المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌المبحث الثالث: زمن الذبح - الموسوعة الفقهية - جـ ٢

[مجموعة من المؤلفين]

فهرس الكتاب

- ‌المطلب الثاني: حكم الاعتكاف في غير المساجد الثلاثة

- ‌المطلب الثالث: ضابط المسجد الذي يصح فيه الاعتكاف

- ‌المطلب الرابع: الاعتكاف في غير مسجد الجمعة

- ‌المطلب الخامس: هل المنارة والرحبة والسطح وغيرها تعد من المسجد

- ‌المبحث السابع: الطهارة مما يوجب غسلاً

- ‌المطلب الأول: زمان الاعتكاف

- ‌المطلب الثاني: متى يبدأ من أراد الاعتكاف في العشر الأواخر من رمضان ومتى ينتهي

- ‌المطلب الثالث: أقل مدةٍ للاعتكاف

- ‌المطلب الرابع: أطول مدةٍ للاعتكاف

- ‌المبحث التاسع: اشتراط الصوم للاعتكاف

- ‌مطلب: أقسام الخروج من المسجد

- ‌المبحث الثاني: الجماع وإنزال المني والاحتلام

- ‌المبحث الثالث: طروء الحيض والنفاس

- ‌المبحث الرابع: طروء الإغماء والجنون

- ‌المبحث الخامس: المعاصي

- ‌المبحث السادس: الردة

- ‌المبحث الأول: حكم نذر الاعتكاف

- ‌المبحث الثاني: نذر الاعتكاف في المساجد الثلاثة

- ‌المبحث الثالث: حكم من نذر الاعتكاف قبل إسلامه

- ‌المبحث الرابع: من نذر يوماً هل يدخل فيه الليل

- ‌المبحث الأول: قضاء الاعتكاف المستحب

- ‌المطلب الأول: قضاء الاعتكاف المنذور إذا فات أو فسد

- ‌المطلب الثاني: قضاء الاعتكاف الواجب عن الميت

- ‌المطلب الأول: أفضل الاعتكاف زمناً

- ‌المطلب الثاني: أفضل الاعتكاف مكاناً

- ‌المطلب الأول: اشتغال المعتكف بالعبادات المختصة به

- ‌المطلب الثاني: حكم الصمت عن الكلام مطلقاً

- ‌المطلب الثالث: هل للمعتكف أن يعقد النكاح سواء كان له أو لغيره

- ‌6 - الحج والعمرة

- ‌الباب الأول: حكم الحج وفضله وحِكَمه

- ‌الفصل الأول: تعريف الحج وفضله

- ‌الفصل الثاني: من حِكَم مشروعية الحج

- ‌الفصل الثالث: حكم الحج وهل هو على الفور أم التراخي

- ‌تمهيد:

