الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المبحث الخامس: تغطية الرأس للذكر
المطلب الأول: حكم تغطية الرأس للذكر
تغطية الرأس للذكر من محظورات الإحرام، مثل: الطاقية، والغترة، والعمامة، وما أشبه ذلك.
الأدلة:
أولاً: من السنة:
1 -
عن ابن عباس رضي الله عنهما: ((أن رجلاً وقصه بعيرُه ونحن مع النبي صلى الله عليه وسلم وهو محرم، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: اغسلوه بماء وسدر، وكفنوه في ثوبين، ولا تمسوه طيبا، ولا تخمروا رأسه؛ فإن الله يبعثه يوم القيامة ملبيا)) (1).
وجه الدلالة:
أنه علَّل منع تخمير رأسه ببقائه على إحرامه، فعلم أن المحرم ممنوعٌ منه؛ فإن المحرِم الحي أولى من المحرِم الميت (2).
2 -
عن عبدالله بن عمر رضي الله عنهما ((أن رجلاً قال: يا رسول الله، ما يلبس المحرم من الثياب؟ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا تلبسوا القمص، ولا العمائم، ولا السراويلات، ولا البرانس، ولا الخفاف
…
)) (3).
وجه الدلالة:
أن ذكر العمامة بعد ذكر البرانس دليلٌ على أنه لا يجوز تغطية الرأس لا بمعتاد اللباس، ولا بنادره (4).
ثانياً: الإجماع:
نقل الإجماع على ذلك ابنُ المنذر (5)، وابن عبدالبر (6)، وابن رشد (7)، وابن القيم (8).
المطلب الثاني: أقسام ستر الرأس
ستر الرأس على أقسام:
(1) رواه البخاري (1850)، ومسلم (1206).
(2)
((الشرح الكبير على المقنع)) لشمس الدين ابن قدامة (3/ 268)، ((مجموع فتاوى ورسائل العثيمين)) (24/ 275).
(3)
رواه البخاري (1842)، ومسلم (1177).
(4)
((شرح السنة)) للبغوي (7/ 240).
(5)
قال ابن المنذر: (أجمعوا على أن المحرم ممنوعٌ من تخمير رأسه)((الإجماع)) لابن المنذر (ص: 53)، ((الشرح الكبير على المقنع)) لشمس الدين ابن قدامة (3/ 268).
(6)
قال ابن عبدالبر: (أجمعوا أن إحرام الرجل في رأسه، وأنه ليس له أن يغطي رأسه بنهي رسول الله صلى الله عليه وسلم عن لبس البرانس والعمائم)((الاستذكار)) (4/ 14، 4/ 16).
(7)
قال ابن رشد: (اختلفوا في تخمير المحرم وجهه بعد إجماعهم على أنه لا يخمر رأسه)((بداية المجتهد)) (1/ 327).
(8)
قال ابن القيم: (المحرم ممنوع من تغطية رأسه، والمراتب فيه ثلاث: ممنوع منه بالاتفاق، وجائز بالاتفاق، ومختلف فيه، فالأول كل متصل ملامس يراد لستر الرأس كالعمامة والقبعة والطاقية والخوذة وغيرها)((زاد المعاد)) لابن القيم (2/ 225).
الأول: أن يغطيه بما يحمله على رأسه ولا يقصد به التغطية، فهذا جائز، باتفاق المذاهب الفقهية: الحنفية (1) والمالكية (2) والشافعية (3)، والحنابلة (4) ، وهو اختيار ابن حزم (5)،وابن حجر (6)، وابن باز (7) وابن عثيمين (8)؛ وذلك لأنه لا يقصد به الستر؛ ولا يستر بمثله عادةً.
الثاني: أن يستره بملاصق بما يلبس عادةً على الرأس، مثل الشماغ والعمامة والطاقية، والخوذة فهذا حرام.
الأدلة:
أولاً: من السنة:
1 -
عن عبدالله بن عمر رضي الله عنهما، ((أن رجلا قال: يا رسول الله، ما يلبس المحرم من الثياب؟ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا يلبس القمص، ولا العمائم، ولا السراويلات، ولا البرانس، ولا الخفاف إلا أحد لا يجد نعلين، فليلبس خفين، وليقطعهما أسفل من الكعبين، ولا تلبسوا من الثياب شيئا مسه الزعفران أو ورس)) (9)
وجه الدلالة:
أن ذكر العمامة بعد ذكر البرانس دليل على أنه لا يجوز تغطية الرأس لا بمعتاد اللباس، ولا بنادره (10).
