الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الاِنْتِفَاعِ بِمَائِهِ بَل الْحَقُّ فِيهِ عَامٌّ لِجَمِيعِ الْمُسْلِمِينَ فَلِكُلٍّ أَنْ يَنْتَفِعَ بِهَذِهِ الأَْنْهَارِ بِمُخْتَلِفِ أَوْجُهِ الاِنْتِفَاعِ إِنْ لَمْ يَضُرَّ بِتَصَرُّفِهِ مَصْلَحَةً عَامَّةً لِلْمُسْلِمِينَ وَلَيْسَ لِلإِْمَامِ وَلَا لِغَيْرِهِ مَنْعُهُ إِنْ لَمْ يَضُرَّ أَحَدًا.
وَلَهُ نَصْبُ رَحًى عَلَيْهِ أَوْ دَالِيَةً أَوْ سَاقِيَةً: بِشَرْطِ أَنْ لَا يَضُرَّ النَّهَرَ وَأَنْ يَكُونَ مَكَانُ الْبِنَاءِ مِلْكًا لَهُ أَوْ مَوَاتًا مَحْضًا لَا يَتَعَلَّقُ بِهِ حَقٌّ لِلْغَيْرِ (1) .
وَأَمَّا الْمَجْرَى الْخَاصُّ فَهُوَ أَنْ يَكُونَ الْمَجْرَى مَمْلُوكًا بِأَنْ يَحْفِرَ نَهَرًا يَدْخُل فِيهِ الْمَاءُ مِنَ الْوَادِي الْعَظِيمِ أَوْ مِنَ النَّهَرِ الْمُنْخَرِقِ مِنْهُ فَالْمَاءُ بَاقٍ عَلَى إِبَاحَتِهِ لَكِنَّ مَالِكَ النَّهَرِ أَحَقُّ بِهِ كَالسَّيْل يَدْخُل مِلْكَهُ فَلَيْسَ لأَِحَدِ مُزَاحَمَتُهُ لِسَقْيِ الأَْرَضِينَ وَأَمَّا لِلشُّرْبِ وَالاِسْتِعْمَال وَسَقْيِ الدَّوَابِّ فَلَيْسَ لَهُ الْمَنْعُ (2) .
وَالتَّفْصِيل فِي (شُرْبٌ ف 3 - 9 وَمِيَاهٌ وَنَهَرٌ) .
إِجْرَاءُ مَاءٍ فِي أَرْضِ الْغَيْرِ
3 -
لَا يَجُوزُ إِجْرَاءُ مَاءٍ فِي أَرْضِ الْغَيْرِ بِلَا ضَرُورَةٍ بِغَيْرِ إِذْنِهِ بِالاِتِّفَاقِ لأَِنَّهُ تَصَرُّفٌ فِي مِلْكِ الْغَيْرِ بِلَا إِذْنٍ وَإِنْ كَانَ لِضَرُورَةٍ كَأَنْ
(1) بدائع الصنائع 6 / 192، وروضة الطالبين 5 / 304، والمغني 5 / 583، والخرشي 6 / 76، وبلغة السالك 3 / 188.
(2)
روضة الطالبين 5 / 305 - 307، بدائع الصنائع 6 / 183 - 583، والخرشي 7 / 76، والمغني 5 / 58 وما بعدها.
تَكُونَ لَهُ أَرْضٌ لِلزِّرَاعَةِ لَهَا مَاءٌ لَا طَرِيقَ لَهُ إِلَيْهَا إِلَاّ أَرْضُ جَارِهِ فَهَل لَهُ إِجْرَاءُ الْمَاءِ فِي أَرْضِ جَارِهِ لِتَوْصِيل الْمَاءِ إِلَى أَرْضِهِ بِغَيْرِ إِذْنِ الْجَارِ؟ اخْتُلِفَ فِيهِ.
فَذَهَبَ الشَّافِعِيَّةُ عَلَى الْمَذْهَبِ وَأَحْمَدُ فِي إِحْدَى رِوَايَتَيْنِ لَهُ وَمَالِكٌ فِي رِوَايَةِ ابْنِ الْقَاسِمِ وَاخْتَارَهَا عِيسَى بْنُ دِينَارٍ إِلَى أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ لأَِنَّ مِثْل هَذِهِ الْحَاجَةِ لَا تُبِيحُ لَهُ مَال غَيْرِهِ وَهِيَ كَمَا لَوْ لَمْ تَدْعُ إِلَيْهِ حَاجَةٌ بِدَلِيل أَنَّهُ لَا يُبَاحُ لَهُ الزَّرْعُ فِي أَرْضِ غَيْرِهِ وَالْبِنَاءُ فِيهَا وَلَا الاِنْتِفَاعُ بِشَيْءِ مِنْ مَنَافِعِهَا الْمُحَرَّمَةِ عَلَيْهِ قَبْل هَذِهِ الْحَاجَةِ فَإِنْ أُذِنَ لَهُ جَازَ (1) .
وَالرِّوَايَةُ الأُْخْرَى عَنْ أَحْمَدَ وَقَوْلٌ عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ يَجُوزُ لَهُ ذَلِكَ لِمَا وَرَدَ أَنَّ الضَّحَّاكَ بْنَ خَلِيفَةَ سَاقَ خَلِيجًا لَهُ مِنَ الْعَرِيضِ فَأَرَادَ أَنْ يَمُرَّ بِهِ فِي أَرْضِ مُحَمَّدِ بْنِ مَسْلَمَةَ فَأَبَى مُحَمَّدٌ فَقَال لَهُ الضَّحَّاكُ: لِمَ تَمْنَعُنِي وَهُوَ لَكَ مَنْفَعَةٌ تَشْرَبُ بِهِ أَوَّلاً وَآخِرًا وَلَا يَضُرُّكَ فَأَبَى مُحَمَّدٌ فَكَلَّمَ فِيهِ الضَّحَّاكُ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ رضي الله عنه فَدَعَا عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ مُحَمَّدَ بْنَ مَسْلَمَةَ فَأَمَرَهُ أَنْ يُخَلِّيَ سَبِيلَهُ فَقَال مُحَمَّدٌ: لَا فَقَال عُمَرُ: لِمَ تَمْنَعُ أَخَاكَ مَا يَنْفَعُهُ وَهُوَ لَكَ نَافِعٌ: تَسْقِي بِهِ أَوَّلاً وَآخِرًا وَهُوَ لَا
(1) المغني 4 / 548، والمنتقى شرح الموطأ 6 / 32، 46، وما بعدها وروضة الطالبين 5 / 307، 4 / 221.