الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المبحث الرابع: التمتع في الحج
المطلب الأول: تعريف التمتع
التمتع هو أن يحرم بالعمرة في أشهر الحج، ثم يحل منها، ثم يحرم بالحج من عامه (1).
المطلب الثاني: سبب تسمية النسك بالتمتع
السبب الأول: أن المتمتع يتمتع بإسقاط أحد السفرين عنه، فشأن كل واحد من النسكين أن يحرم به من الميقات، وأن يرحل إليه من قطره، فإذا تمتع بالنسكين في سفرة واحدة، فإنه يكون قد سقط أحدهما، فجعل الشرعُ الدمَ جابراً لما فاته، ولذلك وجب الدم أيضاً على القارن، وكل يوصف بالتمتع في عرف الصحابة لهذا المعنى، ولذلك أيضاً لم يجب الدم على المكي متمتعاً كان أو قارناً؛ لأنه ليس من شأنه الميقات ولا السفر.
السبب الثاني: أن المتمتع يتمتع بين العمرة والحج بالنساء والطيب، وبكل ما لا يجوز للمحرم فعله من وقت حله في العمرة إلى وقت الحج، وهذا يدل عليه الغاية في قوله تعالى: فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ [البقرة: 196]، فإن ذلك يدل على أن ثمة تمتعا بين العمرة والحج، ويدل عليه أيضاً لفظ التمتع فإنه في اللغة بمعنى التلذذ والانتفاع بالشيء.
السبب الثالث: أن التمتع سُمِّي بذلك لانتفاعه بالتقرب إلى الله تعالى بالعبادتين.
السبب الرابع: أن التمتع سمي بذلك لتمتعه بالحياة حتى أدرك إحرام الحجة.
والسببان الأولان: هما المشهوران عند أهل العلم (2).
المطلب الثالث: صور التمتع
التمتع له صورتان:
الصورة الأصلية:
أن يحرم بالعمرة في أشهر الحج، ثم يحرم بالحج بعد فراغه من العمرة، وهذه الصورة صحيحة بالإجماع، ونقله ابن المنذر (3)، وابن عبدالبر (4)، والقرطبي (5).
الصورة الطارئة: فسخ الحج إلى عمرة
(1)((مجلة البحوث الإسلامية)) (59/ 208).
(2)
((التمهيد)) لابن عبدالبر (8/ 344)، ((الذخيرة)) للقرافي (3/ 293)، ((مرعاة المفاتيح)) للمباركفوري (8/ 459)، ((مجلة البحوث الإسلامية)) (59/ 208).
(3)
قال ابن المنذر: (أجمعوا على أن من أهل بعمرة في أشهر الحج من أهل الآفاق من الميقات وقدم مكة ففرغ منها وأقام بها وحج من عامه أنه متمتع)((الإجماع)) لابن المنذر (ص: 56).
(4)
((التمهيد)) لابن عبدالبر (8/ 342، 344).
(5)
((تفسير القرطبي)) (2/ 390،391).
أن يحرم بالحج، ثم قبل طوافه، يفسخ حجه إلى عمرة، فإذا فرغ من العمرة وحل منها، أحرم بالحج، وهذه الصورة تصح عند الحنابلة (1)، والظاهرية (2)، وبه قال طائفة من السلف (3)، واختاره ابن تيمية (4)، وابن القيم (5)، والشنقيطي (6)، وابن باز (7)، ابن عثيمين (8).
الأدلة:
أولاً: من السنة:
- عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: ((كانوا يرون العمرة في أشهر الحج من أفجر الفجور في الأرض ويجعلون المحرم صفرا، ويقولون: إذا برأ الدبر، وعفى الأثر، وانسلخ صفر حلت العمرة لمن اعتمر، فقدم النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه صبيحة رابعة مهلين بالحج فأمرهم أن يجعلوها عمرة فتعاظم ذلك عندهم فقالوا: يا رسول الله أي الحل قال: الحل كله)) (9).
- عن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأصحابه: ((اجعلوها عمرة، فأحل الناس إلا من كان معه الهدي)) (10).
عن جابر رضي الله عنهما، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:((لو أني استقبلت من أمري ما استدبرت لم أسق الهدي، وجعلتها عمرة، فمن كان منكم ليس معه هدي فليحل، وليجعلها عمرة، فقام سراقة بن مالك بن جعشم، فقال: يا رسول الله، ألعامنا هذا أم لأبد؟ فشبك رسول الله صلى الله عليه وسلم أصابعه واحدة في الأخرى، وقال: دخلت العمرة في الحج مرتين لا، بل لأبد أبد)) (11).
وجه الدلالة:
(1)((المغني)) لابن قدامة (3/ 359).
(2)
فسح الحج إلى عمرة واجب عند الظاهرية لمن لم يسق الهدي. ((المحلى)) لابن حزم (7/ 99 رقم 833)، ((بداية المجتهد)) لابن رشد (1/ 333).
