الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المبحث الأول: الجماع في النسك
المطلب الأول: حكم الجماع للمحرم في النسك
الوطء في الفرج حرامٌ على المحرم، ومفسدٌ لنسكه.
الأدلة:
أولاً: من الكتاب:
قوله تعالى: الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَّعْلُومَاتٌ فَمَن فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلَا رَفَثَ وَلَا فُسُوقَ وَلَا جِدَالَ فِي الْحَجِّ [البقرة: 197].
وجه الدلالة:
أن الرَّفَث: هو الجماع عند أكثر العلماء، (1)، ولم يختلف العلماء في قول الله عز وجل: أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَائِكُمْ [البقرة: 187] أنه الجماع، فكذلك هاهنا (2).
ثانياً: أقوال الصحابة رضي الله عنهم
1 -
عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال في رجل وقع على امرأته وهو محرم: ((اقضيا نسككما، وارجعا إلى بلدكما، فإذا كان عام قابل فاخرجا حاجين، فإذا أحرمتما فتفرقا، ولا تلتقيا حتى تقضيا نسككما واهديا هدياً)) (3).
2 -
عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده:((أن رجلا أتى عبدالله بن عمرو، فسأله عن محرم وقع بامرأته، فأشار إلى عبدالله بن عمر، فقال: اذهب إلى ذلك واسأله، قال شعيب: فلم يعرفه الرجل، فذهبت معه، فسأل ابن عمر، فقال: بطل حجك، فقال الرجل: أفأقعد؟ قال: لا، بل تخرج مع الناس، وتصنع ما يصنعون، فإذا أدركت قابلا فحج، وأهد، فرجع إلى عبدالله بن عمرو، فأخبره، ثم قال: اذهب إلى ابن عباس فاسأله، قال شعيب: فذهبت معه، فسأله، فقال له مثل ما قال ابن عمر، فرجع إلى عبدالله بن عمرو، فأخبره، ثم قال: ما تقول أنت؟ قال: أقول مثل ما قالا)) (4).
وجه الدلالة من هذه الآثار:
أنه قول طائفة من الصحابة رضي الله عنهم، ولا يعرف لهم مخالف في عصرهم (5).
ثالثاً: الإجماع:
(1) روي ذلك عن ابن عباس، وابن عمر رضي الله عنهم، وعطاء بن أبي رباح، وعطاء بن يسار، ومجاهد، والحسن، والنخعي، والزهري، وقتادة، قال ابن عبدالبر:(أجمع علماء المسلمين على أن وطء النساء على الحاج حرام من حين يحرم حتى يطوف طواف الإفاضة؛ وذلك لقوله تعالى: (فلا رفث) البقرة 197، والرفث في هذا الموضع الجماع عند جمهور أهل العلم بتأويل القرآن) ((الاستذكار)) (4/ 257)، ((التمهيد)) لابن عبدالبر (19/ 55). وقال شمس الدين ابن قدامة:(في الجملة كل ما فسر به الرفث ينبغي للمحرم أن يجتنبه إلا أنه في الجماع أظهر لما ذكرنا من تفسير الأئمة، ولأنه قد جاء في موضع آخر وأريد به الجماع، وهو قوله: أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَائِكُمْ *البقرة: 187*)((الشرح الكبير على المقنع)) (3/ 328، 329).
(2)
((التمهيد)) لابن عبدالبر (19/ 55).
(3)
رواه البيهقي (5/ 167)(10064). وصحح إسناده النووي في ((المجموع)) (7/ 386).
(4)
رواه الدارقطني في ((السنن)) (3/ 50)(209)، والبيهقي (5/ 167)(10065). وصحح إسناده البيهقي، والنووي في ((المجموع)) (7/ 387)، والشنقيطي في ((أضواء البيان)) (5/ 417).
(5)
((المغني)) لابن قدامة (3/ 308)، ((المجموع)) للنووي (7/ 414).
نقل الإجماع على تحريم الوطء حال الإحرام: ابن عبدالبر (1)، وابن رشد (2)، والنووي (3)،ونقل الإجماع على فساد النسك بالوطء: ابن المنذر (4)، وابن حزم (5)،والشربيني (6)، وابن مفلح (7) والشنقيطي (8).
