الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المبحث الثاني: الخطبة للمحرم
لأهل العلم في خطبة المحرم قولان:
القول الأول: تكره الخطبة للمحرم، والمحرمة، ويكره للمحرم أن يخطب للمحلين، وهو مذهب الشافعية (1)، والحنابلة (2)، واختيار ابن قدامة (3).
الأدلة:
أولاً: من السنة:
عن عثمان رضي الله عنه قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: ((لا ينكح المحرم، ولا ينكح، ولا يخطب)) (4).
ثانياً: أقوال الصحابة:
عن عبدالله بن عمر رضي الله عنهما أنه كان يقول: ((لا ينكح المحرم، ولا يخطب على نفسه ولا على غيره)) (5).
ثالثاً: أن النكاح لا يجوز للمحرم، فكرهت الخطبة له (6).
رابعاً: أنه تسبب إلى الحرام، فأشبه الإشارة إلى الصيد (7).
(1)((المجموع)) للنووي (7/ 283، 284).
(2)
((الشرح الكبير على المقنع)) لشمس الدين ابن قدامة (3/ 314).
(3)
((المغني)) (3/ 158)
(4)
رواه مسلم (1409)
(5)
رواه مالك في ((الموطأ)) (3/ 506)، والبيهقي (7/ 213)(14601). وصححه ابن حزم في ((المحلى)) (7/ 199)، وصحح إسناده الألباني في ((إرواء الغليل)) (4/ 228).
(6)
((المجموع)) للنووي (7/ 283).
(7)
((الشرح الكبير على المقنع)) لشمس الدين ابن قدامة (3/ 314).
القول الثاني: أنه تحرم خطبة المحرم وهو مذهب المالكية (1)، واختيار ابن حزم (2) وابن تيمية (3) والصنعاني (4)، والشنقيطي (5)، وابن باز (6) وابن عثيمين (7).
الأدلة:
أولاً: من السنة:
1 -
عن عثمان رضي الله عنه قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: ((لا ينكح المحرم، ولا ينكح، ولا يخطب)) (8).
فالنبي صلى الله عليه وسلم نهى عن الجميع نهيا واحدا ولم يفصل وموجب النهي التحريم وليس لنا ما يعارض ذلك من أثر ولا نظر (9)
ثانياً: عن عبدالله بن عمر رضي الله عنهما أنه كان يقول: ((لا ينكح المحرم، ولا يخطب على نفسه ولا على غيره)) (10).
(1)((القوانين الفقهية)) لابن جزي (1/ 147)((الفواكه الدواني)) للنفراوي (3/ 1000)((حاشية العدوي)) (2/ 97).
(2)
قال ابن حزم: (ولا يحل لرجل، ولا لامرأة، أن يتزوج أو تتزوج، ولا أن يزوج الرجل غيره من وليته، ولا أن يخطب خطبة نكاح مذ يحرمان إلى أن تطلع الشمس من يوم النحر)((المحلى)) (5/ 211).
(3)
قال ابن تيمية: (قال ابن عقيل في موضع لا يحل له أن يخطب ولا يشهد وهذا قياس المذهب لأن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن الجميع نهيا واحدا ولم يفصل وموجب النهي التحريم وليس لنا ما يعارض ذلك من أثر ولا نظر بل روي ما يؤكد ذلك فعن نافع أن عبدالله بن عمر قال: لا يصلح للمحرم أن يخطب ولا ينكح ولا يخطب على غيره ولا ينكح غيره رواه حرب)((شرح العمدة)) (3/ 216).
(4)
قال الصنعاني: (الحديث دليل على تحريم العقد على المحرم لنفسه ولغيره وتحريم الخطبة كذلك)((سبل السلام)) (1/ 621).
(5)
قال الشنقيطي: (الأظهر عندي: أن المحرم لا يجوز له أن يخطب امرأة، وكذلك المحرمة، لا يجوز للرجل خطبتها لما تقدم من حديث عثمان، عند مسلم: ((لا ينكح المحرم ولا ينكح ولا يخطب)) فالظاهر أن حرمة الخطبة كحرمة النكاح؛ لأن الصيغة فيهما متحدة، فالحكم بحرمة أحدهما دون الآخر، يحتاج إلى دليل خاص، ولا دليل عليه، والظاهر من الحديث حرمة النكاح وحرمة وسيلته التي هي الخطبة كما تحرم خطبة المعتدة، وبه تعلم أن ما ذكره كثيرٌ من أهل العلم من أن الخطبة لا تحرم في الإحرام، وإنما تكره أنه خلاف الظاهر من النص ولا دليل عليه) ((أضواء البيان)) (5/ 28).
