الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المبحث الأول: الاغتسال
المطلب الأول: حكم الاغتسال للمحرم
يُسنُّ الاغتسال للإحرام، وهو باتفاق المذاهب الفقهية: الحنفية (1)، والمالكية (2)، والشافعية (3)، والحنابلة (4). وحكى فيه النووي الإجماع (5).
الأدلة:
1 -
عن جابر بن عبدالله رضي الله عنهما قال: ((أتينا ذا الحليفة. فولدت أسماء بنت عميس محمد بن أبي بكر. فأرسلت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم: كيف أصنع؟ قال: اغتسلي، واستثفري بثوب وأحرمي)) أخرجه مسلم (6).
وجه الدلالة:
أنه إذا كانت الحائض أو النفساء لا تنتفع من غسلها في استباحة العبادة كالصلاة، ومع ذلك أمرها النبي صلى الله عليه وسلم بالاغتسال؛ فاغتسال المحرم الطاهر من باب أولى، وكان للسنية، وليس للوجوب؛ لأن الأصل هو براءة الذمة، حتى يثبت الوجوب بأمرٍ لا مدفع فيه (7).
2 -
عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: ((إن من السنة أن يغتسل إذا أراد أن يحرم، وإذا أراد أن يدخل مكة)) (8).
المطلب الثاني: حكم اغتسال الحائض والنفساء
(1)((بدائع الصنائع)) للكاساني (2/ 143)، ((البحر الرائق)) لابن نجيم (2/ 344).
(2)
((شرح مختصر خليل)) للخرشي (2/ 322)، ((الشرح الكبير)) للدردير (2/ 38).
(3)
((المجموع)) للنووي (7/ 212)، ((مغني المحتاج)) للشربيني (1/ 478).
(4)
((الإنصاف)) للمرداوي (1/ 183)، ((كشاف القناع)) للبهوتي (1/ 348).
(5)
قال النووي: (اتفق العلماء على أنه يستحب الغسل عند إرادة الاحرام بحجٍّ أو عمرةٍ أو بهما، سواء كان إحرامه من الميقات الشرعي أو غيره)((المجموع)) للنووي (7/ 212). وقال أيضاً: (وهو مجمعٌ على الأمر به، لكن مذهبنا ومذهب مالك وأبي حنيفة والجمهور أنه مستحب، وقال الحسن: وأهل الظاهر هو واجب)((شرح النووي على مسلم)) (8/ 133). لكن قال ابن قدامة: (وعلى كل حال فمن أراد الإحرام استُحِبَّ له أن يغتسل قبله في قول أكثر أهل العلم، منهم طاوس، والنخعي، ومالك، والثوري، والشافعي، وأصحاب الرأي)((المغني)) لابن قدامة (3/ 119). وقال ابن رشد: (واتفق جمهور العلماء على أن الغسل للإهلال سنة، وأنه من أفعال المحرم)((بداية المجتهد)) لابن رشد (1/ 336).
(6)
رواه مسلم (1218).
(7)
((الاستذكار)) لابن عبدالبر (4/ 5)، ((بداية المجتهد)) لابن رشد (1/ 337).
(8)
رواه البزار والطبراني كما في ((مجمع الزوائد)) للهيثمي (3/ 220)، وابن أبي شيبة في ((المصنف)) (4/ 74)، والدارقطني (2/ 220)(22)، والحاكم 1/ 615، والبيهقي (5/ 33) (9212). قال الحاكم:(صحيح على شرط الشيخين)، وقال الهيثمي:(رجاله ثقات)، وصححه ابن حجر في ((الفتوحات الربانية)) (4/ 350)، والألباني في ((إرواء الغليل)) (1/ 179)، والوادعي في ((الصحيح المسند)) (719).
يُسنُّ للحائض والنفساء الغسل للإحرام، وهذا باتفاق المذاهب الفقهية الأربعة (1): الحنفية (2)، والمالكية (3)، والشافعية (4)، والحنابلة (5).
الأدلة:
أولاً: من السنة:
عن جابر بن عبدالله رضي الله عنهما قال: ((
…
فخرجنا معه، حتى أتينا ذا الحليفة. فولدت أسماء بنت عميس محمد بن أبي بكر. فأرسلت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم: كيف أصنع؟ قال: اغتسلي، واستثفري بثوب وأحرمي)) أخرجه مسلم (6).
وجه الدلالة:
أن قوله: ((اغتسلي))، أمرٌ لها بأن تغتسل مع أنها نفساء لا تستبيح باغتسالها هذا الصلاة، ولا غيرها مما تُشترَط له الطهارة.
ثانياً: أنه غسلٌ يُراد به النسك؛ فاستوى فيه الحائض والطاهرة (7).
المطلب الثالث: استحباب تلبيد الرأس
يستحب للمحرمُ بعد غسل الإحرام أن يلبد (8) رأسه، وذلك لمن يطول مكثه في أعمال الحج (9)، وهذا مذهب الشافعية (10)، وقول للحنفية (11)، وقول للمالكية (12)، واختاره المباركفوري (13). وحكى النووي فيه الإجماع (14).