المطلب الثاني: متى يَفسد الحج بالجماع؟
لا يخلو الجماع في الحج من ثلاث أحوال:
الحال الأولى: من جامع قبل الوقوف بعرفة، فسد حجه بالإجماع، نقله ابن المنذر (9)، وابن حزم (10)، وابن عبدالبر (11)، وابن رشد (12)، والزيلعي (13)، والشربيني (14)، والشنقيطي (15).
الحال الثانية: من جامع بعد الوقوف بعرفة وقبل التحلل الأول فسد حجه عند جمهور الفقهاء من المالكية في المشهور (16)، والشافعية (17)، والحنابلة (18)، واختاره ابن باز (19).
الأدلة:
أولاً: آثار الصحابة
(1) قال ابن عبدالبر: (أجمع علماء المسلمين على أن وطء النساء على الحاج حرام من حين يحرم حتى يطوف طواف الإفاضة)((الاستذكار)) (4/ 257)، ((التمهيد)) لابن عبدالبر (19/ 55). وقال شمس الدين ابن قدامة:(في الجملة كل ما فسر به الرفث ينبغي للمحرم أن يجتنبه إلا أنه في الجماع أظهر لما ذكرنا من تفسير الأئمة، ولأنه قد جاء في موضع آخر وأريد به الجماع، وهو قوله: أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَائِكُمْ *البقرة: 187*)((الشرح الكبير على المقنع)) (3/ 328، 329).
(2)
قال ابن رشد: (أجمع المسلمون على أن وطء النساء على الحاج حرام من حين يحرم)((بداية المجتهد)) (1/ 329).
(3)
قال النووي: (أجمعت الأمة على تحريم الجماع في الإحرام، سواء كان الإحرام صحيحا أم فاسدا، وتجب به الكفارة والقضاء)((المجموع)) للنووي (7/ 290، 414).
(4)
قال ابن المنذر: (أجمع أهل العلم على أن الحج لا يفسد بإتيان شيء في حال الإحرام إلا الجماع)((الإجماع)) لابن المنذر (ص: 52).
(5)
قال ابن حزم: (اتفقوا أن جماع النساء في فروجهن ذاكراً لحجه يفسخ الإحرام ويفسد الحج)((مراتب الإجماع)) (ص: 42).
(6)
((مغني المحتاج)) للخطيب الشربيني (1/ 522).
(7)
قال ابن مفلح: (الوطء في قبل يفسد به النسك في الجملة إجماعا)((الفروع)) (5/ 443).
(8)
قال الشنقيطي: (لا خلاف بينهم أنه لا يفسد الحج من محظورات الإحرام، إلا الجماع خاصة)((أضواء البيان)) (5/ 29)
(9)
قال ابن المنذر: (أجمعوا على أن من جامع عامدًا في حجه قبل وقوفه بعرفة أن عليه حج قابل والهدي)((الإجماع)) لابن المنذر (ص: 52).
(10)
قال ابن حزم: (اتفقوا أن جماع النساء في فروجهن ذاكرا لحجه يفسخ الإحرام ويفسد الحج ما لم يقدم المعتمر مكة ولم يأت وقت الوقوف بعرفة للحاج)((مراتب الإجماع)) (ص: 42).
(11)
قال ابن عبدالبر: (أجمعوا على أن من وطىء قبل الوقوف بعرفة فقد أفسد حجه)((الاستذكار)) (4/ 258).
(12)
قال ابن رشد: (اتفقوا على أن من وطئ قبل الوقوف بعرفة فقد أفسد حجه)((بداية المجتهد)) (1/ 370).
(13)
((تبيين الحقائق)) للزيلعي (2/ 57).
(14)
((مغني المحتاج)) لخطيب الشربيني (1/ 522).
(15)
قال الشنقيطي: ((لا خلاف بين أهل العلم: أن المحرم إذا جامع امرأته قبل الوقوف بعرفات: أن حجه يفسد بذلك)((أضواء البيان)) (5/ 28).
