المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌الفصل الأول: النيابة عن الحي - الموسوعة الفقهية - جـ ٢

[مجموعة من المؤلفين]

فهرس الكتاب

- ‌المطلب الثاني: حكم الاعتكاف في غير المساجد الثلاثة

- ‌المطلب الثالث: ضابط المسجد الذي يصح فيه الاعتكاف

- ‌المطلب الرابع: الاعتكاف في غير مسجد الجمعة

- ‌المطلب الخامس: هل المنارة والرحبة والسطح وغيرها تعد من المسجد

- ‌المبحث السابع: الطهارة مما يوجب غسلاً

- ‌المطلب الأول: زمان الاعتكاف

- ‌المطلب الثاني: متى يبدأ من أراد الاعتكاف في العشر الأواخر من رمضان ومتى ينتهي

- ‌المطلب الثالث: أقل مدةٍ للاعتكاف

- ‌المطلب الرابع: أطول مدةٍ للاعتكاف

- ‌المبحث التاسع: اشتراط الصوم للاعتكاف

- ‌مطلب: أقسام الخروج من المسجد

- ‌المبحث الثاني: الجماع وإنزال المني والاحتلام

- ‌المبحث الثالث: طروء الحيض والنفاس

- ‌المبحث الرابع: طروء الإغماء والجنون

- ‌المبحث الخامس: المعاصي

- ‌المبحث السادس: الردة

- ‌المبحث الأول: حكم نذر الاعتكاف

- ‌المبحث الثاني: نذر الاعتكاف في المساجد الثلاثة

- ‌المبحث الثالث: حكم من نذر الاعتكاف قبل إسلامه

- ‌المبحث الرابع: من نذر يوماً هل يدخل فيه الليل

- ‌المبحث الأول: قضاء الاعتكاف المستحب

- ‌المطلب الأول: قضاء الاعتكاف المنذور إذا فات أو فسد

- ‌المطلب الثاني: قضاء الاعتكاف الواجب عن الميت

- ‌المطلب الأول: أفضل الاعتكاف زمناً

- ‌المطلب الثاني: أفضل الاعتكاف مكاناً

- ‌المطلب الأول: اشتغال المعتكف بالعبادات المختصة به

- ‌المطلب الثاني: حكم الصمت عن الكلام مطلقاً

- ‌المطلب الثالث: هل للمعتكف أن يعقد النكاح سواء كان له أو لغيره

- ‌6 - الحج والعمرة

- ‌الباب الأول: حكم الحج وفضله وحِكَمه

- ‌الفصل الأول: تعريف الحج وفضله

- ‌الفصل الثاني: من حِكَم مشروعية الحج

- ‌الفصل الثالث: حكم الحج وهل هو على الفور أم التراخي

- ‌تمهيد:

