الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الفصل الخامس: التحلل الأول
المبحث الأول: تعريف التحلل
التحلل لغة: يقال حلّ المحرم يحلُّ حلالًا وحلًّا، إذا حلّ له ما يحرم عليه من محظورات الحج، ورجلٌ حلال: أي غير محرم ولا متلبّس بأسباب الحج، وأحلَّ الرجل إذا خرج إلى الحلّ عن الحرم (1).
التحلل اصطلاحاً:
الخروج من الإحرام، وحل ما كان محظورا عليه وهو محرم (2).
المبحث الثاني: بم يحصل التحلل الأول:
اختلف أهل العلم في التحلل الأول بم يحصل على أقوال ثلاثة:
القول الأول:
أنه يحصل بفعل اثنين من ثلاثة وهي: الرمي، والحلق، والطواف. وإلى هذا ذهب الشافعي (3)، وأحمد (4) في المشهور عنهما، واختاره ابن حجر (5) ، وابن باز (6).
الأدلة:
1.
عن عائشة رضي الله عنها قالت: ((طيبت رسول الله صلى الله عليه وسلم بيدي هاتين حين أحرم، ولحله حين أحل قبل أن يطوف، وبسطت يديها)) (7)
وجه الدلالة:
إخبار عائشة رضي الله عنها بأنها طيبت النبي صلى الله عليه وسلم حين أحل قبل أن يطوف، دليل على أن التحلل الأصغر حصل قبل الطواف، أي بعد الرمي والحلق (8).
ثانيا: أن الرمي والحلق نسكان يتعقبهما الحل، فكان حاصلاً بهما، كالطواف والسعي في العمرة (9).
القول الثاني:
أنه يحصل برمي جمرة العقبة؛ وهو مذهب المالكية (10)،ووجه للشافعية (11)، ورواية عن أحمد (12)، وبه قال عطاء وأبو ثور، واختاره ابن قدامة (13) ، والألباني (14).
الأدلة:
1.
حديث أم سلمة رضي الله عنها وفيه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((إن هذا يوم رخص لكم إذا أنتم رميتم الجمرة أن تحلوا - يعني من كل ما حرمتم منه - إلا النساء)) (15).
(1)((النهاية في غريب الحديث والأثر)) لابن الأثير مادة (حلل) ، وانظر ((لسان العرب)) لابن منظور مادة ((حلل)).
(2)
((الموسوعة الفقهية الكويتية)) (2/ 175).
(3)
((المجموع شرح المهذب)) للنووي (8/ 229) ، ((مغني المحتاج)) للشربيني (1/ 505).
(4)
((الإنصاف)) للمرداوي (4/ 31) ، ((كشاف القناع)) للبهوتي (2/ 503).
(5)
قال ابن حجر: (التحلل الأول يقع بأمرين من ثلاثة الرمي والحلق والطواف)((فتح الباري)) لابن حجر (3/ 585).
(6)
قال ابن باز: (الأحوط للمؤمن ألا يحل حتى يفعل اثنين من ثلاثة: يرمي ويحلق أو يقصر، أو يرمي ويطوف، أو يطوف ويحلق، إذا فعل اثنين من ثلاثة حل له كل شيء حرم عليه إلا النساء)((مجموع فتاوى ابن باز)) (25/ 233).
(7)
رواه البخاري (1754)، ومسلم (1189)
(8)
((مجلة البحوث الإسلامية)) (50/ 278).
(9)
((المغني)) لابن قدامة (3/ 390).
(10)
((الذخيرة)) للقرافي (3/ 269) ، ((الفواكه الدواني)) (2/ 813).
(11)
((روضة الطالبين)) للنووي (3/ 103 - 104).
(12)
((الإنصاف)) للمرداوي (4/ 31).
(13)
قال ابن قدامة: (وعن أحمد: إذا رمى الجمرة، فقد حل، وإذا وطئ بعد جمرة العقبة، فعليه دم. ولم يذكر الحلق. وهذا يدل على أن الحل بدون الحلق. وهذا قول عطاء، ومالك، وأبي ثور. وهو الصحيح، إن شاء الله تعالى). ((المغني)) لابن قدامة (3/ 390).
(14)
قال الألباني: (أن المحرم إذا رمى جمرة العقبة حل له كل شيء إلا النساء ولو لم يحلق)((حجة النبي صلى الله عليه وسلم) للألباني (1/ 78).