(16)
((التاج والإكليل)) للمواق (3/ 167)، ((الشرح الكبير)) للدردير (2/ 68).
(17)
((المجموع)) للنووي (7/ 384)، ((نهاية المحتاج)) للرملي (3/ 340).
(18)
قال أحمد: (لا أعلم أحدا قال: إن حجه تام)((المغني)) لابن قدامة (3/ 423)، ((الإنصاف)) للمرداوي (3/ 350).
(19)
((مجموع فتاوى ابن باز)) (16/ 132).
عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده:((أن رجلا أتى عبدالله بن عمرو، فسأله عن محرم وقع بامرأته، فأشار إلى عبدالله بن عمر، فقال: اذهب إلى ذلك واسأله، قال شعيب: فلم يعرفه الرجل، فذهبت معه، فسأل ابن عمر، فقال: بطل حجك، فقال الرجل: أفأقعد؟ قال: لا، بل تخرج مع الناس، وتصنع ما يصنعون، فإذا أدركت قابلا فحج، وأهد، فرجع إلى عبدالله بن عمرو، فأخبره، ثم قال: اذهب إلى ابن عباس فاسأله، قال شعيب: فذهبت معه، فسأله، فقال له مثل ما قال ابن عمر، فرجع إلى عبدالله بن عمرو، فأخبره، ثم قال: ما تقول أنت؟ قال: أقول مثل ما قالا)) (1).
وجه الدلالة:
أنه قول هؤلاء الصحابة، ولم يفرقوا بين ما قبل الوقوف وبعده، ويدل عليه أنهم لم يستفصلوا السائل (2).
ثانياً: القياس على فساد النسك بالجماع قبل الوقوف بعرفة، والجامع أن كلا منهما وطءٌ صادف إحراما تاما قبل التحلل (3).
الحال الثالثة: من جامع بعد التحلل الأول فلا يفسد نسكه باتفاق المذاهب الفقهية الأربعة (4): الحنفية (5)، والمالكية (6)، والشافعية (7)، والحنابلة (8)، وبه قال طائفة من السلف (9).
الأدلة:
أولاً: من السنة:
عن عروة بن مضرس الطائي قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((من أدرك معنا هذه الصلاة وأتى عرفات قبل ذلك ليلاً أو نهاراً فقد تم حجُّه وقضى تفثه)) (10).
وجه الدلالة:
أنه إذا تم حجه يوم النحر فلا وجه لإبطاله بعد ذلك.
ثانياً: عن ابن عباس رضي الله عنهما أن رجلاً أصاب من أهله قبل أن يطوف بالبيت يوم النحر فقال: ((ينحران جزوراً بينهما، وليس عليهما الحج من قابل)) (11).
وجه الدلالة:
أنه قول ابن عباس رضي الله عنهما، ولا يعرف له مخالف من الصحابة (12).
ثالثاً: أن إحرامه بعد تحلله الأول غير تام، وإنما عليه بقيةٌ من إحرام، هو حرمة الوطء، وهذا لا يجوز أن يفسِد ما مضى من عبادته (13).
(1) رواه الدارقطني في ((السنن)) (3/ 50)(209)، والبيهقي (5/ 167)(10065). وصحح إسناده البيهقي، والنووي في ((المجموع)) (7/ 387)، والشنقيطي في ((أضواء البيان)) (5/ 417).
(2)
((المغني)) لابن قدامة (3/ 309، 423).
(3)
((المغني)) لابن قدامة (3/ 423)، ((تبيين الحقائق وحاشية الشلبي)) (2/ 58).
(4)
((أضواء البيان)) للشنقيطي (5/ 29).
(5)
((تبيين الحقائق وحاشية الشلبي)) (2/ 58)، ((البحر الرائق)) لابن نجيم (3/ 18).
(6)
((التاج والإكليل)) للمواق (3/ 167)، ((الشرح الكبير)) للدردير وحاشية الدسوقي (2/ 68).
(7)
((المجموع)) للنووي (7/ 393)، ((نهاية المحتاج)) للرملي (3/ 340).