- ‌الفصل الأول: شروط وجوب، وصحة، وإجزاء

- ‌الفصل الثاني: شروط وجوب وإجزاء

- ‌المبحث الأول: تعريف الاستطاعة

- ‌المبحث الثاني: حكم الاستطاعة

- ‌المبحث الثالث: أقسام الاستطاعة

- ‌المبحث الرابع: شروط الاستطاعة

- ‌المبحث الخامس: الاستطاعة البدنية

- ‌المبحث السادس: الاستطاعة المالية

- ‌المبحث السابع: اشتراط أمن الطرق لتحقيق الاستطاعة

- ‌المبحث الثامن: اشتراط المحرم

- ‌المبحث التاسع: الشرط الثاني الخاص بالمرأة عدم العدة

- ‌تمهيد: تعريف المواقيت

- ‌الفصل الأول: مواقيت الحج الزمانية

- ‌تمهيد

- ‌المبحث الأول: ميقات الآفاقي

- ‌المبحث الثاني: ميقات الميقاتي

- ‌المبحث الثالث: ميقات المكي (الحرمي) للعمرة

- ‌الفصل الأول: تعريف الإحرام، وحكمه، والحكمة منه

- ‌المبحث الأول: الاغتسال

- ‌المبحث الثاني: الإحرام في إزار ورداء

- ‌المبحث الثالث: التطيب

- ‌المبحث الرابع: الإحرام عقب صلاة

- ‌المبحث الخامس: التلبية

- ‌المبحث الأول: أحكام الأنساك الثلاثة

- ‌المبحث الثاني: الإفراد في الحج

- ‌المبحث الثالث: القران في الحج

- ‌المبحث الرابع: التمتع في الحج

- ‌المبحث الخامس الاشتراط في الحج والعمرة

- ‌الفصل الأول: تعريف المحظورات، والفدية، وأنواعهما

- ‌المبحث الأول: أنواع محظورات الترفه، وما يجب فيها

- ‌المبحث الثاني: حلق الشعر

- ‌المبحث الثالث: تقليم الأظافر

- ‌المبحث الرابع: الطيب

- ‌المبحث الخامس: تغطية الرأس للذكر

- ‌المبحث السادس: لبس المخيط

- ‌المبحث الأول: حكم عقد النكاح للمحرم

- ‌المبحث الثاني: الخطبة للمحرم

- ‌المبحث الأول: الجماع في النسك

- ‌المبحث الثاني: مقدمات الجماع

- ‌المبحث الأول: تدارك الواجبات متى ما أمكن

- ‌المبحث الثاني: فدية ترك الواجب

- ‌الفصل الأول تعريف الطواف ومشروعيته وفضائله

- ‌الفصل الثاني: أنواع الطواف

- ‌المبحث الأول: صفة الطواف

- ‌المبحث الثاني: شروط الطواف

- ‌الفصل الرابع: سنن الطواف

- ‌الفصل الأول: تعريف السعي بين الصفا والمروة

- ‌الفصل الثاني: مشروعية السعي وأصله وحكمته

- ‌الفصل الثالث: حكم السعي والتطوع به

- ‌الفصل الرابع: الموالاة بين السعي والطواف

- ‌الفصل الخامس: شروط السعي

- ‌الفصل السادس: ما لا يشترط في السعي

- ‌الفصل السابع: سنن السعي

- ‌الفصل الثامن: أنواع السعي في الحج

- ‌تمهيد: التعريف بيوم التروية

- ‌الفصل الأول: الإحرام في يوم التروية لمن كان حلالاً

- ‌الفصل الثاني: الذهاب إلى منى

- ‌الفصل الثالث: حكم المبيت بمنى ليلة عرفة

- ‌الفصل الأول: التعريف بيوم عرفة والفرق بينه وبين عرفات وسبب التسمية به

- ‌الفصل الثاني: فضل يوم عرفة

- ‌الفصل الثالث: حكم الوقوف بعرفة

- ‌الفصل الرابع: شروط الوقوف بعرفة

- ‌الفصل الخامس: سنن ومستحبات الوقوف بعرفة

- ‌الفصل السادس: ما يكره للحاج يوم عرفة

- ‌الفصل الأول: أسماء مزدلفة

- ‌الفصل الثاني: حد المزدلفة

- ‌الفصل الثالث: حكم الوقوف بالمزدلفة

- ‌الفصل الرابع: حكم من فاته الوقوف الواجب في مزدلفة

- ‌الفصل الخامس: صلاتا المغرب والعشاء في المزدلفة