2 -
عن ابن عباس رضي الله عنهما، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال في قصة الرجل الذي وقصته دابته:((لا تخمِّروا رأسه)) (11).
ثانياً: الإجماع:
نقل الإجماع على ذلك ابن حزم (12)،والنووي (13)، وابن القيم (14).
الثالث: أن يستظل بمنفصل عنه، غير تابع كالاستظلال بخيمة، أو شجرة، فهذا جائز.
(1)((بدائع الصنائع)) للكاساني (2/ 185)((تبيين الحقائق)) للزيلعي (2/ 12)((المبسوط)) للسرخسي (4/ 231).
(2)
استثنى المالكية ما لو حمله لغيره فإن فيه الفدية سواء حمله بأجر أو بغير أجر. قال القرافي: (للرجل أن يحمل على رأسه ما لا بد له منه كالخرج والجراب فإنه حمله لغيره بأجر أو بغير أجر فعليه الفدية)((الذخيرة)) (3/ 308)، ((كفاية الطالب الرباني)) لأبي الحسن المالكي (1/ 697).
(3)
((مغني المحتاج)) للخطيب الشربيني (1/ 518)((روضة الطالبين)) للنووي (3/ 125).
(4)
((الشرح الكبير)) لشمس الدين ابن قدامة (3/ 270).
(5)
قال ابن حزم: (وللمحرم أن
…
يحمل ما شاء من الحمولة على رأسه،
…
ولا شيء عليه في كل شيء من ذلك) ((المحلى)) (7/ 258).
(6)
قال ابن حجر: (قال الخطابي ذكر العمامة والبرنس معا ليدل على أنه لا يجوز تغطية الرأس لا بالمعتاد ولا بالنادر، قال ومن النادر المكتل يحمله على رأسه، قلت إن أراد أنه يجعله على رأسه كلابس القبع صح ما قال، وإلا فمجرد وضعه على رأسه على هيئة الحامل لحاجته لا يضر على مذهبه، ومما لا يضر أيضا الانغماس في الماء فإنه لا يسمى لابسا وكذا ستر الرأس باليد)((فتح الباري)) (3/ 402).
(7)
قال ابن باز: (حمل بعض المتاع على الرأس لا يعد من التغطية الممنوعة إذا لم يفعل ذلك حيلة، وإنما التغطية المحرمة هي: ما يغطى بها الرأس عادة كالعمامة والقلنسوة، ونحو ذلك مما يغطى به الرأس، وكالرداء والبشت ونحو ذلك، أما حمل المتاع فليس من الغطاء المحرم كحمل الطعام ونحوه إذا لم يفعل ذلك المحرم حيلة؛ لأن الله سبحانه قد حرم على عباده التحيل لفعل ما حرم، والله ولي التوفيق)((مجموع فتاوى ابن باز)) (17/ 115).
(8)
قال ابن عثيمين: (أن يغطيه بما لا يقصد به التغطية والستر كحمل العفش ونحوه، فهذا لا بأس به؛ لأنه لا يقصد به الستر، ولا يستر بمثله غالبا)((الشرح الممتع)) (7/ 124).
(9)
رواه البخاري (1842)، ومسلم (1177).
(10)
((شرح السنة)) للبغوي (7/ 240).
(11)
رواه البخاري (1850)، ومسلم (1206).
(12)
قال ابن حزم: (وأجمعوا أن الرجل المحرم يحتنب لبس العمائم والقلانس
…
) ((مراتب الإجماع)) (ص: 42).
(13)
قال النووي: (أما تخمير الرأس في حق المحرم الحي فمجمعٌ على تحريمه)((شرح النووي على مسلم)) (8/ 128).
(14)
((زاد المعاد)) لابن القيم (2/ 243).
الأدلة:
أولاً: من السنة:
1 -
عن جابر رضي الله عنه أنه قال في حديث حجة النبي صلى الله عليه وسلم: ((وأمر بقبة من شعر، فضربت له بنمرة، فأتى عرفة، فوجد القبة قد ضربت له بنمرة، فنزل بها
…
)) (1).
2 -
عن أم الحصين: ((أن بلالا أو أسامة كان رافعا ثوبا يستر به النبي صلى الله عليه وسلم من الحر)) (2).