(8)
((المغني)) لابن قدامة (3/ 425)، ((الإنصاف)) للمرداوي (3/ 353).
(9)
قال ابن قدامة: (الوطء بعد الجمرة لا يفسد الحج، وهو قول ابن عباس، وعكرمة، وعطاء، والشعبي، وربيعة، ومالك، والشافعي، وإسحاق، وأصحاب الرأي)((المغني)) لابن قدامة (3/ 425).
(10)
رواه أبو داود (1950)، والترمذي (891)، والنسائي (5/ 263)، وأحمد (4/ 15) (16253). قال الترمذي:(حسن صحيح)، وصححه الطحاوي في ((شرح معاني الآثار)) (2/ 208)، وأبو أحمد الحاكم ((المدخل)) (52)، وقال أبو نعيم في ((حلية الأولياء)) (7/ 221):(صحيح ثابت)، وصححه النووي في ((المجموع)) (8/ 97)، وابن الملقن في ((البدر المنير)) (6/ 240)، وابن القيم في ((أعلام الموقعين)) (4/ 252).
(11)
رواه الدارقطني في ((السنن)) (2/ 272)، والبيهقي (5/ 171) (10083). قال الألباني في ((إرواء الغليل)) (1044): صحيح موقوف.
(12)
((المغني)) لابن قدامة (3/ 425).
(13)
((المغني)) لابن قدامة (3/ 423).
رابعاً: أن الحج عبادة لها تحللان، فوجود المفسد بعد تحللها الأول لا يفسدها، كوجود المفسد بعد التسليمة الأولى في الصلاة لا يفسدها (1).
المطلب الثالث: ما يترتب على الجماع في النسك
يترتب على الجماع في الحج خمسة أشياء:
أولاً: الإثم.
ثانياً: فساد النسك.
وهذان الأمران سبق بحثهما.
ثالثاً: وجوب المضي في فاسده، وعلى ذلك أكثر العلماء (2).
الأدلة:
أولاً: من الكتاب:
قوله تعالى: وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ [البقرة: 196].
وجه الدلالة:
أنه أمر بإتمام الحج والعمرة، وأطلق، ولم يُفرِّق بين صحيحها وفاسدها (3).
ثانياً: أفتى بذلك جمع من الصحابة رضي الله عنهم، ولا يعرف لهم مخالف (4).
رابعاً: وجوب القضاء
الأدلة:
أولاً: أفتى بذلك جمعٌ من الصحابة رضي الله عنهم، ولا يعرف لهم مخالف (5).
ثانياً: الإجماع:
نقل الإجماع على وجوب القضاء ابن المنذر (6)، والنووي (7)، والشربيني (8).
ثالثاً: أن النسك يلزم بالشروع فيه فصار فرضا بخلاف باقي العبادات (9).
خامساً: الفدية
(1)((المغني)) لابن قدامة (3/ 425).
(2)
قال النووي: (قال الشافعي والأصحاب ويلزم من أفسد حجا أو عمرة أن يمضي في فاسدهما وهو أن يتم ما كان يعمله لولا الإفساد ونقل أصحابنا اتفاق العلماء على هذا وأنه لم يخالف فيه إلا داود الظاهري فإنه قال يخرج منه بالإفساد)((المجموع)) (7/ 388)، ((البحر الرائق)) لابن نجيم (3/ 17)، ((الإنصاف)) للمرداوي (3/ 351).
(3)
((مغني المحتاج)) للشربيني (1/ 523)، ((أضواء البيان)) للشنقيطي (5/ 37).
(4)
قال ابن عثيمين: (لا شك أن الصحابة رضي الله عنهم أعمق منا علما، وأسد منا رأيا، فهم إلى الصواب أقرب منا فنأخذ بأقوالهم)((الشرح الممتع)) (7/ 159، 160)، وانظر:((مغني المحتاج)) للشربيني (1/ 523).
(5)
((مغني المحتاج)) للشربيني (1/ 523)، ((الشرح الممتع)) لابن عثيمين (7/ 159،160).
(6)
قال ابن المنذر: (أجمعوا على أن من جامع عامدًا في حجه قبل وقوفه بعرفة أن عليه حج قابل)((الإجماع)) (ص: 52).
