الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المطلب الخامس: هل المنارة والرحبة والسطح وغيرها تعد من المسجد
؟
الفرع الأول: صعود المعتكف إلى منارة المسجد
يصح صعود المعتكف إلى منارة المسجد إن كانت في المسجد أو بابها فيه، وهو قول الجمهور من الحنفية (1)، والشافعية (2)، والحنابلة (3)
وذلك لأن المنارة إن كانت في المسجد أو بابها فيه، فهي من جملة المسجد فتأخذ أحكامه.
الفرع الثاني: خروج المعتكف إلى الرحبة
يصح خروج المعتكف إلى الرحبة إن كانت متصلة بالمسجد (4)، وهو قول الشافعية (5)، وبعض المالكية (6)، وروايةٌ عن أحمد (7)، وهو اختيار ابن حزم (8)، وابن تيمية (9)، وابن القيم (10).
وذلك لأن الرحبة إن كانت في المسجد فهي من جملته فتأخذ أحكامه.
الفرع الثالث: صعود المعتكف إلى سطح المسجد أو الاعتكاف فيه
(1)((المبسوط للشيباني)) (2/ 287)، ((المبسوط للسرخسي)) (3/ 116).
(2)
((الأم للشافعي)) (2/ 115)، ((المجموع للنووي)) (6/ 505 - 506).
(3)
((المغني لابن قدامة)) (3/ 71)، ((الفروع لابن مفلح)) (5/ 140)، ((الإنصاف للمرداوي)) (3/ 259). فائدة: قال ابن عثيمين: (إذا كان باب المكتبة داخل المسجد تكون المكتبة من المسجد فلها حكمه، فتشرع تحية المسجد لمن دخلها، ولا يحل للجنب المكث فيها إلا بوضوء، ويصح الاعتكاف، فيها، ويحرم فيها البيع والشراء، وهكذا بقية أحكام المسجد المعروفة. وفي الحال الثانية وهي: ما إذا كان بابها خارج المسجد، وليس لها بابٌ على المسجد، لا تكون من المسجد فلا يثبت لها أحكام المساجد، فليس لها تحية مسجد، ولا يصح الاعتكاف فيها، ولا يحرم فيها البيع والشراء؛ لأنها ليست من المسجد لانفصالها عنه. وفي الحال الثالثة وهي: ما إذا كان لها بابان، أحدهما: داخل المسجد. والثاني: خارجه، إن كان سور المسجد محيطاً بها فهي من المسجد فتثبت لها أحكام المسجد، وإن كان غير محيطٍ بها بل لها سورٌ مستقلٌّ فليس لها حكم المسجد فلا تثبت لها أحكامه؛ لأنها منفصلة عن المسجد؛ ولهذا لم تكن بيوت النبي صلى الله عليه وسلم من مسجده، مع أن لها أبواباً على المسجد؛ لأنها منفصلةٌ عنه)((مجموع فتاوى ورسائل العثيمين)) (14/ 351 - 352).
(4)
قال ابن حجر: (الرحبة بفتح الراء والحاء المهملة بعدها موحدة هي بناء يكون أمام باب المسجد غير منفصل عنه، هذه رحبة المسجد، ووقع فيها الاختلاف، والراجح أن لها حكم المسجد فيصح فيها الاعتكاف وكل ما يشترط له المسجد، فإن كانت الرحبة منفصلة فليس لها حكم المسجد)((فتح الباري)) (13/ 155).
(5)
((الحاوي الكبير للماوردي)) (3/ 495)، ((المجموع للنووي)) (4/ 303)، (6/ 500)
(6)
((المدونة الكبرى)) (1/ 300)، ((الذخيرة للقرافي)) (2/ 536)، ((حاشية الدسوقي)) (1/ 542).
(7)
((الفروع لابن مفلح)) (5/ 139)، ((الإنصاف للمرداوي)) (3/ 365)، ((الإنصاف للمرداوي)) (3/ 358، 259).
(8)
قال ابن حزم: (ولا يجوز الاعتكاف في رحبة المسجد إلا أن تكون منه)((المحلى)) (5/ 193).
(9)
((مجموع الفتاوى)) (21/ 304).
(10)
((إعلام الموقعين)) (3/ 31).
يصح الاعتكاف في سطح المسجد أو صعود المعتكف إليه، وهو قول جمهور العلماء من الحنفية (1)، والشافعية (2)، والحنابلة (3)، بل حكى ابن قدامة الإجماع على ذلك (4).
وذلك لأن السطح من جملة المسجد فيأخذ أحكامه.