- ‌الفصل الأول: شروط وجوب، وصحة، وإجزاء

- ‌الفصل الثاني: شروط وجوب وإجزاء

- ‌المبحث الأول: تعريف الاستطاعة

- ‌المبحث الثاني: حكم الاستطاعة

- ‌المبحث الثالث: أقسام الاستطاعة

- ‌المبحث الرابع: شروط الاستطاعة

- ‌المبحث الخامس: الاستطاعة البدنية

- ‌المبحث السادس: الاستطاعة المالية

- ‌المبحث السابع: اشتراط أمن الطرق لتحقيق الاستطاعة

- ‌المبحث الثامن: اشتراط المحرم

- ‌المبحث التاسع: الشرط الثاني الخاص بالمرأة عدم العدة

- ‌تمهيد: تعريف المواقيت

- ‌الفصل الأول: مواقيت الحج الزمانية

- ‌تمهيد

- ‌المبحث الأول: ميقات الآفاقي

- ‌المبحث الثاني: ميقات الميقاتي

- ‌المبحث الثالث: ميقات المكي (الحرمي) للعمرة

- ‌الفصل الأول: تعريف الإحرام، وحكمه، والحكمة منه

- ‌المبحث الأول: الاغتسال

- ‌المبحث الثاني: الإحرام في إزار ورداء

- ‌المبحث الثالث: التطيب

- ‌المبحث الرابع: الإحرام عقب صلاة

- ‌المبحث الخامس: التلبية

- ‌المبحث الأول: أحكام الأنساك الثلاثة

- ‌المبحث الثاني: الإفراد في الحج

- ‌المبحث الثالث: القران في الحج

- ‌المبحث الرابع: التمتع في الحج

- ‌المبحث الخامس الاشتراط في الحج والعمرة

- ‌الفصل الأول: تعريف المحظورات، والفدية، وأنواعهما

- ‌المبحث الأول: أنواع محظورات الترفه، وما يجب فيها

- ‌المبحث الثاني: حلق الشعر

- ‌المبحث الثالث: تقليم الأظافر

- ‌المبحث الرابع: الطيب

- ‌المبحث الخامس: تغطية الرأس للذكر

- ‌المبحث السادس: لبس المخيط

- ‌المبحث الأول: حكم عقد النكاح للمحرم

- ‌المبحث الثاني: الخطبة للمحرم

- ‌المبحث الأول: الجماع في النسك

- ‌المبحث الثاني: مقدمات الجماع

- ‌المبحث الأول: تدارك الواجبات متى ما أمكن

- ‌المبحث الثاني: فدية ترك الواجب

- ‌الفصل الأول تعريف الطواف ومشروعيته وفضائله

- ‌الفصل الثاني: أنواع الطواف

- ‌المبحث الأول: صفة الطواف

- ‌المبحث الثاني: شروط الطواف

- ‌الفصل الرابع: سنن الطواف

- ‌الفصل الأول: تعريف السعي بين الصفا والمروة

- ‌الفصل الثاني: مشروعية السعي وأصله وحكمته

- ‌الفصل الثالث: حكم السعي والتطوع به

- ‌الفصل الرابع: الموالاة بين السعي والطواف

- ‌الفصل الخامس: شروط السعي

- ‌الفصل السادس: ما لا يشترط في السعي

- ‌الفصل السابع: سنن السعي

- ‌الفصل الثامن: أنواع السعي في الحج

- ‌تمهيد: التعريف بيوم التروية

- ‌الفصل الأول: الإحرام في يوم التروية لمن كان حلالاً

- ‌الفصل الثاني: الذهاب إلى منى

- ‌الفصل الثالث: حكم المبيت بمنى ليلة عرفة

- ‌الفصل الأول: التعريف بيوم عرفة والفرق بينه وبين عرفات وسبب التسمية به

- ‌الفصل الثاني: فضل يوم عرفة

- ‌الفصل الثالث: حكم الوقوف بعرفة

- ‌الفصل الرابع: شروط الوقوف بعرفة

- ‌الفصل الخامس: سنن ومستحبات الوقوف بعرفة

- ‌الفصل السادس: ما يكره للحاج يوم عرفة

- ‌الفصل الأول: أسماء مزدلفة

- ‌الفصل الثاني: حد المزدلفة

- ‌الفصل الثالث: حكم الوقوف بالمزدلفة

- ‌الفصل الرابع: حكم من فاته الوقوف الواجب في مزدلفة

- ‌الفصل الخامس: صلاتا المغرب والعشاء في المزدلفة

- ‌الفصل السادس: الدفع من مزدلفة

- ‌المبحث الأول: معنى رمي الجمار

- ‌المبحث الثاني: أنواع الجمرات

- ‌المبحث الثالث: حكمة الرمي

- ‌المبحث الرابع: حكم رمي الجمار

- ‌المبحث الخامس: شروط الرمي

- ‌المبحث السادس: سنن الرمي

- ‌المبحث السادس: الرمي يوم النحر

- ‌المبحث السابع: زمن الرمي يوم النحر

- ‌المبحث الثامن: رمي الجمار في الليل

- ‌المبحث التاسع: لقط حصيات الرجم

- ‌المبحث العاشر: النيابة (التوكيل) في الرمي

- ‌المبحث الأول: ما هو الهدي

- ‌المبحث الثاني: حكم الاشتراك في الهدي

- ‌المبحث الثالث: زمن الذبح

- ‌الفصل الثالث: الحلق والتقصير

- ‌الفصل الرابع: طواف الإفاضة

- ‌الفصل الخامس: التحلل الأول

- ‌الفصل الأول المبيت بمنى ليالي أيام التشريق

- ‌الفصل الثاني: رمي الجمار أيام التشريق

- ‌تمهيد

- ‌الفصل الأول: حكم طواف الوداع للحاج

- ‌الفصل الثاني شروط طواف الوداع

- ‌الفصل الأول: النيابة عن الحي

- ‌الفصل الثاني: النيابة عن الميت

- ‌الفصل الثالث: النيابة في حج النفل

- ‌الفصل الرابع: الاستئجار على الحج

- ‌الفصل الخامس: ما يشترط في النائب

- ‌الفصل الأول: الفوات

- ‌الفصل الثاني: الإحصار

- ‌الفصل الثالث: التحلل من الإحصار

- ‌الفصل الأول: تعريف الأضحية ومشروعيتها وفضلها وحكمتها

- ‌الفصل الثاني: حكم الأضحية، وطريقة تعيينها

- ‌الفصل الثالث: شروط صحة الأضحية

- ‌الفصل الرابع: وقت الأضحية

- ‌الفصل الخامس: من آداب التضحية وسننها

- ‌الفصل السادس: من شروط الذكاة

- ‌المبحث الأول: حكم قتل الصيد للمحرم

- ‌المبحث الثاني: ضابط الصيد المحرَّم

- ‌المبحث الثالث: ما يباح للمحرم

- ‌المبحث الأول: كفارة قتل المحرم للصيد

- ‌المبحث الثاني: الجزاء في الصيد

- ‌المبحث الثالث: صيد الحرم

- ‌المبحث الرابع: ما لا يدخل في الصيد

- ‌المبحث الخامس: أحكام الأكل من الصيد، والدلالة عليه

- ‌المعاملات

- ‌1 - البيع

- ‌ أقسام العقود ثلاثة:

- ‌ حكمة مشروعية البيع:

- ‌ شروط صحة البيع:

- ‌ ينعقد البيع بإحدى صفتين:

- ‌ فضل الورع في المعاملات:

- ‌ فضل الكسب الحلال:

- ‌ فضل السماحة في البيع والشراء:

- ‌ خطر كثرة الحلف في البيع:

- ‌مفاتيح الرزق وأسبابه:

- ‌ التبكير في طلب الرزق:

- ‌ تقوى الله عز وجل:

- ‌ اجتناب المعاصي:

- ‌ التوكل على الله عز وجل:

- ‌ التفرغ لعبادة الله عز وجل:

- ‌ المتابعة بين الحج والعمرة:

- ‌ الإنفاق في سبيل الله تعالى:

- ‌ الإنفاق على من تفرغ لطلب العلم الشرعي:

- ‌ صلة الرحم:

- ‌ إكرام الضعفاء والإحسان إليهم:

- ‌ الهجرة في سبيل الله:

- ‌ المحرمات في الشرع نوعان:

- ‌ صور من البيوع المحرمة:

- ‌ حكم التأمين التجاري:

- ‌ حكم بيع التقسيط:

- ‌ حكم المحاقلة:

- ‌ حكم المزابنة:

- ‌ بيوع الغرر تجر مفسدتين كبيرتين:

- ‌ حكمة مشروعية الخيار:

- ‌ أقسام الخيار:

- ‌ خطر الغش:

- ‌3 - السلم

- ‌ شروط صحة السلم:

- ‌ مسائل تتعلق بالبيع والشراء:

- ‌4 - بيع العربون:

- ‌4 - الربا

- ‌ حكم الربا:

- ‌ عقوبة الربا:

- ‌ أقسام الربا:

- ‌ أحكام ربا الفضل:

- ‌ كيف يتخلص من الأموال الربوية:

- ‌ حكم بيع الصرف والأوراق المالية:

- ‌5 - القرض

- ‌ حكمة مشروعية القرض:

- ‌ فضل القرض:

- ‌ فضل إنظار المعسر والتجاوز عنه:

- ‌ المدين له أربع حالات:

- ‌ العقود ثلاثة أقسام:

- ‌ حكمة مشروعية الرهن:

- ‌7 - الضمان والكفالة

- ‌8 - الحوالة

- ‌ حكمة مشروعية الحوالة:

- ‌ فضل التجاوز عن المعسر:

- ‌9 - الصلح

- ‌ حكمة مشروعية الصلح:

- ‌ فضل الإصلاح بين الناس:

- ‌ الصلح في المال على قسمين:

- ‌1 - صلح على إقرار:

- ‌2 - صلح على إنكار:

- ‌10 - الحجر

- ‌ حكمة مشروعية الحجر:

- ‌ الحجر نوعان:

- ‌ فضل إنظار المعسر:

- ‌ يزول الحجر عن الصغير بأمرين:

- ‌11 - الوكالة

- ‌ حكمة مشروعية الوكالة:

- ‌ الحقوق ثلاثة أنواع:

- ‌ حالات الوكالة:

- ‌ تبطل الوكالة بما يلي:

- ‌12 - الشركة

- ‌ حكمة مشروعية الشركة:

- ‌ الشركة نوعان:

- ‌13 - المساقاة والمزارعة

- ‌ فضل المساقاة والمزارعة:

- ‌ حكمة مشروعية المساقاة والمزارعة:

- ‌14 - الإجارة

- ‌ حكم الإجارة:

- ‌ حكمة مشروعية الإجارة:

- ‌ الإجارة نوعان:

- ‌ شروط الإجارة:

- ‌ حكم تأجير أهل المحرمات:

- ‌ حكم الشرط الجزائي:

- ‌15 - السبق

- ‌ حكمة مشروعية المسابقة:

- ‌ شروط صحة المسابقة:

- ‌ أخذ العوض في المسابقات له ثلاث حالات:

- ‌ يحرم القمار، والميسر، واللعب بالنرد:

- ‌ حكم اللعب بالكرة المعاصرة:

- ‌16 - العارية

- ‌ حكمة مشروعيتها:

- ‌17 - الغصب

- ‌ أقسام الظلم:

- ‌ حكم الغصب:

- ‌18 - الشفعة والشفاعة

- ‌ حكمه مشروعية الشفعة:

- ‌19 - الوديعة

- ‌ حكمة مشروعيتها:

- ‌20 - إحياء الموات

- ‌ حكمة مشروعيته:

- ‌ فضل إحياء الموات لمن حسنت نيته:

- ‌ حكم أحياء الموات:

- ‌ كيفية إحياء الأرض الموات:يحصل إحياء الأرض بما يلي:

- ‌ حكم التعدي على حق الغير:

- ‌21 - الجعالة

- ‌ صفة الجعالة:

- ‌22 - اللقطة واللقيط

- ‌ المال الضائع على ثلاثة أقسام:

- ‌ حكم لقطة الحرم:

- ‌ حكم إنشاد الضالة في المسجد:

- ‌ حضانة اللقيط:

- ‌23 - الوقف

- ‌ حكمة مشروعية الوقف:

- ‌ حكم الوقف:

- ‌ شروط صحة الوقف:

- ‌ كيف يُكتب الوقف:

- ‌ أفضل أبواب الوقف:

- ‌ المواساة بالمال على ثلاث مراتب:

- ‌ هدي النبي صلى الله عليه وسلم في الإنفاق:

الفصل: ‌المبحث الثالث: زمن الذبح

‌المبحث الثالث: زمن الذبح

المطلب الأول: أول زمن الذبح

يبتدئ وقت ذبح الهدي يوم النحر، وهذا مذهب الجمهور من الحنفية (1)،والمالكية (2)، والحنابلة (3)، وبه قال سفيان الثوري (4)، واختاره ابن باز (5)، وابن عثيمين (6).

