمية: (يجوز للمرأة أن تحج عن امرأة أخرى باتفاق العلماء، سواء كانت بنتها أو غير بنتها، وكذلك يجوز أن تحج المرأة عن الرجل عند الأئمة الأربعة وجمهور العلماء)((مجموع الفتاوى)) (26/ 13). وقال الشنقيطي: (دلت الأحاديث المذكورة على جواز حج الرجل عن المرأة وعكسه، وعليه عامة العلماء، ولم يخالف فيه إلا الحسن بن صالح ابن حي، والأحاديث المذكورة حجة عليه)((أضواء البيان)) (4/ 327).
عن عبدالله بن عباس رضي الله عنهما، عن النبي صلى الله عليه وسلم:((أنه جاءته امرأة من خثعم تستفتيه، قالت: يا رسول الله، إن فريضة الله على عباده في الحج، أدركت أبي شيخاً كبيراً لا يستطيع أن يثبت على الراحلة، أفأحج عنه؟ قال: نعم)) (1)(2).
وجه الدلالة:
أنه أذن للمرأة أن تحج عن أبيها مع أن إحرام الرجل أكمل من إحرام المرأة (3).
فائدة: ينبغي لمن أراد أن ينيب في الحج أن يتحرى في من يستنيبه أن يكون من أهل الدين والأمانة؛ حتى يطمئن إلى قيامه بالواجب (4).
فائدة: الأفضل أن يحج عن نفسه؛ لأنه الأصل، ويدعو لنفسه ولغيره من الأقارب وسائر المسلمين، إلا إذا كان أحد والديه أو كلاهما لم يحج الفريضة فله أن يحج عنهما بعد حجه عن نفسه، برًّا بهما وإحسانًا إليهما عند العجز أو الموت، على أن يحج أو يعتمر عن كل واحد على حدة، وليس له جمعهما بعمرة ولا حج (5).
فائدة: إذا كان مستحسناً أن يحج الإنسان عن أقاربه الأموات، فإنه يبدأ بأمه ثم أبيه، وإن كان أحدهما حج الفريضة فليبدأ بمن لم يحج منهما، ثم الأقرب فالأقرب؛ عن أبي هريرة رضي الله عنه قال:(جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله، من أحق بحسن صحابتي؟ قال: أمك. قال: ثم من؟ قال: أمك. قال: ثم من؟ قال: أمك. قال: ثم من؟ قال: ثم أبوك)(6)(7).
(1) رواه البخاري (1513)، ومسلم (1334)
(2)
قال ابن حزم: (هذه أخبار متظاهرة متواترة من طرق صحاح، عن خمسة من الصحابة، رضي الله عنهم، الفضل، وعبدالله، وعبيد الله ابن العباس بن عبدالمطلب، وابن الزبير، وأبو رزين العقيلي)((المحلى)) (7/ 57).
(3)
((مجموع الفتاوى)) لابن تيمية (26/ 13).
(4)
((فتاوى اللجنة الدائمة)) المجموعة الأولى (11/ 53).
(5)
((فتاوى اللجنة الدائمة)) المجموعة الأولى (11/ 66).
(6)
رواه البخاري (5971)، ومسلم (2548)
(7)
((فتاوى اللجنة الدائمة)) المجموعة الأولى (11/ 66).