الأدلة:
أولاً: من السنة:
(1) قال ابن عبدالبر: (جمهور العلماء يستحبونه ولا يوجبونه، وما أعلم أحداً من المتقدمين أوجبه إلا الحسن البصري فإنه قال في الحائض والنفساء إذا لم تغتسل عند الإهلال: اغتسلت إذا ذكرت. وبه قال أهل الظاهر قالوا: الغسل واجب عند الإهلال على كل من أراد أن يهل وعلى كل من أراد الحج طاهراً كان أو غير طاهر)((الاستذكار)) لابن عبدالبر (4/ 5). وقال النووي: (وفيه صحة إحرام النفساء والحائض، واستحباب اغتسالهما للإحرام، وهو مجمعٌ على الأمر به، لكن مذهبنا ومذهب مالك وأبي حنيفة والجمهور أنه مستحب، وقال الحسن وأهل الظاهر هو واجب)((شرح النووي على مسلم)) (8/ 133).
(2)
((بدائع الصنائع)) للكاساني (2/ 143)، ((البحر الرائق)) لابن نجيم (2/ 344).
(3)
((شرح مختصر خليل)) للخرشي (2/ 322)، ((الشرح الكبير)) للدردير (2/ 38).
(4)
((المجموع)) للنووي (7/ 212)، ((مغني المحتاج)) للشربيني (1/ 478).
(5)
((الإنصاف)) للمرداوي (1/ 183)، ((كشاف القناع)) للبهوتي (1/ 348).
(6)
رواه مسلم (1218).
(7)
((المجموع)) للنووي (7/ 211).
(8)
التلبيد: ضفر الرأس بالصمغ أو الخطمي وشبههما مما يضم الشعر ويلزق بعضه ببعض بما يسكنه ويمنعه من الانتفاش والتمعط. ((لسان العرب)) لابن منظور (3/ 385)، ((شرح النووي على مسلم)) (8/ 89، 90)، ((إحكام الأحكام)) لابن دقيق العيد (ص: 321). والخَطْمِيُّ: ضرب من النبات يُغْسَلُ به الرأس. ((لسان العرب)) لابن منظور (12/ 186).
(9)
((شرح السنة)) للبغوي (7/ 79).
(10)
((المجموع)) للنووي (7/ 220)، ((مغني المحتاج)) للشربيني (1/ 479).
(11)
((فتح القدير)) للكمال ابن الهمام (3/ 26)، ((البحر الرائق)) لابن نجيم (3/ 5).
(12)
((مواهب الجليل)) للحطاب (4/ 143)((حاشية العدوي على كفاية الطالب الرباني)) (1/ 548، 549).
(13)
قال المباركفوري: (حمل فعله صلى الله عليه وسلم على عذر يحتاج إلى دليل، والأصل عدم العذر وأما حمل التلبيد على المعنى اللغوي ففيه: أن شراح الحديث، وأهل اللغة، وأصحاب غريب الحديث: كالخطابي، والحافظ، والعيني، والمجد، والجوهري، والجزري، والزمخشري وغيرهم قد اتفقوا على ما ذكرنا من العلماء من معنى التلبيد، ولزوق بعض الصوف أو الشعر ببعضه لا يحصل إلا بما يصلح للإلزاق والإلصاق كالصمغ أو الخطمي أو العسل وما يشبه ذلك)((مرعاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح)) للمباركفوري (8/ 441).
(14)
قال النووي: (وقوله صلى الله عليه وسلم: ((لبدت رأسي وقلدت هديي)) فيه استحباب التلبيد وتقليد الهدي، وهما سنتان بالاتفاق). ((شرح النووي على مسلم)) (8/ 212).
1.
عن ابن عمر قال: ((سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يهل ملبدا)) رواه البخاري، ومسلم (1)
فيه استحباب تلبيد الرأس قبل الإحرام (2).
2.
وعن حفصة رضي الله عنها: ((أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر أزواجه أن يحللن عام حجة الوداع قالت: فقلت: ما يمنعك أن تحل؟ فقال: إنى لبدت رأسي، وقلدت هديى، فلا أحل حتى انحر هديى)) رواه البخاري، ومسلم (3).
فيه دليل على استحباب تلبيد شعر الرأس عند الإحرام (4).
3.
عن ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال في المحرم الذى خر من بعيره ميتاً: ((اغسلوه بماء سدر، وكفنوه في ثوبيه، ولا تمسوه بطيب، ولا تخمروا رأسه؛ فإنه يبعث يوم القيامة ملبدا)) (5).
فيه استحباب التلبيد، وتقليد الهدى
ثانياً: أن ذلك أرفق به، لكونه يسكن شعره، ويجمعه، فلا يتولد فيه القمل، ولا يقع فيه الدبيب، ولا يتخلله الغبار، ولا يتشعث، ولا ينتفش في مدة الاحرام (6).
(1) رواه البخاري (1540)، ومسلم (1184).
(2)
((شرح النووي على مسلم)) (8/ 89، 90).
(3)
رواه البخاري (1697)، ومسلم (1229)
(4)
((إحكام الأحكام)) لابن دقيق العيد (ص: 321).
(5)
رواه البخاري ومسلم هكذا (ملبداً) وأكثر الطرق (ملبياً) ولا مخالفة وكلاهما صحيح. ((المجموع)) للنووي (7/ 221).
(6)
((شرح السنة)) للبغوي (7/ 79)، ((المجموع)) للنووي (7/ 220).