(3)
منهم ابن عباس رضي الله عنهما والحسن البصري ومجاهد. ((التمهيد)) لابن عبدالبر (8/ 358)، ((بداية المجتهد)) لابن رشد (1/ 333)، ((مجموع الفتاوى)) لابن تيمية (26/ 49)، ((مجلة البحوث الإسلامية)) (59/ 222).
(4)
قال ابن تيمية: (كثير مما تنازعوا فيه قد جاءت السنة فيه بالأمرين مثل الحج، قيل: لا يجوز فسخ الحج إلى العمرة؛ بل قيل: ولا تجوز المتعة، وقيل بل ذلك واجب والصحيح أن كليهما جائز فإن النبي صلى الله عليه وسلم أمر الصحابة في حجة الوداع بالفسخ وقد كان خيرهم بين الثلاثة وقد حج الخلفاء بعده ولم يفسخوا)((مجموع الفتاوى)) لابن تيمية (22/ 336)، ((مجلة البحوث الإسلامية)) (59/ 222).
(5)
مذهب ابن القيم هو وجوب فسخ الحج إلى عمرة كمذهب ابن عباس وابن حزم، وفي ذلك يقول:(نحن نشهد الله علينا أنا لو أحرمنا بحجج لرأينا فرضاً علينا فسخه إلى عمرة، تفادياً من غضب رسول الله صلى الله عليه وسلم، واتباعاً لأمره، فوالله ما نسخ هذا في حياته ولا بعده، ولا صح حرف واحد يعارضه، ولا خص به أصحابه دون من بعدهم، بل أجرى الله سبحانه على لسان سراقة أن يسأله هل ذلك مختص بهم؟ فأجاب بأن ذلك كائن لأبد الأبد. فما ندري ما نقدم على هذه الأحاديث، وهذا الأمر المؤكد الذي غضب رسول الله صلى الله عليه وسلم على من خالفه)((زاد المعاد)) لابن القيم (2/ 182)، وانظر:((مجلة البحوث الإسلامية)) (59/ 224).
(6)
قال الشنقيطي: (الذي يظهر لنا صوابه في حديث ((بل للأبد))، وحديث الخصوصية بذلك الركب، هو ما اختاره العلامة الشيخ تقي الدين أبو العباس ابن تيمية رحمه الله، وهو الجمع المذكور بين الأحاديث بحمل الخصوصية المذكورة على الوجوب والتحتم، وحمل التأبيد المذكور على المشروعية والجواز أو السنة، ولا شك أن هذا هو مقتضى الصناعة الأصولية والمصطلحية كما لا يخفى) ((أضواء البيان)) للشنقيطي (4/ 360).
(7)
((مجموع فتاوى ابن باز)) (16/ 130).
(8)
((الشرح الممتع)) لابن عثيمين (7/ 96).
(9)
رواه البخاري (1564)، ومسلم (1240).
(10)
رواه مسلم (1211).
(11)
رواه البخاري (1785)، ومسلم (1218).
أن النبي صلى الله عليه وسلم نص على أن هذه العمرة التي وقع السؤال عنها، وكانت عمرة فسخ، هي لأبد الأبد، لا تختص بقرن دون قرن (1).
ثانياً: أن فسخ الحج إلى عمرة ليتمتع بها، هو من باب الانتقال من الأدنى من الأعلى، وهو جائز، وقد أمر النبي صلى الله عليه وسلم من نذر أن يصلي ركعتين في بيت المقدس أن يصليها في الحرم، فعن جابر بن عبدالله رضي الله عنهما، ((أن رجلا، قام يوم الفتح، فقال: يا رسول الله، إني نذرت لله إن فتح الله عليك مكة، أن أصلي في بيت المقدس ركعتين، قال: صل هاهنا، ثم أعاد عليه، فقال: صل هاهنا، ثم أعاد عليه، فقال: شأنك إذن)).
مسألة:
لا خلاف بين العلماء أنه لا يجوز فسخ الحج إلى عمرة مفردة لا يأتي بعدها بالحج (2).
المطلب الرابع: شروط المتمتع
الفرع الأول: ما يشترط للتمتع
الشرط الأول: الإحرام بالعمرة في أشهر الحج
يشترط للتمتع أن يحرم بالعمرة في أشهر الحج.
الأدلة:
أولاً: الإجماع:
نقله ابن حزم (3)، وابن عبدالبر (4)، وابن قدامة (5)، وابن أخيه ابن أبي عمر (6).
ثانياً: أن شهور الحج أحق بالحج من العمرة؛ لأن العمرة جائزة في السنة كلها والحج إنما موضعه شهور معلومة، فإذا جعل أحد العمرة في أشهر الحج ولم يأت في ذلك العام بحج فقد جعلها في موضع كان الحج أولى به (7).
