الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الفصل الثاني: أنواع الطواف
المبحث الأول: طواف القدوم
المطلب الأول: أسماء طواف القدوم
يسمَّى طواف القادم، وطواف الورود، وطواف الوارد، وطواف التحية، وطواف اللقاء (1).
المطلب الثاني: حكم طواف القدوم
طواف القدوم سنة للقارن والمفرد القادمين من خارج مكة (2)، وهذا مذهب جمهور الفقهاء من الحنفية (3)، والشافعية (4)، والحنابلة (5).
الأدلة:
أولاً: من الكتاب:
قوله تعالى: وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ [الحج: 29].
وجه الدلالة:
أن الأمر المطلق لا يقتضي التكرار، وقد تعين أن المقصود بهذا الطواف طواف الإفاضة بالإجماع، فلا يكون غيره كذلك. (6)
ثانياً: من السنة:
1 -
عن محمد بن عبدالرحمن بن نوفل القرشي، أنه سأل عروة بن الزبير فقال: قد حج النبي صلى الله عليه وسلم، فأخبرتني عائشة رضي الله عنها:((أنه أول شيء بدأ به حين قدم أنه توضأ، ثم طاف بالبيت، ثم لم تكن عمرة)). ثم حج أبو بكر رضي الله عنه فكان أول شيء بدأ به الطواف بالبيت، ثم لم تكن عمرة ثم عمر رضي الله عنه مثل ذلك ثم حج عثمان رضي الله عنه، فرأيته أول شيء بدأ به الطواف بالبيت ثم لم تكن عمرة ثم معاوية، وعبدالله بن عمر، ثم حججت مع أبي الزبير بن العوام فكان أول شيء بدأ به الطواف بالبيت، ثم لم تكن عمرة ثم رأيت المهاجرين والأنصار يفعلون ذلك، ثم لم تكن عمرة، ثم آخر من رأيت فعل ذلك ابن عمر، ثم لم ينقضها عمرة، وهذا ابن عمر عندهم فلا يسألونه، ولا أحد ممن مضى، ما كانوا يبدءون بشيء حتى يضعوا أقدامهم من الطواف بالبيت، ثم لا يحلون وقد رأيت أمي وخالتي حين تقدمان، لا تبتدئان بشيء أول من البيت، تطوفان به، ثم إنهما لا تحلان)) (7).
2 -
حديث جابر الطويل في صفة حجة النبي صلى الله عليه وسلم وفيه: ((حتى إذا أتينا البيت معه استلم الركن، فرمل ثلاثاً، ومشى أربعاً)) (8).
وجه الدلالة:
أن النبي صلى الله عليه وسلم كان قارنا، وكان طوافه أول ما قدم للقدوم.
ثالثاً: أن الله سبحانه لم يأمر بذلك الطواف ولا رسوله، ولا اتفق الجميع على وجوبه، وإنما اتفقوا على أنه من شعائر الحج ونسكه، وهذا اليقين، فلا يخرج عنه إلا ببرهان (9).
رابعاً: سقوط هذا الطواف عن الحائض، وعن المراهق الذي لم يدرك إلا الوقوف بعرفة، فلو كان واجبا لوجب قضاؤه وتداركه، أو جبره بدم.
خامساً: القياس على تحية المسجد، فإنها ليست واجبة، ولاعلى من تركها شيء، فكذلك طواف القدوم فإنه تحية البيت (10).
المطلب الثالث: وقت طواف القدوم
(1)((تبيين الحقائق)) للزيلعي (2/ 19)، ((نهاية المحتاج)) للرملي (3/ 277)، ((المبدع)) لبرهان الدين ابن مفلح (3/ 142).
(2)
أما أهل مكة فلا طواف قدوم لهم؛ وذلك لانعدام القدوم في حقهم، وأما المتمتع فإنه يباشر أعمال عمرته من الطواف والسعي. ((فتح القدير)) للكمال ابن الهمام (2/ 457، 458)، ((الكافي)) لابن عبدالبر (1/ 360)، ((المجموع)) للنووي (8/ 12)، ((قواعد ابن رجب)) (ص: 25).
