الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قَال ابْنُ عَابِدِينَ: إِنَّ الْحَنَفِيَّةَ صَرَّحُوا بِأَنَّ الْمُتَارَكَةَ فِي النِّكَاحِ الْفَاسِدِ لَا تَتَحَقَّقُ بَعْدَ الدُّخُول إِلَاّ بِالْقَوْل كَتَرَكْتُكِ وَخَلَّيْتُ سَبِيلَكِ وَأَمَّا غَيْرُ الْمَدْخُول بِهَا فَقِيل: تَكُونُ الْمُتَارَكَةُ بِالْقَوْل أَوْ بِالتَّرْكِ عَلَى قَصْدِ عَدَمِ الْعَوْدِ إِلَيْهَا، وَقِيل: لَا تَكُونُ إِلَاّ بِالْقَوْل كَحَال مَا بَعْدَ الدُّخُول حَتَّى لَوْ تَرَكَهَا وَمَضَى عَلَى عِدَّتِهَا سُنُونَ لَمْ يَكُنْ لَهَا أَنْ تَتَزَوَّجَ بِآخَرَ هَذَا إِذَا تَرَكَهَا مَعَ الْعَزْمِ عَلَى عَدَمِ الْعَوْدِ إِلَيْهَا فَإِذَا تَرَكَهَا مِنْ غَيْرِ عَزْمٍ عَلَى ذَلِكَ لَمْ تَكُنْ مُتَارَكَةً عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ، وَخَالَفَ زُفَرُ فِي ذَلِكَ وَعَدَّهَا مُتَارَكَةً أَيْضًا وَأَوْجَبَ عَلَيْهَا الْعِدَّةَ مِنْ تَارِيخِ آخِرِ لِقَاءٍ لَهُ بِهَا (1) .
مَا يَتَرَتَّبُ عَلَى الْمُتَارَكَةِ مِنْ أَحْكَامٍ:
4 -
ذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ إِلَى أَنَّ كُل مَبِيعٍ بِبَيْعٍ فَاسِدٍ رَدَّهُ الْمُشْتَرِي عَلَى بَائِعِهِ بِهِبَةٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ بَيْعٍ أَوْ بِوَجْهٍ مِنَ الْوُجُوهِ: كَإِعَارَةٍ وَإِجَارَةٍ وَوَقَعَ فِي يَدِ بَائِعِهِ فَهُوَ مُتَارَكَةٌ لِلْبَيْعِ وَبَرِئَ الْمُشْتَرِي مِنْ ضَمَانِهِ (2) .
وَقَالُوا: يَثْبُتُ لِكُل وَاحِدٍ مِنَ الزَّوْجَيْنِ فِي النِّكَاحِ الْفَاسِدِ فَسْخُهُ وَلَوْ بِغَيْرِ مَحْضَرٍ مِنْ صَاحِبِهِ دَخَل بِهَا أَوْ لَا فِي الأَْصَحِّ خُرُوجًا عَنِ
(1) حاشية ابن عابدين 2 / 283، وبدائع الصنائع 2 / 335، وفتح القدير 3 / 287.
(2)
الدر المختار 4 / 125.
الْمَعْصِيَةِ فَلَا يُنَافِي وُجُوبَهُ بَل يَجِبُ عَلَى الْقَاضِي التَّفْرِيقُ بَيْنَهُمَا وَتَجِبُ الْعِدَّةُ بَعْدَ الْوَطْءِ لَا الْخَلْوَةِ لِلطَّلَاقِ لَا لِلْمَوْتِ مِنْ وَقْتِ التَّفْرِيقِ أَوْ مُتَارَكَةِ الزَّوْجِ وَإِنْ لَمْ تَعْلَمِ الْمَرْأَةُ بِالْمُتَارَكَةِ فِي الأَْصَحِّ (1) .
وَإِذَا تَمَّتِ الْمُتَارَكَةُ بَيْنَ الْمُتَعَاقِدَيْنِ وَتَحَقَّقَ رُكْنُهَا انْقَضَتْ كُل آثَارِ الْعَقْدِ الَّذِي وَرَدَتْ عَلَيْهِ لاِنْتِقَاضِهِ بِهَا وَوَجَبَ رَدُّ الْمُتَعَاقِدَيْنِ بَعْدَهَا إِلَى الْحَالَةِ الَّتِي كَانَا عَلَيْهَا قَبْل التَّعَاقُدِ مَا أَمْكَنَ فَيَتَرَادَّ الْمُتَعَاقِدَانِ الْبَدَلَيْنِ وَيَتَفَرَّقُ الزَّوْجَانِ وَيَكُونُ كُل لِقَاءٍ لَهُمَا بَعْدَهُ حَرَامًا وَزِنًا يُوجِبُ الْحَدَّ. فَإِذَا تَعَذَّرَ ذَلِكَ كَمَا لَوْ هَلَكَ الْمَبِيعُ بَعْدَ الْقَبْضِ فِي الْبَيْعِ الْفَاسِدِ أَوْ وَلَدَتِ الْمَرْأَةُ بَعْدَ الدُّخُول فِي النِّكَاحِ الْفَاسِدِ ثُمَّ تَمَّتِ الْمُتَارَكَةُ وَجَبَ عَلَى الْمُشْتَرِي رَدُّ قِيمَةِ الْمَبِيعِ بَالِغًا مَا بَلَغَ لِتَعَذُّرِ رَدِّ عَيْنِهِ كَمَا وَجَبَ عَلَى الزَّوْجَيْنِ التَّفَرُّقُ إِثْرَ الْمُتَارَكَةِ مَعَ ثُبُوتِ نَسَبِ الْوَلَدِ، وَكَذَلِكَ إِثْبَاتُ الْمَهْرِ وَوُجُوبُ الْعِدَّةِ، وَذَلِكَ كُلُّهُ حِفْظًا لِحَقِّ الشَّرْعِ فِي الْمَهْرِ وَالْعِدَّةِ وَحَقِّ الْوَلَدِ فِي النَّسَبِ وَهِيَ مِنَ الْحُقُوقِ الَّتِي لَا تَقْبَل الإِْلْغَاءَ (2) .
(1) الدر المختار بهامش حاشية رد المحتار 2 / 351.
(2)
المحلي على منهاج الطالبين 2 / 280، 335، والمغني 7 / 332 - 333، وابن عابدين 2 / 945، وفتح القدير 3 / 287.