الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
هـ -
مَحَبَّةُ أَهْل الْبَيْتِ
9 -
ذَهَبَ الْعُلَمَاءُ إِلَى أَنَّ مَحَبَّةَ أَهْل بَيْتِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَالْوَلَاءَ لَهُمْ مَطْلُوبَةٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ، وَأَنَّ مَحَبَّتَهُمْ مِنْ مَحَبَّةِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، وَأَنَّ مَعْرِفَةَ مِقْدَارِهِمْ وَتَوْقِيرَهُمْ وَحُرْمَتَهُمْ وَرِعَايَةَ مَا يَجِبُ مِنْ حُقُوقِهِمْ وَالْبِرِّ لَهُمْ وَالنُّصْرَةِ لَهُمْ كَذَلِكَ مِنْ مُوجِبَاتِ الْجَنَّةِ.
كَمَا أَنَّ بُغْضَهُمْ أَوْ كُرْهَهُمْ مَعْصِيَةٌ تُؤَدِّي بِأَصْحَابِهَا إِلَى النَّارِ، وَالأَْدِلَّةُ عَلَى ذَلِكَ كَثِيرَةٌ مِنْهَا: قَوْل اللَّهِ تبارك وتعالى: {قُل لَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَاّ الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى} (1)، أَيْ: لَا أَسْأَلُكُمْ أَجْرًا إِلَاّ أَنْ تَوَدُّوا قَرَابَتِي وَأَهْل بَيْتِي.
وَرَوَى سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهم قَال: لَمَّا نَزَلَتْ: {قُل لَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَاّ الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى} قَالُوا: يَا رَسُول اللَّهِ: مِنْ قَرَابَتُكَ هَؤُلَاءِ الَّذِينَ وَجَبَتْ عَلَيْنَا مَوَدَّتُهُمْ؟ قَال: عَلِيٌّ وَفَاطِمَةُ وَأَبْنَاؤُهُمَا (2) .
(1) سورة الشورى / 23.
(2)
تفسير القرطبي 16 / 20 - 23، فتح الباري 8 / 564 - 565، الشفا 2 / 573، 605 وما بعدها، دليل الفالحين شرح رياض الصالحين 2 / 195 - 202، والقوانين الفقهية / 21. وحديث: لما نزلت (قل لا أسألكم عليه أجرًا إلا المودة في القربى) . أخرجه الطبراني في المعجم الكبير (11 / 444) وضعف إسناده السيوطي في الدر المنثور (7 / 348) .
وَقَوْل النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: أَمَّا بَعْدُ أَلَا أَيُّهَا النَّاسُ فَإِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ يُوشِكُ أَنْ يَأْتِيَ، رَسُول رَبِّي فَأُجِيبُ وَأَنَا تَارِكٌ فِيكُمْ ثَقَلَيْنِ، أَوَّلُهُمَا كِتَابُ اللَّهِ فِيهِ الْهُدَى وَالنُّورُ فَخُذُوا بِكِتَابِ اللَّهِ وَاسْتَمْسِكُوا بِهِ - قَال الرَّاوِي - فَحَثَّ عَلَى كِتَابِ اللَّهِ وَرَغَّبَ فِيهِ، ثُمَّ قَال: وَأَهْل بَيْتِي أُذَكِّرُكُمُ اللَّهَ فِي أَهْل بَيْتِي، أُذَكِّرُكُمُ اللَّهَ فِي أَهْل بَيْتِي، أُذَكِّرُكُمُ اللَّهَ فِي أَهْل بَيْتِي (1) .
وَكَانَ الصَّحَابَةُ رضي الله عنهم وَمَنْ تَبِعَهُمْ بِإِحْسَانِ يُحِبُّونَ أَهْل الْبَيْتِ وَيُظْهِرُونَ وَلَاءَهُمْ وَاحْتِرَامَهُمْ لَهُمْ تَقَرُّبًا إِلَى اللَّهِ سبحانه وتعالى وَوَفَاءً لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، عَنْ أَبِي بَكْرٍ رضي الله عنه قَال: ارْقُبُوا مُحَمَّدًا صلى الله عليه وسلم فِي أَهْل بَيْتِهِ: قَال النَّوَوِيُّ: أَيْ رَاعُوهُ وَاحْتَرِمُوهُ وَأَكْرِمُوهُ (2) .
و
مَحَبَّةُ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَْنْصَارِ وَالْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ
10 -
ذَهَبَ الْعُلَمَاءُ إِلَى أَنَّ مَحَبَّةَ الْمُهَاجِرِينَ وَتَوْقِيرَهُمْ وَبِرَّهُمْ وَالْوَلَاءَ لَهُمْ وَمُعْرِفَةَ حَقِّهِمْ مَطْلُوبَةٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ؛ لِمَا لَهُمْ مِنَ الْفَضْل السَّابِقِ إِلَى الإِْيمَانِ وَالْهِجْرَةِ (3) .