(3)
((تبيين الحقائق وحاشية الشلبي)) (2/ 19)، ((فتح القدير)) للكمال ابن الهمام (2/ 457).
(4)
((المجموع)) للنووي (8/ 12)، ((مغني المحتاج)) للشربيني (1/ 484).
(5)
((الشرح الكبير)) لشمس الدين ابن قدامة (3/ 469)، ((كشاف القناع)) للبهوتي (2/ 477).
(6)
((فتح القدير)) للكمال ابن الهمام (2/ 458).
(7)
رواه البخاري (1641) ومسلم (3060) واللفظ للبخاري.
(8)
رواه مسلم (1218).
(9)
قال ابن عبدالبر: (لا خلاف بين العلماء أن هذا الطواف من سنن الحج وشعائره ونسكه)((التمهيد)) (17/ 271، 272).
(10)
((فتح القدير)) للكمال ابن الهمام (2/ 457)، ((مجلة البحوث الإسلامية)) (44/ 190، 50/ 221).
يبدأ وقت طواف القدوم حين دخول مكة، وينتهي بالوقوف بعرفة، وهذا مذهب جمهور الفقهاء من الحنفية (1)، والمالكية (2)، والشافعية (3)، وهو قول للحنابلة (4)، واختاره ابن قدامة (5)، وابن تيمية (6)، وصححه ابن رجب (7).
الأدلة:
أدلة أن طواف القدوم يكون عند أول القدوم إلى مكة
أولاً: من السنة:
1 -
عن عائشة رضي الله عنها قالت: ((إن أول شيء بدأ به حين قدم النبي صلى الله عليه وسلم مكة أنه توضأ ثم طاف)) (8).
2 -
عن جابر رضي الله عنهما، في صفة حجة النبي صلى الله عليه وسلم:((حتى إذا أتينا البيت معه استلم الركن فرمل ثلاثا ومشى أربعا)) (9).
ثانياً: أنه تحية البيت العتيق، والتحية إنما تكون في أول شيء.
أدلة أن وقت طواف القدوم ينتهي بالوقوف بعرفة
أولاً: من السنة:
عن عائشة رضي الله قالت: ((فطاف الذين أهلوا بالعمرة، ثم حلوا، ثم طافوا طوافا آخر، بعد أن رجعوا من منى، وأما الذين جمعوا بين الحج والعمرة، فإنما طافوا طوافا واحدا)) (10).
وجه الدلالة:
أن النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه إنما طافوا بعد يوم عرفة طواف الإفاضة، ومنهم من كان متمتعا لم يطف إلا طواف عمرته، ومنهم من لم يدرك الحج إلا يوم عرفة، فعلم أن طواف القدوم إنما يشرع لمن أتى البيت قبل الوقوف بعرفة (11).
ثانياً: أن المحرم بعد الوقوف بعرفة مطالب بطواف الفرض، وهو طواف الزيارة.
ثالثاً: أن طواف الإفاضة يغني عن طواف القدوم لمن لم يقدم البيت إلا بعد يوم عرفة، كالصلاة الفرض تغني عن تحية المسجد (12).
رابعاً: أن طواف القدوم لو لم يسقط بالطواف الواجب، لشرع في حق المعتمر طواف للقدوم مع طواف العمرة؛ لأنه أول قدومه إلى البيت، فهو به أولى من المتمتع، الذي يعود إلى البيت بعد رؤيته وطوافه به (13).
خامساً: أن طواف القدوم شُرِعَ في ابتداء الحج على وجه يترتب عليه سائر الأفعال فلا يكون الإتيان به على غير ذلك الوجه سنة (14).
المطلب الرابع: متى يسقط طواف القدوم؟
يسقط طواف القدوم عن أربعة أصناف:
أ – الحائض: وفي حكمها النفساء، وذلك إذا استمر دمهما إلى يوم عرفة (15).
