الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المبحث الثالث: تقليم الأظافر
المطلب الأول: حكم إزالة الأظفار للمحرم
لأهل العلم في قص المحرم ظفره قولان:
القول الأول: أن المحرم ممنوعٌ من إزالة أظفاره، وهذا باتفاق المذاهب الفقهية الأربعة: الحنفية (1)، والمالكية (2)، والشافعية (3)، والحنابلة (4)، وحكى فيه الإجماع ابن المنذر (5)، وابن قدامة (6).
الأدلة:
أولاً: من الكتاب:
قوله تعالى: ثُمَّ لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ [الحج: 29] جاء عن بعض السلف في تفسيرها أنها تدل على منع المحرم من أخذ أظفاره (7).
ثالثاً: من آثار الصحابة:
عن ابن عباس رضي الله عنهما، أنه قال في تفسير آية الحج: ثُمَّ لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ: ((التفث: الرمي، والذبح، والحلق والتقصير، والأخذ من الشارب، والأظفار، واللحية)) (8).
رابعا: أنه إزالة جزءٍ ينمو من بدنه، يقضي به تفثه، ويترفه بإزالته، أشبه الشعر (9).
(1)((الهداية)) للمرغياني (1/ 163)، ((البحر الرائق)) لابن نجيم (3/ 12).
(2)
((الكافي)) لابن عبدالبر (1/ 388)، ((الذخيرة)) للقرافي (3/ 312) ..
(3)
((المجموع)) للنووي (7/ 247،248).
(4)
((الشرح الكبير)) لشمس الدين ابن قدامة (3/ 262).
(5)
قال ابن المنذر: (أجمعوا على أن المحرم ممنوعٌ من أخذ أظفاره)((الإجماع)) لابن المنذر (ص: 52). وقال الشنقيطي: (لم يعتبر ابن المنذر في حكايته الإجماع قول داود الظاهري: إن المحرم له أن يقص أظفاره، ولا شيء عليه لعدم النص، وفي اعتبار داود في الإجماع خلاف معروف، والأظهر عند الأصوليين اعتباره في الإجماع والله تعالى أعلم)((أضواء البيان)) (5/ 47).
(6)
قال ابن قدامة: (أجمع أهل العلم على أن المحرم ممنوعٌ من قلم أظفاره إلا من عذر)((المغني)) (3/ 150).
(7)
عن ابن عباس رضي الله عنهما، أنه قال ((التفث: الرمي، والذبح، والحلق والتقصير، والأخذ من الشارب، والأظفار، واللحية)). قال الشنقيطي:(على التفسير المذكور، فالآية تدل على أن الأظفار كالشعر بالنسبة إلى المحرم، ولا سيما أنها معطوفة بـ «ثم» على نحر الهدايا، فدل على أن الحلق وقص الأظافر ونحو ذلك ينبغي أن يكون بعد النحر، ويؤيد التفسير المذكور كلام أهل اللغة)((أضواء البيان)) للشنقيطي باختصار (5/ 48)، وينظر:((بدائع الصنائع)) للكاساني (6/ 15).
(8)
رواه ابن أبي شيبة في ((المصنف)) (4/ 85)
(9)
((الهداية شرح البداية)) للمرغيناني (1/ 163)، ((الشرح الكبير على المقنع)) لشمس الدين ابن قدامة (3/ 262).
القول الثاني: أنه يجوز للمحرم أن يقص شعره وأظفاره، وهذا مذهب الظاهرية (1)، وجعله ابن مفلح احتمالا (2)، وذلك للآتي:
1 -
أنه لم يأت نص من كتاب ولا سنة في منعهما.
2 -
أنه دون الشعر في الترفه، فيمتنع الإلحاق (3).
3 -
أن النبي صلى الله عليه وسلم أخبر أن من الفطرة قص الأظفار، والفطرة سنة لا يجوز تعديها، ولم يخص عليه السلام مُحْرماً من غيره: وَمَا كَانَ رَبُّكَ نَسِيًّا [مريم: 64](4).
المطلب الثاني: ما تحصل به إزالة الأظافر:
إزالة الظفر كإزالة الشعر سواء قلمه أو كسره أو قطعه، وكل ذلك حرامٌ موجبٌ للفدية (5).
المطلب الثالث: ما يجب من الفدية في تقليم الأظفار:
يجب في تقليم الأظافر فدية الأذى، وهذا باتفاق المذاهب الفقهية الأربعة: الحنفية (6)، والمالكية (7)، والشافعية (8)، والحنابلة (9)، وبه قال أكثر أهل العلم (10)؛ وذلك لأنه أزال ما مُنِعَ إزالته لأجل الترفه، فوجبت عليه الفدية كحلق الشعر، وعدم النص لا يمنع قياسه على المنصوص، كشعر البدن مع شعر الرأس (11).
المطلب الرابع: قص ما انكسر من الظفر
إن انكسر ظفره فله قص ما انكسر منه، ولا شيء عليه.
الأدلة:
أولاً: من الكتاب:
قوله تعالى: يُرِيدُ اللهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ [البقرة:185].
وانكسار الظفر يغلب في الأسفار، وهذا يوجب الرخصة فيه (12).