- ‌الفصل السادس: الدفع من مزدلفة

- ‌المبحث الأول: معنى رمي الجمار

- ‌المبحث الثاني: أنواع الجمرات

- ‌المبحث الثالث: حكمة الرمي

- ‌المبحث الرابع: حكم رمي الجمار

- ‌المبحث الخامس: شروط الرمي

- ‌المبحث السادس: سنن الرمي

- ‌المبحث السادس: الرمي يوم النحر

- ‌المبحث السابع: زمن الرمي يوم النحر

- ‌المبحث الثامن: رمي الجمار في الليل

- ‌المبحث التاسع: لقط حصيات الرجم

- ‌المبحث العاشر: النيابة (التوكيل) في الرمي

- ‌المبحث الأول: ما هو الهدي

- ‌المبحث الثاني: حكم الاشتراك في الهدي

- ‌المبحث الثالث: زمن الذبح

- ‌الفصل الثالث: الحلق والتقصير

- ‌الفصل الرابع: طواف الإفاضة

- ‌الفصل الخامس: التحلل الأول

- ‌الفصل الأول المبيت بمنى ليالي أيام التشريق

- ‌الفصل الثاني: رمي الجمار أيام التشريق

- ‌تمهيد

- ‌الفصل الأول: حكم طواف الوداع للحاج

- ‌الفصل الثاني شروط طواف الوداع

- ‌الفصل الأول: النيابة عن الحي

- ‌الفصل الثاني: النيابة عن الميت

- ‌الفصل الثالث: النيابة في حج النفل

- ‌الفصل الرابع: الاستئجار على الحج

- ‌الفصل الخامس: ما يشترط في النائب

- ‌الفصل الأول: الفوات

- ‌الفصل الثاني: الإحصار

- ‌الفصل الثالث: التحلل من الإحصار

- ‌الفصل الأول: تعريف الأضحية ومشروعيتها وفضلها وحكمتها

- ‌الفصل الثاني: حكم الأضحية، وطريقة تعيينها

- ‌الفصل الثالث: شروط صحة الأضحية

- ‌الفصل الرابع: وقت الأضحية

- ‌الفصل الخامس: من آداب التضحية وسننها

- ‌الفصل السادس: من شروط الذكاة

- ‌المبحث الأول: حكم قتل الصيد للمحرم

- ‌المبحث الثاني: ضابط الصيد المحرَّم

- ‌المبحث الثالث: ما يباح للمحرم

- ‌المبحث الأول: كفارة قتل المحرم للصيد

- ‌المبحث الثاني: الجزاء في الصيد

- ‌المبحث الثالث: صيد الحرم

- ‌المبحث الرابع: ما لا يدخل في الصيد

- ‌المبحث الخامس: أحكام الأكل من الصيد، والدلالة عليه

- ‌المعاملات

- ‌1 - البيع

- ‌ أقسام العقود ثلاثة:

- ‌ حكمة مشروعية البيع:

- ‌ شروط صحة البيع:

- ‌ ينعقد البيع بإحدى صفتين:

- ‌ فضل الورع في المعاملات:

- ‌ فضل الكسب الحلال:

- ‌ فضل السماحة في البيع والشراء:

- ‌ خطر كثرة الحلف في البيع:

- ‌مفاتيح الرزق وأسبابه:

- ‌ التبكير في طلب الرزق:

- ‌ تقوى الله عز وجل:

- ‌ اجتناب المعاصي:

- ‌ التوكل على الله عز وجل:

- ‌ التفرغ لعبادة الله عز وجل:

- ‌ المتابعة بين الحج والعمرة:

- ‌ الإنفاق في سبيل الله تعالى:

- ‌ الإنفاق على من تفرغ لطلب العلم الشرعي:

- ‌ صلة الرحم:

- ‌ إكرام الضعفاء والإحسان إليهم:

- ‌ الهجرة في سبيل الله:

- ‌ المحرمات في الشرع نوعان:

- ‌ صور من البيوع المحرمة:

- ‌ حكم التأمين التجاري:

- ‌ حكم بيع التقسيط:

- ‌ حكم المحاقلة:

- ‌ حكم المزابنة:

- ‌ بيوع الغرر تجر مفسدتين كبيرتين:

- ‌ حكمة مشروعية الخيار:

- ‌ أقسام الخيار:

- ‌ خطر الغش:

- ‌3 - السلم

- ‌ شروط صحة السلم:

- ‌ مسائل تتعلق بالبيع والشراء:

- ‌4 - بيع العربون:

- ‌4 - الربا

- ‌ حكم الربا:

- ‌ عقوبة الربا:

