الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بُخَارٌ يَرْتَقِي إِلَى الرَّأْسِ، وَيُؤَثِّرُ فِي الدِّمَاغِ، فَيَخْتَل عَقْل صَاحِبِهِ (1) - وَوَجَعُ الْقَلْبِ وَالرِّئَةِ وَأَمْثَالِهَا، فَإِنَّهَا لَا تَسْكُنُ حَرَكَتُهَا، فَلَا يَنْدَمِل جُرْحُهَا، فَهَذِهِ كُلُّهَا مَخُوفَةٌ سَوَاءٌ كَانَ مَعَهَا حُمَّى أَوْ لَمْ يَكُنْ.
وَأَمَّا مَا أَشْكَل أَمْرُهُ فَصَرَّحَ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ بِأَنَّهُ يَرْجِعُ إِلَى قَوْل أَهْل الْمَعْرِفَةِ، وَهُمُ الأَْطِبَّاءُ، لأَِنَّهُمْ أَهْل الْخِبْرَةِ بِذَلِكَ وَالتَّجْرِبَةِ وَالْمَعْرِفَةِ، وَلَا يُقْبَل إِلَاّ قَوْل طَبِيبَيْنِ، مُسْلِمَيْنِ، ثِقَتَيْنِ، بَالِغَيْنِ، لأَِنَّ ذَلِكَ يَتَعَلَّقُ بِهِ حَقُّ الْوَارِثِ وَأَهْل الْعَطَايَا فَلَمْ يُقْبَل فِيهِ إِلَاّ ذَلِكَ (2) .
وَخُلَاصَةُ الْقَوْل: أَنَّ الْمَرَضَ الْمَخُوفَ بِأَنْوَاعِهِ إِنِ اتَّصَل بِهِ الْمَوْتُ كَانَ مَرَضَ الْمَوْتِ وَيَجْرِي عَلَيْهِ أَحْكَامُ مَرَضِ الْمَوْتِ، وَأَمَّا إِنْ لَمْ يَتَّصِل بِهِ الْمَوْتُ، بِأَنْ صَحَّ مِنْ مَرَضِهِ، ثُمَّ مَاتَ بَعْدَ ذَلِكَ فَحُكْمُهُ حُكْمُ الصَّحِيحِ، لأَِنَّهُ لَمَّا صَحَّ بَعْدَ الْمَرَضِ تَبَيَّنَ أَنَّ ذَلِكَ لَمْ يَكُنْ مَرَضَ الْمَوْتِ (3) .
وَلِتَفْصِيل الأَْحْكَامِ الْمُتَرَتِّبَةِ عَلَى مَرَضِ
(1) المغني 6 / 285.
(2)
المغني 6 / 84 وما بعدها ط. الرياض.
(3)
ابن عابدين 2 / 520 ط. بولاق، وبدائع الصنائع 2 / 224 ط. الدار العربية للكتاب، والأشباه والنظائر لابن نجيم / 82 - ط. دار ومكتبة الهلال، ومواهب الجليل 5 / 78 ط. دار الفكر، والجمل 4 / 53، والمغني 6 / 84 وما بعدها.
الْمَوْتِ، وَالْحَالَاتِ الَّتِي تَلْحَقُ بِهِ يُرْجَعُ إِلَى مُصْطَلَحِ (مَرَضُ الْمَوْتِ) .
أَحْكَامُ الْمَرَضِ:
الرُّخَصُ الْمُتَعَلِّقَةُ بِالْمَرَضِ
6 -
الأَْصْل أَنَّ الْمَرَضَ لَا يُنَافِي أَهْلِيَّةَ الْحُكْمِ - أَيْ ثُبُوتَ الْحُكْمِ وَوُجُوبَهُ عَلَى الإِْطْلَاقِ - سَوَاءٌ كَانَ مِنْ حُقُوقِ اللَّهِ أَوِ الْعِبَادِ، وَلَا أَهْلِيَّةَ الْعِبَارَةِ - أَيِ: التَّصَرُّفَاتِ الْمُتَعَلِّقَةِ بِالْحُكْمِ - إِذْ لَا خَلَل فِي الذِّمَّةِ وَالْعَقْل اللَّذَيْنِ هُمَا مَنَاطُ الأَْحْكَامِ، وَلِهَذَا صَحَّ نِكَاحُ الْمَرِيضِ وَطَلَاقُهُ وَإِسْلَامُهُ، وَانْعَقَدَتْ تَصَرُّفَاتُهُ كَالْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ وَغَيْرِ ذَلِكَ - كَمَا سَيَأْتِي - إِلَاّ أَنَّهُ لَمَّا كَانَ فِيهِ نَوْعٌ مِنَ الْعَجْزِ شُرِعَتِ الْعِبَادَاتُ فِيهِ عَلَى حَسَبِ الْقُدْرَةِ الْمُمْكِنَةِ، وَأُخِّرَ مَا لَا قُدْرَةَ عَلَيْهِ أَوْ مَا فِيهِ حَرَجٌ (1) .
وَفِيمَا يَلِي بَيَانُ ذَلِكَ:
أَوَّلاً: جَوَازُ التَّيَمُّمِ مَعَ وُجُودِ الْمَاءِ لِلْمَرَضِ
7 -
لَا خِلَافَ بَيْنَ الْفُقَهَاءِ فِي أَنَّ الْمَرِيضَ إِذَا تَيَقَّنَ التَّلَفَ بِاسْتِعْمَال الْمَاءِ فِي الطَّهَارَةِ فَإِنَّهُ يَجُوزُ لَهُ التَّيَمُّمُ، وَاخْتَلَفُوا فِي الْخَوْفِ الْمُبِيحِ لِلتَّيَمُّمِ.
وَالتَّفْصِيل فِي (تَيَمُّمٌ ف 21 وَمَا بَعْدَهَا) .
(1) فواتح الرحموت 1 / 174 ط. دار صادر، وكشف الأسرار 4 / 307 ط. دار الكتاب العربي، وقرة عيون الأخيار 2 / 127، والتلويح على التوضيح 2 / 177 ط مكتبة. محمد علي صبيح.