ثالثاً: أنه لم يجمع بين النسكين في أشهر الحج، فلم تحصل صورة التمتع، فهو كالمفرد (8).
الشرط الثاني: أن يحج من عامه
أن يحرم بالحج في عامه، فإن اعتمر في أشهر الحج فلم يحج ذلك العام، بل حج في العام القابل فليس بمتمتع.
الأدلة:
أولاً: من الكتاب:
قال الله تعالى: فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ [البقرة: 196].
وجه الدلالة:
أن هذا يقتضي الموالاة بين العمرة والحج (9).
ثانياً: عن سعيد ابن المسيب قال: ((كان أصحاب رسول الله صلي الله عليه وسلم يعتمرون في أشهر الحج، فإذا لم يحجوا من عامهم ذلك لم يهدوا)) (10).
ثالثاً: الإجماع:
(1)((مجلة البحوث الإسلامية)) (59/ 218).
(2)
قال ابن تيمية: (فأما الفسخ بعمرة مجردة فلا يجوزه أحد من العلماء)((مجموع الفتاوى)) لابن تيمية (26/ 280) وقال قال ابن القيم: (فإنه لو أراد أن يفسخ الحج إلى عمرة مفردة، لم يجز بلا نزاع)((زاد المعاد)) لابن القيم (2/ 219). وتنظر ((مجلة البحوث الإسلامية)) (59/ 215).
(3)
قال ابن حزم: (اتفقوا على أن من اعتمر عمرته كلها مما بين استهلال المحرم إلى أن يتمها قبل يوم الفطر ولم ينو بها التمتع ثم خرج إلى منزله أو إلى الميقات وهو من غير أهل مكة ثم حج من عامه أنه ليس متمتعاً)((مراتب الإجماع)) لابن حزم (ص: 49).
(4)
قال ابن عبدالبر: (روى عن طاوس في التمتع قولان هما أشد شذوذاً مما ذكرنا عن الحسن أحدهما أن من اعتمر في غير أشهر الحج ثم أقام حتى الحج ثم حج من عامه أنه متمتع، وهذا لم يقل به أحد من العلماء فيما علمت غيره ولا ذهب إليه أحد من فقهاء الأمصار)((التمهيد)) لابن عبدالبر (8/ 347).
(5)
قال ابن قدامة: (لا نعلم بين أهل العلم خلافاً في أن من اعتمر في غير أشهر الحج عمرة، وحل منها قبل أشهر الحج، أنه لا يكون متمتعا، إلا قولين شاذين)((المغني)) لابن قدامة (3/ 413).
(6)
قال ابن أبي عمر: (أجمعوا على أن من اعتمر في غير أشهر الحج ثم حج من عامه فليس بمتمتع)((الشرح الكبير)) لشمس الدين ابن قدامة (3/ 241).
(7)
((التمهيد)) لابن عبدالبر (8/ 347).
(8)
((المجموع)) للنووي (7/ 174).
(9)
((الشرح الكبير)) لشمس الدين ابن قدامة (3/ 241).
(10)
رواه ابن أبي شيبة (3/ 526) قال النووي في ((المجموع)) (7/ 174): (أثر حسن)، وحسن إسناده ابن الملقن في ((خلاصة البدر المنير)) (1/ 361).
نقله ابن حزم (1)، وابن قدامة، ووصف القول بسواه أنه شذوذ (2).
رابعاً: أن الدم إنما يجب لترك الإحرام بالحج من الميقات، وهذا لم يترك الإحرام بالحج من الميقات، فإنه إن أقام بمكة صارت مكة ميقاته، وإن رجع إلى بلده وعاد فقد أحرم من الميقات (3).
خامساً: أنهم إذا أجمعوا على أن من اعتمر في غير أشهر الحج ثم حج من عامه فليس بمتمتع، فهذا أولى؛ لأن التباعد بينهما أكثر (4).
الشرط الثالث: عدم السفر
يشترط للتمتع أن لا يسافر بين العمرة والحج، وهذا باتفاق المذاهب الفقهية: الحنفية (5)، والمالكية (6)، والشافعية (7)، والحنابلة (8)، وبه قال طائفة من السلف (9)،وهو قول عامة أهل العلم (10).
الأدلة:
أولاً: قوله تعالى: فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ وَسَبْعَةٍ إِذَا رَجَعْتُمْ تِلْكَ عَشَرَةٌ كَامِلَةٌ ذَلِكَ لِمَنْ لَمْ يَكُنْ أَهْلُهُ حَاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ [البقرة: 196].
وجه الدلالة:
(1) قال ابن حزم: (اتفقوا ان من اعتمر في أشهر الحج ثم لم يحج من عامه ذلك إلى أن حج عاما كاملا أنه ليس متمتعا). ((مراتب الإجماع)) لابن حزم (ص: 49).
