الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الفصل الثاني شروط طواف الوداع
المبحث الأول: أن يكون من أهل الآفاق
يشترط أن يكون الحاج من أهل الآفاق، فلا يجب على المكي، ومن نوى الإقامة بمكة، وهذا باتفاق المذاهب الفقهية الأربعة: الحنفية (1)، والمالكية (2)، والشافعية (3)، والحنابلة (4)، لأن الطواف وجب توديعاً للبيت، وهذا المعنى لا يوجد في أهل مكة؛ لأنهم في وطنهم.
المبحث الثاني: الطهارة من الحيض والنفاس
يشترط الطهارة من الحيض والنفاس؛ فلا يجب طواف الوداع على الحائض والنفساء، ولا يجب عليهما دم بتركه وهذا باتفاق المذاهب الفقهية الأربعة (5): الحنفية (6)، والمالكية (7)، والشافعية (8)، والحنابلة (9).
الأدلة:
1 -
عن ابن عباس، رضي الله عنهما، قال:((أمر الناس أن يكون آخر عهدهم بالبيت إلا أنه خفف عن الحائض)) (10).
2 -
حديث عائشة: ((أن صفية بنت حيي زوج النبي صلى الله عليه وسلم حاضت في حجة الوداع فقال النبي صلى الله عليه وسلم: أحابستنا هي؟ فقلت: إنها قد أفاضت يا رسول الله وطافت بالبيت. فقال النبي صلى الله عليه وسلم: فلتنفر)) (11).
فرع:
الحكم في النفساء كالحكم في الحائض؛ لأن أحكام النفاس كأحكام الحيض، فيما يوجب ويسقط (12).
فرع:
إذا طهرت الحائض أو النفساء بعد أن نفرت وقبل مفارقة بنيان مكة يلزمها الرجوع، أما إذا تجاوزت مكة فلا يلزمها الرجوع (13).
الدليل:
عن ابن عباس، رضي الله عنهما، قال:((أمر الناس أن يكون آخر عهدهم بالبيت، إلا أنه خفف عن الحائض)) (14).
المبحث الثالث وقت طواف الوداع:
وقت طواف الوداع هو بعد فراغ المرء من جميع أموره؛ ليكون آخر عهده بالبيت، وهو قول الجمهور من المالكية (15)، والشافعية (16)، والحنابلة (17).
الدليل:
(1) الحنفية اشترطوا أن ينوي الإقامة قبل النفر، أما إذا نوى الإقامة بعد النفر فعليه الوداع، انظر:((بدائع الصنائع)) للكاساني (2/ 142)، ((حاشية رد المحتار)) لابن عابدين (2/ 523)،
(2)
((المدونة الكبرى)) لسحنون (1/ 493).
(3)
((المجموع)) للنووي (8/ 254)
(4)
((المغني)) لابن قدامة (3/ 403)، ((الإنصاف)) للماوردي (4/ 39)
(5)
قال البغوي: (إلا المرأة الحائض أو النفساء يجوز لها أن تنفر، وتترك طواف الوداع، ولا دم عليها، وهو قول عامة أهل العلم من الصحابة، فمن بعدهم، وإليه ذهب مالك والأوزاعي والثوري والشافعي وأحمد وإسحاق وأصحاب الرأي)((شرح السنة)) للبغوي (7/ 235) وقال ابن قدامة: (والمرأة إذا حاضت قبل أن تودع خرجت ولا وداع عليها ولا فدية؛ هذا قول عامة فقهاء الأمصار)((المغني)) (3/ 406) وقال النووي: (هذا دليل لوجوب طواف الوداع على غير الحائض وسقوطه عنها ولا يلزمها دم بتركه هذا مذهب الشافعي ومالك وأبي حنيفة وأحمد والعلماء كافة)((شرح النووي على صحيح مسلم)) (9/ 79)
(6)
((المبسوط)) للسرخسي (4/ 61)، ((بدائع الصنائع)) للكاساني (2/ 142).
(7)
((التمهيد)) لابن عبدالبر (17/ 268)،
(8)
((المجموع)) للنووي (8/ 284)، ((روضة الطالبين)) للنووي (3/ 116).
(9)
((الشرح الكبير)) لشمس الدين بن قدامة (3/ 487).
(10)
رواه البخاري (1755)، ومسلم (1328)
(11)
رواه البخاري (1757)، ومسلم (1211)
(12)
((المغني)) لابن قدامة (3/ 406).
(13)
((المجموع)) للنووي (8/ 255)، ((روضة الطالبين)) للنووي (3/ 116)((المغني)) لابن قدامة ((الشرح الكبير)) لشمس الدين ابن قدامة (3/ 489)، ((الشرح الممتع)) لابن عثيمين (7/ 366).
(14)
رواه البخاري (1755)، ومسلم (1328)
(15)
((مواهب الجليل)) لحطاب الرعيني (4/ 158)، ((كفاية الطالب الرباني)) لأبي الحسن المالكي (1/ 687).