- ‌ أقسام الربا:

- ‌ أحكام ربا الفضل:

- ‌ كيف يتخلص من الأموال الربوية:

- ‌ حكم بيع الصرف والأوراق المالية:

- ‌5 - القرض

- ‌ حكمة مشروعية القرض:

- ‌ فضل القرض:

- ‌ فضل إنظار المعسر والتجاوز عنه:

- ‌ المدين له أربع حالات:

- ‌ العقود ثلاثة أقسام:

- ‌ حكمة مشروعية الرهن:

- ‌7 - الضمان والكفالة

- ‌8 - الحوالة

- ‌ حكمة مشروعية الحوالة:

- ‌ فضل التجاوز عن المعسر:

- ‌9 - الصلح

- ‌ حكمة مشروعية الصلح:

- ‌ فضل الإصلاح بين الناس:

- ‌ الصلح في المال على قسمين:

- ‌1 - صلح على إقرار:

- ‌2 - صلح على إنكار:

- ‌10 - الحجر

- ‌ حكمة مشروعية الحجر:

- ‌ الحجر نوعان:

- ‌ فضل إنظار المعسر:

- ‌ يزول الحجر عن الصغير بأمرين:

- ‌11 - الوكالة

- ‌ حكمة مشروعية الوكالة:

- ‌ الحقوق ثلاثة أنواع:

- ‌ حالات الوكالة:

- ‌ تبطل الوكالة بما يلي:

- ‌12 - الشركة

- ‌ حكمة مشروعية الشركة:

- ‌ الشركة نوعان:

- ‌13 - المساقاة والمزارعة

- ‌ فضل المساقاة والمزارعة:

- ‌ حكمة مشروعية المساقاة والمزارعة:

- ‌14 - الإجارة

- ‌ حكم الإجارة:

- ‌ حكمة مشروعية الإجارة:

- ‌ الإجارة نوعان:

- ‌ شروط الإجارة:

- ‌ حكم تأجير أهل المحرمات:

- ‌ حكم الشرط الجزائي:

- ‌15 - السبق

- ‌ حكمة مشروعية المسابقة:

- ‌ شروط صحة المسابقة:

- ‌ أخذ العوض في المسابقات له ثلاث حالات:

- ‌ يحرم القمار، والميسر، واللعب بالنرد:

- ‌ حكم اللعب بالكرة المعاصرة:

- ‌16 - العارية

- ‌ حكمة مشروعيتها:

- ‌17 - الغصب

- ‌ أقسام الظلم:

- ‌ حكم الغصب:

- ‌18 - الشفعة والشفاعة

- ‌ حكمه مشروعية الشفعة:

- ‌19 - الوديعة

- ‌ حكمة مشروعيتها:

- ‌20 - إحياء الموات

- ‌ حكمة مشروعيته:

- ‌ فضل إحياء الموات لمن حسنت نيته:

- ‌ حكم أحياء الموات:

- ‌ كيفية إحياء الأرض الموات:يحصل إحياء الأرض بما يلي:

- ‌ حكم التعدي على حق الغير:

- ‌21 - الجعالة

- ‌ صفة الجعالة:

- ‌22 - اللقطة واللقيط

- ‌ المال الضائع على ثلاثة أقسام:

- ‌ حكم لقطة الحرم:

- ‌ حكم إنشاد الضالة في المسجد:

- ‌ حضانة اللقيط:

- ‌23 - الوقف

- ‌ حكمة مشروعية الوقف:

- ‌ حكم الوقف:

- ‌ شروط صحة الوقف:

- ‌ كيف يُكتب الوقف:

- ‌ أفضل أبواب الوقف:

- ‌ المواساة بالمال على ثلاث مراتب:

- ‌ هدي النبي صلى الله عليه وسلم في الإنفاق:

الفصل: ‌الفصل الأول: النيابة عن الحي

‌الفصل الأول: النيابة عن الحي

المبحث الأول: النيابة في الفرض عن القادر.