(7)
قال النووي: (يجب [على] مفسد الحج أو العمرة القضاء بلا خلاف سواء كان الحج أو العمرة فرضا أو نفلا)((المجموع)) (7/ 389).
(8)
((مغني المحتاج)) للشربيني (1/ 523).
(9)
((مغني المحتاج)) للشربيني (1/ 523).
تجب الفدية على من أفسد النسك بالجماع، وقد اتفق أهل العلم على ذلك (1)، والواجب في ذلك في الحج بدنة، وهو مذهب جمهور الفقهاء من المالكية (2)، والشافعية (3)، والحنابلة (4)، وبه قال طوائف من السلف (5)، واختاره ابن باز (6).
الأدلة:
أولاً:
1 -
عن عكرمة: ((أن رجلا قال لابن عباس: أصبت أهلي، فقال ابن عباس: أما حجكما هذا فقد بطل فحجا عاما قابلا ثم أهلا من حيث أهللتما، وحيث وقعت عليها ففارقها فلا تراك ولا تراها حتي ترميا الجمرة وأهد ناقة ولتهد ناقة))، وعنه أيضاً:((إذا جامع فعلى كل واحد منهما بدنة)) (7).
2 -
وروي عن عمر نحوه (8).
ثانياً: أنه وطءٌ صادف إحراما تاما، فأوجب البدنة (9).
ثالثاً: أن ما يفسد الحج، الجناية به أعظم، فكفارته يجب أن تكون أغلظ (10).
مسألة:
يفسد نسك المرأة بالجماع مطلقا (11)، فإن كانت مطاوعة فعليها بدنة كالرجل، فإن كانت مكرهة فإنه لا يجب عليها هدي، وهذا مذهب المالكية (12)، والحنابلة (13)، وبه قال طائفة من السلف (14).
أدلة وجوب البدنة على المرأة إذا كانت مطاوعة
أولاً: الآثار عن الصحابة رضي الله عنهم:
1 -
عن عكرمة مولى ابن عباس: ((أن رجلا وامرأته من قريش لقيا ابن عباس بطريق المدينة، فقال: أصبت أهلي، فقال ابن عباس: أما حجكما هذا فقد بطل فحجا عاما قابلا، ثم أهلا من حيث أهللتما حتى إذا بلغتما حيث وقعت عليها ففارقها فلا تراك ولا تراها حتى ترميا الجمرة وأهد ناقة، ولتهد ناقة)) (15).
(1) قال ابن المنذر: (أجمعوا على أن من جامع عامدًا في حجه قبل وقوفه بعرفه أن عليه حج قابل والهدي)((الإجماع)) لابن المنذر (ص: 52). وقال النووي: (أجمعت الأمة علي تحريم الجماع في الإحرام، سواء كان الإحرام صحيحا أم فاسدا، وتجب به الكفارة والقضاء). ((المجموع)) (7/ 290، 414).
(2)
((الذخيرة)) للقرافي (3/ 340)، ((حاشية العدوي)) (1/ 551).
(3)
((المجموع)) للنووي (7/ 416)، ((مغني المحتاج)) للشربيني (1/ 522).
(4)
((المغني)) لابن قدامة (3/ 424)، ((الإنصاف)) للمرداوي (3/ 368).
(5)
قال ابن قدامة: (يجب على المجامع بدنة، روي ذلك عن ابن عباس، وعطاء، وطاوس، ومجاهد، ومالك، والشافعي، وأبي ثور)((المغني)) لابن قدامة (3/ 309، 424). قال النووي: (مذهبنا أنه يلزم من أفسد حجه بدنة، وبه قال ابن عباس وعطاء وطاوس ومجاهد ومالك والثوري وأبو ثور وإسحق)((المجموع)) للنووي (7/ 416). وقال الشنقيطي: (وهو قول جماعات من الصحابة وغيرهم منهم ابن عباس، وطاوس، ومجاهد، والثوري، وأبو ثور، وإسحاق، وغيرهم)((أضواء البيان)) (5/ 35، 36).
