الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بِأَمْثَالِهِمْ (1)، وَمِنْ ذَلِكَ قَوْل النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: أَنَا سَيِّدُ وَلَدِ آدَمَ وَلَا فَخْرَ (2) وَقَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم: أَنَا أَكْرَمُ وَلَدِ آدَمَ عَلَى رَبِّي وَلَا فَخْرَ (3) .
وَقَوْل عَلِيٍّ كَرَّمَ اللَّهُ وَجْهَهُ وَاللَّهِ مَا آيَةٌ إِلَاّ وَأَنَا أَعْلَمُ بِلَيْلٍ نَزَلَتْ أَمْ بِنَهَارٍ وَقَوْل عُثْمَانَ رضي الله عنه: مَا تَعَنَّيْتُ وَلَا تَمَنَّيْتُ وَلَا مَسِسْتُ ذَكَرِي بِيَمِينِي مُنْذُ بَايَعْتُ بِهَا رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم (4) .
قَال ابْنُ الأَْثِيرِ: التَّعَنِّي: التَّطَلِّي بِالْعِينَةِ، وَهُوَ بَوْلٌ فِيهِ أَخْلَاطٌ تُطْلَى بِهَا الإِْبِل الْجَرْبَى (5)، وَالتَّمَنِّي: التَّكَذُّبُ، تَفَعُّلٌ مِنْ مَنَى يَمْنِي إِذَا قَدَرَ، لأَِنَّ الْكَاذِبَ يَقْدِرُ الْحَدِيثَ فِي نَفْسِهِ ثُمَّ يَقُولُهُ (6) .
قَال ابْنُ مُفْلِحٍ فَهَذِهِ الأَْشْيَاءُ خَرَجَتْ مَخْرَجَ الشُّكْرِ لِلَّهِ وَتَعْرِيفُ الْمُسْتَفِيدِ مَا عِنْدَ الْمَفِيدِ (7) .
وَقَال: اعْلَمْ أَنَّ ذِكْرَ مَحَاسِنِ نَفْسِهِ ضَرْبَانِ: مَذْمُومٌ وَمَحْبُوبٌ، فَالْمَذْمُومُ: أَنْ يَذْكُرَهُ
(1) قواعد الأحكام في مصالح الأنام للعز بن عبد السلام 2 / 177 - 178.
(2)
حديث: " أنا سيد ولد آدم ولا فخر ". أخرجه مسلم (4 / 1782) .
(3)
حديث: " أنا أكرم ولد آدم على ربي ولا فخر ". أخرجه الترمذي (5 / 585) من حديث أنس رضي الله عنه، وقال الترمذي: حديث حسن غريب.
(4)
الأثر: " ما تعنيت ولا تمنيت. . . ". أخرجه ابن ماجه (1 / 113) .
(5)
النهاية في غريب الحديث 3 / 315.
(6)
النهاية في غريب الحديث: 4 / 367.
(7)
الآداب الشرعية لابن مفلح 3 / 474 - 475.
لِلاِفْتِخَارِ وَإِظْهَارِ الاِرْتِفَاعِ وَالتَّمَيُّزِ عَلَى الأَْقْرَانِ وَشِبْهُ ذَلِكَ، وَالْمَحْبُوبُ: أَنْ يَكُونَ فِيهِ مَصْلَحَةٌ دِينِيَّةٌ، وَذَلِكَ بِأَنْ يَكُونَ آمِرًا بِمَعْرُوفٍ، أَوْ نَاهِيًا عَنْ مُنْكَرٍ، أَوْ نَاصِحًا، أَوْ مُشِيرًا بِمَصْلَحَةٍ، أَوْ مُعَلِّمًا، أَوْ مُؤَدِّبًا، أَوْ وَاعِظًا، أَوْ مُذَكِّرًا، أَوْ مُصْلِحًا بَيْنَ اثْنَيْنِ، أَوْ يَدْفَعُ عَنْ نَفْسِهِ شَرًّا أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ فَيَذْكُرُ مَحَاسِنَهُ نَاوِيًا بِذَلِكَ أَنْ يَكُونَ هَذَا أَقْرَبَ إِلَى قَبُول قَوْلِهِ وَاعْتِمَادِ مَا يَذْكُرُهُ، أَوْ أَنَّ هَذَا الْكَلَامَ الَّذِي أَقُولُهُ لَا تَجِدُونَهُ عِنْدَ غَيْرِي فَاحْتُفِظُوا بِهِ أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ (1) .