(16)
((مغني المحتاج)) للشربيني (1/ 509)، ((روضة الطالبين)) للنووي (3/ 116).
(17)
((المغني)) لابن قدامة (3/ 403).
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لا ينفرن أحد حتى يكون آخر عهده الطواف بالبيت)) (1).
فرع:
يغتفر له أن يشتغل بعد طواف الوداع بأسباب السفر، كشراء الزاد، وحمل الأمتعة أو انتظار رفقة ونحو ذلك ولا يعيده، وهذا مذهب الجمهور من المالكية (2)، والشافعية (3)، والحنابلة (4)، واختاره ابن باز (5) وابن عثيمين (6).
الأدلة:
أولاً: من السنة
عن أم سلمة، قالت:((شكوت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم أني أشتكي قال: طوفي من وراء الناس وأنت راكبة، فطفت ورسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي إلى جنب البيت يقرأ بالطور وكتاب مسطور)) (7).
وجه الدلالة:
أنه عليه الصلاة والسلام صلى الفجر، وكان قد طاف للوداع قبل ذلك، ولم يكن ذلك مبطلاً لوداعه، فدل أن ما كان مثل ذلك لا يقطع طواف الوداع. (8).
ثانياً: أن ما كان مثل ذلك ليس بإقامة حتى يقطع طواف الوداع (9).
المبحث الرابع: هل يجزئ طواف الإفاضة عن طواف الوداع، إذا كان عند الخروج؟
يجزئ طواف الإفاضة عن طواف الوداع، إذا جعله الإنسان عند خروجه، وهذا مذهب المالكية (10)، والحنابلة (11)، وحكاه ابن رشد عن جمهور الفقهاء (12)، واختاره ابن باز (13) وابن عثيمين (14).
وذلك للآتي:
أولاً: أن طواف الوداع ليس مقصوداً لذاته بل ليكون آخر عهده من البيت الطواف، وقد حصل بطواف الإفاضة، فيكون مجزئاً عن طواف الوداع (15).
ثانياً: أن ما شرع لتحية المسجد أجزأ عنه الواجب من جنسه، كتحية المسجد بركعتين تجزئ عنهما المكتوبة (16).
(1) رواه مسلم (1327)
(2)
((المدونة الكبرى)) لسحنون (1/ 492)((مواهب الجليل)) لحطاب الرعيني (4/ 197).
(3)
((المجموع)) للنووي (8/ 253)((روضة الطالبين)) للنووي (3/ 117).
(4)
((الشرح الكبير)) لشمس الدين ابن قدامة (3/ 486)((كشاف القناع)) للبهوتي (2/ 512)
(5)
قال ابن باز: (من طاف للوداع واحتاج شراء شيء ولو لتجارة جاز، ما دامت المدة قصيرة، فإن طالت المدة عرفا أعاد الطواف)((مجموع فتاوى بن باز)) (16/ 151)
(6)
قال ابن عثيمين: (ويجعل طواف الوداع آخر عهده بالبيت إذا أراد أن يرتحل للسفر، فإن بقي بعد الوداع لانتظار رفقة، أو تحميل رحله، أو اشترى حاجة في طريقه فلا حرج عليه، ولا يعيد الطواف)((مجموع فتاوى ورسائل ابن عثيمين)) (24/ 387).
(7)
رواه البخاري (464)، ومسلم (1276)
(8)
((الشرح الممتع)) لابن عثيمين (7/ 365).
(9)
((المبدع شرح المقنع)) لابن مفلح (3/ 181).
(10)
((الذخيرة)) للقرافي (3/ 283)، ((الشرح الكبير)) للشيخ الدردير و ((حاشية الدسوقي)) (2/ 53).
(11)
بشرط أن ينوي طواف الإفاضة. ((الإنصاف)) للمرداوي (4/ 38)، ((شرح منتهى الإرادات)) للبهوتي (1/ 592).
(12)
قال ابن رشد: (جمهور العلماء على أن طواف الوداع يجزئ عن طواف الإفاضة، إن لم يكن طاف طواف الإفاضة)((بداية المجتهد)) (1/ 343).
(13)
قال ابن باز في جوابه عن حكم جمع طواف الإفاضة مع طواف الوداع: (لا حرج في ذلك، لو أن إنساناً أخر طواف الإفاضة، فلما عزم على السفر طاف عند سفره بعدما رمى الجمار وانتهى من كل شيء، فإن طواف الإفاضة يجزئه عن طواف الوداع)((مجموع فتاوى ابن باز)) (17/ 332).
(14)
قال ابن عثيمين: (وطواف الإفاضة مجزئ عن طواف الوداع، إذا جعله الإنسان عند خروجه)((مجموع فتاوى ورسائل ابن عثيمين)) (22/ 438).
(15)
((الشرح الكبير)) للشيخ الدردير و ((حاشية الدسوقي)) (2/ 53)، ((الشرح الممتع)) لابن عثيمين (7/ 369، 370).
(16)
((المغني)) لابن قدامة (3/ 404)، ((الذخيرة)) للقرافي (3/ 283).