الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَيُكْرَهُ طَلَبُ الْمُبَارَزَةِ وَالإِْجَابَةُ إِلَيْهَا مِمَّنْ لَمْ يَعْرِفْ مِنْ نَفْسِهِ الْقُدْرَةَ عَلَيْهَا وَبِغَيْرِ إِذْنِ الإِْمَامِ.
وَقَالُوا: تَحْرُمُ الْمُبَارَزَةُ عَلَى فَرْعٍ وَمَدِينٍ وَرَقِيقٍ لَمْ يُؤْذَنْ لَهُمْ فِي خُصُوصِهَا، أَيْ أُذِنَ لَهُمْ فِي الْجِهَادِ مِنْ غَيْرِ تَصْرِيحٍ بِالإِْذْنِ فِي الْمُبَارَزَةِ. وَنَقَل الشَّبْرَامُلُّسِيُّ عَنِ الْبُلْقِينِيِّ وَغَيْرِهِ فِي الْعَبْدِ وَالْفَرْعِ الْمَأْذُونِ لَهُمَا فِي الْجِهَادِ مِنْ غَيْرِ تَصْرِيحٍ فِي الإِْذْنِ فِي الْبِرَازِ أَنَّهُ يُكْرَهُ لَهُمَا الْمُبَارَزَةُ ابْتِدَاءً وَإِجَابَةً، وَنُقِل عَنْ شَرْحِ الرَّوْضِ أَنَّ مِثْلَهُمَا فِيمَا يَظْهَرُ الْمَدِينُ، وَقَال: يُؤَيِّدُهُ مَا قَالُوهُ إِنَّهُ يُسْتَحَبُّ لَهُ تَوَقِّي مَظَانِّ الشَّهَادَةِ.
وَنَقَل الرَّمْلِيُّ عَنِ الْمَاوَرْدِيِّ تَحْرِيمَ الْمُبَارَزَةِ عَلَى مَنْ يُؤَدِّي قَتْلُهُ إِلَى هَزِيمَةِ الْمُسْلِمِينَ.
وَقَال الْمَاوَرْدِيُّ: لِتَمْكِينِ الْمُبَارَزَةِ شَرْطَانِ: أَحَدُهُمَا أَنْ يَكُونَ ذَا نَجْدَةٍ وَشَجَاعَةٍ يَعْلَمُ مِنْ نَفْسِهِ أَنَّهُ لَنْ يَعْجِزَ عَنْ مُقَاوَمَةِ عَدُوِّهِ، فَإِنْ كَانَ بِخِلَافِهِ مُنِعَ، وَالثَّانِي: أَنْ لَا يَكُونَ زَعِيمًا لِلْجَيْشِ يُؤَثِّرُ فَقْدُهُ فِيهِمْ، فَإِنَّ فَقْدَ الزَّعِيمِ الْمُدَبِّرِ مُفْضٍ إِلَى الْهَزِيمَةِ، وَرَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَقْدَمَ عَلَى الْبِرَازِ ثِقَةً بِنَصْرِ اللَّهِ سُبْحَانَهُ وَإِنْجَازِ وَعْدِهِ وَلَيْسَ ذَلِكَ لِغَيْرِهِ (1) .
وَقَال الْحَنَابِلَةُ: إِنْ دَعَا كَافِرٌ إِلَى الْبِرَازِ
(1) مغني المحتاج 4 / 226، والأحكام السلطانية للماوردي ص40، ونهاية المحتاج وحاشية الشبراملسي 8 / 64، وشرح المنهج وحاشية الجمل 5 / 196
اسْتُحِبَّ لِمَنْ يَعْلَمُ مِنْ نَفْسِهِ الْقُوَّةَ وَالشَّجَاعَةَ مُبَارَزَتُهُ بِإِذْنِ الأَْمِيرِ، لِمُبَارَزَةِ الصَّحَابَةِ فِي زَمَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَمِنْ بَعْدَهُ، قَال قَيْسُ بْنُ عَبَّادٍ: سَمِعْتُ أَبَا ذَرٍّ يُقْسِمُ قَسَمًا أَنَّ هَذِهِ الآْيَةَ: {هَذَانِ خَصْمَانِ اخْتَصَمُوا فِي رَبِّهِمْ} نَزَلَتْ فِي الَّذِينَ بَرَزُوا يَوْمَ بَدْرٍ: حَمْزَةَ وَعَلِيٍّ وَعُبَيْدَةَ بْنِ الْحَارِثِ وَعُتْبَةَ وَشَيْبَةَ ابْنَيْ رَبِيعَةَ وَالْوَلِيدِ بْنِ عُتْبَةَ (1) ، وَكَانَ ذَلِكَ بِإِذْنِهِ صلى الله عليه وسلم وَلأَِنَّ فِي الإِْجَابَةِ إِلَى الْمُبَارَزَةِ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ - رَدًّا عَنِ الْمُسْلِمِينَ وَإِظْهَارًا لِقُوَّتِهِمْ وَجَلَدِهِمْ عَلَى الْحَرْبِ.
وَطَلَبُ الْمُسْلِمِ الْمُجَاهِدِ الشُّجَاعِ الْكَافِرَ لِمُبَارَزَتِهِ يُبَاحُ وَلَا يُسْتَحَبُّ، لأَِنَّهُ لَا حَاجَةَ إِلَى الْمُبَارَزَةِ، وَلَا يَأْمَنُ أَنْ يَغْلِبَ فَيَكْسِرَ قُلُوبَ الْمُسْلِمِينَ، إِلَاّ أَنَّهُ لَمَّا كَانَ شُجَاعًا وَاثِقًا مِنْ نَفْسِهِ أُبِيحَ لَهُ، لأَِنَّهُ بِحُكْمِ الظَّاهِرِ غَالِبٌ. أَمَّا الضَّعِيفُ الَّذِي لَا يَثِقُ مِنْ نَفْسِهِ، وَلَا يَعْرِفُ فِيهَا الْقُوَّةَ وَالشَّجَاعَةَ فَإِنَّهُ تُكْرَهُ لَهُ الْمُبَارَزَةُ، لِمَا فِيهَا مِنْ كَسْرِ قُلُوبِ الْمُسْلِمِينَ لِقَتْلِهِ ظَاهِرًا (2) .
سَلَبُ الْمُبَارَزِ:
6 -
قَال جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ: إِنَّ السَّلَبَ لَيْسَ
(1) حديث: " سمعت أبا ذر يقسم قسمًا. . . ". أخرجه البخاري (فتح الباري 7 / 297) ، ومسلم (4 / 2323) واللفظ للبخاري، والآية من سورة الحج رقم 19.
(2)
المغني 8 / 368 - 369، وكشاف القناع 3 / 69 - 70.