مَدْحُ الْمَيِّتِ وَالثَّنَاءُ عَلَيْهِ:
8 -
نَقَل ابْنُ حَجَرٍ الْعَسْقَلَانِيُّ عَنِ الزَّيْنِ بْنِ الْمُنِيرِ: أَنَّ ثَنَاءَ النَّاسِ عَلَى الْمَيِّتِ مَشْرُوعٌ وَجَائِزٌ مُطْلَقًا، بِخِلَافِ الْحَيِّ فَإِنَّهُ مَنْهِيٌّ عَنْهُ إِذَا أَفْضَى إِلَى الإِْطْرَاءِ خَشْيَةً عَلَيْهِ مِنَ الزَّهْوِ (2) .
وَقَال النَّوَوِيُّ: يُسْتَحَبُّ الثَّنَاءُ عَلَى الْمَيِّتِ وَذِكْرُ مَحَاسِنِهِ.
وَقَال: يُسْتَحَبُّ لِمَنْ مَرَّ بِهِ جِنَازَةٌ أَوْ رَآهَا أَنْ يَدْعُوَ لَهَا وَيُثْنِيَ عَلَيْهَا بِالْخَيْرِ إِنْ كَانَتْ أَهْلاً لِلثَّنَاءِ، وَلَا يُجَازِفُ فِي الثَّنَاءِ.
وَنَقَل فِي الْمَجْمُوعِ عَنِ الْبَنْدَنِيجِيِّ نَحْوَ ذَلِكَ (3) .
(1) الأذكار للنووي ص246 - 248.
(2)
فتح الباري 3 / 229.
(3)
الأذكار ص105، 146، والمجموع 5 / 281، وفتح الباري 3 / 228 - 229.
وَقَدْ رَوَى أَنَسٌ رضي الله عنه قَال: مَرُّوا بِجِنَازَةٍ فَأَثْنَوْا عَلَيْهَا خَيْرًا فَقَال النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: وَجَبَتْ ثُمَّ مَرُّوا بِأُخْرَى فَأَثْنَوْا عَلَيْهَا شَرًّا فَقَال: وَجَبَتْ فَقَال عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رضي الله عنه: مَا وَجَبَتْ؟ قَال: هَذَا أَثْنَيْتُمْ عَلَيْهِ خَيْرًا فَوَجَبَتْ لَهُ الْجَنَّةُ، وَهَذَا أَثْنَيْتُمْ عَلَيْهِ شَرًّا فَوَجَبَتْ لَهُ النَّارُ، أَنْتُمْ شُهَدَاءُ اللَّهِ فِي الأَْرْضِ (1) .
قَال الدَّاوُدِيُّ: الْمُعْتَبَرُ فِي ذَلِكَ شَهَادَةُ أَهْل الْفَضْل وَالصِّدْقِ، لَا الْفَسَقَةُ لأَِنَّهُمْ قَدْ يُثْنُونَ عَلَى مَنْ يَكُونُ مِثْلَهُمْ، وَلَا مَنْ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمَيِّتِ عَدَاوَةٌ، لأَِنَّ شَهَادَةَ الْعَدُوِّ لَا تُقْبَل (2) .