الأدلة:

أولاً: من الكتاب:

قال تعالى: وَلَا تَحْلِقُوا رُءُوسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ [البقرة: 196].

وجه الدلالة:

أنه جاء في الآية الكريمة أن الحلق لا يكون إلا بعد أن يبلغ الهدي محله، ومعلوم أن الحلق لا يكون إلا يوم النحر (7).

قوله تعالى: فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْبَائِسَ الْفَقِيرَ ثُمَّ لْيَقْضُوا [الحج: 27 - 28].

وجه الدلالة:

أن قضاء التفث يختص بيوم النحر، وقد جاء مرتباً على النحر والأكل منه (8).

ثانياً: من السنة:

عن حفصة رضي الله عنها أنها قالت: ((يا رسول الله، ما بال الناس حلوا من عمرتهم ولم تحل أنت من عمرتك؟ فقال: إني لبدت رأسي، وقلدت هديي، فلا أحل حتى أنحر)) (9).

وجه الدلالة:

أنه علق الحل على النحر، ومعلوم أن الحل لا يكون إلا يوم النحر.

أن النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه قدموا في عشر ذي الحجة، وقد بقيت الغنم والإبل التي معهم موقوفة حتى جاء يوم النحر، فلو كان ذبحها جائزاً قبل ذلك لبادر النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه إليه في الأيام الأربعة التي أقاموها قبل خروجهم إلى عرفات؛ لأن الناس بحاجة إلى اللحوم في ذلك الوقت، فلما لم يفعل ذلك على عدم الإجزاء، وأن الذي ذبح قبل يوم النحر قد خالف السنة وأتى بشرع جديد فلا يجزئ؛ كمن صلى أو صام قبل الوقت (10).

أنه لو كان ذبح الهدي جائزًا قبل يوم العيد لفعله النبي صلى الله عليه وسلم حينما أمر أصحابه أن يحلوا من العمرة من لم يكن معه هدي، لأجل أن يطمئن أصحابه في التحلل من العمرة، فدل امتناع الرسول صلى الله عليه وسلم من ذبح هديه قبل يوم النحر مع دعاء الحاجة إليه على أنه لا يجوز (11).

ثالثاً: أنه دم نسك، فلا يجوز قبل يوم النحر، كالأضحية (12).

المطلب الثاني: آخر زمن الذبح

اختلف أهل العلم في آخر زمن الذبح على أقوال، أشهرها قولان:

(1) لكن يجوز عند الحنفية: ذبح دم التطوع قبل يوم النحر؛ لأنها هدايا وذلك يتحقق بتبليغها إلى الحرم، وإن كان ذبحها في أيام النحر أفضل؛ لأن معنى القربة في إراقة الدم فيها أظهر. ((الهداية شرح البداية)) للمرغياني (4/ 73)، ((فتح القدير)) للكمال ابن الهمام (3/ 162).

(2)

((الاستذكار)) لابن عبدالبر (5/ 243)، ((مواهب الجليل)) الحطاب (4/ 273).

(3)

((الشرح الكبير)) لشمس الدين ابن قدامة (3/ 245)، ((الشرح الممتع)) لابن عثيمين (7/ 456).

(4)

((الاستذكار)) لابن عبدالبر (5/ 244).

(5)

((مجموع فتاوى ابن باز)) (18/ 29).

(6)

((مجموع فتاوى ورسائل العثيمين)) (25/ 90).

(7)

((مجلة البحوث الإسلامية)) (4/ 187، 195).

(8)

((الهداية شرح البداية)) للمرغياني (1/ 186).

(9)

رواه البخاري (4398)، ومسلم (1229)

(10)

((مغني المحتاج)) للشربيني (1/ 516)، ((مجلة البحوث الإسلامية)) (4/ 192)، ((مجموع فتاوى ابن باز)) (18/ 29).

(11)

((مجموع فتاوى ورسائل العثيمين)) (25/ 90).

(12)

((الهداية شرح البداية)) للمرغياني (1/ 186)، ((مجلة البحوث الإسلامية)) (4/ 192).

ص: 279

القول الأول: أن زمن الذبح يستمر إلى يومين بعد يوم النحر، فيكون مجموع أيام النحر ثلاثة أيام، وهذا مذهب الجمهور من الحنفية (1)، والمالكية (2)، والحنابلة (3)، وبه قال طائفة من السلف (4).

الأدلة:

أولاً: من الكتاب:

قوله تعالى: لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ [الحج: 28]

وجه الدلالة:

أن الأيام المعلومات هي يوم النحر ويومان بعده، ويدل على ذلك أن لفظ:(المعلومات) جمع قلة، والمتيقن منه الثلاثة، وما بعد الثلاثة غير متيقن فلا يعمل به (5).

ثانياً: من السنة:

عن ابن عمر رضي الله عنهما، ((أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى أن تؤكل لحوم الأضاحي بعد ثلاث)) (6).

وجه الدلالة:

أنه أباح الأكل منها في أيام الذبح، ولو كان اليوم الرابع منها لكان قد حرم على من ذبح في ذلك اليوم أن يأكل من أضحيته، وليس هناك فرق بين الأضحية والهدي بالنسبة لزمن الذبح (7).

ثالثاً: أنه وَرَدَ عن الصحابة رضي الله عنهم تخصيصه بالعيد ويومين بعده، منهم عمر، وعلي، وابن عمر، وأبو هريرة، وأنس، وابن عباس رضي الله عنهم، ولا يعرف لهم من الصحابة مخالف، ومثل هذا لا يقال بالرأي (8).

رابعاً: أنه قد ثبت الفرق بين أيام النحر وأيام التشريق؛ ولو كانت أيام النحر أيام التشريق لما كان بينهما فرق، وكان ذكر أحد العددين ينوب عن الآخر (9).

القول الثاني: أن وقت الذبح ينتهي بغروب شمس اليوم الثالث من أيام التشريق، وهذا مذهب الشافعي (10)، وقولٌ للحنابلة (11)، وبه قال طائفة من السلف (12)، واختاره ابن المنذر (13)،وابن تيمية (14)، وابن القيم (15)، وابن باز (16)، وابن عثيمين (17)، وبه صدر قرار هيئة كبار العلماء (18).

الأدلة:

أولاً: من الكتاب:

قوله تعالى: لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ [الحج: 28].

ثانياً: من السنة:

أن النبي صلى الله عليه وسلم نحر هديه يوم النحر

وجه الدلالة ما ذكره الشافعي بقوله:

فلما لم يحظر على الناس أن ينحروا بعد يوم النحر بيوم أو يومين لم نجد اليوم الثالث مفارقاً لليومين قبله؛ لأنه ينسك فيه ويرمى كما ينسك ويرمى فيهما (19).

(1)((الهداية شرح البداية)) للمرغياني (4/ 73)، ((فتح القدير)) للكمال ابن الهمام (3/ 162).

(2)

((الاستذكار)) لابن عبدالبر (5/ 243)، ((مواهب الجليل)) للحطاب (4/ 273).

(3)

((الشرح الكبير)) لشمس الدين ابن قدامة (3/ 245)، ((الإنصاف)) للمرداوي (4/ 63).

(4)

((الاستذكار)) لابن عبدالبر (5/ 244).

(5)

((بداية المجتهد)) لابن رشد (1/ 436)، ((مجلة البحوث الإسلامية)) (4/ 201).

(6)

رواه البخاري (5574)، ومسلم (1970) واللفظ له.

(7)

((مجلة البحوث الإسلامية)) (4/ 201).

(8)

((المحلى)) لابن حزم (7/ 377، 378 رقم 982)، ((الاستذكار)) لابن عبدالبر (5/ 243).

(9)

((مجلة البحوث الإسلامية)) (4/ 202).

