الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الفصل الثالث: حكم الحج وهل هو على الفور أم التراخي
المبحث الأول حكم الحج:
الحج ركنٌ من أركان الإسلام، وفرضٌ من فروضه.
الأدلة:
أولاً: من الكتاب
قوله تعالى: وَلِلّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ الله غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ (1)[آل عمران: 97].
ثانياً: من السنة:
عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: ((سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: بني الإسلام على خمسٍ: شهادة أن لا إله إلا الله، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، وحج البيت، وصوم رمضان)) (2).
ثالثاً: الإجماع:
فقد نقل الإجماع على ذلك ابن المنذر (3)، وابن حزم (4)، والكاساني (5).
المبحث الثاني: هل الحج واجبٌ على الفور أو على التراخي؟
الحج واجبٌ على الفور عند تحقق شروطه، ويأثم المرء بتأخيره، وهذا مذهب جمهور الفقهاء (6)، وهو أصح الروايتين عن أبي حنيفة (7)، ومنقول عن مالك (8) وهو قول أحمد (9)، واختيار الشوكاني (10)، والشنقيطي (11)، وابن باز (12)، وابن عثيمين (13).
الأدلة:
أولاً: من الكتاب
1 -
قوله تعالى: وَأَتِمُّواْ الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلّهِ [البقرة: 196] والأمر على الفور (14).
2 -
قوله تعالى: فَاسْتَبِقُواْ الْخَيْرَاتِ [البقرة: 148].
وجه الدلالة:
أنَّ الله سبحانه قد أمر بالاستباق إلى الخيرات، والتأخير خلاف ما أمر الله تعالى به.
ثانياً: من السنة:
1 -
عن أبي هريرة قال: خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: ((أيها الناس قد فرض الله عليكم الحج فحجوا)) (15) والأصل في الأمر أن يكون على الفور، ولهذا غضب النبي صلى الله عليه وسلم في غزوة الحديبية حين أمرهم بالإحلال وتباطؤوا (16).
ثالثاً: أنَّ الإنسان لا يدري ما يعرض له، فقد يطرأ عليه العجز عن القيام بأوامر الله، ولو أخَّر الحج عن السنة الأولى فقد يمتد به العمر، وقد يموت فيفوت الفرض، وتفويت الفرض حرام (17).
(1) قال ابن كثير: (هذه آية وُجُوب الحج عند الجمهور، وقيل: بل هي قوله: وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ *البقرة:196* والأول أظهر)((تفسير القرآن العظيم)) لابن كثير (2/ 81).
(2)
رواه البخاري (8)، ومسلم (16) واللفظ له.
(3)
قال ابن المنذر: (وأجمعوا أن على المرء في عمره حجةٌ واحدة، حجة الإسلام إلا أن ينذر نذراً، فيجب عليه الوفاء به)((الإجماع)) (ص: 51).
(4)
قال ابن حزم: (اتفقوا أن الحر المسلم العاقل البالغ الصحيح الجسم واليدين والبصر والرجلين الذي يجد زاداً وراحلةً وشيئاً يتخلف لأهله مدة مضيه، وليس في طريقه بحرٌ ولا خوفٌ ولا منعه أبواه أو أحدهما فإن الحج عليه فرض)((مراتب الإجماع)) (ص:41).
(5)
قال الكاساني: (وأما الإجماع فلأن الأمة أجمعت على فرضيته)((بدائع الصنائع)) (2/ 118).
(6)
قال ابن تيمية: (والحج واجبٌ على الفور عند أكثر العلماء)((الفتاوى الكبرى)) (5/ 381). وينظر ((حاشية ابن عابدين)) (2/ 455)، ((حاشية الدسوقي)) (2/ 3)، ((الإنصاف)) للمرداوي (3/ 287).
(7)
((البحر الرائق)) لابن نجيم (2/ 333)، ((المبسوط)) للسرخسي (4/ 295).
(8)
في ((حاشية الدسوقي)) (2/ 3) نقلا عن ((التوضيح)): (القول بالفورية نقله العراقيون عن مالك والقول بالتراخي إنما أخذ من مسائل وليس الأخذ منها بقوي). وينظر ((الحاوي الكبير)) للماوردي (4/ 24)، ((المجموع)) للنووي 7/ 103، ((الشرح الكبير)) لشمس الدين ابن قدامة (3/ 174).
(9)
((الإنصاف)) للمرداوي (3/ 287)، ((كشاف القناع)) للبهوتي (2/ 377).
(10)
قال الشوكاني: (وقد دل على الفور عند الاستطاعة الأحاديث الواردة في الوعيد لمن وجد زادا وراحلة ولم يحج وإن كان فيها مقال فمجموع طرقها منتهض)((السيل الجرار)) (1/ 304).
(11)
قال الشنقيطي: (أظهر القولين عندي، وأليقهما بعظمة خالق السموات والأرض، هو أن وجوب أوامره جل وعلا كالحج، على الفور لا على التراخي)((أضواء البيان)) للشنقيطي (4/ 342).
(12)
قال ابن باز: (الحج واجبٌ على المكلف على الفور مع القدرة إذا استطاع)((مجموع فتاوى ابن باز)) (16/ 358 - 359).
(13)
قال ابن عثيمين: (
…
والتأخير خلاف ما أمر الله به، وهذا هو الصواب، أنه واجبٌ على الفور) ((الشرح الممتع)) لابن عثيمين (7/ 13). وقال أيضا:(الصحيح من أقوال أهل العلم أن الحج واجب على الفور، وأن الإنسان إذا صار مستطيعاً وجب عليه أن يبادر بالحج؛ لأن أوامر الله عز وجل وأوامر رسوله صلى الله عليه وسلم يجب أن يبادر بها الإنسان؛ إذ لا يدري ماذا يعرض له، ربما يموت، ربما يفتقر، ربما يمرض، فالواجب على كل إنسان استطاع الحج أن يبادر به إذا كان فرضه)((مجموع فتاوى ورسائل العثيمين)) (24/ 171).
(14)
((الشرح الكبير)) لشمس الدين ابن قدامة (3/ 175).
(15)
رواه مسلم (1337).
(16)
الحديث رواه البخاري (2731).
(17)
((الشرح الممتع)) لابن عثيمين (7/ 13)، ((الموسوعة الفقهية الكويتية)) (17/ 25).