الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بِالشَّيْءِ: اتَّخَذَهُ لِعْبَةً، وَيُقَال: لَعِبَ فِي الدِّينِ، اتَّخَذَهُ سُخْرِيَّةً، وَفِي التَّنْزِيل الْعَزِيزِ:{وَذَرِ الَّذِينَ اتَّخَذُوا دِينَهُمْ لَعِبًا وَلَهْوًا} (1) .
وَمِنْ مَعَانِيهِ: عَمِل عَمَلاً لَا يُجْدِي عَلَيْهِ نَفْعًا، ضِدُّ جَدَّ (2) .
وَلَا يَخْرُجُ الْمَعْنَى الاِصْطِلَاحِيُّ عَنِ الْمَعْنَى اللُّغَوِيِّ (3) .
وَالصِّلَةُ بَيْنَ الْمُدَاعَبَةِ وَالْمُلَاعَبَةِ هِيَ أَنَّ الْمُلَاعَبَةَ أَعَمُّ.
الْحُكْمُ التَّكْلِيفِيُّ:
3 -
اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ - كَمَا قَال الزُّبَيْدِيُّ - فِي حُكْمِ الْمُدَاعَبَةِ وَالْمِزَاحِ
فَاسْتَبْعَدَ بَعْضُهُمْ وُقُوعَ الْمِزَاحِ مِنْهُ صلى الله عليه وسلم لِجَلِيل مَكَانَتِهِ وَعَظِيمِ مَرْتَبَتِهِ، فَكَأَنَّهُمْ سَأَلُوهُ عَنْ حِكْمَتِهِ بِقَوْلِهِمْ: إِنَّكَ تُدَاعِبُنَا يَا رَسُول اللَّهِ، قَال: إِنِّي لَا أَقُول إِلَاّ حَقًّا (4) .
وَقَال بَعْضُهُمْ: هَل الْمُدَاعَبَةُ مِنْ خَوَاصِّهِ صلى الله عليه وسلم فَلَا يَتَأَسَّوْنَ بِهِ فِيهَا؟ فَبَيَّنَ صلى الله عليه وسلم لَهُمْ أَنَّهَا لَيْسَتْ مِنْ خَوَاصِّهِ.
وَالْمُدَاعَبَةُ لَا تُنَافِي الْكَمَال، بَل هِيَ مِنْ تَوَابِعِهِ وَمُتَمِّمَاتِهِ إِذَا كَانَتْ جَارِيَةً عَلَى الْقَانُونِ
(1) سورة الأنعام / 70.
(2)
المعجم الوسيط.
(3)
قواعد الفقه للبركتي.
(4)
حديث: " إني لا أقول إلا حقاً ". أخرجه الترمذي (4 / 357) من حديث أبي هريرة، وقال: حديث حسن صحيح.
الشَّرْعِيِّ، بِأَنْ تَكُونَ عَلَى وَفْقِ الصِّدْقِ، وَبِقَصْدِ تَآلُفِ قُلُوبِ الضُّعَفَاءِ وَجَبْرِهِمْ وَإِدْخَال السُّرُورِ عَلَيْهِمْ وَالرِّفْقِ بِهِمْ، وَالْمَنْهِيُّ عَنْهُ فِي قَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم: لَا تُمَارِ أَخَاكَ وَلَا تُمَازِحْهُ (1) إِنَّمَا هُوَ الإِْفْرَاطُ فِيهَا وَالدَّوَامُ عَلَيْهَا، لأَِنَّهُ يُورِثُ آفَاتٍ كَثِيرَةً ظَاهِرَةً وَبَاطِنَةً مِنَ الْقَسْوَةِ وَالْغَفْلَةِ وَالإِْيذَاءِ وَالْحِقْدِ وَإِسْقَاطِ الْمَهَابَةِ وَغَيْرِ ذَلِكَ.
وَمِزَاحُهُ صلى الله عليه وسلم سَالِمٌ مِنْ جَمِيعِ هَذِهِ الأُْمُورِ، يَقَعُ مِنْهُ عَلَى جِهَةِ النُّدْرَةِ لِمَصْلَحَةٍ تَامَّةٍ مِنْ مُؤَانَسَةِ بَعْضِ أَصْحَابِهِ، فَهُوَ بِهَذَا الْقَصْدِ سُنَّةٌ، إِذِ الأَْصْل مِنْ أَفْعَالِهِ صلى الله عليه وسلم وُجُوبُ التَّأَسِّي بِهِ فِيهَا أَوْ نَدْبُهُ، إِلَاّ لِدَلِيلٍ يَمْنَعُ مِنْ ذَلِكَ، وَلَا دَلِيل هُنَا يَمْنَعُ مِنْهُ، فَتَعَيَّنَ النَّدْبُ كَمَا هُوَ مُقْتَضَى كَلَامِ الْفُقَهَاءِ وَالأُْصُولِيِّينَ (2) .
مُدَاعَبَةُ الأَْزْوَاجِ:
4 -
قَال الْغَزَالِيُّ فِي الإِْحْيَاءِ: وَعَلَى الزَّوْجِ أَنْ يَزِيدَ عَلَى احْتِمَال الأَْذَى مِنِ امْرَأَتِهِ بِالْمُدَاعَبَةِ وَالْمِزَاحِ وَالْمُلَاعَبَةِ، فَهِيَ الَّتِي تُطَيِّبُ قُلُوبَ النِّسَاءِ، وَعَلَى الرَّجُل أَنْ لَا يُوَافِقَهَا بِاتِّبَاعِ
(1) حديث: " لا تمار أخاك ولا تمازحه ". أخرجه الترمذي (4 / 359) من حديث عبد الله بن عباس، وقال: هذا حديث حسن غريب.
(2)
اتحاف السادة المتقين لشرح إحياء علوم الدين للزبيدي 7 / 499. ط دار الفكر، وفتح الباري 10 / 526 - 527، وعمدة القاري 10 / 411. ط دار الطباعة العامرة.