(2)
قال ابن قدامة: (لا نعلم فيه خلافاً إلا قولا شاذاً عن الحسن فيمن اعتمر في أشهر الحج فهو متمتع حج أو لم يحج)((الشرح الكبير)) لشمس الدين ابن قدامة (3/ 241).
(3)
((المجموع)) للنووي (7/ 174).
(4)
((الشرح الكبير)) لشمس الدين ابن قدامة (3/ 241).
(5)
ضابطه عند الحنفية: ألا يرجع إلى بلده. ((تبيين الحقائق)) للزيلعي و ((حاشية الشلبي)) (2/ 48)، ((فتح القدير)) للكمال ابن الهمام (3/ 15).
(6)
ضابطه عند المالكية: ألا يرجع إلى بلده أو أبعد منه. ((مواهب الجليل)) للحطاب (4/ 82)، ((الشرح الكبير)) للشيخ الدردير و ((حاشية الدسوقي)) (2/ 29)، وينظر:((التمهيد)) لابن عبدالبر (8/ 346)، ((مجموع فتاوى ابن باز)) (16/ 130).
(7)
ضابطه عند الشافعية ورواية عن أحمد: ألا يرجع إلى ميقاته. ((المجموع)) للنووي (7/ 174)، ((نهاية المحتاج إلى شرح المنهاج)) (3/ 327)، ((الإنصاف)) للمرداوي (3/ 313).
(8)
ضابطه عند الحنابلة: أن يسافر بين العمرة والحج سفرا بعيدا تقصر في مثله الصلاة. ((المغني)) لابن قدامة (3/ 413)، ((الإنصاف)) للمرداوي (3/ 312).
(9)
في مصنف ابن أبي شيبة: عَنْ عَطَاءٍ، وَطَاوُسٍ، وَمُجَاهِدٍ قَالُوا:(إن خرج في أشهر الحج ثم أقام فهو متمتع).
(10)
قال ابن عبدالبر: (فإن اعتمر في أشهر الحج ثم رجع إلى بلده ومنزله ثم حج من عامه ذلك فليس بمتمتع ولا هدي عليه ولا صيام عند جماعة العلماء أيضاً إلا الحسن البصري فإنه قال: عليه هدي حج أو لم يحج. قال: لأنه كان يقال عمرة في أشهر الحج متعة .... والذي عليه جماعة الفقهاء وعامة العلماء ما ذكرت لك قبل هذا
…
وعلى هذا الناس) ((التمهيد)) لابن عبدالبر (8/ 345، 346). وقال الشنقيطي: (الحاصل: أن الأئمة الأربعة متفقون على أن السفر بعد العمرة، والإحرام بالحج من منتهى ذلك السفر مسقط لدم التمتع، إلا أنهم مختلفون في قدر المسافة، فمنهم من يقول: لا بد أن يرجع بعد العمرة في أشهر الحج إلى المحل الذي جاء منه، ثم ينشئ سفراً للحج ويحرم من الميقات، وبعضهم يقول: يكفيه أن يرجع إلى بلده أو يسافر مسافة مساوية لمسافة بلده، وبعضهم يكفي عنده سفر مسافة القصر، وبعضهم يقول: يكفيه أن يرجع لإحرام الحج إلى ميقاته)((أضواء البيان)) للشنقيطي (5/ 123).
أنه لا فرق بين حاضري المسجد الحرام في عدم وجوب الدم عليهم، وبين الآفاقيين في وجوب الدم عليهم، إلا أن الآفاقيين ترفهوا بإسقاط أحد السفرين عنهم، وإذا كان الأمر كذلك فإذا سافروا بين الحج والعمرة فلا يكونون قد ترفهوا بترك أحد السفرين، فزال عنهم اسم التمتع وسببه (1).
ثانياً: عن عمر رضي الله عنهما قال: ((إذا اعتمر في أشهر الحج ثم أقام فهو متمتع فإن خرج ورجع فليس بمتمتع))، وعن ابن عمر نحو ذلك (2).
الشرط الرابع: أن يحل من إحرام العمرة قبل إحرامه بالحج:
أن يفرغ من العمرة بالطواف والسعي والتقصير، قبل إحرامه بالحج، فإن أدخل الحج على العمرة قبل حله منها، فإنه يصير قارناً (3).
الأدلة:
أولاً: عن عائشة رضي الله عنها قالت: ((خرجنا مع النبي صلى الله عليه وسلم عام حجة الوداع فأهللنا بعمرة فقدمت مكة وأنا حائض لم أطف بالبيت ولا بين الصفا والمروة فشكوت ذلك إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: انقضي رأسك وامتشطي وأهلي بالحج ودعي العمرة، قالت: ففعلت فلما قضينا الحج أرسلني رسول الله صلى الله عليه وسلم مع عبدالرحمن بن أبي بكر إلى التنعيم فاعتمرت معه فقال: هذه عمرة مكان عمرتك)) (4).