(1) حديث: " أما بعد، ألا أيها الناس، فإنما أنا بشر. . ". أخرجه مسلم (4 / 1873) من حديث زيد بن أرقم.
(2)
دليل الفالحين 2 / 202 - 203، والشفا 2 / 605 - 610، وتفسير القرطبي 16 / 23. وقول أبي بكر رضي الله عنه:" ارقبوا محمدًا صلى الله عليه وسلم في أهل بيته " أخرجه البخاري (فتح الباري 7 / 78) .
(3)
فتح الباري 7 / 8 وما بعدها، وتفسير القرطبي 8 / 235 - 240، 17 / 240 - 242، 18 / 19، الشفا 2 / 615 وما بعدها.
مَحَبَّةُ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ رضي الله عنهم، مَطْلُوبَةٌ كَذَلِكَ؛ لأَِنَّهُمْ خَيْرُ النَّاسِ بَعْدَ رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَأَحَقُّهُمْ بِالْمَحَبَّةِ وَالْمُوَالَاةِ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما قَال: كُنَّا نُخَيِّرُ بَيْنَ النَّاسِ فِي زَمَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فَنُخَيِّرُ أَبَا بَكْرٍ ثُمَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ ثُمَّ عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ رضي الله عنهم.
قَال ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ: وَاتَّفَقَ أَهْل السُّنَّةِ عَلَى أَنَّ عَلِيًّا رضي الله عنه أَفْضَل النَّاسِ بَعْدَ الثَّلَاثَةِ (2) .
قَال الْقَاضِي عِيَاضٌ: وَمَنِ انْتَقَصَ أَحَدًا مِنْهُمْ فَهُوَ مُبْتَدِعٌ مُخَالِفٌ لِلسُّنَّةِ وَالسَّلَفِ الصَّالِحِ، وَأَخَافُ أَنْ لَا يَصْعَدَ لَهُ عَمَلٌ إِلَى السَّمَاءِ حَتَّى يُحِبَّهُمْ جَمِيعًا وَيَكُونَ قَلْبُهُ سَلِيمًا (3) .
(1) سورة التوبة / 100.
(2)
فتح الباري 7 / 16.
(3)
الشفا 2 / 616.
أَمَّا مَحَبَّةُ الأَْنْصَارِ رضي الله عنهم فَقَدْ وَرَدَ فِي الْحَثِّ عَلَيْهَا نُصُوصٌ كَثِيرَةٌ لِمَا لَهُمْ فِي الإِْسْلَامِ مِنَ الأَْيَادِي الْجَمِيلَةِ فِي نُصْرَةِ دِينِ اللَّهِ وَالسَّعْيِ فِي إِظْهَارِهِ وَإِيوَاءِ الْمُسْلِمِينَ وَقِيَامِهِمْ فِي مُهِمَّاتِ دِينِ الإِْسْلَامِ حَقَّ الْقِيَامِ حُبُّهُمْ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَحُبُّهُ صلى الله عليه وسلم إِيَّاهُمْ (1) .
وَمِنْ هَذِهِ النُّصُوصِ الْوَارِدَةِ فِي حَقِّ الأَْنْصَارِ قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَالَّذِينَ تَبَوَّءُوا الدَّارَ وَالإِْيمَانَ مِنْ قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلَا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} (2) .
وَحَدِيثُ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ رضي الله عنهما عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَال: الأَْنْصَارُ لَا يُحِبُّهُمْ إِلَاّ مُؤْمِنٌ وَلَا يُبْغِضُهُمْ إِلَاّ مُنَافِقٌ، فَمَنْ أَحَبَّهُمْ أَحَبَّهُ اللَّهُ وَمَنْ أَبْغَضَهُمْ أَبْغَضَهُ اللَّهُ (3) .
وَلِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم: آيَةُ الإِْيمَانِ حُبُّ الأَْنْصَارِ وَآيَةُ النِّفَاقِ بُغْضُ الأَْنْصَارِ (4) .
(1) دليل الفالحين 2 / 254 - 255، والشفا 2 / 617، وفتح الباري 7 / 110 وما بعدها.
(2)
سورة الحشر / 9.
(3)
حديث: " الأنصار لا يحبهم إلا مؤمن ولا يبغضهم إلا منافق. . . ". أخرجه البخاري (فتح الباري 7 / 113) .
(4)
حديث: " آية الإيمان حب الأنصار. . ". أخرجه البخاري (فتح الباري 1 / 62) من حديث أنس. وانظر فتح الباري 7 / 113 وما بعدها، وتفسير القرطبي 18 / 21، 26، والشفا 2 / 614 - 616.