الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الْخِيَارُ بَيْنَ فَسْخِ الْبَيْعِ وَأَخْذِ مَا بَقِيَ بَعْدَ قَدْرِ الْمُحَابَاةِ (1) .
وَلِلْمَالِكِيَّةِ فِي ذَلِكَ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ مَنْقُولَةٍ كُلُّهَا عَنِ ابْنِ الْقَاسِمِ:
نَقَل أَبُو الْحَسَنِ عَنْهُ أَنَّهُ يَبْطُل الْبَيْعُ وَالْمُحَابَاةُ، وَيَرُدُّ لَهُ مَا دَفَعَ مِنَ الثَّمَنِ، وَنَقَل ابْنُ عَرَفَةَ عَنْهُ أَنَّهُ تَبْطُل الْمُحَابَاةُ فَقَطْ، وَيَكُونُ لِلْوَارِثِ مِنَ الْمَبِيعِ بِقَدْرِ مَا دَفَعَ مِنَ الثَّمَنِ.
وَنُقِل عَنْهُ فِي الْمَقْصِدِ الْمَحْمُودِ أَنَّ لِلْوَارِثِ أَنْ يُكْمِل الثَّمَنَ، وَيَكُونُ لَهُ جَمِيعُ الْمَبِيعِ جَبْرًا عَلَى الْوَرَثَةِ.
وَرَوَى مُطَرِّفٌ عَنْ مَالِكٍ: أَنَّ لِبَقِيَّةِ الْوَرَثَةِ أَنْ يَأْخُذُوا مِنَ الْمُشْتَرِي (الْوَارِثِ) بَقِيَّةَ الثَّمَنِ الَّذِي وَقَعَتْ فِيهِ الْمُحَابَاةُ وَيَكُونُ لَهُ جَمِيعُ الْمَبِيعِ، قَال صَاحِبُ الْمَقْصِدِ الْمَحْمُودِ: وَظَاهِرُ هَذِهِ الرِّوَايَةِ أَنْ يَكُونَ لَهُ جَمِيعُ الْمَبِيعِ جَبْرًا عَلَيْهِ.
وَالْعِبْرَةُ فِي قِيمَةِ الْمُحَابَاةِ عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ يَوْمُ فِعْلِهَا، فَيُنْظَرُ إِلَى قِيمَةِ الْمَبِيعِ يَوْمَ الْبَيْعِ لَا يَوْمَ يَمُوتُ الْبَائِعُ، سَوَاءٌ كَانَ الْبَيْعُ لِوَارِثٍ أَوْ غَيْرِ وَارِثٍ. وَدَلِيل ذَلِكَ أَنَّ الْمُشْتَرِيَ يَمْلِكُ الْمَبِيعَ مِنْ يَوْمِ الْبَيْعِ، فَيَجِبُ أَنْ يَنْظُرَ فِي قِيمَتِهِ يَوْمَ الْبَيْعِ، فَإِنْ زَادَتْ قِيمَتُهُ أَوْ نَقَصَتْ فَإِنَّمَا طَرَأَ
(1) أسنى المطالب 3 / 39، والمغني 5 / 319، وكشاف القناع 2 / 492.
ذَلِكَ عَلَى مِلْكِهِ فَيَكُونُ لَغْوًا لَا اعْتِبَارَ لَهُ وَلَا يَعْتَدُّ بِهِ (1) .
د -
الْمُحَابَاةُ فِي عَيْنِ الْمَبِيعِ
5 -
الْمُحَابَاةُ كَمَا تَكُونُ فِي ثَمَنِ الْمَبِيعِ تَكُونُ فِي عَيْنِهِ حَتَّى لَوْ تَمَّ بَيْعُهُ بِمِثْل الثَّمَنِ أَوْ أَكْثَرَ، وَذَلِكَ مِثْل أَنْ يَخْتَارَ الْبَائِعُ الْمَرِيضُ أَفَضْل مَا عِنْدَهُ مِنْ عَقَارٍ أَوْ مَنْقُولٍ، كَتُحْفَةٍ نَادِرَةٍ، فَيَبِيعُهُ لِوَارِثِهِ بِمِثْل الثَّمَنِ أَوْ أَكْثَرَ. وَهَذِهِ لَا تَجُوزُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَالْمَالِكِيَّةِ، لأَِنَّ الْمَرِيضَ مَمْنُوعٌ مِنْ إِيثَارِ بَعْضِ الْوَرَثَةِ بِالْعَيْنِ، لأَِنَّ النَّاسَ لَهُمْ أَغْرَاضٌ فِي الْعَيْنِ فَلَا يَمْلِكُ إِيثَارَ بَعْضِ الْوَرَثَةِ بِهَا. وَتَجُوزُ إِنْ كَانَ صَحِيحًا، أَوْ مَرِيضًا وَبَاعَهَا لأَِجْنَبِيٍّ (2) .
هـ -
مُحَابَاةُ الصَّبِيِّ
6 -
الْمُحَابَاةُ سَوَاءٌ كَانَتْ يَسِيرَةً أَمْ فَاحِشَةً لَا تَجُوزُ مِنَ الصَّبِيِّ حَتَّى وَلَوْ أَذِنَ لَهُ وَلِيُّهُ فِي التِّجَارَةِ عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ، لأَِنَّ تَصَرُّفَاتِ الصَّبِيِّ لَا بُدَّ أَنْ تَتَحَقَّقَ فِيهَا مَصْلَحَتُهُ عِنْدَهُمْ، وَالْمُحَابَاةُ لَا يَتَحَقَّقُ فِيهَا ذَلِكَ (3) وَعِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ: يَجُوزُ لِلصَّبِيِّ الْمَأْذُونِ لَهُ - أَيْ
(1) حاشية الرهوني على شرح الزرقاني 5 / 351.
(2)
حاشية الرهوني على شرح الزرقاني 5 / 351 - 356.
(3)
حاشية الدسوقي والشرح الكبير 3 / 295، وكشاف القناع 2 / 229.