الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ز -
مَحَبَّةُ لِقَاءِ اللَّهِ تَعَالَى
11 -
قَال الْعُلَمَاءُ: يَنْبَغِي لِلْمُسْلِمِ أَنْ يُحِبَّ لِقَاءَ اللَّهِ تَعَالَى (1) . لِقَوْل النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: مَنْ أَحَبَّ لِقَاءَ اللَّهِ أَحَبَّ اللَّهُ لِقَاءَهُ، وَمَنْ كَرِهَ لِقَاءَ اللَّهِ كَرِهَ اللَّهُ لِقَاءَهُ. قَالَتْ عَائِشَةُ رضي الله عنها أَوْ بَعْضُ أَزْوَاجِهِ رضي الله عنهن: إِنَّا لَنَكْرَهُ الْمَوْتَ قَال: لَيْسَ ذَلِكَ، وَلَكِنَّ الْمُؤْمِنَ إِذَا حَضَرَهُ الْمَوْتُ بُشِّرَ بِرِضْوَانِ اللَّهِ وَكَرَامَتِهِ فَلَيْسَ شَيْءٌ أَحَبُّ إِلَيْهِ مِمَّا أَمَامَهُ فَأَحَبَّ لِقَاءَ اللَّهِ وَأَحَبَّ اللَّهُ لِقَاءَهُ، وَإِنَّ الْكَافِرَ إِذَا حُضِرَ بُشِّرَ بِعَذَابِ اللَّهِ وَعُقُوبَتِهِ فَلَيْسَ شَيْءٌ أَكْرَهُ إِلَيْهِ مِمَّا أَمَامَهُ فَكَرِهَ لِقَاءَ اللَّهِ وَكَرِهَ اللَّهُ لِقَاءَهُ (2) .
وَقَال الْعُلَمَاءُ: إِنَّ مَحَبَّةَ لِقَاءِ اللَّهِ لَا تَدْخُل فِي النَّهْيِ عَنْ تَمَنِّي الْمَوْتِ الْوَارِدِ فِي قَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم: لَا يَتَمَنَّيَنَّ أَحَدُكُمُ الْمَوْتَ لِضُرِّ نَزَل بِهِ، فَإِنْ كَانَ لَا بُدَّ مُتَمَنِّيًا فَلْيَقُل: اللَّهُمَّ أَحْيِنِي مَا كَانَتِ الْحَيَاةُ خَيْرًا لِي، وَتَوَفَّنِي إِذَا كَانَتِ الْوَفَاةُ خَيْرًا لِي (3) .
لأَِنَّ مَحَبَّةَ لِقَاءِ اللَّهِ مُمْكِنَةٌ مَعَ عَدَمِ تَمَنِّي الْمَوْتِ كَأَنْ تَكُونَ الْمَحَبَّةُ حَاصِلَةً لَا يَفْتَرِقُ حَالُهُ فِيهَا بِحُصُول الْمَوْتِ، وَلَا بِتَأَخُّرِهِ،
(1) فتح الباري 11 / 357 - 361، وإحياء علوم الدين 4 / 675.
(2)
حديث: " من أحب لقاء الله. . ". أخرجه البخاري (فتح الباري 11 / 357) من حديث عبادة بن الصامت.
(3)
حديث: " لا يتمنين أحدكم الموت لضر نزل به. . ". أخرجه البخاري (فتح الباري 10 / 127) ومسلم (4 / 2064) من حديث أنس واللفظ لمسلم.
وَأَنَّ النَّهْيَ مَحْمُولٌ عَلَى حَالَةِ الْحَيَاةِ الْمُسْتَمِرَّةِ، وَأَمَّا عِنْدَ الاِحْتِضَارِ وَالْمُعَايَنَةِ فَلَا تَدْخُل تَحْتَ النَّهْيِ بَل هِيَ مُسْتَحَبَّةٌ، وَمِثْلُهُ إِذَا تَمَنَّى الْمَوْتَ لِخَوْفِ فِتْنَةٍ فِي الدِّينِ، أَوْ لِتَمَنِّي الشَّهَادَةِ فِي سَبِيل اللَّهِ أَوْ لِغَرَضٍ أُخْرَوِيٍّ آخَرَ (1) .
ح -
عَلَامَاتُ مَحَبَّةِ الْعَبْدِ لِلَّهِ تَعَالَى
12 -
قَال الْعُلَمَاءُ: مِنْ عَلَامَاتِ مَحَبَّةِ الْعَبْدِ لِرَبِّهِ أَنْ يَتَنَعَّمَ بِالطَّاعَةِ وَلَا يَسْتَثْقِلَهَا وَأَنْ يُؤْثِرَ مَا أَحَبَّهُ اللَّهُ عَلَى مَا يُحِبُّهُ فِي ظَاهِرِهِ وَبَاطِنِهِ، فَيَلْزَمَ مَشَاقَّ الْعَمَل وَيَجْتَنِبَ اتِّبَاعَ الْهَوَى، وَيُعْرِضَ عَنْ دَعَةِ الْكَسَل وَلَا يَزَال مُوَاظِبًا عَلَى طَاعَةِ اللَّهِ، وَمُتَقَرِّبًا إِلَيْهِ بِالنَّوَافِل وَطَالِبًا عِنْدَهُ مَزَايَا الدَّرَجَاتِ كَمَا يَطْلُبُ الْمُحِبُّ مَزِيدَ الْقُرْبِ فِي قَلْبِ مَحْبُوبِهِ، وَلأَِنَّ مَنْ أَحَبَّ اللَّهَ لَا يَعْصِيهِ كَمَا قَال مُحَمَّدُ بْنُ الْمُبَارَكِ:
تَعْصِي الإِْلَهَ وَأَنْتَ تُظْهِرُ حُبَّهُ
هَذَا لَعَمْرِي فِي الْفِعَال بَدِيعُ
لَوْ كَانَ حُبُّكَ صَادِقًا لأََطَعْتُهُ
إِنَّ الْمُحِبَّ لِمَنْ يُحِبُّ مُطِيعٌ
قَال تَعَالَى: {قُل إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي} (2) قَالُوا: نَزَلَتْ فِي قَوْمٍ مِنْ أَهْل الْكِتَابِ قَالُوا: نَحْنُ الَّذِينَ نُحِبُّ رَبَّنَا، وَرُوِيَ أَنَّ الْمُسْلِمِينَ قَالُوا يَا رَسُول اللَّهِ وَاللَّهِ إِنَّا
(1) فتح الباري 11 / 360 - 361، وسبل السلام 2 / 184، 185، ومغني المحتاج 1 / 357، وإحياء علوم الدين 4 / 474 - 478.
(2)
سورة آل عمران / 31.