(10)

((المجموع)) للنووي (8/ 380).

(11)

((الفتاوى الكبرى)) لابن تيمية (5/ 385)، ((الإنصاف)) للمرداوي (4/ 63).

(12)

منهم: الحسن، وعطاء، والأوزاعي. ((زاد المعاد)) (2/ 319)، ((مجلة البحوث الإسلامية)) (4/ 204).

(13)

((زاد المعاد)) (2/ 319).

(14)

((الفتاوى الكبرى)) لابن تيمية (5/ 385)، ((الإنصاف)) للمرداوي (4/ 63).

(15)

((زاد المعاد)) لابن القيم (2/ 318).

(16)

((مجموع فتاوى ابن باز)) (16/ 78).

(17)

((مجموع فتاوى ورسائل العثيمين)) (25/ 90).

(18)

((مجلة البحوث الإسلامية)) (4/ 213).

(19)

((الأم)) (2/ 248).

ص: 280

عن جبير بن مطعم رضي الله عنه، عن النبى صلى الله عليه وسلم أنه قال:((كل منى منحر، وكل أيام التشريق ذبح)) (1).

وجه الدلالة:

أن الحديث نص في الدلالة على أن كل أيام منى أيام نحر (2).

ثالثاً: أن الثلاثة أيام تختص بكونها أيام منى، وأيام الرمي، وأيام التشريق، وأيام تكبير وإفطار، ويحرم صيامها، فهى إخوة فى هذه الأحكام، فكيف تفترق فى جواز الذبح بغير نص ولا إجماع؟ (3).

مسألة:

السنة في وقت النحر أن يكون يوم العيد بعد أن يفرغ من الرمي وقبل الحلق أو التقصير.

الأدلة:

أولاً: من السنة:

عن جابر بن عبدالله رضي الله عنهما: ((أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رمى سبع حصيات من بطن الوادي، ثم انصرف إلى المنحر فنحر)) (4).

ثانياً: الإجماع:

نقل الإجماع على ذلك: ابن عبدالبر (5) وابنُ رشد (6)، وابنُ حجر (7).

المبحث الرابع: مكان الذبح

يجب أن يكون ذبح الهدي في الحرم ولا يختص بمنى وإن كان الأفضل أن يكون بمنى، وهذا مذهب جمهور الفقهاء: الحنفية (8)،والشافعية (9)، والحنابلة (10)، واختاره ابن حزم (11)، والشوكاني (12)، وابن عثيمين (13).

الأدلة:

أولاً: من الكتاب:

قال تعالى: وَلَا تَحْلِقُوا رُءُوسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ [البقرة: 196].

وجه الدلالة:

أن محل الهدي الحرم عند القدرة على إيصاله (14).

قال الله تعالى: ثُمَّ مَحِلُّهَا إِلَى الْبَيْتِ الْعَتِيقِ [الحج: 33].

(1) رواه أحمد (4/ 82)(16797)، وابن حبان (9/ 166)(3854)، والطبراني (2/ 138)(1583)، والبيهقي (5/ 239) (10525). قال البيهقي: مرسل، وقال ابن القيم في ((زاد المعاد)) (2/ 291): روي من وجهين مختلفين يشد أحدهما الآخر وروي من حديث جبير بن مطعم وفيه انقطاع، وقال الهيثمي في ((مجمع الزوائد)) (4/ 27): رجاله ثقات، وقال البوصيري في ((إتحاف الخيرة المهرة)) (3/ 211): له شاهد، وصححه السيوطي في ((الجامع الصغير)) (6331)، والألباني في ((صحيح الجامع)) (4537).

(2)

((مجلة البحوث الإسلامية)) (4/ 203).

(3)

((زاد المعاد)) لابن القيم (2/ 319)، ((مجلة البحوث الإسلامية)) (4/ 204).

(4)

رواه مسلم (1218).

(5)

قال ابن عبدالبر: (وأجمع العلماء أن هذه سنة الحاج أن يرمي جمرة العقبة يوم النحر ثم ينحر هديا إن كان معه ثم يحلق رأسه)((الاستذكار)) لابن عبدالبر (4/ 394)، وقال أيضاً:(فلا خلاف بين العلماء أن سنة الحاج أن يرمي جمرة العقبة يوم النحر، ثم ينحر هدياً إن كان معه ثم يحلق رأسه)((التمهيد)) لابن عبدالبر (7/ 267).

(6)

قال ابن رشد: (ثبت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رمى في حجته الجمرة يوم النحر، ثم نحر بدنه، ثم حلق رأسه، ثم طاف طواف الإفاضة، وأجمع العلماء على أن هذا سنة الحج)((بداية المجتهد)) لابن رشد (1/ 352).

(7)

قال ابن حجر: (قد أجمع العلماء على مطلوبية هذا الترتيب، إلا أن ابن الجهم المالكي استثنى القارن فقال: لا يحلق حتى يطوف، كأنه لاحظ أنه في عمل العمرة والعمرة يتأخر فيها الحلق عن الطواف، ورد عليه النووي بالإجماع، ونازعه ابن دقيق العيد في ذلك)((فتح الباري)) لابن حجر (3/ 571).

(8)

((الهداية شرح البداية)) للميرغيناني (1/ 186)، ((بدائع الصنائع)) للكاساني (2/ 224).

(9)

((المجموع)) للنووي (8/ 187، 191)، ((روضة الطالبين)) للنووي (3/ 187).

(10)

((الإنصاف)) للمرداوي (3/ 376)، ((كشاف القناع)) للبهوتي (2/ 416).

(11)

قال ابن حزم: (لا يجزئه أن يهديه، وينحره إلا بمنى أو بمكة)((المحلى)) (7/ 155 رقم 836).

(12)

قال الشوكاني: (مكان جميع الدماء مني وفجاج مكة)((السيل الجرار)) ص 348.

(13)

((مجموع فتاوى ورسائل العثيمين)) (22/ 226).

(14)

((مجلة البحوث الإسلامية)) (4/ 207).

ص: 281

وجه الدلالة:

أن النص جاء بأن شعائر الله تعالى محلها إلى البيت العتيق، وهذا عام في الهدايا (1).

قال تعالى في جزاء الصيد: هَدْيًا بَالِغَ الْكَعْبَةِ [المائدة: 95].

وجه الدلالة:

أنه لو جاز ذبحه في غير الحرم لم يكن لذكر بلوغه الكعبة معنى، وهذا الحكم وإن كان في كفارة الصيد إلا أنه صار أصلاً في دماء النسك (2).

ثانياً: من السنة:

1 -

عن جابر بن عبدالله رضي الله عنهما، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:((قد نحرت هنا، ومنى كلها منحر)) (3).

وجه الدلالة:

يدل على أنه حيثما نحرت البدن، والإهداء من فجاج مكة ومنى والحرم كله فقد أصاب الناحر (4).

2 -

أن النبي صلى الله عليه وسلم نحر هديه في منى وقال: ((لتأخذوا مناسككم)) (5)(6).

ثالثاً: أن الهدي اسم لما يهدى إلى مكان الهدايا، ومكان الهدايا الحرم، وإضافة الهدايا إلى الحرم ثابتة بالإجماع (7).

رابعاً: أن هذا دم يجب للنسك، فوجب أن يكون في مكانه، وهو الحرم (8).

المبحث الخامس: الهدي على القارن

يجب الهدي على القارن إذا لم يكن من حاضري المسجد الحرام، واتفقت عليه المذاهب الفقهية الأربعة: الحنفية (9)، والمالكية (10)، والشافعية (11)، والحنابلة (12)، وبه قال طائفة من السلف (13)، واختاره أكثر الفقهاء (14).

الأدلة:

أولاً: من الكتاب:

قوله تعالى: فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ [البقرة: 196].