القادر على الحج لا يجوز أن يستنيب من يحج عنه حجة الفريضة (1).

الأدلة:

أولاً: من الكتاب:

قال الله تعالى: وَلِلّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً [آل عمران: 97].

ثانياً: الإجماع:

نقله ابن المنذر (2)، وابن قدامة (3)، وابن حجر (4).

ثالثاً: أن على القادر الحج ببدنه، فلا ينتقل الفرض إلى غيره إلا فيما وردت فيه الرخصة وهو إذا عجز عنه، أو كان ميتاً، وبقي فيما سواهما على الأصل، فلا تجوز النيابة عنه فيه (5).

المبحث الثاني: النيابة في الفرض عن غير القادر:

(1) قال سند: (اتفق أرباب المذاهب أن الصحيح لا تجوز استنابته في فرض الحج)((التاج والإكليل)) للمواق (3/ 2).

(2)

قال ابن المنذر: (أجمعوا أن من عليه حجة الإسلام، وهو قادر لا يجزئ إلا أن يحج بنفسه، ولا يجزئ أن يحج عنه غيره)((الإجماع)) (ص: 59)، ((الشرح الكبير)) لشمس الدين ابن قدامة (3/ 180).

(3)

قال ابن قدامة: (لا يجوز أن يستنيب من يقدر على الحج بنفسه في الحج الواجب إجماعاً)((المغني)) (3/ 223).

(4)

قال ابن حجر: (اتفق من أجاز النيابة في الحج على أنها لا تجزئ في الفرض إلا عن موت أو عضب، فلا يدخل المريض؛ لأنه يرجى برؤه، ولا المجنون؛ لأنه ترجى إفاقته، ولا المحبوس؛ لأنه يرجى خلاصه، ولا الفقير؛ لأنه يمكن استغناؤه والله أعلم)((فتح الباري)) (4/ 70).

(5)

((المجموع)) للنووي (7/ 112).

ص: 320

يجب على من أعجزه كبر، أو مرض لا يرجى برؤه (1) أن يقيم من يحج عنه إن كان له مال، وهذا مذهب الشافعية (2)، والحنابلة (3)، وهو رواية عن أبي حنيفة (4)، وقول صاحبيه (5)، وذهب إليه طائفة من السلف (6)، واختاره الكمال ابن الهمام (7)، وابن حزم (8)، وابن باز (9)، وابن عثيمين (10).

الأدلة:

أولاً: من الكتاب:

قال الله تعالى: وَلِلّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً [آل عمران: 97].

وجه الدلالة:

عموم الآية، فمن استطاع الحج ببدنه وماله فقد وجب الحج في حقه، فإن كان عاجزاً عن الحج ببدنه، مستطيعاً بماله، فإنه يلزمه أن يقيم غيره مقامه.

ثانياً: من السنة:

عن عبدالله بن عباس رضي الله عنهما، عن النبي صلى الله عليه وسلم:((أنه جاءته امرأة من خثعم تستفتيه، قالت: يا رسول الله، إن فريضة الله على عباده في الحج، أدركت أبي شيخاً كبيراً لا يستطيع أن يثبت على الراحلة، أفأحج عنه؟ قال: نعم)) (11)(12).

وجه الدلالة:

(1) يشترط أن يكون العذر مستمرًّا، كالهرم، أو مرض مزمن، فلا يدخل المريض؛ لأنه يرجى برؤه، ولا المجنون؛ لأنه ترجى إفاقته، ولا المحبوس؛ لأنه يرجى خلاصه، ولا الفقير؛ لأنه يمكن استغناؤه. ((الشرح الكبير)) لشمس الدين ابن قدامة (3/ 179). ((فتح الباري)) لابن حجر (4/ 70).

(2)

((المجموع)) للنووي (7/ 94)، ((مغني المحتاج)) للشربيني (1/ 469).

(3)

((المغني)) لابن قدامة (3/ 222)، ((الشرح الممتع)) لابن عثيمين (7/ 31).