المطلب السادس: اعتكاف المرأة في مسجد بيتها
لا يصح اعتكاف المرأة في مسجد بيتها (5)، وهو قول جمهور الفقهاء من المالكية (6)، والشافعية (7)، والحنابلة (8)
الأدلة:
أولاً: من الكتاب:
قوله تعالى: وَلا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلا تَقْرَبُوهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ آيَاتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ [البقرة: 187]
والمراد بالمساجد: المواضع التي بنيت للصلاة فيها. وموضع صلاة المرأة في بيتها ليس بمسجد؛ لأنه لم يبن للصلاة فيه، فلا يثبت له أحكام المساجد الحقيقية.
ثانياً: من السنة:
1 -
عن عائشة رضي الله عنها: ((أن النبي صلى الله عليه وسلم اعتكف معه بعض نسائه وهي مستحاضةٌ ترى الدم، فربما وضعت الطست تحتها من الدم
…
)). أخرجه البخاري (9)
وجه الدلالة:
أن النبي صلى الله عليه وسلم مكَّن امرأته أن تعتكف في المسجد وهي مستحاضةٌ، إذ لا تفعل ذلك إلا بأمره، ولو كان الاعتكاف في البيت جائزاً لما أمرها بالمسجد، ولأمرها بالبيت؛ فإنه أسهل وأيسر وأبعد عن تلويث المسجد بالنجاسة، وعن مشقة حمل الطست ونقله، وهو صلى الله عليه وسلم لم يُخيَّر بين أمرين إلا اختار أيسرهما ما لم يكن إثماً، فعُلِمَ أن الجلوس في غير المسجد ليس باعتكاف.
2 -
عن عائشة رضي الله عنها: ((أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ذكر أن يعتكف العشر الأواخر من رمضان، فاستأذنته عائشة، فأذن لها، وسألت حفصة عائشة أن تستأذن لها ففعلت، فلما رأت ذلك زينب ابنة جحش أمرت ببناء، فبني لها، قالت: وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا صلى انصرف إلى بنائه، فبصر بالأبنية فقال: ما هذا؟ قالوا: بناء عائشة وحفصة وزينب، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: آلبر أردن بهذا؟! ما أنا بمعتكف. فرجع، فلما أفطر اعتكف عشراً من شوال)). أخرجه البخاري ومسلم (10)
وجه الدلالة:
أنه لو كان اعتكافهن رضي الله عنهن في غير المسجد العام ممكناً؛ لاستغنين بذلك عن ضرب الأخبية في المسجد كما استغنين بالصلاة في بيوتهن عن الجماعة في المسجد، ولَأَمرهن النبيُّ صلى الله عليه وسلم بذلك.
(1)((المبسوط للسرخسي)) (3/ 116)، ((بدائع الصنائع للكاساني)) (3/ 39).
(2)
((الحاوي الكبير للماوردي)) (3/ 495)، ((المجموع للنووي)) (6/ 480).
(3)
((المغني لابن قدامة)) (3/ 71)، ((كشاف القناع للبهوتي)) (6/ 259).
(4)
قال ابن قدامة: ( .. وهذا قول أبي حنيفة ومالك والشافعي ولا نعلم فيه مخالفاً)((المغني لابن قدامة)) (3/ 71)، لكن خلاف المالكية ثابت في المسألة انظر:((الفواكه الدواني للنفراوي)) (2/ 733)، ((حاشية العدوي)) (1/ 585).
(5)
وذلك لأن الاعتكاف قربةٌ يشترط لها المسجد في حق الرجل، فيشترط في حق المرأة، كالطواف. ولأنه ليس بمسجد حقيقةً ولا حكماً ولا يسمى في الشرع مسجداً؛ ولهذا لا يعتبر وقفاً، فلو بيع البيت بما فيه هذا المصلى، فالبيع صحيح، ولو دخل أحدٌ البيت، ولو لبثت المرأة فيه وهي حائضٌ فلا بأس، ولو بقي فيه الإنسان بلا وضوءٍ وهو جنبٌ فلا بأس، ولو دخله وجلس فيه ولم يصل ركعتين فلا بأس، كما يجوز فيه البيع والشراء.
(6)
((الذخيرة للقرافي)) (2/ 535)، ((مواهب الجليل للحطاب)) (3/ 396).
(7)
((المجموع للنووي)) (6/ 480)، ((مغني المحتاج)) (1/ 451).
(8)
((المغني لابن قدامة)) (3/ 67)، ((كشاف القناع للبهوتي)) (2/ 352). وقد ذهب إلى هذا ابن تيمية. انظر ((كتاب الصيام من شرح العمدة)) (2/ 737 - 745).
(9)
رواه البخاري (309).
(10)
رواه البخاري (2045)، ومسلم (1173).