وجه الدلالة:

أن القارن متمتع بالعمرة إلى الحج بدليل فهم الصحابة رضي الله عنهم، يدل على ذلك ما يلي:

عن علي رضي الله عنه: ((أنه لما سمع عثمان رضي الله عنه ينهى عن المتعة: أهل بالعمرة والحج ليعلم الناس أنه ليس بمنهي عنه)) (15).

ثانياً: أن الهدي إذا كان واجباً على المتمتع بنص القرآن والسنة والإجماع فإن القارن أولى لأمرين:

الأول: أن فعل المتمتع أكثر من فعل القارن فإذا لزمه الدم فالقارن أولى (16).

الثاني: أنه إذا وجب على التمتع لأنه جمع بين النسكين في وقت أحدهما فلأن يجب على القارن وقد جمع بينهما في الإحرام أولى (17) ..

(1)((المحلى)) لابن حزم (7/ 156 رقم 836)، ((مجلة البحوث الإسلامية)) (4/ 207).

(2)

((بدائع الصنائع)) للكاساني (2/ 224)، ((الهداية شرح البداية)) للميرغيناني (1/ 186).

(3)

رواه مسلم (1218)

(4)

((المحلى)) (7/ 156 رقم 836).

(5)

رواه مسلم (1297)

(6)

((مجموع فتاوى ورسائل العثيمين)) (22/ 226).

(7)

((بدائع الصنائع)) للكاساني (2/ 224)، ((فتح القدير)) للكمال ابن الهمام (3/ 163).

(8)

((مجموع فتاوى ورسائل العثيمين)) (22/ 226).

(9)

((المبسوط)) للسرخسي (4/ 165)((بدائع الصنائع)) للكاساني (2/ 174).

(10)

((الكافي في فقه أهل المدينة)) لابن عبدالبر (1/ 384)، ((مواهب الجليل)) لحطاب (4/ 84).

(11)

((المجموع)) للنووي (7/ 190)، ((مغني المحتاج)) للشربيني (1/ 517).

(12)

((الشرح الكبير)) لشمس الدين ابن قدامة (3/ 246).

(13)

منهم: ابن مسعود، وابن عمر رضي الله عنهم. ((المبسوط)) للسرخسي (4/ 165)، ((المجموع)) للنووي (7/ 190).

(14)

((الاستذكار)) لابن عبدالبر (4/ 93).

(15)

رواه البخاري (1563)، ومسلم (1223)

(16)

((مغني المحتاج)) للشربيني (1/ 517).

(17)

قال ابن عبدالبر: (من معنى التمتع أيضا القران عند جماعة من الفقهاء لأن القارن يتمتع بسقوط سفره الثاني من بلده كما صنع المتمتع في عمرته إذا حج من عامه ولم ينصرف إلى بلده، فالتمتع والقران يتفقان في هذا المعنى)((الاستذكار)) (4/ 93)، ((المجموع)) للنووي (7/ 190)، ((الشرح الكبير)) لشمس الدين ابن قدامة (3/ 246).

ص: 282

رابعاً: أن إيجاب الهدي على القارن هو إجماع من يعتد به من أهل العلم، نقله الشنقيطي (1)، ووصف ابن حجر قول ابن حزم بعدم الوجوب بالشذوذ (2).

المبحث السادس: التطوع في الهدي

يسن التطوع بالهدي للمفرد والمتمتع والقارن وللحاج ولغير الحاج:

الأدلة:

أولاً: من السنة:

1 -

عن جابر بن عبدالله رضي الله عنهما في حديثه الطويل في صفة حجة النبي صلى الله عليه وسلم: ((ثم انصرف إلى المنحر، فنحر ثلاثا وستين بيده، ثم أعطى عليا، فنحر ما غبر، وأشركه في هديه، ثم أمر من كل بدنة ببضعة، فجعلت في قدر، فطبخت، فأكلا من لحمها وشربا من مرقها)) (3).

وجه الدلالة:

أنه معلوم أن ما زاد على الواحدة منها تطوع (4).

2 -

عن عائشة رضي الله عنها قالت: ((أهدى النبي صلى الله عليه وسلم مرة غنما)) (5)

3 -

عن عائشة رضي الله عنها، قالت:((فتلت قلائد هدي النبي صلى الله عليه وسلم، ثم أشعرها وقلدها، أو قلدتها ثم بعث بها إلى البيت، وأقام بالمدينة فما حرم عليه شيء كان له حل)) (6)

ثانياً: الإجماع:

نقل القرافي الإجماع على ذلك (7).

المبحث السابع: الأكل من الهدي

المطلب الأول: الأكل من هدي التطوع

يسن لمن أهدى هديا تطوعاً أن يأكل منه إذا بلغ محله في الحرم.

الأدلة:

أولاً: من الكتاب:

1 -

قال الله عز وجل: فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْبَائِسَ الْفَقِيرَ [الحج: 27].

2 -

وقال عز وجل: فَإِذَا وَجَبَتْ جُنُوبُهَا فَكُلُوا مِنْهَا [الحج: 36].

وجه الدلالة من الآيتين:

أن فيهما الأمر بالأكل من الهدي وأقل أحوال الأمر الاستحباب (8).

ثانياً: من السنة:

1 -

عن جابر بن عبدالله رضي الله عنهما في حديثه الطويل في صفة حجة النبي صلى الله عليه وسلم: ((ثم انصرف إلى المنحر، فنحر ثلاثا وستين بيده، ثم أعطى عليا، فنحر ما غبر، وأشركه في هديه، ثم أمر من كل بدنة ببضعة، فجعلت في قدر، فطبخت، فأكلا من لحمها وشربا من مرقها)) (9).

وجه الدلالة:

أنه معلوم أن ما زاد على الواحدة منها تطوع، وقد أكل منها وشرب من مرقها جميعا (10).

2 -

عن جابر بن عبدالله رضي الله عنهما قال: ((كنا لا نأكل من بدننا فوق ثلاث، فرخص لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: كلوا وتزودوا، فأكلنا وتزودنا)) (11).

ثالثاً: الإجماع:

(1) قال الشنقيطي: (أجمع من يعتد به من أهل العلم أن القارن يلزمه ما يلزم المتمتع من الهدي، والصوم عند العجز عن الهدي، وهذا مذهب عامة العلماء، منهم الأئمة الأربعة، إلا من شذ شذوذا لا عبرة به، وليس كل خلاف جاء معتبرا إلا خلافا له وجه من النظر، إلا من شذ شذوذا لا عبرة به، وليس كل خلاف جاء معتبرا إلا خلافا له وجه من النظر)((أضواء البيان)) باختصار (5/ 128).

(2)

((فتح الباري)) لابن حجر (4/ 7).

(3)

رواه مسلم (1218)

(4)

((أضواء البيان)) للشنقيطي (5/ 197)، وينظر:((التمهيد)) لابن عبدالبر (2/ 113).

(5)

رواه البخاري (1701)، ومسلم (1321)

(6)

رواه البخاري (1699)، ومسلم (1321)

(7)

قال القرافي: (لا أعلم في التطوع بالهدي خلافا، وقد بعث النبيَّ صلى الله عليه وسلم بالهدايا تطوعا مع ناجية الأسلمي ومع غيره، وما زال السلف على ذلك)((الذخيرة)) (3/ 354).

(8)

قال ابن عبدالبر: ((في قول الله عز وجل ما يغني عن قول كل قائل إلا أني أقول الأكل من الهدي بالقرآن ومن الضحية بالسنة)) ((التمهيد)) لابن عبدالبر (10/ 267)، وينظر:((الشرح الكبير)) لشمس الدين ابن قدامة (3/ 579).

(9)

رواه مسلم (1218)

(10)

((أضواء البيان)) للشنقيطي (5/ 197)، وينظر:((التمهيد)) لابن عبدالبر (2/ 113).

(11)

رواه البخاري (1719)، ومسلم (1972)

ص: 283

الإجماع على جواز الأكل من هدي التطوع، نقله النووي (1)، وابن عبدالبر (2)، وابن حجر (3)، والشنقيطي (4).