وجه الدلالة:
أن عائشة رضي الله عنها لم تتمكن من الفراغ من العمرة قبل الحج بسبب حيضها، فأمرها النبي صلى الله عليه وسلم أن تعُدَّ عمرتها في حجها، لتكون بذلك قارنة، فدل ذلك على أن شرط التمتع الفراغ من العمرة قبل الدخول في الحج.
ثانياً: أن صورة التمتع لا تتحقق إلا بالحل بين العمرة والحج، فإذا أدخل أعمال الحج قبل الفراغ من العمرة كان ذلك قراناً بإجماع أهل العلم (5).
الشرط الخامس: نية المتمتع في ابتداء العمرة أو في أثنائها.
اختلف أهل العلم في اشتراط نية المتمتع في ابتداء العمرة أو في أثنائها على قولين:
(1)((المغني)) لابن قدامة (3/ 414)، ((أضواء البيان)) للشنقيطي (5/ 124).
(2)
((المغني)) لابن قدامة (3/ 414).
(3)
((مواهب الجليل)) للحطاب (4/ 84)، ((الشرح الكبير)) للشيخ الدردير و ((حاشية الدسوقي)) (2/ 87)، ((المغني)) لابن قدامة (3/ 414)، ((الإنصاف)) للمرداوي (3/ 313)، ((أضواء البيان)) للشنقيطي (5/ 126)، ((الموسوعة الفقهية الكويتية)) (14/ 10).
(4)
رواه البخاري (1556)، ومسلم (1211)
(5)
ينظر: ((التمهيد)) لابن عبدالبر (8/ 229، 15/ 219)، ((المغني)) لابن قدامة (3/ 422)، ((تفسير القرطبي)) (2/ 392)، ((المجموع)) للنووي (7/ 162)، ((الشرح الكبير)) لشمس الدين ابن قدامة (3/ 239)، ((فتح الباري)) لابن حجر (4/ 7)، ((نهاية المحتاج)) للرملي (3/ 323).
القول الأول: لا تشترط نية التمتع، وهو مذهب الجمهور من الحنفية (1)، والمالكية (2)، والشافعية في الأصح (3)، واختاره ابن قدامة (4)، والشنقيطي (5).
الأدلة:
أولاً: من الكتاب:
قال تعالى: فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ [البقرة: 196].
وجه الدلالة:
عموم الآية، فإنه لم يشترط فيها نية التمتع، وتخصيصه بها هو تخصيص للقرآن بغير دليل (6).
ثانياً: أنه لا يحتاج إلى النية؛ لأن الدم يتعلق بترك الإحرام بالحج من الميقات، وذلك يوجد من غير نية (7).
القول الثاني: يشترط نية التمتع (8)، وهذا مذهب الحنابلة (9)، ووجهٌ للشافعية (10)، واختاره ابن عثيمين (11).
دليل ذلك:
أنه جمع بين عبادتين في وقت إحداهما، فافتقر إلى نية الجمع كالجمع بين الصلاتين (12).
الفرع الثاني: ما لا يشترط للتمتع
المسألة الأولى: لا يشترط كون الحج والعمرة عن شخص واحد
لا يشترط كون الحج والعمرة عن شخص واحد (13)، وهذا باتفاق المذاهب الفقهية: الحنفية (14)، والمالكية (15)، والشافعية (16)، والحنابلة (17).
الأدلة:
أولاً: من الكتاب:
قال تعالى: فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ [البقرة: 196].
وجه الدلالة:
(1) لم يذكره الحنفية ضمن شروط التمتع، فدل على عدم اعتباره عندهم. ينظر:((فتح القدير)) للكمال ابن الهمام (3/ 4)، ((الفتاوى الهندية)) (1/ 238).
(2)
((الذخيرة)) للقرافي (3/ 293)((حاشية العدوي على كفاية الطالب الرباني)) (1/ 558، 559).
(3)
((المجموع)) للنووي (7/ 178)، ((شرح النووي على مسلم)) (8/ 210).
(4)
قال شمس الدين ابن قدامة: (ذكر القاضي شرطاً سادساً لوجوب الدم، وهو أن ينوي في ابتداء العمرة وفي أثنائها أنه متمتع وظاهر النص يدل على أن هذا غير مشترط فانه لم يذكره، وكذلك ((الإجماع)) الذي ذكرناه مخالف لهذا القول لانه قد حصل له الترفه بترك أحد السفرين فلزمه الدم) ((الشرح الكبير)) لشمس الدين ابن قدامة (3/ 244)، ((الإنصاف)) للمرداوي (3/ 313).
(5)
قال الشنقيطي: (الظاهر سقوط هذا الشرط، وأنه متى حج بعد أن اعتمر في أشهر الحج من تلك السنة فعليه الهدي، لظاهر عموم الآية الكريمة، فتخصيصه بالنية تخصيص للقرآن، بل دليل يجب الرجوع إليه: ويؤيده أنهم يقولون: إن سبب وجوب الدم: أنه ترفه بإسقاط سفر الحج، وتلك العلة موجودة في هذه الصورة، والعلم عند الله تعالى)((أضواء البيان)) للشنقيطي (5/ 125).