(4)

((المبسوط)) للسرخسي (4/ 275).

(5)

((تبيين الحقائق)) و ((حاشية الشلبي)) (2/ 85)، ((فتح القدير)) للكمال ابن الهمام (2/ 416).

(6)

منهم علي بن أبي طالب والحسن البصري والثوري وأبو حنيفة وأصحابه وابن المبارك وأحمد وإسحاق. ((المجموع)) للنووي (7/ 100)، ((تفسير القرطبي)) 4/ 151.

(7)

((فتح القدير)) للكمال ابن الهمام (2/ 416).

(8)

قال ابن حزم: (من لا مال له، ولا قوة جسم إلا أنه يجد من يحج عنه بلا أجرة أو بأجرة يقدر عليها; فوجدنا اللغة التي بها نزل القرآن وبها خاطبنا الله تعالى في كل ما ألزمنا إياه لا خلاف بين أحد من أهلها في أنه يقال: الخليفة مستطيع لفتح بلد كذا، ولنصب المنجنيق عليه وإن كان مريضاً مثبتاً؛ لأنه مستطيع لذلك بأمره وطاعة الناس له، وكان ذلك داخلاً في نص الآية)((المحلى)) (7/ 56).

(9)

قال ابن باز: (العاجز لكبر سن أو مرض لا يرجى برؤه، فإنه يلزمه أن ينيب من يؤدي عنه الحج المفروض والعمرة والمفروضة، إذا كان يستطيع ذلك بماله؛ لعموم قول الله سبحانه: وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا *آل عمران: 97*)((مجموع فتاوى ابن باز)) (16/ 122).

(10)

قال ابن عثيمين: (إن كان الإنسان قادراً بماله دون بدنه، فإنه ينيب من يحج عنه، لحديث ابن عباس رضي الله عنهما أن امرأة خثعمية سألت النبي صلى الله عليه وسلم فقالت: يا رسول الله، إن أبي أدركته فريضة الله على عباده في الحج، شيخاً كبيراً لا يثبت على الراحلة، أفأحجُّ عنه؟ قال: (نعم)، وذلك في حجة الوداع، ففي قولها: أدركته فريضة الله على عباده في الحج، وإقرار النبي صلى الله عليه وسلم ذلك، دليل على أن من كان قادراً بماله دون بدنه، فإنه يجب عليه أن يقيم من يحج عنه) ((مجموع فتاوى ورسائل العثيمين)) (21/ 15).

(11)

رواه البخاري (1513)، ومسلم (1334)

(12)

قال ابن حزم: (هذه أخبار متظاهرة متواترة من طرق صحاح، عن خمسة من الصحابة، رضي الله عنهم، الفضل، وعبدالله، وعبيد الله ابن العباس بن عبدالمطلب، وابن الزبير، وأبو رزين العقيلي)((المحلى)) (7/ 57).

ص: 321

أن النبيَّ صلى الله عليه وسلم أقرَّ المرأة على وصف الحج عن أبيها بأنه فريضة، مع عجزه عنه ببدنه، ولو لم يجب عليه لم يقرها الرسول صلى الله عليه وسلم؛ لأنه لا يمكن أن يقر على خطأ، فدل على أن العاجز ببدنه القادر بماله يجب عليه أن ينيب (1).

ثالثاً: أن هذه عبادة تجب بإفسادها الكفارة، فجاز أن يقوم غيرُ فعله فيها مقامَ فعله، كالصوم إذا عجز عنه افتدى (2).

المبحث الثالث: إذا استناب للفريضة ثم برئ:

من استناب للحج ثم برئ قبل الموت فهل يجب الحج عليه أو يسقط عنه؟ فيه قولان لأهل العلم:

القول الأول: يجزئ عنه، ويسقط عنه الفرض، وهذا مذهب الحنابلة (3)، والظاهرية (4)، وبه قال إسحاق ابن راهويه (5).وذلك للآتي:

1.