رابعاً: أنه دم نسك، ولا يتعين صرفه إلى الفقراء، والقاعدة أن ما لم يجب صرفه على الفقراء جاز الأكل منه (5).

المطلب الثاني: الأكل من هدي التمتع والقران

يستحب الأكل من هدي التمتع والقران، وهذا مذهب جمهور الفقهاء من الحنفية (6)، والمالكية (7)، والحنابلة (8)، وبه قال عطاء (9)، واختاره الشوكاني (10)، والشنقيطي (11).

الأدلة:

أولاً: من الكتاب

قال الله عز وجل: وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَّعْلُومَاتٍ عَلَى مَا رَزَقَهُم مِّن بَهِيمَةِ الأَنْعَامِ فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْبَائِسَ الْفَقِيرَ [الحج: 28].

وجه الدلالة:

أنه سبحانه أمر بالأكل من الهدي، فعم ولم يخص واجباً من تطوع، وهي من شعائر الله فلا يجب أن يمتنع من أكل شيء منها إلا بدليل لا معارض له أو بإجماع (12).

ثانياً: من السنة:

عن عائشة رضي الله عنها قالت: ((فدخل علينا يوم النحر بلحم بقر فقلت: ما هذا؟ فقيل: ذَبَحَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم عن أزواجه)) (13).

وجه الدلالة:

أن أزواج النبي صلى الله عليه وسلم ذبح عنهن صلى الله عليه وسلم بقراً ودخل عليهن بلحمه وهن متمتعات، وعائشة منهن قارنة وقد أكلن جميعا مما ذبح عنهن في تمتعهن وقرانهن بأمره صلى الله عليه وسلم، وهو نص صحيح صريح في جواز الأكل من هدي التمتع والقران (14).

ثالثاً: أنه دم نسك وشكران وسببه غير محظور ولم يسم للمساكين ولا مدخل للإطعام فيه فأشبه هدي التطوع (15).

المطلب الثالث: الأكل من الهدي الذي وجب لترك نسك أو تأخيره، أو كان بسبب فسخ النسك

لا يجوز الأكل من الهدي الذي وجب لترك نسك أو تأخير، أو كان بسبب فسخ النسك، وهذا مذهب جمهور الفقهاء من الحفية (16)، والشافعية (17)، والحنابلة (18).

وذلك للآتي:

أنها دماء كفارات، يجب التصدق بها على الفقراء، وفي الأكل منها تفويت لحقهم.

(1) قال النووي: (أجمع العلماء على أن الأكل من هدى التطوع وأضحيته سنة ليس بواجب)((شرح النووي على مسلم)) (8/ 192).

(2)

قال ابن عبدالبر: (أجمع العلماء على جواز الأكل من التطوع إذا بلغ محله)((التمهيد)) لابن عبدالبر (2/ 113).

(3)

((فتح الباري)) لابن حجر (3/ 556).

(4)

قال الشنقيطي: (الأكل من هدي التطوع لا خلاف فيه بين العلماء بعد بلوغه محله، وإنما خلافهم في استحباب الأكل منه، أو وجوبه)((أضواء البيان)) (5/ 197).

(5)

((فتح القدير)) للكمال ابن الهمام (3/ 162).

(6)

((الهداية شرح البداية)) للميرغيناني (1/ 186)، ((فتح القدير)) للكمال ابن الهمام (3/ 161).

(7)

((الشرح الكبير)) للدردير (2/ 89)، ((الفواكه الدواني)) للنفراوي (2/ 855).

(8)

((الشرح الكبير)) لشمس الدين ابن قدامة (3/ 579)، ((الإنصاف)) للمرداوي (4/ 75).

(9)

((الاستذكار)) لابن عبدالبر (4/ 255)، ((فتح الباري)) لابن حجر (3/ 557).

(10)

((الدراري المضية)) للشوكاني (2/ 200).

(11)

قال الشنقيطي: (الذي يرجحه الدليل في هذه المسألة: هو جواز الأكل من هدي التطوع وهدي التمتع والقران دون غير ذلك). ((أضواء البيان)) للشنقيطي (5/ 197).

(12)

((التمهيد)) لابن عبدالبر (2/ 113).

(13)

رواه البخاري (1709)، ومسلم (1211)

(14)

((أضواء البيان)) للشنقيطي (5/ 197).

(15)

((المغني)) لابن قدامة (3/ 465).

(16)

((الهداية شرح البداية)) للميرغيناني (1/ 186)، ((فتح القدير)) للكمال ابن الهمام (3/ 161).

(17)

((روضة الطالبين)) للنووي (3/ 221)، ((المجموع)) للنووي (8/ 417).

(18)

((الشرح الكبير)) لشمس الدين ابن قدامة (3/ 579)، ((الإنصاف)) (4/ 75).

ص: 284

أنها غرم جناية، فإذا أكل منها لم يغرم (1).

المطلب الرابع: الأكل من هدي الكفارات

لا يجوز الأكل من هدي الكفارات الذي وجب لفعل محظور، وهذا باتفاق المذاهب الفقهية: الحنفية (2)، والمالكية (3)، والشافعية (4)، والحنابلة (5)(6).

وذلك للآتي:

- أنها دماء كفارات، يجب التصدق بها على الفقراء، وفي الأكل منها تفويت لحقهم (7).

- أنها عوض عن الترفه، فالجمع بين الأكل منها والترفه، كالجمع بين العوض والمعوض (8).

المبحث الثامن: من لم يقدر على الهدي

المطلب الأول: حكم من لم يقدر على الهدي

إذا لم يقدر المتمتع والقارن على الهدي بأن لم يجد هدياً في السوق، أو وجده لكن لم يجد معه ثمنه، فإنه يصوم عشرة أيام في الحج، وسبعة إذا رجع (9).

الأدلة:

أولاً: من الكتاب:

قوله تعالى: فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ وَسَبْعَةٍ إِذَا رَجَعْتُمْ تِلْكَ عَشَرَةٌ كَامِلَةٌ [البقرة: 196].

ثانياً: من السنة:

عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: ((تمتع الناس مع النبي صلى الله عليه وسلم بالعمرة إلى الحج، فلما قدم رسولُ الله صلى الله عليه وسلم قال للناس: من لم يكن معه هدي فليطف بالبيت وبالصفا والمروة، وليقصر، ثم ليهل بالحج ويهدي، فمن لم يجد فليصم ثلاثة أيام في الحج، وسبعة إذا رجع إلى أهله)) (10).

ثالثاً: الإجماع:

نقل الإجماع على ذلك: ابنُ المنذر (11) وابن قدامة (12).

المطلب الثاني: وقت صيام الثلاثة أيام في الحج لمن لم يجد الهدي

من لم يجد الهدي فإنه يبتدئ الصيام من زمن إحرامه، سواءً كان بإحرامه بالعمرة إذا كان متمتعاً، أو كان بإحرامه بالحج والعمرة إذا كان قارناً، وهذا مذهب الحنفية (13)، والحنابلة (14)، واختاره ابن عثيمين (15).

الأدلة:

أولاً: من الكتاب:

قال الله تعالى: فَصِيَامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ [البقرة: 196].

وجه الدلالة:

(1)((أضواء البيان)) للشنقيطي (5/ 196).

(2)

((الهداية شرح البداية)) للميرغيناني (1/ 186)، ((فتح القدير)) للكمال ابن الهمام (3/ 161، 162).

(3)

((حاشية الدسوقي على الشرح الكبير)) (2/ 89)، ((الفواكه الدواني)) للنفراوي (2/ 855).

(4)

((روضة الطالبين)) للنووي (3/ 221)، ((المجموع)) للنووي (8/ 417) ..

(5)

((الشرح الكبير لابن قدامة)) (3/ 579)، ((الإنصاف)) للمرداوي (4/ 75).