(15)
رواه أبو داود (1999)، وأحمد (6/ 295)(26573)، وابن خزيمة (4/ 312)(2958)، والحاكم (1/ 665)، والبيهقي (5/ 137) (9879). قال ابن الملقن في ((البدر المنير)) (6/ 264): في إسناده ابن إسحاق ولكن صرح بالتحديث، وقال ابن القيم في ((تهذيب السنن)) (5/ 480): محفوظ، وقال الألباني ((حسن صحيح))
2.
حديث عائشة رضي الله عنها قالت: ((طيبت رسول الله صلى الله عليه وسلم بيدي بذريرة لحجة الوداع للحل والإحرام، حين أحرم، وحين رمى جمرة العقبة يوم النحر، قبل أن يطوف بالبيت)) (1).
وجه الدلالة:
تعليق النبي صلى الله عليه وسلم الإحلال من الإحرام برمي جمرة العقبة، دليل على أن التحلل الأصغر يحصل برميها دون التوقف على أشياء أخر. وقد أبان عن ذلك فعله صلى الله عليه وسلم، كما أخبرت به عائشة رضي الله عنه، وأن تطييبها إياه كان عقب جمرة العقبة (2).
القول الثالث: يحصل بالحلق بعد الرمي، ولا يحل له بالرمي قبل الحلق شيء. وإلى هذا ذهب أبو حنيفة (3)، وهو اختيار الشنقيطي (4)، وابن عثيمين (5).
الأدلة:
1 -
عن عائشة رضي الله عنها قالت: ((كنت أطيب النبي صلى الله عليه وسلم لإحرامه قبل أن يحرم، ولحله قبل أن يطوف بالبيت)) (6).
وجه الدلالة:
أنه لا طواف بالبيت بالنسبة لفعل الرسول عليه الصلاة والسلام إلا بعد الرمي والحلق، ولو كان يتحلل قبل الحلق، لقالت عائشة: ولحله قبل أن يحلق، فلما قالت:((قبل أن يطوف)) عُلم أنه لا يحل التحلل الأول إلا بالحلق (7).
2 -
أن الحلق رتب عليه الحل في مسألة الإحصار، فإن النبي صلى الله عليه وسلم لما أحصر في الحديبية أمرهم أن يحلقوا ثم يحلوا، ولا حل لمحصر إلا بعد الحلق (8).
المبحث الثالث: ما يترتب على التحلل الأول
(1) رواه البخاري (5930)، ومسلم (1189)
(2)
((مجلة البحوث الإسلامية)) (50/ 277).
(3)
((حاشية ابن عابدين)) (2/ 517) ، ((بدائع الصنائع)) للكاساني (2/ 142).
(4)
قال الشنقيطي: (اعلم أنهم اختلفوا في الحلق، هل هو نسك كما قدمنا في سورة البقرة؟ فمن قال: هو نسك قال: إن التحلل الأول لا يكون إلا بعد الرمي، والحلق معا، ومن قال: إن الحلق غير نسك قال: يتحلل التحلل الأول بمجرد انتهائه من رمي جمرة العقبة يوم النحر)((أضواء البيان)) (4/ 459).
(5)
قال ابن عثيمين: (الصواب أنه لا يحصل إلا بالرمي والحلق؛ لأن حديث عائشة رضي الله عنها قالت: ((كنت أطيب النبي صلى الله عليه وسلم لإحرامه قبل أن يحرم، ولحله قبل أن يطوف بالبيت))، ومعلوم أنه لا طواف بالبيت بالنسبة لفعل الرسول عليه الصلاة والسلام إلا بعد الرمي والحلق، ولو كان يتحلل قبل الحلق، لقالت؟ ولحله قبل أن يحلق، فلما قالت:((قبل أن يطوف)) علمنا أنه لا يحل التحلل الأول إلا بالحلق، وأيضاً فإن الحلق رتب عليه الحل في مسألة الإحصار، فإن النبي صلى الله عليه وسلم لما أحصر في الحديبية أمرهم أن يحلقوا ثم يحلوا، ولا حل لمحصر إلا بعد الحلق، فالصواب أنه لا يحل التحلل الأول إلا بعد الرمي والحلق، وأنه لو رمى وطاف لم يحل، ولو حلق وطاف لم يحل، وإنما يقتصر في الحل على ما جاء به النص وهو الرمي والحلق) ((مجموع فتاوى ورسائل ابن عثيمين)) (23/ 170).