(6)
((أضواء البيان)) للشنقيطي (5/ 125).
(7)
((المجموع)) للنووي (7/ 174)، ((أضواء البيان)) للشنقيطي (5/ 125).
(8)
محل نية التمتع عندهم: هو وقت الإحرام بالعمرة، وقال بعضهم: له نية التمتع، ما لم يفرغ من أعمال العمرة كالخلاف في وقت نية الجمع بين الصلاتين فقال بعضهم: ينوي عند ابتداء الأولى منهما، وقال بعضهم: له نيته ما لم يفرغ من الصلاة الأولى. ((أضواء البيان)) للشنقيطي (5/ 125).
(9)
((الإنصاف)) للمرداوي (3/ 313)، ((المبدع شرح المقنع)) لابن مفلح (3/ 62).
(10)
((المجموع)) للنووي (7/ 174)، ((شرح النووي على مسلم)) (8/ 210).
(11)
((الشرح الممتع)) لابن عثيمين (7/ 83).
(12)
((المجموع)) للنووي (7/ 174)، ((أضواء البيان)) للشنقيطي (5/ 125).
(13)
فيصح أن يكون حجه عن شخص، وعمرته لآخر.
(14)
لم يذكره الحنفية ضمن شروط التمتع. ((حاشية ابن عابدين)) (2/ 535)، وينظر:((أضواء البيان بالقرآن)) (5/ 126).
(15)
((الشرح الكبير)) للشيخ الدردير و ((حاشية الدسوقي)) (2/ 30)، ((أضواء البيان)) للشنقيطي (5/ 126).
(16)
((المجموع)) للنووي (7/ 177)، ((شرح النووي على مسلم)) (8/ 210).
(17)
((المبدع شرح المقنع)) لابن مفلح (3/ 62)، ((الإنصاف)) للمرداوي (3/ 313).
أنه عموم، وليس فيه اشتراط كون النسكين عن شخص واحد
ثانياً: أن مؤدِّي النسكين شخص واحد (1).
المسألة الثانية: لا يشترط للتمتع ألا يكون من حاضري المسجد الحرام
لحاضري المسجد الحرام التمتع والقرآن، مثلهم مثل الآفاقي، لكن يسقط عنهم الدم، وهذا مذهب جمهور الفقهاء من المالكية (2)، والشافعية (3)، والحنابلة (4)، واختاره الشنقيطي (5)، وابن عثيمين (6).
الأدلة:
أولاً: من الكتاب:
قال الله تعالى: فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ وَسَبْعَةٍ إِذَا رَجَعْتُمْ تِلْكَ عَشَرَةٌ كَامِلَةٌ ذَلِكَ لِمَنْ لَمْ يَكُنْ أَهْلُهُ حَاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ [البقرة: 196].
وجه الدلالة:
أن الآية أثبتت التمتع لحاضري المسجد الحرام، وإنما نفت وجوب الدم عليهم (7).
ثانياً: أن حقيقة التمتع والقران موجودة في حاضري المسجد الحرام، كالآفاقين، ولا فرق، وإنما يقع الخلاف بينهم في وجوب الدم على الآفاقين دون حاضري المسجد الحرام، بسبب ما حصل للآفاقيين من الترفه بسقوط أحد السفرين عنهم (8).
ثالثاً: أن ما كان من النسك قربة وطاعة في حق غير حاضري المسجد الحرام كان قربة وطاعة في حق حاضري المسجد الحرام، كالإفراد (9).
المسألة الثانية: من هم حاضرو المسجد الحرام؟
اختلف الفقهاء في حاضري المسجد الحرام الذين لا يجب عليهم دم التمتع والقران إلى أقوال منها:
القول الأول: حاضرو المسجد الحرام هم أهل مكة وأهل الحرم ومن كان من الحرم دون مسافة القصر، وهو مذهب الشافعية (10)، والحنابلة (11)، واختاره الطبري (12).
الأدلة:
أولاً: لأن الشارع حد الحاضر بدون مسافة القصر، بنفي أحكام المسافرين عنه، فالاعتبار به أولى من الاعتبار بالنسك؛ لوجود لفظ الحضور في الآية (13).
(1)((أضواء البيان)) للشنقيطي (5/ 125).
(2)
لكن كره المالكية القران للمكي، قال مالك في الموازية: أكره القران للمكي، فإن فعل فلا هدي. ((الكافي في فقه أهل المدينة)) لابن عبدالبر (1/ 382)، ((الذخيرة)) للقرافي (3/ 291).
(3)
((المجموع)) للنووي (7/ 169، 171)((مغني المحتاج)) للشربيني (1/ 516).
(4)
((المغني)) لابن قدامة (3/ 415)، ((المبدع شرح المقنع)) لابن مفلح (3/ 61).