(6)

منهم: عطاء، وطاووس، ومجاهد. ((الاستذكار)) لابن عبدالبر (4/ 255)، ((فتح الباري)) لابن حجر (3/ 557).

(7)

((أضواء البيان)) للشنقيطي (5/ 196).

(8)

((حاشية الدسوقي على الشرح الكبير)) (2/ 89).

(9)

((مغني المحتاج)) للشربيني (1/ 516)، ((الشرح الممتع)) لابن عثيمين (7/ 176).

(10)

رواه البخاري (1691)، ومسلم (1227)

(11)

قال ابن المنذر: (أجمعوا على أن من أهل بعمرة في أشهر الحج من أهل الآفاق، وقدم مكة ففرغ منها، فأقام بها فحج من عامه أنه متمتع، وعليه الهديُ إذا وجد، وإلا فالصيام)((الإجماع)) لابن المنذر (ص: 56).

(12)

قال ابن قدامة: (لا نعلم بين أهل العلم خلافا، في أن المتمتع إذا لم يجد الهدي، ينتقل إلى صيام ثلاثة أيام في الحج، وسبعة إذا رجع تلك عشرة كاملة)((المغني)) لابن قدامة (3/ 417).

(13)

((المبسوط)) للسرخسي (4/ 327)، ((الهداية شرح البداية)) للميرغيناني (1/ 157).

(14)

((المغني)) لابن قدامة (3/ 417)، ((كشاف القناع)) للبهوتي (2/ 453).

(15)

((الشرح الممتع)) لابن عثيمين (6/ 481)، ((مجموع فتاوى ورسائل العثيمين)) (22/ 42).

ص: 285

أنه جَعَلَ الحجَّ ظرفا للصوم، وأفعال الحج لا يصام فيها، وإنما يصام في أشهرها أو وقتها، فعرفنا أن المراد به وقت الحج، كما قال الله تعالى: الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ [البقرة: 197](1).

ثانياً: من السنة:

عن جابر بن عبدالله رضي الله عنهما، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:((دخلت العمرة في الحج)) (2).

وجه الدلالة:

أنَّه يدل على جواز الصيام من الإحرام بالعمرة؛ وذلاك لأن العمرة دخلت في الحج إلى يوم القيامة (3)

ثالثاً: أنَّه لا بد من الحكم بجواز الصوم بعد الإحرام العمرة، وقبل الشروع في الحج إذ لو كان لا يجوز إلا بعد إحرامه بالحج لما أمكنه صيام الثلاثة أيَّام لأنه إنما يشرع له الإحرام بالحج يوم التروية فلا يتبق له ما يسع الصيام (4).

رابعاً: أنَّ صيام المتمتع قبل إحرامه بالحج هو من باب تقديم الواجب على وقت وجوبه إذا وجد سببه، وهو جائز كتقديم الكفارة على الحنث بعد اليمين (5).

خامساً: أن إحرام العمرة أحد إحرامي التمتع، فجاز الصوم بعده كإحرام الحج (6).

مسألة:

الأفضل أن يقدم صيام الثلاثة أيَّام على يوم عرفة، ليكون يوم عرفة مفطراً، وهذا مذهب الشافعية (7)، وروي عن مالك (8)، وهو قول للحنابلة (9)، وبه قال طائفة من السلف (10)، واختاره ابن باز (11)، وابن عثيمين (12).

الأدلة:

أولاً: من السنة:

عن ابن عباس رضي الله عنهما: ((أن النبي صلى الله عليه وسلم أفطر بعرفة، وأرسلت إليه أم الفضل بلبن فشرب)) (13)

ثانياً: أن الفطر في هذا اليوم أقوى على العبادة، وأنشط له على الذكر والدعاء (14).

المطلب الثالث: صيام أيَّام التشريق لمن لم يجد الهدي

(1)((المبسوط)) للسرخسي (4/ 327)، ((المغني)) لابن قدامة (3/ 418).

(2)

رواه البخاري (1785)، ومسلم (1218)

(3)

((الشرح الممتع)) لابن عثيمين (6/ 481)، ((مجموع فتاوى ورسائل العثيمين)) (22/ 42).

(4)

((بدائع الصنائع)) للكاساني (2/ 172).

(5)

((المغني)) لابن قدامة (3/ 418)، ((كشاف القناع)) للبهوتي (2/ 453).

(6)

((الذخيرة)) للقرافي (3/ 352، 352).

(7)

((المجموع)) للنووي (7/ 185)، ((مغني المحتاج)) للشربيني (1/ 517).

(8)

((تفسير القرطبي)) (2/ 399).

(9)

((المغني)) لابن قدامة (3/ 417).

(10)

روي ذلك عن ابن عمر وعائشة رضي الله عنهم. ((المغني)) لابن قدامة (3/ 417).

(11)

((مجموع فتاوى ابن باز)) (16/ 88).

(12)

((مجموع فتاوى ورسائل العثيمين)) (24/ 376).

(13)

رواه الترمذي (750)، وأحمد (1/ 217)(1870)، والنسائي في ((السنن الكبرى)) (2/ 153)(2815)، وابن حبان (8/ 370)(3605)، والبيهقي (4/ 284) (8648). قال الترمذي:(حسن صحيح)، وصححه الطبري في ((مسند عمر)) (1/ 350)، وابن دقيق في ((الاقتراح)) (106)، والألباني في ((صحيح سنن الترمذي))

(14)

((تفسير القرطبي)) (2/ 399)، ((مجموع فتاوى ابن باز)) (16/ 88).

ص: 286

يجوز صوم أيَّام التشريق (1) لمن لم يجد الهدي، ولم يكن قد صامها قبل يوم النحر، وهذا مذهب المالكية (2)، والحنابلة (3)، وقولٌ للشافعية (4)،وبه قال طائفة من السلف (5)، واختاره البخاري (6)، وابن عبدالبر (7)، وابن حجر (8)، وابن باز (9)، والألباني (10)، وابن عثيمين (11).

الأدلة:

أولاً: من الكتاب:

قال تعالى: فَمَن لَّمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ [البقرة: 196].

وجه الدلالة:

أن عموم قوله: فِي الْحَجِّ يعم ما قبل يوم النحر وما بعده، فيدخل أيام التشريق.

ثانياً: من السنة:

عن ابن عمر وعائشة رضي الله عنهما قالا: ((لم يرخص في أيام التشريق أن يصمن إلا لمن لا يجد الهدي)) (12).

وجه الدلالة:

أن قول الصحابي لم يرخص أو رخص لنا، أو ما أشبه ذلك يعتبر مرفوعاً حكماً (13).

ثالثاً: أن صومها في أيام التشريق صوم لها في أيام الحج؛ لأن أيام التشريق أيام للحج، ففيها رمي الجمرات في الحادي عشر والثاني عشر وكذلك الثالث عشر (14).

المطلب الرابع: من لم يصم الهدي قبل عرفة هل يسقط عنه أو يبقى في ذمته؟

من لم يصم الثلاثة أيام في الحج فإنه لا يسقط الصيام عنه، ويلزمه بعد ذلك القضاء، وهذا مذهب الجمهور من المالكية (15)، والشافعية (16)، والحنابلة (17).

المطلب الخامس: من أخر صيام ثلاثة أيام التي في الحج حتى انتهى حجه، فهل تلزمه الفدية؟

(1) أيام التشريق: (هي أيام منى الثلاثة التي تلى يوم النحر). قال ابن عبدالبر: (لا خلاف بين العلماء أن أيام التشريق هي الأيام المعدودات، وهي أيام منى، وهي ثلاثة أيام بعد يوم النحر كل هذه الأسماء واقعة على هذه الأيام ولم يختلفوا في ذلك). ((التمهيد)) (12/ 129)، ((فتح الباري)) (4/ 243).

(2)

((الكافي في فقه أهل المدينة)) لابن عبدالبر (1/ 346)، ((حاشية العدوي على كفاية الطالب الرباني)) (1/ 558).