ثانياً: الإجماع:
نقل الإجماع على ذلك ابن عبدالبر (3)، وابن قدامة (4)، والنووي (5)، وابن القيم (6).
(1) رواه مسلم (1218).
(2)
رواه مسلم (1298).
(3)
قال ابن عبدالبر: (وأجمعوا أن للمحرم أن يدخل الخباء والفسطاط، وإن نزل تحت شجرة أن يرمي عليها ثوبا)((التمهيد)) (15/ 111).
(4)
قال ابن قدامة: (ولا بأس أن يستظل بالسقف والحائط والشجرة والخباء، وإن نزل تحت شجرة، فلا بأس أن يطرح عليها ثوبا يستظل به، عند جميع أهل العلم)((المغني)) (3/ 287).
(5)
قال النووي: (وأجمعوا على أنه لو قعد تحت خيمة أو سقف جاز)((المجموع)) (7/ 267).
(6)
((زاد المعاد)) لابن القيم (2/ 243).
الرابع: أن يُظلِّل رأسه بتابع له منفصل كالشمسية والسيارة، ومحمل البعير، وما أشبهه، فهذا يجوز، وهو مذهب الحنفية (1)، والشافعية (2)، ورواية عن أحمد (3)، وبه قال طائفة من السلف (4)، واختاره ابن المنذر (5) وابن القيم (6) ، والشوكاني (7) والشنقيطي (8) وابن باز (9) وابن عثيمين (10).والألباني (11).
الأدلة:
أولاً: من السنة:
1 -
عن جابر رضي الله عنه قال: ((حججت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم حجة الوداع، فرأيت أسامة وبلالاً، وأحدهما آخِذ بخطام ناقة النبي صلى الله عليه وسلم، والآخر رافع ثوبه يستره من الحر حتى رمى جمرة العقبة)) (12).
(1)((البحر الرائق)) لابن نجيم (2/ 349)، ((تبيين الحقائق)) للزيلعي (2/ 13).
(2)
((المجموع)) للنووي (7/ 267).
(3)
زاد المعاد (2/ 244).
(4)
قال ابن عبدالبر: (وروي عن عثمان بن عفان أنه كان يستظل وهو محرم وأنه أجاز ذلك للمحرم، وبه قال عطاء بن أبي رباح والأسود بن يزيد وهو قول ربيعة والثوري وابن عيينة والشافعي وأصحابه)((التمهيد)) (15/ 111).
(5)
قال ابن المنذر: (واختلفوا في المحرم يستظل في المحمل، وما كان في معناه كالهودج، والعمارية، والكبيسة ونحو ذلك على البعير، فرخص فيه ربيعة، والثوري، والشافعي، وروى ذلك عن عثمان، وعطاء، وأصحاب الرأي. وكان سفيان بن عيينة يقول: لا يستظل البتة، وكره ذلك ابن عمر، ومالك، وعبدالرحمن بن مهدي، وقال أحمد، ومالك، لا يجوز، فإن فعل فعليه الفدية، وعن أحمد رواية أخرى: أنه لا فدية عليه. قال أبو بكر: وبالقول الأول أقول، لما روت أم الحصين
…
) ((الإشراف)) (3/ 222).
(6)
قال ابن القيم: (وفي هذا دليل على جواز استظلال المحرم بالمحمل ونحوه إن كانت قصة هذا الإظلال يوم النحر ثابتة، وإن كانت بعده في أيام منى، فلا حجة فيها، وليس في الحديث بيان في أي زمن كانت، والله أعلم)((زاد المعاد)) (2/ 257).
(7)
قال الشوكاني: (قوله: " يظله من الشمس " فيه جواز تظليل المحرم على رأسه بثوب وغيره من محمل وغيره وإلى ذلك ذهب الجمهور)((نيل الأوطار)) (5/ 8).
(8)
قال الشنقيطي: (واعلم أن الاستظلال بالثوب على العصا عندهم إذا فعله وهو سائر لا خلاف في منعه، ولزوم الفدية فيه، وإن فعله وهو نازل ففيه خلاف عندهم أشرنا له قريبا، والحق: الجواز مطلقا للحديث المذكور)((أضواء البيان)) (5/ 54).
