الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَقَال النَّوَوِيُّ: يُكْرَهُ لِمَنِ ابْتُلِيَ بِمَعْصِيَةٍ أَنْ يُخْبِرَ غَيْرَهُ بِهَا، بَل يُقْلِعَ عَنْهَا وَيَنْدَمَ وَيَعْزِمَ أَنْ لَا يَعُودَ، فَإِنْ أَخْبَرَ بِهَا شَيْخَهُ أَوْ نَحْوَهُ مِمَّنْ يَرْجُو بِإِخْبَارِهِ أَنْ يُعْلِمَهُ مَخْرَجًا مِنْهَا، أَوْ مَا يَسْلَمُ بِهِ مِنَ الْوُقُوعِ فِي مِثْلِهَا، أَوْ يُعَرِّفُهُ السَّبَبَ الَّذِي أَوْقَعَهُ فِيهَا، أَوْ يَدْعُو لَهُ، أَوْ نَحْوُ ذَلِكَ فَهُوَ حَسَنٌ، وَإِنَّمَا يُكْرَهُ لاِنْتِفَاءِ الْمَصْلَحَةِ، وَقَال الْغَزَالِيُّ: الْكَشْفُ الْمَذْمُومُ هُوَ الَّذِي إِذَا وَقَعَ عَلَى وَجْهِ الْمُجَاهَرَةِ وَالاِسْتِهْزَاءِ، لَا عَلَى وَجْهِ السُّؤَال وَالاِسْتِفْتَاءِ (1) ، بِدَلِيل خَبَرِ مَنْ وَاقَعَ امْرَأَتَهُ فِي رَمَضَانَ فَجَاءَ فَأَخْبَرَ الْمُصْطَفَى صلى الله عليه وسلم فَلَمْ يُنْكِرْ عَلَيْهِ (2) .
5 -
وَجَعَل ابْنُ جَمَاعَةَ مِنَ الْمُجَاهَرَةِ بِالْمَعْصِيَةِ إِفْشَاءَ مَا يَكُونُ بَيْنَ الزَّوْجَيْنِ مِنَ الْمُبَاحِ (3) لِقَوْل النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: إِنَّ مِنْ أَشَرِّ النَّاسِ عِنْدَ اللَّهِ مَنْزِلَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ الرَّجُل يُفْضِي إِلَى امْرَأَتِهِ وَتُفْضِي إِلَيْهِ ثُمَّ يَنْشُرُ سِرَّهَا (4) وَالْمُرَادُ مِنْ نَشْرِ السِّرِّ ذِكْرُ مَا يَقَعُ بَيْنَ الرَّجُل وَامْرَأَتِهِ مِنْ أُمُورِ الْوِقَاعِ وَوَصْفِ تَفَاصِيل ذَلِكَ، وَمَا يَجْرِي مِنَ الْمَرْأَةِ مِنْ قَوْلٍ أَوْ فِعْلٍ وَنَحْوِ ذَلِكَ، وَأَمَّا
(1) فيض القدير 5 / 11.
(2)
خبر: من واقع امرأته في رمضان. أخرجه البخاري (فتح الباري 4 / 163) ومسلم (2 / 781) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.
(3)
فيض القدير 5 / 11.
(4)
حديث: " إن من أشر الناس عند الله منزلة. . . ". أخرجه مسلم (2 / 1060) من حديث أبي سعيد الخدري.
مُجَرَّدُ ذِكْرِ الْوِقَاعِ إِذَا لَمْ يَكُنْ لِحَاجَةٍ فَذِكْرُهُ مَكْرُوهٌ، فَإِنْ دَعَتْ إِلَى ذِكْرِهِ حَاجَةٌ وَتَرَتَّبَتْ عَلَيْهِ فَائِدَةٌ فَهُوَ مُبَاحٌ كَمَا لَوِ ادَّعَتِ الزَّوْجَةُ عَلَى زَوْجِهَا أَنَّهُ عِنِّينٌ.
(ر: إِفْشَاءُ السِّرِّ ف 6) .
الصَّلَاةُ خَلْفَ الْمُجَاهِرِ بِالْفِسْقِ
6 -
يَرَى الْحَنَفِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ أَنَّهُ تَصِحُّ الصَّلَاةُ مَعَ الْكَرَاهَةِ خَلْفَ الْفَاسِقِ بِالْجَارِحَةِ، وَقَالُوا: مَنْ صَلَّى خَلْفَ فَاسِقٍ يَكُونُ مُحْرِزًا ثَوَابَ الْجَمَاعَةِ، لَكِنْ لَا يَنَال ثَوَابَ مَنْ يُصَلِّي خَلْفَ إِمَامٍ تَقِيٍّ (1) ، وَلَمْ يُفَرِّقُوا بَيْنَ مَا إِذَا كَانَ الْفَاسِقُ مُجَاهِرًا بِفِسْقِهِ أَوْ لَمْ يَكُنْ كَذَلِكَ.
وَقَال الْحَطَّابُ مِنَ الْمَالِكِيَّةِ: اخْتُلِفَ فِي إِمَامَةِ الْفَاسِقِ بِالْجَوَارِحِ فَقَال ابْنُ بَزِيزَةَ: الْمَشْهُورُ إِعَادَةُ مَنْ صَلَّى خَلْفَ صَاحِبِ كَبِيرَةٍ أَبَدًا، وَقَال الأَْبْهَرِيُّ: هَذَا إِذَا كَانَ فِسْقُهُ مُجْمَعًا عَلَيْهِ كَالزِّنَا وَتَرْكِ الطَّهَارَةِ، وَإِنْ كَانَ بِتَأْوِيلٍ أَعَادَ فِي الْوَقْتِ، وَقَال اللَّخْمِيُّ: إِنْ كَانَ فِسْقُهُ لَا تَعَلُّقَ لَهُ بِالصَّلَاةِ كَالزِّنَا وَغَصْبِ الْمَال أَجْزَأَتْهُ، لَا إِنْ تَعَلَّقَ بِهَا كَالطَّهَارَةِ، وَقَال ابْنُ حَبِيبٍ: مَنْ صَلَّى خَلْفَ شَارِبِ الْخَمْرِ أَعَادَ أَبَدًا، إِلَاّ أَنْ يَكُونَ الْوَالِي الَّذِي تُؤَدَّى إِلَيْهِ الطَّاعَةُ فَلَا إِعَادَةَ عَلَيْهِ، إِلَاّ أَنْ يَكُونَ
(1) مراقي الفلاح ص165، وحاشية القليوبي 1 / 234.