الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَقَال أَبُو حَنِيفَةَ وَالْقَاضِي مِنَ الْحَنَابِلَةِ وَأَصْحَابُهُ: لَا يَجُوزُ بَيْعُهُ مُرَابَحَةً إِلَاّ أَنْ يُبَيِّنَ أَمْرَهُ، أَوْ يُخْبِرَ أَنَّ رَأْسَ مَالِهِ عَلَيْهِ خَمْسَةٌ وَيَقُول: قَامَ عَلَيَّ بِخَمْسَةٍ، لأَِنَّ الْمُرَابَحَةَ تُضَمُّ فِيهَا الْعُقُودُ، فَيُخْبِرُ بِمَا تَقُومُ عَلَيْهِ، كَمَا تُضَمُّ أُجْرَةُ الْقَصَّارِ وَالْخَيَّاطِ (1) .
ظُهُورُ الْخِيَانَةِ فِي الْمُرَابَحَةِ
13 -
إِذَا ظَهَرَتِ الْخِيَانَةُ فِي الْمُرَابَحَةِ بِإِقْرَارِ الْبَائِعِ فِي عَقْدِ الْمُرَابَحَةِ، أَوْ بِبُرْهَانٍ عَلَيْهَا أَوْ بِنُكُولِهِ عَنِ الْيَمِينِ، فَإِمَّا أَنْ تَظْهَرَ فِي صِفَةِ الثَّمَنِ أَوْ فِي قَدْرِهِ.
فَإِنْ ظَهَرَتْ فِي صِفَةِ الثَّمَنِ: بِأَنِ اشْتَرَى شَيْئًا نَسِيئَةً، ثُمَّ بَاعَهُ مُرَابَحَةً عَلَى الثَّمَنِ الأَْوَّل، وَلَمْ يُبَيِّنْ أَنَّهُ اشْتَرَاهُ نَسِيئَةً، ثُمَّ عَلِمَ الْمُشْتَرِي، فَلَهُ الْخِيَارُ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ (2) إِنْ شَاءَ أَخَذَ الْمَبِيعَ، وَإِنْ شَاءَ رَدَّهُ، لأَِنَّ الْمُرَابَحَةَ عَقْدٌ مَبْنِيٌّ عَلَى الأَْمَانَةِ، إِذْ أَنَّ الْمُشْتَرِيَ اعْتَمَدَ عَلَى أَمَانَةِ الْبَائِعِ فِي الإِْخْبَارِ عَنِ الثَّمَنِ الأَْوَّل، فَكَانَتْ صِيَانَةُ الْبَيْعِ الثَّانِي عَنِ الْخِيَانَةِ مَشْرُوطَةً دَلَالَةً، فَإِذَا لَمْ يَتَحَقَّقِ الشَّرْطُ ثَبَتَ الْخِيَارُ، كَمَا فِي حَالَةِ عَدَمِ تَحَقُّقِ سَلَامَةِ الْمَبِيعِ عَنِ الْعَيْبِ.
(1) فتح القدير 6 / 501 - ط. بيروت، والمهذب 1 / 296 - ط. ثالثة، والمغني 4 / 205 - ط. الرياض، ومواهب الجليل للحطاب والمواق بهامشه 4 / 493.
(2)
بدائع الصنائع 7 / 3206 - ط. الإمام، وفتح القدير 6 / 507.
وَكَذَا إِذَا لَمْ يُخْبِرْ أَنَّ الشَّيْءَ الْمَبِيعَ كَانَ بَدَل صُلْحٍ فَلِلْمُشْتَرِي الثَّانِي الْخِيَارُ، وَإِنْ ظَهَرَتِ الْخِيَانَةُ فِي قَدْرِ الثَّمَنِ فِي الْمُرَابَحَةِ، بِأَنْ قَال: اشْتَرَيْتُ بِعَشَرَةٍ، وَبِعْتُكَ بِرِبْحِ كَذَا، ثُمَّ تَبَيَّنَ أَنَّهُ كَانَ اشْتَرَاهُ بِتِسْعَةٍ، فَقَال أَبُو حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٌ: الْمُشْتَرِي بِالْخِيَارِ: إِنْ شَاءَ أَخَذَهُ بِجَمِيعِ الثَّمَنِ، وَإِنْ شَاءَ تَرَكَ، لأَِنَّ الْمُشْتَرِيَ لَمْ يَرْضَ بِلُزُومِ الْعَقْدِ إِلَاّ بِالْقَدْرِ الْمُسَمَّى مِنَ الثَّمَنِ، فَلَا يَلْزَمُ بِدُونِهِ، وَيَثْبُتُ لَهُ الْخِيَارُ، لِوُجُودِ الْخِيَانَةِ، كَمَا يَثْبُتُ الْخِيَارُ بِعَدَمِ تَحَقُّقِ سَلَامَةِ الْمَبِيعِ عَنِ الْعَيْبِ.
وَقَال أَبُو يُوسُفَ: لَا خِيَارَ لِلْمُشْتَرِي، وَلَكِنْ يَحُطُّ قَدْرَ الْخِيَانَةِ، وَهُوَ دِرْهَمٌ وَحِصَّتُهُ مِنَ الرِّبْحِ، وَهُوَ جُزْءٌ مِنْ عَشَرَةِ أَجْزَاءٍ مِنْ دِرْهَمٍ، لأَِنَّ الثَّمَنَ الأَْوَّل أَصْلٌ فِي بَيْعِ الْمُرَابَحَةِ، فَإِذَا ظَهَرَتِ الْخِيَانَةُ تَبَيَّنَ أَنَّ تَسْمِيَةَ قَدْرِ الْخِيَانَةِ لَمْ تَصِحَّ، فَتَلْغُو التَّسْمِيَةُ فِي قَدْرِ الْخِيَانَةِ وَيَبْقَى الْعَقْدُ لَازِمًا بِالثَّمَنِ الْبَاقِي (1) .
وَقَال الْمَالِكِيَّةُ: إِنْ كَذَبَ الْبَائِعُ بِالزِّيَادَةِ فِي الثَّمَنِ، لَزِمَ الْمُبْتَاعَ الشِّرَاءُ إِنْ حَطَّهُ الْبَائِعُ عَنْهُ وَحَطَّ رِبْحَهُ أَيْضًا، وَإِنْ لَمْ يَحُطَّهُ وَرِبْحَهُ عَنْهُ، خُيِّرَ الْمُشْتَرِي بَيْنَ الإِْمْسَاكِ وَالرَّدِّ (2) .
(1) المبسوط 13 / 86، وبدائع الصنائع 7 / 3206 - ط. الإمام وما بعدها - ط. أولى، وفتح القدير 5 / 256، والدر المختار 4 / 163.
(2)
الشرح الصغير 3 / 224.