(3)

((الشرح الكبير)) لشمس الدين ابن قدامة (3/ 111)، ((الإنصاف)) للمرداوي (3/ 249).

(4)

((الحاوي الكبير)) للماوردي (3/ 455)، ((مغني المحتاج)) للشربيني (1/ 517).

(5)

فهو قول: (ابن عمر، وعائشة رضي الله عنهما، والزهري، وعروة، والأوزاعي، وإسحاق)((التمهيد)) لابن عبدالبر (12/ 128)، ((فتح الباري)) لابن حجر (3/ 434).

(6)

((فتح الباري)) لابن حجر (4/ 242).

(7)

قال ابن عبدالبر في صيامها لمن لم يجد الهدي: (وهو الأولى لأنها من أيام الحج وقد قال الله عز وجل: فَصِيَامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ)((الكافي في فقه أهل المدينة)) لابن عبدالبر (1/ 347).

(8)

قال ابن حجر: (تعارض عموم الآية المشعر بالإذن، وعموم الحديث المشعر بالنهي، وفي تخصيص عموم المتواتر بعموم الآحاد نظر لو كان الحديث مرفوعا فكيف وفي كونه مرفوعا نظر؟ فعلى هذا يترجح القول بالجواز، وإلى هذا جنح البخاري. والله أعلم)((فتح الباري)) (4/ 243).

(9)

((مجموع فتاوى ابن باز)) (16/ 88).

(10)

((سلسلة الأحاديث الضعيفة)) للألباني (12/ 382 رقم 5664).

(11)

((الشرح الممتع)) لابن عثيمين (6/ 481).

(12)

رواه البخاري (1997، 1998)

(13)

((الشرح الممتع)) لابن عثيمين (6/ 481، 7/ 179).

(14)

((الاستذكار)) للنووي (4/ 414)، ((الشرح الممتع)) لابن عثيمن (7/ 179).

(15)

((الذخيرة)) للقرافي (3/ 351)، ((حاشية الدسوقي على الشرح الكبير)) (2/ 84).

(16)

((المجموع)) للنووي (7/ 186)، ((مغني المحتاج)) للشربيني (1/ 517).

(17)

((الإنصاف)) للمرداوي (3/ 364)، ((الإقناع)) لابن قدامة (1/ 369).

ص: 287

من أخر صيام ثلاثة الأيام التي في الحج حتى انتهى حجه، فلا تلزمه الفدية، وهو مذهب المالكية (1)، والشافعية (2)، واختاره ابن عثيمين (3).

وذلك للآتي:

- أنه لما عدم الهدي صار الصيام واجبا في حقه، فإذا تأخر عن أدائه فإنه يقضى كرمضان (4).

- أن الصوم بدل عن الهدي، فلو وجب الدم لاجتمع البدل والمبدل معه، وهو خلاف الأصل (5).

المطلب السادس: حكم صيام السبعة أيام بمكة بعد فراغه من الحج

يجوز صيام السبعة أيام بمكة بعد فراغه من الحج، وإن كان الأفضل تأخيره إلى أن يرجع إلى أهله، وهذا مذهب جمهور الفقهاء: الحنفية (6)، والمالكية (7)، والحنابلة (8)، وهو قولٌ للشافعي (9).

الأدلة:

أولاً: أدلة جواز الصيام بعد فراغه من الحج

قوله تعالى: وَسَبْعَةٍ إِذَا رَجَعْتُمْ [البقرة: 197].

وجه الدلالة:

أن المراد من الرجوع الفراغ من الحج؛ لأن الفراغ منه سبب الرجوع إلى أهله، فكان الأداء بعد حصول السبب، فيجوز (10).

أن كل صوم لزمه، وجاز في وطنه، جاز قبل ذلك، كسائر الفروض (11).

أنه صومٌ وجد من أهله بعد وجود سببه، فأجزأه، كصوم المسافر والمريض (12).

ثانياً: أدلة أفضلية الصيام بعد رجوعه إلى أهله:

عن ابن عمر رضي الله عنهما: ((أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: فمن لم يجد هديا فليصم ثلاثة أيام في الحج وسبعة إذا رجع إلى أهله)) (13).

وجه الدلالة:

أنه يدل أن الأصل في الصيام أن يكون بعد رجوعه إلى أهله، وفيه تفسير للآية الكريمة.

احتياطاً؛ لأنه اختلف في جوازه قبل ذلك، فيفعله على الوجه المجمع عليه أحسن (14).

المطلب السابع: هل يشترط أن يكون صيام الأيام متتابعة؟

يجوز صوم الثلاثة أيام في الحج، والسبعة إذا رجع إلى أهله متتابعة ومتفرقة باتفاق المذاهب الفقهية الأربعة: الحنفية (15)، والمالكية (16)، والشافعية (17)، والحنابلة (18)، وحكي في ذلك الإجماع (19).

الأدلة:

أولاً: من الكتاب:

قال تعالى: فَصِيَامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ وَسَبْعَةٍ إِذَا رَجَعْتُمْ [البقرة: 196](20).

ثانيا: من السنة:

عن ابن عمر رضي الله عنهما: ((أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: فمن لم يجد هدياً فليصم ثلاثة أيام في الحج، وسبعة إذا رجع إلى أهله)) (21).

وجه الدلالة من الدليلين:

أنَّ الشارع أطلق الصيام ولم يشترط فيه التتابع، والواجب إطلاق ما أطلقه الله ورسوله (22).

(1)((الذخيرة)) للقرافي (3/ 351)، ((حاشية الدسوقي على الشرح الكبير)) (2/ 84).

(2)

((روضة الطالبين)) للنووي (3/ 53)، ((مغني المحتاج)) للشربيني (1/ 517).

(3)

((الشرح الممتع)) (7/ 180).

(4)

((الشرح الممتع)) (7/ 180).

(5)

((الذخيرة)) للقرافي (3/ 352).

(6)

((بدائع الصنائع)) للكاساني (2/ 173)، ((الهداية شرح البداية)) للميرغيناني (1/ 155).

(7)

((مواهب الجليل)) لحطاب (4/ 270)، ((حاشية الدسوقي على الشرح الكبير)) (2/ 85).

(8)

((المغني)) لابن قدامة (3/ 418)، ((كشاف القناع)) للبهوتي (2/ 454).

(9)

((المجموع)) للنووي (7/ 187)، ((روضة الطالبين)) للنووي (3/ 54).

(10)

((لهداية شرح البداية)) للميرغيناني (1/ 155).

(11)

((المغني)) لابن قدامة (3/ 418).

(12)

((المغني)) لابن قدامة (3/ 418).

(13)

رواه البخاري (1691)، ومسلم (1227).

(14)

((مواهب الجليل)) لحطاب (4/ 270).

(15)

((المبسوط)) للسرخسي (3/ 148)، ((بدائع الصنائع)) للكاساني (2/ 76).

(16)

((الذخيرة)) للقرافي (3/ 267)، ((التاج والإكليل)) للمواق (2/ 413).

(17)

((المجموع)) للنووي (7/ 189)، ((مغني المحتاج)) للشربيني (1/ 517).

(18)

((الشرح الكبير)) لشمس الدين ابن قدامة (3/ 336)، ((الإنصاف)) للمرداوي (3/ 365).

(19)

قال ابن قدامة: (لا يجب التتابع، وذلك لا يقتضي جمعا ولا تفريقا. وهذا قول الثوري، وإسحاق، وغيرهما. ولا نعلم فيه مخالفا). ((المغني)) لابن قدامة (3/ 418).

(20)

((المبسوط)) للسرخسي (3/ 148).

(21)

رواه البخاري (1691)، ومسلم (1227)

(22)

((المبسوط)) للسرخسي (3/ 148)، ((مجموع فتاوى ورسائل العثيمين)) (24/ 376).

ص: 288