دليل ذلك:
(1)((تبيين الحقائق وحاشية الشلبي)) (2/ 37)، ((العناية شرح الهداية)) للبابرتي (2/ 508).
(2)
((الكافي)) لابن عبدالبر (1/ 360)، ((مواهب الجليل)) للحطاب (4/ 115).
(3)
((الحاوي الكبير)) للماوردي (4/ 134)، ((نهاية المحتاج)) للرملي (3/ 292).
(4)
((المبدع)) برهان الدين ابن مفلح (3/ 173)، ((الإنصاف)) للمرداوي (4/ 32).
(5)
قال ابن قدامة مستدركاً على الإمام أحمد قوله بمشروعية طواف القدوم للمتمتع بعد يوم عرفة: (لا أعلم أحدا وافق أبا عبدالله على هذا الطواف الذي ذكره الخرقي، بل المشروع طواف واحد للزيارة، كمن دخل المسجد وقد أقيمت الصلاة، فإنه يكتفي بها عن تحية المسجد؛ ولأنه لم ينقل عن النبي صلى الله عليه وسلم؛ ولا عن أصحابه الذين تمتعوا معه في حجة الوداع؛ ولا أمر به النبي صلى الله عليه وسلم أحدا)((المغني)) لابن قدامة (3/ 392، 393).
(6)
قال ابن تيمية: (لا يستحب للمتمتع أن يطوف طواف القدوم بعد رجوعه من عرفة قبل الإفاضة، وهذا هو الصواب)((الإنصاف)) للمرداوي (4/ 33).
(7)
قال ابن رجب: (وهو الأصح)((قواعد ابن رجب)) (ص: 25).
(8)
رواه البخاري (1641)، ومسلم (3060) واللفظ للبخاري.
(9)
رواه مسلم (1218).
(10)
رواه البخاري (1556)، ومسلم (1211).
(11)
((المغني)) لابن قدامة (3/ 392، 393).
(12)
((تبيين الحقائق وحاشية الشلبي)) (2/ 37)، ((المغني)) لابن قدامة (3/ 393).
(13)
((تبيين الحقائق وحاشية الشلبي)) (2/ 37)، ((المغني)) لابن قدامة (3/ 393).
(14)
((تبيين الحقائق وحاشية الشلبي)) (2/ 37).
(15)
((مواهب الجليل)) للحطاب (4/ 115).
عن عائشة رضي الله عنها، قالت:((خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم لا نذكر إلا الحج، حتى جئنا سرف فطمثت، فدخل علي رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا أبكي، فقال: ما يبكيك؟ فقلت: والله، لوددت أني لم أكن خرجت العام، قال: ما لك؟ لعلك نفست؟ قلت: نعم، قال: هذا شيء كتبه الله على بنات آدم، افعلي ما يفعل الحاج غير أن لا تطوفي بالبيت حتى تطهري .. قالت: فلما كان يوم النحر طهرت، فأمرني رسول الله صلى الله عليه وسلم فأفضت)) (1).
وجه الدلالة:
أن عائشة رضي الله عنها لم تطف للقدوم، وذلك أنها حاضت قبل القدوم إلى مكة، فأمرها النبي صلى الله عليه وسلم أن تفعل ما يفعله الحاج إلا الطواف بالبيت، فلم تطهر إلا يوم النحر، فطافت للإفاضة.
ب- المكي: وفي حُكمهالآفاقي إذا أحرم من مكة (2).
دليل ذلك:
أن طواف القدوم شرع للقدوم، والقدوم في حق المكي غير موجود.
ج - المعتمر والمتمتع
دليل ذلك:
أن طواف القدوم يندرج في طواف العمرة، كالصلاة الفرض تغني عن تحية المسجد.
د - من قصد عرفة رأسا للوقوف يسقط عنه طواف القدوم (3)
دليل ذلك:
أن محل طواف القدوم المسنون قبل وقوف عرفة، وقد فات.
(1) رواه مسلم (1211).
(2)
((الكافي)) لابن عبدالبر (1/ 360).
(3)
((الكافي)) لابن عبدالبر (1/ 360).