(5)
قال الشنقيطي: (أقرب أقوال أهل العلم عندي للصواب في هذه المسألة: أن أهل مكة لهم أن يتمتعوا، ويقرنوا وليس عليهم هدي; لأن قوله تعالى: فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ
…
الآية *البقرة: 196* عام بلفظه في جميع الناس من أهل مكة، وغيرهم، ولا يجوز تخصيص هذا العموم، إلا بمخصص يجب الرجوع إليه، وتخصيصه بقوله: ذَلِكَ لِمَن لَّمْ يَكُنْ أَهْلُهُ حَاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ *البقرة: 196*، لا يجب الرجوع إليه; لاحتمال رجوع الإشارة إلى الهدي والصوم، لا إلى التمتع. ((أضواء البيان)) للشنقيطي (4/ 491).
(6)
((مجموع فتاوى ورسائل العثيمين)) (22/ 71).
(7)
((المجموع)) للنووي (7/ 169).
(8)
((المغني)) لابن قدامة (3/ 415).
(9)
((المجموع)) للنووي (7/ 171).
(10)
((المجموع)) للنووي (7/ 174). ((روضة الطالبين)) للنووي (3/ 46).
(11)
((كشاف القناع)) للبهوتي (2/ 412)((المغني)) لابن قدامة (3/ 414).
(12)
قال الطبري: (وأولى الأقوال في ذلك بالصحة عندنا قول من قال: إن حاضري المسجد الحرام من هو حوله ممن بينه وبينه من المسافة ما لا تقصر إليه الصلوات)((جامع البيان)) للطبري (3/ 112).
(13)
((المغني)) لابن قدامة (3/ 415).
ثانياً: أن حاضر الشيء من دنا منه، ومن دون مسافة القصر قريب في حكم الحاضر؛ بدليل أنه إذا قصده لا يترخص رخص السفر، فيكون من حاضريه (1).
القول الثاني: هم أهل الحرم، وهو قول طائفة من السلف (2) وقدمه صاحب الفروع (3) واستظهره ابن حجر (4)، وأفتت به اللجنة الدائمة (5) واختاره ابن عثيمين (6).
الدليل من أقوال الصحابة:
قال ابن عباس حَاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ [البقرة: 196] هم: أهل الحرم (7).
المطلب الخامس: أعمال المتمتع
الفرع الأول: طواف المتمتع وسعيه
يجب على المتمتع طوافان وسعيان، فيبدأ أولاً بعمرة تامة: فيطوف ويسعى، ثم يحلق أو يقصر، ويتحلل منها، ثم يحرم بالحج، ويأتي بطواف للحج وسعي له، وهذا باتفاق المذاهب الفقهية: الحنفية (8)، والمالكية (9)، والشافعية (10)، والحنابلة (11)، وبه قال طائفة من السلف (12). وحكى ابن رشد الإجماع على أن المتمتع عليه طوافان: طواف لعمرته، وطواف لحجه (13).
الأدلة:
أولاً: من السنة:
1 -
عن عائشة رضي الله عنها قالت: ((فطاف الذين كانوا أهلوا بالعمرة بالبيت وبين الصفا والمروة، ثم حلوا، ثم طافوا طوافًا آخر بعد أن رجعوا من منى لحجهم، وأما الذين جمعوا الحج والعمرة فإنما طافوا طوافًا واحدًا)) (14).
وجه الدلالة:
أنه يدل على الفرق بين القارن والمتمتع، وأن القارن يفعل كفعل المفرد والمتمتع يطوف لعمرته ويطوف لحجه (15).
2 -
عن ابن عباس رضي الله عنهما: ((أنه سئل عن متعة الحج فقال: أهل المهاجرون والأنصار وأزواج النبي صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع وأهللنا، فلما قدمنا مكة قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: اجعلوا إهلالكم بالحج عمرة إلا من قلد الهدي، فطفنا بالبيت وبالصفا والمروة، وأتينا النساء، ولبسنا الثياب، وقال: من قلد الهدي فإنه لا يحل حتى يبلغ الهدي محله، ثم أمرنا عشية التروية أن نهل بالحج، فإذا فرغنا من المناسك جئنا فطفنا بالبيت وبالصفا والمروة وقد تم حجنا وعلينا الهدي)).
(1)((المغني)) لابن قدامة (3/ 414).
(2)
منهم ابن عباس رضي الله عنهما، ومجاهد، وطاووس، ينظر ((تفسير الطبري)) (3/ 110، 111)، ((المغني)) لابن قدامة (3/ 414).
(3)
((الفروع)) لابن مفلح (5/ 349).
(4)
((فتح الباري)) لابن حجر (3/ 434).
(5)
ونص الفتوى: (اختلف أهل العلم في المعنى بـ: حَاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ *البقرة: 196* والراجح أنهم أهل الحرم)((فتاوى اللجنة الدائمة)) المجموعة الأولى (11/ 390).