(6)
قال ابن باز: (ويحرم على المحرم من الرجال والنساء قتل الصيد البري والمعاونة في ذلك وتنفيره من مكانه، وعقد النكاح، والجماع، وخطبة النساء ومباشرتهن بشهوة؛ لحديث عثمان رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((لا ينكح المحرم ولا ينكح ولا يخطب)) رواه مسلم) ((مجموع فتاوى ابن باز)) (16/ 58)
(7)
قال ابن عثيمين: (لا يجوز لإنسان محرم أن يخطب امرأة ولا يجوز أن تخطب المرأة المحرمة فإن فعل وخطب امرأة وهو محرم، فليس له حق في هذه الخطبة، يعني فيجوز لإنسان آخر أن يخطب هذه المرأة، لأن خطبة هذا الرجل المحرم فاسدة غير مشروعة فلا حق له، مع أن الخطبة على خطبة أخيه في الأصل حرام، لكن لما كانت الخطبة خطبة المحرم خطبة فاسدة صار لا حق له في ذلك، وجاز لغيره أن يخطب هذه المرأة، يعني خطبة المحرم لها خطبة منهي عنها لا أثر لها ولا يترتب عليها أحكام الخطبة)((مجموع فتاوى ورسائل ابن عثيمين)). وقال أيضا: ((الخطبة الصحيح أنها حرام؛ لأن النهي فيها واحد مع العقد، وعموم الحديث: ((ولا يخطب))، أنه لا يخطب تعريضاً ولا تصريحاً) (22/ 165) وينظر:((الشرح الممتع)) (7/ 120).
(8)
رواه مسلم (1409).
(9)
((شرح العمدة)) لابن تيمية (3/ 216).
(10)
رواه مالك في ((الموطأ)) (3/ 506)، والبيهقي (7/ 213)(14601). وصححه ابن حزم في ((المحلى)) (7/ 199)، وصحح إسناده الألباني في ((إرواء الغليل)) (4/ 228).
ثالثاً: أن الخطبة مقدمة النكاح وسبب إليه كما أن العقد سبب للوط، والشرع قد منع من ذلك كله حسما للمادة.
رابعاً: أن الخطبة كلام في النكاح وذكر له وربما طال فيه الكلام وحصل بها أنواع من ذكر النساء والمحرِم ممنوع من ذلك كله.
خامساً: أن الخطبة توجب تعلق القلب بالمخطوبة واستثقال الإحرام والتعجل إلى انقضائه لتحصيل مقصود الخطبة كما يقتضي العقد تعلق القلب بالمنكوحة (1).
مسألة: الشهادة على عقد النكاح
لا تأثير للإحرام على الشهادة على عقد النكاح، وقد نصَّ على ذلك فقهاء الشافعية (2)، والحنابلة (3)، وإليه ذهب الشنقيطي (4)، وابن عثيمين (5).
الدليل:
عن عثمان بن عفان رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((لا ينكح المحرم، ولا ينكح، ولا يخطب)) (6)
وجه الدلالة:
أن الشاهد لا يدخل في ذلك، فإن عقد النكاح بالإيجاب والقبول والشاهد لا صنع له في ذلك (7).
(1)((شرح العمدة)) (3/ 216).
(2)
((المجموع)) للنووي (7/ 284).
(3)
((المغني)) لابن قدامة (3/ 308)، ((الإنصاف)) للمرداوي (3/ 350). إلا أن الحنابلة يرون كراهة شهادة المحرم.
(4)
قال الشنقيطي: (اعلم أن أظهر قولي أهل العلم عندي: أن للشاهد المحرم أن يشهد على عقد نكاح)((أضواء البيان)) (5/ 27).
(5)
قال ابن عثيمين: (أما الشاهدان فلا تأثير لإحرامهما، لكن يكره أن يحضرا عقده إذا كانا محرمين)((الشرح الممتع)) (7/ 151).
(6)
رواه مسلم (1409).
(7)
((أضواء البيان)) للشنقيطي (5/ 27).