الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أَصْلُهُ الْمَاءَ فَلَا يَدْفَعُ النَّجَاسَةَ (1) .
تَطْهِيرُ الْمَائِعِ الْمُتَنَجِّسِ:
4 -
اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي إِمْكَانِيَّةِ تَطْهِيرِ الْمَائِعَاتِ الْمُتَنَجِّسَةِ أَوْ عَدَمِ إِمْكَانِ ذَلِكَ.
فَذَهَبَ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ إِلَى أَنَّهُ لَوْ تَنَجَّسَ مَائِعٌ غَيْرُ الْمَاءِ كَاللَّبَنِ وَالْخَل وَنَحْوِهِمَا تَعَذَّرَ تَطْهِيرُهُ؛ إِذْ لَا يَأْتِي الْمَاءُ عَلَى كُلِّهِ؛ لأَِنَّهُ بِطَبْعِهِ يَمْنَعُ إِصَابَةَ الْمَاءِ وَلِقَوْل النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم عِنْدَمَا سُئِل فِي فَأْرَةٍ وَقَعَتْ فِي سَمْنٍ إِنْ كَانَ جَامِدًا فَأَلْقُوهَا وَمَا حَوْلَهَا وَإِنْ كَانَ مَائِعًا فَلَا تَقْرَبُوهُ وَفِي رِوَايَةٍ: فَأَرِيقُوهُ (2) ، فَلَوْ أَمْكَنَ تَطْهِيرُهُ شَرْعًا، أَوْ كَانَ إِلَى تَطْهِيرِهِ طَرِيقٌ لَمْ يَأْمُرْ بِالاِبْتِعَادِ عَنْهُ، أَوْ بِإِرَاقَتِهِ، بَل أَمَرَ بِغَسْلِهِ وَبَيَّنَ لَهُمْ طَرِيقَةَ تَطْهِيرِهِ؛ لِمَا فِي ذَلِكَ مِنْ إِضَاعَةِ الْمَال (3) .
وَعَلَيْهِ فَإِذَا تَنَجَّسَ لَبَنٌ أَوْ مَرَقٌ أَوْ زَيْتٌ أَوْ سَمْنٌ مَائِعٌ أَوْ دُهْنٌ مِنْ سَائِرِ الأَْدْهَانِ أَوْ غَيْرُ ذَلِكَ مِنَ الْمَائِعَاتِ فَلَا طَرِيقَ لِتَطْهِيرِهَا لِلْحَدِيثِ الْمُتَقَدِّمِ، وَلأَِنَّهُ لَا يُمْكِنُ غَسْلُهُ.
وَاسْتَثْنَى بَعْضُ الشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ مِنْ
(1) المغني لابن قدامة 1 / 28 - 29.
(2)
حديث: " إن كان جامدًا. . ". سبق تخريجه ف3.
(3)
جواهر الإكليل 1 / 9 - 10، ومواهب الجليل 1 / 108 - 115، والمجموع للنووي 2 / 599، ومغني المحتاج 1 / 86، والمغني لابن قدامة 1 / 37.
هَذَا الزِّئْبَقَ؛ فَإِنَّ الْمُتَنَجِّسَ مِنْهُ إِنْ أَصَابَتْهُ نَجَاسَةٌ وَلَمْ يَنْقَطِعْ بَعْدَ إِصَابَتِهَا طُهِّرَ بِصَبِّ الْمَاءِ عَلَيْهِ، وَإِنِ انْقَطَعَ فَهُوَ كَالدُّهْنِ وَلَا يُمْكِنُ تَطْهِيرُهُ عَلَى الأَْصَحِّ (1) .
وَقَال ابْنُ عَقِيلٍ مِنَ الْحَنَابِلَةِ: الزِّئْبَقُ لِقُوَّتِهِ وَتَمَاسُكِهِ يَجْرِي مَجْرَى الْجَامِدِ (2) .
كَمَا اسْتُثْنِيَ فِي قَوْلٍ عِنْدَ كُلٍّ مِنَ الْمَالِكِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ الزَّيْتُ وَالسَّمْنُ وَسَائِرُ الأَْدْهَانِ وَقَالُوا: إِنَّهَا تَطْهُرُ بِالْغَسْل قِيَاسًا عَلَى الثَّوْبِ، قَالُوا: وَطَرِيقُ تَطْهِيرِهَا أَنْ نَجْعَل - الدُّهْنَ - فِي إِنَاءٍ وَيُصَبُّ عَلَيْهِ الْمَاءُ وَيُكَاثَرُ بِهِ وَيُحَرَّكُ بِخَشَبَةِ وَنَحْوِهَا تَحْرِيكًا يَغْلِبُ عَلَى الظَّنِّ أَنَّهُ وَصَل إِلَى جَمِيعِ أَجْزَائِهِ، ثُمَّ يُتْرَكُ حَتَّى يَعْلُوَ الدُّهْنُ عَلَى الْمَاءِ فَيَأْخُذَهُ، أَوْ يُفْتَحُ أَسْفَل الإِْنَاءِ فَيَخْرُجُ الْمَاءُ وَيَطْهُرُ الدُّهْنُ وَيَسُدُّ الْفَتْحَةَ بِيَدِهِ أَوْ بِغَيْرِهَا، وَذَكَرَ ابْنُ عَرَفَةَ - مِنَ الْمَالِكِيَّةِ - فِي كَيْفِيَّةِ التَّطْهِيرِ أَنَّهُ يُطْبَخُ - الزَّيْتُ الْمَخْلُوطُ بِالنَّجَسِ - بِالْمَاءِ مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا، قَال الْحَطَّابُ بَعْدَ ذِكْرِ هَذَا الْقَوْل: وَقَال فِي التَّوْضِيحِ: كَيْفِيَّتُهُ - أَيِ التَّطْهِيرُ - عَلَى الْقَوْل بِهِ أَنْ يُؤْخَذَ إِنَاءٌ فَيُوضَعَ فِيهِ شَيْءٌ مِنَ الزَّيْتِ وَيُوضَعُ عَلَيْهِ مَاءٌ أَكْثَرُ مِنْهُ، وَيُنْقَبُ الإِْنَاءُ مِنْ أَسْفَلِهِ وَيَسُدُّهُ بِيَدِهِ أَوْ
(1) المجموع للنووي 2 / 599.
(2)
المغني لابن قدامة 1 / 37.