(1) قال ابن حزم: (جائزٌ للمحرم دخول الحمام، والتدلك، وغسل رأسه بالطين، والخطمي، والاكتحال، والتسويك، والنظر في المرآة، وشم الريحان، وغسل ثيابه، وقص أظفاره وشاربه، ونتف إبطه، والتنور، ولا حرج في شيءٍ من ذلك، ولا شيء عليه فيه; لأنه لم يأت في منعه من كل ما ذكرنا قرآنٌ ولا سنة)((المحلى)) (7/ 246). وقال النووي: (قال داود: يجوز للمحرم قلم أظفاره كلها ولا فدية عليه، هكذا نقل العبدري عنه، وقد نقل ابن المنذر وغيره إجماع المسلمين على تحريم قلم الظفر في الإحرام فلعلهم لم يعتدوا بداود وفي الاعتداد به في الإجماع خلاف)((المجموع)) (7/ 248).
(2)
قال ابن مفلح: (حكم الأظفار كالشعر; لأن المنع منه للترفه، ذكره ابن المنذر إجماعاً وسبق قول داود في تخصيصه بالرأس خاصة، ويتوجه هنا احتمال; لأنه إن سلم الترفه به فهو دون الشعر، فيمتنع الإلحاق، ولا نص يصار إليه)((الفروع)) (5/ 409). وقال ابن عثيمين: (تقليم الأظافر لم يرد فيه نص، لا قرآني ولا نبوي، لكنهم قاسوه على حلق الشعر بجامع الترفه، وإذا كان داود ينازع في حلق بقية الشعر الذي بالجسم في إلحاقها بالرأس، فهنا من باب أولى، ولهذا ذكر في الفروع أنه يتوجه احتمال ألا يكون من المحظورات، بناءً على القول بأن بقية الشعر ليس من المحظورات، لكن نقل بعض العلماء الإجماع على أنه من المحظورات، فإن صح هذا الإجماع، فلا عذر في مخالفته، بل ليتبع، وإن لم يصح فإنه يبحث في تقليم الأظافر كما بحثنا في حلق بقية الشعر)((الشرح الممتع)) (7/ 117).
(3)
((الفروع)) لابن مفلح (5/ 409).
(4)
((المحلى)) لابو حزم (7/ 247).
(5)
((المجموع)) للنووي (7/ 247، 248)، ((روضة الطالبين)) للنووي (3/ 135).
(6)
((البحر الرائق)) لابن نجيم (3/ 12).
(7)
((الكافي)) لابن عبدالبر (1/ 389).
(8)
((المجموع)) للنووي (7/ 247، 248).
(9)
) ((الشرح الكبير)) لشمس الدين ابن قدامة (3/ 262)
(10)
((الشرح الكبير)) لشمس الدين ابن قدامة (3/ 265).
(11)
((الشرح الكبير)) لشمس الدين ابن قدامة (3/ 265).
(12)
((الذخيرة)) للقرافي (3/ 313).
ثانياً: عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: ((المسلم ينزع ضرسه، وإن انكسر ظفره طرحه، أميطوا عنكم الأذى؛ فإن الله تعالى لا يصنع بأذاكم شيئا)) (1).
وجه الدلالة:
أنه قول صحابي، ولا يُعرف له مخالفٌ من الصحابة رضي الله عنهم (2).
ثالثاً: الإجماع:
نقله ابن المنذر (3) وابن قدامة (4).
رابعاً: أن بقاءه يؤلمه، أشبه الشعر النابت في عينه (5).
خامساً: أنه إزالةٌ لأذاه، فلم يكن عليه فدية، كقتل الصيد الصائل (6).
سادساً: أنه بعد الكسر لا ينمو، فهو كحطب شجر الحرم (7).
(1) روى أوله البخاري معلقاً بصيغة الجزم قبل حديث (1840)، ورواه موصولاً الدارقطني في ((السنن)) (2/ 232)، والبيهقي (5/ 62)(9392). صحح إسناده العيني في ((عمدة القاري)) (9/ 220)، والألباني في ((حجة النبي)) (28).
(2)
((المحلى)) لابن حزم (7/ 248).
(3)
قال ابن المنذر: (أجمع كل من نحفظ عنه من أهل العلم على أن للمحرم أن يزيل ظفره بنفسه إذا انكسر)((الإجماع)) لابن المنذر ص (52)، ((الشرح الكبير على المقنع)) لشمس الدين ابن قدامة (3/ 262).
(4)
قال ابن قدامة: (أجمع أهل العلم على أن المحرم ممنوعٌ من قلم أظفاره، إلا من عذر)((المغني)) (3/ 150). وذكر ابن عبدالبر أثر محمد بن عبدالله بن أبي مريم أنه سأل سعيد بن المسيب عن ظفرٍ له انكسر وهو محرم فقال سعيد: اقطعه. قال ابن عبدالبر: (هذا أيضاً لا بأس به عند العلماء)((الاستذكار)) (4/ 137).
(5)
((الشرح الكبير)) لشمس الدين ابن قدامة (3/ 267،268).
(6)
((التاج والإكليل)) للمواق (3/ 143)، ((الشرح الكبير)) لشمس الدين ابن قدامة (3/ 262).
(7)
قال الشنقيطي: (لا ينبغي أن يختلف في أن الظفر إذا انكسر جاز أخذه، ولا شيء فيه; لأنه بعد الكسر لا ينمو فهو كحطب شجر الحرم)((أضواء البيان)) (5/ 46).