أن المنيب أتى بما أُمِر به من إقامة غيره مقامه، ومن أتى بما أُمِر به برئت ذمته، وخرج من العهدة كما لو لم يبرأ (6).

2.

أنه فَعَلَ عبادة في وقت وجوبها يظن أنها الواجبة عليه فتجزئه، ولو تبين بعد ذلك أن الواجب كان غيرها (7).

3.

أن إيجاب الحج عليه يُفضي إلى إيجاب حجتين عليه، ولم يوجب الله عليه إلا حجة واحدة (8).

4.

القياس على المتمتع إذا شرع في الصوم ثم قدر على الهدي فإنه يجزئ عنه (9).

القول الثاني: لا يجزئه عن حج الفريضة، وعليه الحج بنفسه، وهذا مذهب الحنفية (10)، والشافعية في الأصح (11)، واختاره ابن المنذر (12) (13). وذلك للآتي:

1.

أن هذا الحج بدل إياس، فإذا برأ تبين أنه لم يكن مأيوساً منه، فلزمه الأصل (14).

2.

قياساً على الآيسة من الحيض إذا اعتدت بالشهور، ثم حاضت لا يجزئها تلك العدة (15).

3.

أن جواز الحج عن الغير ثبت بخلاف القياس، لضرورة العجز الذي لا يرجى زواله، فيتقيد الجواز به (16).

(1)((المحلى)) لابن حزم (7/ 57)، ((الشرح الممتع)) لابن عثيمين (7/ 11).

(2)

((فتح القدير)) للكمال ابن الهمام (3/ 145)، ((المغني)) لابن قدامة (3/ 222).

(3)

((الإنصاف)) للمرداوي (3/ 287)، ((كشاف القناع)) للبهوتي (2/ 391).

(4)

قال ابن حزم: قال أصحابنا: ليس عليه أن يحج بعد. وقال أيضاً: (إذا أمر النبيُّ صلى الله عليه وسلم بالحج عمن لا يستطيع الحج راكباً ولا ماشياً، وأخبر أنه دين الله يقضى عنه؛ فقد تأدى الدين بلا شك وأجزأ عنه، سقط وتأدى، فلا يجوز أن يعود فرضه بذلك؛ إلا بنص ولا نص هاهنا أصلاً بعودته - ولو كان ذلك عائداً لبين عليه السلام ذلك؛ إذ قد يقوى الشيخ فيطيق الركوب؛ فإذ لم يخبر النبي صلى الله عليه وسلم بذلك، فلا يجوز عودة الفرض عليه بعد صحة تأديه عنه)((المحلى)) (7/ 62 رقم 816).

(5)

((المجموع)) للنووي (7/ 102)، ((المغني)) لابن قدامة (3/ 222).

(6)

((المغني)) لابن قدامة (3/ 222)، ((كشاف القناع)) للبهوتي (2/ 391).

(7)

((قواعد ابن رجب)) (ص: 7).

(8)

((المغني)) لابن قدامة (3/ 222)، ((فتح الباري)) لابن حجر (4/ 70).

(9)

((المغني)) لابن قدامة (3/ 222)، ((كشاف القناع)) للبهوتي (2/ 391).

(10)

((فتح القدير)) للكمال ابن الهمام (3/ 146)، ((مجمع الأنهر)) لشيخي زاده (1/ 455).

(11)

((روضة الطالبين)) للنووي (3/ 13، 14)، ((المجموع)) للنووي (7/ 102).

(12)

((المغني)) لابن قدامة (3/ 222).

(13)

لم يُذكر قول المالكية في الخلاف في المسألة؛ لأن المسألة لا تتصور عندهم بسبب أن العاجز عندهم لا فريضة عليه. ((مواهب الجليل)) (4/ 3)، وينظر:((فتح الباري)) لابن حجر (4/ 69).

(14)

((المغني)) لابن قدامة (3/ 222).

(15)

((المغني)) لابن قدامة (3/ 222).

(16)

((الموسوعة الفقهية الكويتية)) (2/ 335).

ص: 322