الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
النَّاسِ وَإِغْرَاءً لِلظَّلَمَةِ فِي الاِعْتِدَاءِ عَلَى مَنَافِعِ الأَْعْيَانِ الَّتِي يَمْلِكُهَا غَيْرُهُمْ، وَفِي ذَلِكَ مِنَ الْفَسَادِ وَالْجَوْرِ مَا يُنَاقِضُ مَقَاصِدَ الشَّرِيعَةِ وَعَدَالَتَهَا.
وَقَال الشِّرْبِينِيُّ الْخَطِيبُ: الْمَنَافِعُ لَيْسَتْ أَمْوَالاً عَلَى الْحَقِيقَةِ، بَل عَلَى ضَرْبٍ مِنَ التَّوَسُّعِ وَالْمَجَازِ، بِدَلِيل أَنَّهَا مَعْدُومَةٌ لَا قُدْرَةَ عَلَيْهَا (1) .
ب -
مَالِيَّةُ الدُّيُونِ:
3 -
الدَّيْنُ فِي الاِصْطِلَاحِ الْفِقْهِيِّ هُوَ لُزُومُ حَقٍّ فِي الذِّمَّةِ (2) . وَقَدْ يَكُونُ مَحَلُّهُ مَالاً كَمَا أَنَّهُ قَدْ يَكُونُ عَمَلاً أَوْ عِبَادَةً كَصَوْمِ وَصَلَاةٍ وَحَجٍّ وَغَيْرِ ذَلِكَ. (ر: دَيْنٌ ف 37، دَيْنُ اللَّهِ ف 3) .
وَلَا خِلَافَ بَيْنَ الْفُقَهَاءِ فِي أَنَّ الْحَقَّ الْوَاجِبَ فِي الذِّمَّةِ إِذَا لَمْ يَكُنْ مَالِيًّا، فَإِنَّهُ لَا يُعْتَبَرُ مَالاً، وَلَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ شَيْءٌ مِنْ أَحْكَامِهِ.
أَمَّا إِذَا كَانَ الدَّيْنُ الشَّاغِل لِلذِّمَّةِ مَالِيًّا، فَقَدِ اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي اعْتِبَارِهِ مَالاً حَقِيقَةً، وَذَلِكَ عَلَى قَوْلَيْنِ:
أَحَدُهُمَا لِلْحَنَفِيَّةِ: وَهُوَ أَنَّ الدَّيْنَ فِي الذِّمَّةِ
(1) روضة الطالبين 5 / 12، 13، ومغني المحتاج 2 / 2، وحاشية الدسوقي على الشرح الكبير 3 / 442، والمنثور في القواعد للزركشي 3 / 197، 222، وتخريج الفروع على الأصول للزنجاني ص 225، والمغني مع الشرح الكبير 6 / 3.
(2)
فتح الغفار لابن نجيم 3 / 20.
لَيْسَ مَالاً حَقِيقِيًّا؛ إِذْ هُوَ عِبَارَةٌ عَنْ وَصْفٍ شَاغِلٍ لِلذِّمَّةِ، وَلَا يُتَصَوَّرُ قَبْضُهُ حَقِيقَةً، وَلَكِنْ نَظَرًا لِصَيْرُورَتِهِ مَالاً فِي الْمَآل سُمِّيَ مَالاً مَجَازًا (1) .
وَالثَّانِي قَال الزَّرْكَشِيُّ مِنَ الشَّافِعِيَّةِ: الدَّيْنُ: هَل هُوَ مَالٌ فِي الْحَقِيقَةِ أَوْ هُوَ حَقُّ مُطَالَبَةٍ يَصِيرُ مَالاً فِي الْمَآل؟ فِيهِ طَرِيقَانِ حَكَاهُمَا الْمُتَوَلِّي، وَوَجْهُ الأَْوَّل: أَنَّهُ يَثْبُتُ بِهِ حُكْمُ الْيَسَارِ حَتَّى تَلْزَمَهُ نَفَقَةُ الْمُوسِرِينَ وَكَفَّارَتُهُمْ وَلَا تَحِل لَهُ الصَّدَقَةُ.
وَوَجْهُ الثَّانِي: أَنَّ الْمَالِيَّةَ مِنْ صِفَاتِ الْمَوْجُودِ، وَلَيْسَ هَهُنَا شَيْءٌ مَوْجُودٌ، قَال: وَإِنَّمَا اسْتُنْبِطَ هَذَا مِنْ قَوْل الشَّافِعِيِّ: فَمَنْ مَلَكَ دُيُونًا عَلَى النَّاسِ، هَل تَلْزَمُهُ الزَّكَاةُ؟ الْمَذْهَبُ الْوُجُوبُ، وَفِي الْقَدِيمِ قَوْلٌ أَنَّهَا لَا تَجِبُ، وَيَتَفَرَّعُ عَلَيْهِ فُرُوعٌ.
مِنْهَا: هَل يَجُوزُ بَيْعُ الدَّيْنِ مِنْ غَيْرِ مَنْ عَلَيْهِ الدَّيْنُ؟ إِنْ قُلْنَا: إِنَّهُ مَالٌ جَازَ، أَوْ حَقٌّ فَلَا؛ لأَِنَّ الْحُقُوقَ لَا تَقْبَل النَّقْل إِلَى الْغَيْرِ. وَمِنْهَا: أَنَّ الإِْبْرَاءَ عَنِ الدَّيْنِ إِسْقَاطٌ أَوْ تَمْلِيكٌ؟ وَمِنْهَا: حَلَفَ لَا مَال لَهُ، وَلَهُ دَيْنٌ حَالٌّ عَلَى مَلِيءٍ، حَنِثَ عَلَى الْمَذْهَبِ، وَكَذَا الْمُؤَجَّل، أَوْ عَلَى الْمُعْسِرِ فِي الأَْصَحِّ (2) .
(1) الأشباه والنظائر لابن نجيم ص354، وبدائع الصنائع 5 / 324.
(2)
المنثور في القواعد للزركشي 2 / 160، 161.