(9)
قال ابن باز: (وأما استظلاله بسقف السيارة أو الشمسية أو نحوهما فلا بأس به، كالاستظلال بالخيمة والشجرة؛ لما ثبت في الصحيح: أن النبي صلى الله عليه وسلم ظلل عليه بثوب حين رمى جمرة العقبة، وصح عنه صلى الله عليه وسلم أنه ضربت له قبة بنمرة، فنزل تحتها حتى زالت الشمس يوم عرفة)((مجموع فتاوى ابن باز)) (16/ 57).
(10)
قال ابن عثيمين: (ما ليس بملاصق لا يعد تغطية، مثل الشمسية فيمسكها الإنسان، وهو محرم ليستظل بها عن الشمس أو يتقي بها المطر، فإن هذا لا بأس به، ولا فدية فيه، وهذا الذي ذهب إليه المؤلف هو الصحيح أن غير الملاصق جائز، وليس فيه فدية)((الشرح الممتع)) (7/ 123 - 124).
(11)
قال الألباني: (الاستظلال بالخيمة أو بثوب مرفوع لثبوت ذلك عنه صلى الله عليه وسلم، ونحوه الاستظلال بالمحمل قديما وبالمظلة (الشمسية)، والسيارة ولو من داخلها حديثا وإيجاب الفدية على ذلك تشدد لا دليل عليه، بل النظر السليم لا يفرق بين الاستظلال بالخيمة الثابت في السنة والاستظلال بالمحمل وما في معناه، وهو رواية عن الإمام أحمد كما في منار السبيل (1/ 246)، فما تفعله بعض الطوائف من إزالة سقف السيارة تنطع في الدين لم يأذن به رب العالمين) ((مناسك الحج والعمرة)) (ص: 9).
(12)
رواه مسلم (1279).
2 -
عن أم الحصين: ((أن بلالاً أو أسامة كان رافعا ثوبا يستر به النبي صلى الله عليه وسلم من الحر)) (1).
ثانياً: القياس:
أن ذلك لا يقصد به الاستدامة، فلم يكن به بأس، كالاستظلال بالحائط (2).
ثالثاً: استصحاب الأصل:
فما يحلُّ للحلال يحلُّ للمحرم، إلا ما قام على تحريمه دليل (3).
المطلب الثاني: الفدية في تغطية الرأس
تجب في تغطية الرأس الفدية بذبح شاة، أو صيام ثلاثة أيام، أو إطعام ستة مساكين، وهذا باتفاق المذاهب الفقهية الأربعة: الحنفية (4)، والمالكية (5)، والشافعية (6)، والحنابلة (7).
الدليل على ذلك:
القياس على الفدية في حلق الرأس، بجامع أنه استمتاع محض، وترفه باستعمال محظور (8).
المطلب الثالث: مقدار تغطية الرأس الذي تجب فيه الفدية
لا يشترط لوجوب الفدية ستر جميع الرأس، وهو مذهب جمهور الفقهاء من المالكية (9)، والشافعية (10)، والحنابلة (11).
الأدلة:
أولاً: عموم الأدلة في الفدية، ولا فرق فيها بين القليل والكثير.
ثانياً: أنه معنًى حصل به الاستمتاع بالمحظور، فاعتبر بمجرد الفعل كالوطء.
ثالثاً: أن تقدير ما تجب به الفدية وما لا تجب به لا يكون إلا بتوقيف من الشارع، ولا يوجد في الباب شيء، فوجب الوقوف على العمومات التي توجب الفدية على من ارتكب المحظور قليلا كان أو كثيرا.
رابعاً: أن الانتفاع بتغطية الرأس يحصل في البعض، فتجب الفدية بذلك.
خامساً: القياس على عدم اشتراط حلق جميع شعر الرأس لوجوب الفدية (12).
المطلب الرابع: حكم تغطية الوجه للمحرم
تغطية الوجه للمحرم مباح، وهو مذهب الشافعية (13) والحنابلة (14)، وبه قال جماعة من السلف (15) ، وابن حزم (16)، واختاره ابن عثيمين (17).
الأدلة:
أولاً: من السنة:
عن ابن عباس رضي الله عنهما، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:((ولا تخمروا رأسه فإن الله يبعثه يوم القيامة ملبيا)) (18).
وجه الدلالة:
(1) رواه مسلم (1298).
(2)
((المغني)) لابن قدامة (3/ 288).
(3)
((المغني)) لابن قدامة (3/ 287).
