الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَقَال الْحَنَابِلَةُ: إِنَّ بَيْعَ الْمَرِيضِ بِالْمُحَابَاةِ لَا يَخْلُو إِمَّا أَنْ يَكُونَ لِوَارِثٍ أَوْ لِغَيْرِهِ، فَإِنْ كَانَ لِوَارِثٍ بَطَلَتِ الْمُحَابَاةُ لأَِنَّهَا فِي الْمَرَضِ بِمَنْزِلَةِ الْوَصِيَّةِ، وَالْوَصِيَّةُ لِوَارِثٍ لَا تَجُوزُ، وَيَبْطُل الْبَيْعُ فِي قَدْرِ الْمُحَابَاةِ مِنَ الْمَبِيعِ، وَهَل يَصِحُّ فِيمَا عَدَاهُ؟ عَلَى ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ.
أَحَدُهَا: لَا يَصِحُّ لأَِنَّ الْمُشْتَرِيَ بَذَل الثَّمَنَ فِي كُل الْمَبِيعِ فَلَمْ يَصِحَّ فِي بَيْعِهِ، كَمَا لَوْ قَال: بِعْتُكَ هَذَا الثَّوْبَ بِعَشَرَةِ، فَقَال: قَبِلْتُ الْبَيْعَ فِي نِصْفِهِ، أَوْ قَال: قَبِلْتُهُ بِخَمْسَةٍ، أَوْ قَال: قَبِلْتُ نِصْفَهُ بِخَمْسَةٍ، وَلأَِنَّهُ لَمْ يُمْكِنْ تَصْحِيحُ الْبَيْعِ عَلَى الْوَجْهِ الَّذِي تُوَاجَبَا عَلَيْهِ فَلَمْ يَصِحَّ كَتَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ.
الثَّانِي: أَنَّهُ يَبْطُل الْبَيْعُ فِي قَدْرِ الْمُحَابَاةِ وَيَصِحُّ فِيمَا يُقَابِل الثَّمَنَ الْمُسَمَّى، وَلِلْمُشْتَرِي الْخِيَارُ بَيْنَ الأَْخْذِ وَالْفَسْخِ لأَِنَّ الصِّفَةَ تَفَرَّقَتْ عَلَيْهِ، وَلِلشَّفِيعِ أَخْذُ مَا صَحَّ الْبَيْعُ فِيهِ، وَإِنَّمَا قُلْنَا بِالصِّحَّةِ لأَِنَّ الْبُطْلَانَ إِنَّمَا جَاءَ مِنَ الْمُحَابَاةِ فَاخْتَصَّ بِمَا يُقَابِلُهَا.
الثَّالِثُ: أَنَّهُ يَصِحُّ فِي الْجَمِيعِ وَيَقِفُ عَلَى إِجَازَةِ الْوَرَثَةِ لأَِنَّ الْوَصِيَّةَ لِلْوَارِثِ صَحِيحَةٌ فِي أَصَحِّ الرِّوَايَتَيْنِ، وَتَقِفُ عَلَى إِجَازَةِ الْوَرَثَةِ، فَكَذَلِكَ الْمُحَابَاةُ لَهُ، فَإِنْ أَجَازُوا الْمُحَابَاةَ صَحَّ الْبَيْعُ فِي الْجَمِيعِ وَلَا خِيَارَ لِلْمُشْتَرِي، وَيَمْلِكُ الشَّفِيعُ الأَْخْذَ بِهِ لأَِنَّهُ يَأْخُذُ بِالثَّمَنِ، وَإِنْ رَدُّوا
بَطَل الْبَيْعُ فِي قَدْرِ الْمُحَابَاةِ وَصَحَّ فِيمَا بَقِيَ، وَلَا يَمْلِكُ الشَّفِيعُ الأَْخْذَ قَبْل إِجَازَةِ الْوَرَثَةِ وَرَدِّهِمْ، لأَِنَّ حَقَّهُمْ مُتَعَلِّقٌ بِالْمَبِيعِ فَلَمْ يَمْلِكْ إِبْطَالَهُ، وَلَهُ أَخْذُ مَا صَحَّ الْبَيْعُ فِيهِ. وَإِنِ اخْتَارَ الْمُشْتَرِي الرَّدَّ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ وَفِي الَّتِي قَبْلَهَا وَاخْتَارَ الشَّفِيعُ الأَْخْذَ بِالشُّفْعَةِ قُدِّمَ الشَّفِيعُ، لأَِنَّهُ لَا ضَرَرَ عَلَى الْمُشْتَرِي وَجَرَى مَجْرَى الْمَعِيبِ إِذَا رَضِيَهُ الشَّفِيعُ بِعَيْبِهِ.
الْقِسْمُ الثَّانِي: إِذَا كَانَ الْمُشْتَرِي أَجْنَبِيًّا وَالشَّفْيِعُ أَجْنَبِيٌّ: فَإِنْ لَمْ تَزِدِ الْمُحَابَاةُ عَلَى الثُّلُثِ صَحَّ الْبَيْعُ، وَلِلشَّفِيعِ الأَْخْذُ بِهَا بِذَلِكَ الثَّمَنِ؛ لأَِنَّ الْبَيْعَ حَصَل بِهِ فَلَا يَمْنَعُ مِنْهَا كَوْنُ الْمَبِيعِ مُسْتَرْخَصًا، وَإِنْ زَادَتْ عَلَى الثُّلُثِ فَالْحُكْمُ فِيهِ حُكْمُ أَصْل الْمُحَابَاةِ فِي حَقِّ الْوَارِثِ وَإِنْ كَانَ الشَّفِيعُ وَارِثًا فَفِيهِ وَجْهَانِ:
أَحَدُهُمَا: لَهُ الأَْخْذُ بِالشُّفْعَةِ؛ لأَِنَّ الْمُحَابَاةَ وَقَعَتْ لِغَيْرِهِ فَلَمْ يَمْنَعْ مِنْهَا تَمَكُّنُ الْوَارِثِ مِنْ أَخْذِهَا.
وَالثَّانِي: يَصِحُّ الْبَيْعُ وَلَا تَجِبُ الشُّفْعَةُ (1) .
الْمُحَابَاةُ فِي التَّبَرُّعَاتِ الْمَالِيَّةِ
أَوَّلاً: الْمُحَابَاةُ فِي الْوَصِيَّةِ
12 -
ذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ إِلَى
(1) المغني 5 / 319 - 320.