الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قَالُوا: إِنَّ مَا يَصِحُّ أَنْ يَكُونَ مُسْلَمًا فِيهِ مِنَ الأَْمْوَال هُوَ الْمِثْلِيَّاتُ، كَالْمَكِيلَاتِ وَالْمَوْزُونَاتِ وَذَلِكَ لِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم: مَنْ أَسْلَفَ فِي تَمْرٍ فَلْيُسْلِفْ فِي كَيْلٍ مَعْلُومٍ وَوَزْنٍ مَعْلُومٍ إِلَى أَجَلٍ مَعْلُومٍ (1) .
وَقَدْ عَدَّ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ الْمَذْرُوعَاتِ الْمُتَمَاثِلَةَ الآْحَادِ، وَالْعَدَدِيَّاتِ الْمُتَقَارِبَةَ أَوِ الْمُتَسَاوِيَةَ مِنْ جُمْلَةِ الْمِثْلِيَّاتِ الَّتِي تَقْبَل الثُّبُوتَ فِي الذِّمَّةِ دَيْنًا فِي عَقْدِ السَّلَمِ، فَيَصِحُّ كَوْنُهَا مُسْلَمًا فِيهَا، قِيَاسًا عَلَى الْمَكِيلَاتِ وَالْمَوْزُونَاتِ لِلْعِلَّةِ الْجَامِعَةِ بَيْنَهَا، وَهِيَ رَفْعُ الْجَهَالَةِ بِالْمِقْدَارِ (2) .
وَاسْتَثْنَى الْحَنَفِيَّةُ مِنَ الْمِثْلِيَّاتِ النُّقُودَ وَقَالُوا بِعَدَمِ جَوَازِ كَوْنِ الْمُسْلَمِ فِيهِ نَقْدًا، قَال الْكَاسَانِيُّ فِي شُرُوطِ الْمُسْلَمِ فِيهِ: وَمِنْهَا أَنْ يَكُونَ مِمَّا يَتَعَيَّنُ بِالتَّعْيِينِ فَإِنْ كَانَ مِمَّا لَا يَتَعَيَّنُ بِالتَّعْيِينِ كَالدَّرَاهِمِ وَالدَّنَانِيرِ لَا يَجُوزُ السَّلَمُ فِيهِ، لأَِنَّ الْمُسْلَمَ فِيهِ مَبِيعٌ. وَالْمَبِيعُ مِمَّا يَتَعَيَّنُ بِالتَّعْيِينِ، وَالدَّرَاهِمُ وَالدَّنَانِيرُ لَا تَتَعَيَّنُ بِالتَّعْيِينِ فِي عُقُودِ الْمُعَاوَضَاتِ (3) .
أَمَّا الْقِيمِيَّاتُ فَمَا يُمْكِنُ ضَبْطُ صِفَاتِهِ
(1) حديث: " من أسلف. . . . ". أخرجه البخاري (فتح الباري 4 / 429) - ط. السلفية ومسلم (3 / 1227 - ط. الحلبي) ، واللفظ لمسلم.
(2)
فتح القدير 6 / 219، والقوانين الفقهية ص274، ومواهب الجليل 4 / 534، وروضة الطالبين 4 / 6، ومغني المحتاج 2 / 108، وكشاف القناع 3 / 276، والمغني 4 / 332.
(3)
بدائع الصنائع 5 / 212.
يَصِحُّ السَّلَمُ فِيهِ، وَمَا لَا يُمْكِنُ ضَبْطُهُ بِالصِّفَاتِ فَلَا يَصِحُّ السَّلَمُ فِيهِ، لأَِنَّهُ يُفْضِي إِلَى الْمُنَازَعَةِ، وَعَدَمُهَا مَطْلُوبٌ شَرْعًا، وَيُنْظَرُ التَّفْصِيل فِي مُصْطَلَحِ:(سَلَمٌ ف 20، 21) .
ب -
عَقْدُ الْقَرْضِ:
5 -
اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى جَوَازِ الْقَرْضِ فِي الأَْمْوَال الْمِثْلِيَّةِ لأَِنَّ الْقَرْضَ يَقْتَضِي رَدَّ الْمِثْل وَهَذَا مُيَسَّرٌ فِي الأَْمْوَال الْمِثْلِيَّةِ مِنَ الْمَكِيلَاتِ وَالْمَوْزُونَاتِ، وَكَذَا الْعَدَدِيَّاتُ وَالْمَذْرُوعَاتُ الْمُتَقَارِبَةُ الَّتِي يُمْكِنُ ضَبْطُهَا (1) . وَاخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي صِحَّةِ قَرْضِ غَيْرِ الْمِثْلِيَّاتِ:
فَذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ، وَالشَّافِعِيَّةُ فِي الأَْظْهَرِ عِنْدَهُمْ، إِلَى جَوَازِ قَرْضِ كُل مَا يَصِحُّ فِيهِ السَّلَمُ مِنْ عَرَضٍ وَحَيَوَانٍ وَمِثْلِيٍّ وَذَلِكَ لِصِحَّةِ ثُبُوتِهِ فِي الذِّمَّةِ، وَلِمَا وَرَدَ فِي الأَْثَرِ: أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم اسْتَسْلَفَ مِنْ رَجُلٍ بَكْرًا أَيْ ثَنِيًّا مِنَ الإِْبِل (2) ، وَذَلِكَ لَيْسَ بِمَوْزُونٍ وَلَا مَكِيلٍ.
وَاسْتَثْنَى الْجُمْهُورُ مِنْ جَوَازِ قَرْضِ كُل مَا يَصِحُّ فِيهِ السَّلَمُ الْجَارِيَةَ الَّتِي تَحِل لِلْمُقْتَرِضِ، فَلَا يَصِحُّ قَرْضُهَا لِمَا فِيهِ مِنْ مَعْنَى إِعَارَةِ الْجَوَارِي لِلْوَطْءِ وَهُوَ مُمْتَنِعٌ.
(1) حاشية رد المحتار 4 / 171، 172، وحاشية الدسوقي مع الشرح الكبير 3 / 222، ومغني المحتاج 2 / 118، 119، والمغني 4 / 350.
(2)
حديث: " استسلف من رجل بكرا. . . ". أخرجه مسلم (3 / 1224) تحقيق محمد فؤاد عبد الباقي.