(4)
((حاشية الطحطاوي)) (ص: 485)
(5)
((الذخيرة)) للقرافي (3/ 307).
(6)
((المجموع)) للنووي (7/ 252).
(7)
((الإنصاف)) للمرداوي (3/ 326)، ((كشاف القناع)) للبهوتي (2/ 424).
(8)
((المجموع)) للنووي (7/ 249).
(9)
((الذخيرة)) للقرافي (3/ 307).
(10)
((المجموع)) للنووي (7/ 253).
(11)
((الإنصاف)) للمرداوي (3/ 326)، ((كشاف القناع)) للبهوتي (2/ 424).
(12)
ينظر: ((الذخيرة)) للقرافي (3/ 307،311)، ((الشرح الكبير على المقنع)) لشمس الدين ابن قدامة (3/ 344).
(13)
((شرح السنة)) للبغوي (7/ 240)، ((المجموع)) للنووي (7/ 250، 268).
(14)
((الشرح الكبير)) لشمس الدين ابن قدامة (3/ 271)، ((زاد المعاد)) لابن القيم (2/ 244).
(15)
قال ابن القيم: (وبإباحته قال ستة من الصحابة: عثمان، وعبدالرحمن بن عوف، وزيد بن ثابت، والزبير، وسعد بن أبي وقاص، وجابر رضي الله عنهم ((زاد المعاد)) (2/ 244). وينظر ((الإشراف)) لابن المنذر (3/ 225)، ((بداية المجتهد)) لابن رشد (1/ 328).
(16)
قال ابن حزم: (لا بأس أن يغطي الرجل وجهه بما هو ملتحف به أو بغير ذلك ولا كراهة في ذلك)((المحلى)) (7/ 91 رقم 828).
(17)
قال ابن عثيمين: (القول الراجح جواز تغطيته وجهه؛ لأن لفظة: (ولا وجهه) في قصة الذي مات مختلف في صحتها، وفيها نوع اضطراب، ولذلك أعرض الفقهاء عنها، وقالوا: إن تغطية المحرم وجهه لا بأس به، ويحتاجه المحرم كثيراً، فقد ينام مثلاً ويضع على وجهه منديلاً أو نحوه عن الذباب، أو عن العرق، أو ما أشبه ذلك) ((الشرح الممتع)) (7/ 165).
(18)
رواه البخاري (1266)، ومسلم (1206).
أن النص خص الرأس بالنهي عن التغطية، فمفهومه يقتضي جواز تغطية غيره، أما ما جاء من تغطية الوجه فهو شاذ ضعيف (1).
ثانيا: أقوال الصحابة:
1 -
عن عبدالرحمن بن القاسم، عن أبيه:((أن عثمان بن عفان وزيد بن ثابت ومروان بن الحكم كانوا يخمرون وجوههم وهم حرم)) (2).
2 -
عن عبدالله بن عامر بن ربيعة قال: ((رأيت عثمان بالعَرْج (3) وهو محرم في يوم صائف قد غطى وجهه بقطيفة أُرْجُوان (4))) (5).
ولا يعرف لهؤلاء الصحابة مخالف منهم (6).
ثالثا: أن الأصل هو الإباحة (7).
(1)((المجموع)) للنووي (7/ 250)، ((زاد المعاد)) لابن القيم (2/ 244).
(2)
رواه الشافعي في ((الأم)) (7/ 241)، والبيهقي (5/ 54)(8870). وصحح إسناده النووي في ((المجموع)) (7/ 268).
(3)
العَرْج: قرية جامعة من عمل الفرع قريبة من الأبواء على نحو ثمانية وسبعين ميلا من المدينة. ((شرح النووي على مسلم)) (15/ 15)، ((أحكام القرآن)) (4/ 56).
(4)
الأُرْجُوان: الشديد الحُمْرة. ((لسان العرب)) لابن منظور (مادة: بهرم).
(5)
رواه مالك (3/ 514)(1290)، والشافعي في ((الأم)) (7/ 241)، والبيهقي (5/ 191)(9705). وصحح إسناده النووي في ((المجموع)) (7/ 268)، والألباني في ((سلسلة الأحاديث الصحيحة)) (6/ 941).
(6)
قال شمس الدين ابن قدامة: (لا نعرف لهم مخالفا في عصرهم فكان إجماعا)((الشرح الكبير على المقنع)) (3/ 271).
(7)
((زاد المعاد)) لابن القيم (2/ 244).