(6)
رواه البخاري (1539)، ومسلم (1189)
(7)
قال النووي: (وقولها في الرواية الأخرى (ولحله حين حل قبل أن يطوف بالبيت) فيه تصريح بأن التحلل الأول يحصل بعد رمي جمرة العقبة والحلق قبل الطواف وهذا متفق عليه) ((شرح مسلم)) للنووي (8/ 99). وينظر: ((مجموع فتاوى ورسائل ابن عثيمين)) (23/ 170).
(8)
((مجموع فتاوى ورسائل ابن عثيمين)) (23/ 170).
من تحلل التحلل الأول حل له كل شيء حرم عليه إلا النساء، وذهب إليه الجمهور من الحنفية (1) ، والشافعية (2) ، والحنابلة (3) ، وبه قال طائفة من السلف (4)،واختاره ابن تيمية (5) ، والشوكاني (6) ، والشنقيطي (7) ، وابن باز (8) والألباني (9)، وابن عثيمين (10).
الأدلة:
1 -
حديث عائشة رضي الله عنها قالت: ((طيبت رسول الله صلى الله عليه وسلم بيدي هاتين حين أحرم، ولحله حين أحل، قبل أن يطوف، وبسطت يديها)) (11).
وجه الدلالة:
أخبرت عائشة رضي الله عنها أنها طيبت الرسول صلى الله عليه وسلم عندما أحل قبل أن يطوف، وفي هذا دلالة واضحة ونص صريح في إباحة الطيب بالتحلل الأول.
2 -
حديث أم سلمة رضي عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((إن هذا يوم رخص لكم إذا أنتم رميتم الجمرة قبل أن تحلوا - يعني من كل ما حرمتم منه - إلا النساء)) (12).
وجه الدلالة:
أن النبي صلى الله عليه وسلم أخبر أن من رمى الجمرة تحلل إلا من النساء، وهذا يدل على أن التحلل الأصغر يحل به كل شيء إلا النساء.
(1)((بدائع الصنائع)) للكاساني (2/ 142) ، ((المبسوط)) للسرخسي (4/ 38).
(2)
((الأم)) للشافعي (2/ 242) ، ((الحاوي الكبير)) للماوردي (4/ 471) ، ((المجموع)) للنووي (8/ 225).
(3)
((الشرح الكبير على متن المقنع)) لشمس الدين ابن قدامة (3/ 458) ، ((الإنصاف)) للمرداوي (4/ 30).
(4)
((الإشراف)) لابن المنذر (3/ 359).
(5)
قال ابن تيمية: (ويحل للمحرم بعد التحلل كل شيء حتى عقد النكاح، هذا منصوص أحمد إلا النساء)((الاختيارات الفقهية)) لابن تيمية (1/ 467).
(6)
قال الشوكاني: (
…
ويحلق رأسه أو يقصره، فيحل له كل شيء إلا النساء) ((الدراري المضية)) للشوكاني (2/ 195).
(7)
قال الشنقيطي: (اعلم أنه إذا رمى الجمرة يوم النحر وحلق فقد تحلل التحلل الأول، وبه يحل كل شيء كان محظورا بالإحرام إلا النساء)((أضواء البيان)) (4/ 458).
(8)
قال ابن باز: (وبعد رمي جمرة العقبة والحلق أو التقصير يباح للمحرم كل شيء حرم عليه بالإحرام إلا النساء)((مجموع فتاوى ابن باز)) (16/ 78).
(9)
قال الألباني: (فإذا انتهى من رمي الجمرة حل له كل شيء إلا النساء ولو لم ينحر أو يحلق فيلبس ثيابه ويتطيب). ((مناسك الحج والعمرة)) (1/ 32).
(10)
قال ابن عثيمين: (وبذلك يحل التحلل الأول، ولا يبقى عليه من محظورات الإحرام إلا النساء فقط)((لقاء الباب المفتوح)) (اللقاء 178).
(11)
رواه البخاري (1754)، ومسلم (1189)
(12)
رواه أبو داود (1999)، وأحمد (6/ 295)(26573)، وابن خزيمة (4/ 312)(2958)، والحاكم (1/ 665)، والبيهقي (5/ 137) (9879). قال ابن الملقن في ((البدر المنير)) (6/ 264):(في إسناده ابن إسحاق ولكن صرح بالتحديث)، وقال ابن القيم في ((تهذيب السنن)) (5/ 480): محفوظ، وقال الألباني ((حسن صحيح))