(6)
((مجموع فتاوى ابن باز)) (16/ 132).
(7)
رواه البيهقي (5/ 168)(10067). وصححه الذهبي في ((المهذب)) (4/ 1922).
(8)
((المغني)) لابن قدامة (3/ 424).
(9)
((المغني)) لابن قدامة (3/ 424).
(10)
((المغني)) لابن قدامة (3/ 424).
(11)
قال ابن قدامة: (أما فساد الحج، فلا فرق فيه بين حال الإكراه والمطاوعة، لا نعلم فيه خلافا)((المغني)) (3/ 309).
(12)
لكن يجب على من أكرهها أن يهدي عنها. ((الكافي)) لابن عبدالبر (1/ 399)، ((التاج والإكليل)) للمواق (3/ 169).
(13)
((المغني)) لابن قدامة (3/ 309)، ((شرح منتهى الإرادات)) للبهوتي (1/ 550).
(14)
((المغني)) لابن قدامة (3/ 309)، وانظر:((أضواء البيان)) للشنقيطي (5/ 36)، ((مجموع فتاوى ابن باز)) (16/ 132).
(15)
رواه البيهقي (5/ 168)(10067). وصححه الذهبي في ((المهذب)) (4/ 1922).
2 -
عن يزيد بن يزيد بن جابر قال: سألت مجاهدا، عن المحرم يواقع امرأته، فقال: كان ذلك على عهد عمر بن الخطاب، فقال:((يقضيان حجهما والله أعلم بحجهما، ثم يرجعان حلالا كل واحد منهما لصاحبه، فإذا كان من قابل حجا وأهديا وتفرقا من المكان الذي أصابهما)) (1)
وجه الدلالة:
أنه أمر الرجل والمرأة أن يهديا جميعا، فقال:((وأهديا)).
ثانياً: أنها أحد المتجامعين من غير إكراه، فلزمتها بدنة كالرجل (2).
ثالثاً: أن الأصل استواء الرجال والنساء في الأحكام إلا بدليل (3).
ب- أدلة سقوط الهدي عنها إذا كانت مكرهة
أولاً: من الكتاب:
قوله تعالى: مَن كَفَرَ بِاللَّهِ مِن بَعْدِ إيمَانِهِ إِلَاّ مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالإِيمَانِ وَلَكِن مَّن شَرَحَ بِالْكُفْرِ صَدْرًا فَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ مِّنَ اللَّهِ [النحل: 106].
وجه الدلالة:
أن الكفر إذا كان يسقط موجبه بالإكراه، فما دونه من باب أولى.
ثانياً: من السنة:
عن ابن عباس رضي الله عنهما، قال: قال رسول صلى الله عليه وسلم: ((إن الله تجاوز عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه)) (4).
ثالثاً: أنه جماعٌ يوجب الكفارة، فلم تجب به حال الإكراه أكثر من كفارة واحدة، كما في الصيام (5).
(1) رواه ابن أبي شيبة في ((المصنف)) (3/ 537)، والبيهقي (5/ 167)(10063). قال البيهقي في ((السنن الصغير)) (2/ 158)(هذه المراسيل عن عمر يتأكد بعضها ببعض)، وقال الذهبي في ((تنقيح التحقيق)) (2/ 30):(منقطع).
(2)
((المغني)) لابن قدامة (3/ 309)
(3)
((الشرح الممتع)) لابن عثيمين (6/ 403).
(4)
رواه ابن ماجه (2045) بلفظ: (وضع) بدلاً من (تجاوز لي)، والحاكم (2/ 198)، والبيهقي (7/ 356)، وقال الحاكم:(هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه)، وحسنه النووي في ((الأربعين النووية)) (39)، وقال ابن كثير في ((تحفة الطالب)) (232):(إسناده جيد)، وحسنه ابن حجر في ((التلخيص الحبير)) (1/ 281)، وقال الشوكاني في ((فتح القدير)) (1/ 461):(لا تقصر عن رتبة الحسن لغيره)، وصححه الألباني في ((صحيح سنن ابن ماجه)) (2045).
(5)
((المغني)) لابن قدامة (3/ 309).