(6)
قال ابن عثيمين: (الأقرب
…
أن حاضري المسجد الحرام هم أهل الحرم؛ وأما من كان من غير أهل الحرم فليسوا من حاضريه؛ بل هم من محل آخر؛ وهذا هو الذي ينضبط (تفسير سورة البقرة 2/ 395) وفي موضع آخر قال: (وأقرب الأقوال أن نقول: إن حاضري المسجد الحرام هم أهل مكة، أو أهل الحرم، أي: من كان من أهل مكة ولو كان في الحل، أو من كان في الحرم ولو كان خارج مكة). ((الشرح الممتع)) لابن عثيمين (7/ 89).
(7)
((تفسير الطبري)) (3/ 110، 111).
(8)
((العناية شرح الهداية)) للبابرتي (3/ 6)، ((فتح القدير)) للكمال ابن الهمام (3/ 6).
(9)
((التمهيد)) لابن عبدالبر (8/ 351)، ((بداية المجتهد)) لابن رشد (1/ 344).
(10)
((نهاية المحتاج)) للرملي (3/ 324).
(11)
((كشاف القناع)) للبهوتي (2/ 506).
(12)
منهم: الثوري، وأبو ثور. ((التمهيد)) لابن عبدالبر (8/ 351).
(13)
قال ابن رشد: (أجمعوا أن من تمتع بالعمرة إلى الحج أن عليه طوافين طوافا للعمرة لحله منها وطوافا للحج يوم النحر على ما في حديث عائشة المشهور)((بداية المجتهد)) لابن رشد (1/ 344).
(14)
رواه البخاري (1556)، ومسلم (1211).
(15)
((مرعاة المفاتيح)) للمباركفوري (9/ 69).
وفيه أن طواف المتمتع وسعيه مرتان: مرة لعمرته، ومرة لحجه (1).
الفرع الثاني: الهدي
يجب على المتمتع دم نسك إذا لم يكن من حاضري المسجد الحرام، فمن لم يجد فليصم ثلاثة أيام في الحج وسبعة إذا رجع.
الأدلة:
أولاً: من الكتاب:
قوله تعالى: فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ وَسَبْعَةٍ إِذَا رَجَعْتُمْ تِلْكَ عَشَرَةٌ كَامِلَةٌ ذَلِكَ لِمَنْ لَمْ يَكُنْ أَهْلُهُ حَاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ [البقرة: 196].
ثانياً: من السنة:
عن ابن رضي الله عنهما قال: ((تمتع الناس مع النبي صلى الله عليه وسلم بالعمرة إلى الحج فلما قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم قال للناس، من لم يكن معه هدي فليطف بالبيت وبالصفا والمروة، وليقصر، ثم ليهل بالحج ويهدي، فمن لم يجد فليصم ثلاثة أيام في الحج وسبعة إذا رجع إلى أهله)).
ثالثاً: عن أبي حمزة قال: ((سألت ابن عباس عن المتعة، فأمرني بها، وسألته عن الهدي: فقال: فيها جزور، أو بقرة، أو شرك في دم)).
رابعاً: الإجماع:
يجب الدم على المتمتع بالإجماع: نقله ابن المنذر (2)، وابن رشد (3)، والقرطبي (4)، وابن قدامة (5) وابن مفلح (6). والشوكاني (7).
خامساً: أن حاضر المسجد الحرام ميقاته مكة، ولا يحصل له الترفه بترك أحد السفرين، فهو أحرم من ميقاته، فأشبه المفرد (8).
(1)((حاشية ابن القيم)) (5/ 347)، ((مرعاة المفاتيح)) للمباركفوري (9/ 69).
(2)
قال ابن المنذر: (أجمع أهل العلم على أن من أهل بعمرة في أشهر الحج من أهل الآفاق من الميقات وقدم مكة ففرغ منها وأقام بها فحج من عامه أنه متمتع وعليه الهدي ان وجد والا فالصيام)((الشرح الكبير)) لشمس الدين ابن قدامة (3/ 241).
(3)
((بداية المجتهد)) لابن رشد (1/ 376)
(4)
((تفسير القرطبي)) (2/ 390،391).
(5)
قال ابن قدامة: (لا خلاف بين أهل العلم، في أن دم المتعة لا يجب على حاضري المسجد الحرام)((المغني)) لابن قدامة (3/ 414)، ((الشرح الكبير)) لشمس الدين ابن قدامة (3/ 242).
(6)
قال ابن مفلح: (يلزم المتمتع دم بالإجماع)((الفروع)) لابن مفلح (5/ 347).
(7)
قال الشوكاني: وقع الإجماع على وجوب الهدى على المتمتع. ((السيل الجرار)) للشوكاني (ص: 337).
(8)
((الشرح الكبير)) لشمس الدين لابن قدامة (3/ 242).