وَقَال النَّوَوِيُّ: قَال بَعْضُهُمْ: مَعْنَى الْحَدِيثِ: أَنَّ الثَّنَاءَ بِالْخَيْرِ لِمَنْ أَثْنَى عَلَيْهِ أَهْل الْفَضْل - وَكَانَ ذَلِكَ مُطَابِقًا لِلْوَاقِعِ - فَهُوَ مِنْ أَهْل الْجَنَّةِ، فَإِنْ كَانَ غَيْرَ مُطَابِقٍ لِلْوَاقِعِ فَلَا، وَكَذَا عَكْسُهُ قَال: وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ عَلَى عُمُومِهِ وَأَنَّ مَنْ مَاتَ مِنْهُمْ فَأَلْهَمَ اللَّهُ تَعَالَى النَّاسَ الثَّنَاءَ عَلَيْهِ بِخَيْرٍ كَانَ دَلِيلاً عَلَى أَنَّهُ مِنْ أَهْل الْجَنَّةِ، سَوَاءٌ كَانَتْ أَفْعَالُهُ تَقْتَضِي ذَلِكَ أَمْ لَا، فَإِنَّ الأَْعْمَال دَاخِلَةٌ تَحْتَ الْمَشِيئَةِ، وَهَذَا إِلْهَامٌ يُسْتَدَل بِهِ عَلَى تَعْيِينِهَا، وَبِهَذَا تَظْهَرُ فَائِدَةُ
(1) حديث: " مروا بجنازة فأثنوا عليها خيراً. . . ". أخرجه البخاري (فتح الباري 3 / 228) ، ومسلم (2 / 655) من حديث أنس واللفظ للبخاري.
(2)
فتح الباري 3 / 230 - 231.
الثَّنَاءِ.
قَال ابْنُ حَجَرٍ الْعَسْقَلَانِيُّ: وَهَذَا فِي جَانِبِ الْخَيْرِ وَاضِحٌ، وَيُؤَيِّدُهُ حَدِيثُ: مَا مِنْ مُسْلِمٍ يَمُوتُ فَيَشْهَدُ لَهُ أَرْبَعَةٌ مِنْ جِيرَانِهِ الأَْدْنَيْنَ وَفِي رِوَايَةٍ: ثَلَاثَةٌ مِنْ جِيرَانِهِ الأَْدْنَيْنَ أَنَّهُمْ لَا يَعْلَمُونَ مِنْهُ إِلَاّ خَيْرًا إِلَاّ قَال اللَّهُ تَعَالَى: قَدْ قَبِلْتُ قَوْلَكُمْ وَغَفَرْتُ لَهُ مَا لَا تَعْلَمُونَ (1) وَأَمَّا جَانِبُ الشَّرِّ فَظَاهِرُ الأَْحَادِيثِ أَنَّهُ كَذَلِكَ، لَكِنْ إِنَّمَا يَقَعُ ذَلِكَ فِي حَقِّ مَنْ غَلَبَ شَرُّهُ عَلَى خَيْرِهِ (2) لِحَدِيثِ: إِنَّ لِلَّهِ مَلَائِكَةً تَنْطِقُ عَلَى أَلْسِنَةِ بَنِي آدَمَ بِمَا فِي الْمَرْءِ مِنَ الْخَيْرِ وَالشَّرِّ (3) .
قَال فِي الْفَتَاوَى الْهِنْدِيَّةِ: وَكَرِهَ مَا كَانَ عَلَيْهِ أَهْل الْجَاهِلِيَّةِ مِنَ الإِْفْرَاطِ فِي مَدْحِ الْمَيِّتِ عِنْدَ جِنَازَتِهِ حَتَّى كَانُوا يَذْكُرُونَ مَا هُوَ يُشْبِهُ الْمُحَال، وَأَصْل الثَّنَاءِ وَالْمَدْحِ عَلَى الْمَيِّتِ لَيْسَ بِمَكْرُوهٍ، وَإِنَّمَا الْمَكْرُوهُ مُجَاوَزَةُ الْحَدِّ بِمَا لَيْسَ فِيهِ (4) .
(1) حديث: " ما من مسلم يموت فيشهد. . . ". أخرجه الرواية الأولى أحمد في المسند (2 / 408)، وأخرج الرواية الثانية أيضًا أحمد (3 / 242) من حديث أنس - قال الهيثمي في مجمع الزوائد (3 / 4) : ورجال أحمد رجال الصحيح.
(2)
فتح الباري 3 / 288 - 231، والأذكار للنووي ص146، 150 - 151.
(3)
حديث: " إن لله ملائكة. . . ". أخرج الحاكم في المستدرك (1 / 377) من حديث أنس وقال: صحيح على شرط مسلم، ووافقه الذهبي.
(4)
الفتاوى الهندية 5 / 319.