الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فَأَمَّا أَنَا فَأُحِبُّ أَنْ لَا أُقْصِرَ فِي أَقَل مِنْ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ احْتِيَاطًا عَلَى نَفْسِي.
قَال الْمَاوَرْدِيُّ: أَفْتَى بِمَا قَامَتِ الدَّلَالَةُ عِنْدَهُ عَلَيْهِ أَيٌّ مِنْ مَرْحَلَتَيْنِ، ثُمَّ احْتَاطَ لِنَفْسِهِ اخْتِيَارًا لَهَا، وَقَال الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ: أَرَادَ خِلَافَ أَبِي حَنِيفَةَ (1) .
الْخُرُوجُ مِنَ الْخِلَافِ بِإِتْيَانِ مَا لَا يَعْتَقِدُ وُجُوبَهُ
4 -
إِذَا وَقَعَ الْخِلَافُ فِي وُجُوبِ شَيْءٍ، فَأَتَى بِهِ مَنْ لَا يَعْتَقِدُ وُجُوبَهُ احْتِيَاطًا، كَالْحَنَفِيِّ يَنْوِي فِي الْوُضُوءِ وَيُبَسْمِل فِي الصَّلَاةِ، فَهَل يَخْرُجُ مِنَ الْخِلَافِ وَتَصِيرُ الْعِبَادَةُ مِنْهُ صَحِيحَةً بِالإِْجْمَاعِ؟ .
قَال الزَّرْكَشِيُّ نَقْلاً عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ الإِْسْفَرَايِينِيِّ: لَا يَخْرُجُ بِهِ مِنَ الْخِلَافِ لأَِنَّهُ لَمْ يَأْتِ بِهِ عَلَى اعْتِقَادِ وُجُوبِهِ، وَمَنِ اقْتَدَى بِهِ مِمَّنْ يُخَالِفُهُ لَا تَكُونُ صَلَاتُهُ صَحِيحَةً بِالإِْجْمَاعِ.
وَقَال الْجُمْهُورُ: بَل يَخْرُجُ لأَِجْل وُجُودِ الْفِعْل، وَعَلَى هَذَا فَلَوْ كَانَ هُنَاكَ حَنَفِيٌّ هَذَا حَالُهُ وَآخَرُ يَعْتَقِدُ وُجُوبَهُ، فَالصَّلَاةُ خَلْفَ الثَّانِي أَفْضَل، لأَِنَّهُ لَا يَخْرُجُ بِالأَْوَّل عَنِ الْخِلَافِ بِالإِْجْمَاعِ، فَلَوْ قَلَّدَ فِيهِ فَكَذَلِكَ
(1) المنثور في القواعد للزركشي 2 / 131 - 133.
لِلْخِلَافِ فِي امْتِنَاعِ التَّقْلِيدِ (1) .
مُرَاعَاةُ الْخِلَافِ فِيمَا بَعْدَ وُقُوعِ الْمُخْتَلَفِ فِيهِ
5 -
قَال الشَّاطِبِيُّ عِنْدَ الْكَلَامِ عَنِ النَّظَرِ فِي مَآلَاتِ الأَْفْعَال مُعْتَبَرٌ مَقْصُودٌ شَرْعًا: هَذَا الأَْصْل يَنْبَنِي عَلَيْهِ قَوَاعِدُ مِنْهَا: قَاعِدَةُ مُرَاعَاةِ الْخِلَافِ، وَذَلِكَ أَنَّ الْمَمْنُوعَاتِ فِي الشَّرْعِ إِذَا وَقَعَتْ فَلَا يَكُونُ إِيقَاعُهَا عَنِ الْمُكَلَّفِ سَبَبًا فِي الْحَيْفِ عَلَيْهِ بِزَائِدٍ عَمَّا شُرِعَ لَهُ مِنَ الزَّوَاجِرِ أَوْ غَيْرِهَا كَالزَّانِي إِذَا حُدَّ لَا يُزَادُ عَلَيْهِ بِسَبَبِ جِنَايَتِهِ لأَِنَّهُ ظُلْمٌ لَهُ، وَكَوْنُهُ جَانِيًا لَا يُجْنَى عَلَيْهِ زَائِدًا عَلَى الْحَدِّ الْمُوَازِي لِجِنَايَتِهِ إِلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الأَْمْثِلَةِ الدَّالَّةِ عَلَى مَنْعِ التَّعَدِّي أَخْذًا مِنْ قَوْلِهِ تَعَالَى:{فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْل مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ} وَقَوْلِهِ: {وَالْجُرُوحَ قِصَاصٌ} وَنَحْوِ ذَلِكَ وَإِذَا ثَبَتَ هَذَا فَمَنْ وَاقَعَ مَنْهِيًّا عَنْهُ فَقَدْ يَكُونُ فِيمَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ مِنَ الأَْحْكَامِ زَائِدٌ عَلَى مَا يَنْبَغِي بِحُكْمِ التَّبَعِيَّةِ لَا بِحُكْمِ الأَْصَالَةِ، أَوْ مُؤَدٍّ إِلَى أَمْرٍ أَشَدَّ عَلَيْهِ مِنْ مُقْتَضَى النَّهْيِ فَيُتْرَكُ وَمَا فَعَل مِنْ ذَلِكَ، أَوْ نُجِيزُ مَا وَقَعَ مِنَ الْفَسَادِ عَلَى وَجْهٍ يَلِيقُ بِالْعَدْل، نَظَرًا إِلَى أَنَّ ذَلِكَ الْوَاقِعَ
(1) المنثور في القواعد للزركشي 2 / 137 - 138.