الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
إِبْطَال الأَْحْكَامِ الشَّرْعِيَّةِ (1) وَالْحِيَل فِي الدِّينِ - بِمَعْنَى قَلْبِ الأَْحْكَامِ الثَّابِتَةِ شَرْعًا إِلَى أَحْكَامٍ أُخَرَ بِفِعْلٍ صَحِيحِ الظَّاهِرِ لَغْوٌ فِي الْبَاطِنِ - غَيْرُ مَشْرُوعَةٍ فِي الْجُمْلَةِ (2) .
وَقَال الشَّاطِبِيُّ: وَمَرْجِعُ الأَْمْرِ فِي الْحِيَل أَنَّهَا عَلَى ثَلَاثَةِ أَقْسَامٍ:
أَحَدُهَا:
لَا خِلَافَ فِي بُطْلَانِهِ كَحِيَل الْمُنَافِقِينَ وَالْمُرَائِينَ.
وَالثَّانِي:
لَا خِلَافَ فِي جِوَازِهِ كَالنُّطْقِ بِكَلِمَةِ الْكُفْرِ إِكْرَاهًا عَلَيْهَا لأَِنَّهُ مَأْذُونٌ فِيهِ لِكَوْنِهِ مَصْلَحَةً دُنْيَوِيَّةً لَا مَفْسَدَةَ فِيهَا بِإِطْلَاقِ لَا فِي الدُّنْيَا وَلَا فِي الآْخِرَةِ.
وَالثَّالِثُ:
وَهُوَ مَحَل الإِْشْكَال وَالْغُمُوضِ:
وَهُوَ مَا لَمْ يَتَبَيَّنْ فِيهِ بِدَلِيلٍ وَاضِحٍ قَطْعِيٍّ لَحَاقُهُ بِالْقِسْمِ الأَْوَّل أَوِ الثَّانِي وَلَا تَبَيَّنَ فِيهِ لِلشَّارِعِ مَقْصِدٌ يُتَّفَقُ عَلَى أَنَّهُ مَقْصُودٌ لَهُ وَلَا ظَهَرَ أَنَّهُ عَلَى خِلَافِ الْمَصْلَحَةِ الَّتِي وُضِعَتْ لَهَا الشَّرِيعَةُ بِحَسَبِ الْمَسْأَلَةِ الْمَفْرُوضَةِ فِيهِ فَصَارَ هَذَا الْقِسْمُ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ مُتَنَازَعًا فِيهِ (3) .
وَعِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ قَال ابْنُ حَجَرٍ: الْحِيَل عِنْدَ الْعُلَمَاءِ عَلَى أَقْسَامٍ بِحَسَبِ الْحَامِل عَلَيْهَا فَإِنْ تَوَصَّل بِهَا بِطَرِيقٍ مُبَاحٍ إِلَى إِبْطَال حَقٍّ أَوْ إِثْبَاتِ بَاطِلٍ فَهِيَ حَرَامٌ أَوْ إِلَى إِثْبَاتِ
(1) الموافقات 4 / 201.
(2)
الموافقات 2 / 380.
(3)
الموافقات للشاطبي 2 / 387 وما بعدها.
حَقٍّ أَوْ دَفْعِ بَاطِلٍ فَهِيَ وَاجِبَةٌ أَوْ مُسْتَحَبَّةٌ وَإِنْ تَوَصَّل بِهَا بِطَرِيقٍ مُبَاحٍ إِلَى سَلَامَةٍ مِنْ وُقُوعٍ فِي مَكْرُوهٍ فَهِيَ مُسْتَحَبَّةٌ أَوْ مُبَاحَةٌ أَوْ إِلَى تَرْكِ مَنْدُوبٍ فَهِيَ مَكْرُوهَةٌ وَنَقَل ابْنُ حَجَرٍ عَنِ الشَّافِعِيِّ أَنَّهُ نَصَّ عَلَى كَرَاهَةِ تَعَاطِي الْحِيَل فِي تَفْوِيتِ الْحُقُوقِ فَقَال بَعْضُ أَصْحَابِهِ هِيَ كَرَاهَةُ تَنْزِيهٍ وَقَال كَثِيرٌ مِنْ مُحَقِّقِيهِمْ كَالْغَزَالِيِّ: هِيَ كَرَاهَةُ تَحْرِيمٍ وَيَأْثَمُ بِقَصْدِهِ وَيَدُل عَلَيْهِ قَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم: وَإِنَّمَا لِكُل امْرِئٍ مَا نَوَى (1) فَمَنْ نَوَى بِعَقْدِ الْبَيْعِ الرِّبَا وَقَعَ فِي الرِّبَا وَلَا يُخَلِّصُهُ مِنَ الإِْثْمِ صُورَةُ الْبَيْعِ وَمَنْ نَوَى بِعَقْدِ النِّكَاحِ التَّحْلِيل كَانَ مُحَلِّلاً وَدَخَل فِي الْوَعِيدِ عَلَى ذَلِكَ بِاللَّعْنِ، وَلَا يُخَلِّصُهُ مِنْ ذَلِكَ صُورَةُ النِّكَاحِ وَكُل شَيْءٍ قُصِدَ بِهِ تَحْرِيمُ مَا أَحَل اللَّهُ أَوْ تَحْلِيل مَا حَرَّمَ اللَّهُ كَانَ إِثْمًا وَلَا فَرْقَ فِي حُصُول الإِْثْمِ فِي التَّحْلِيل عَلَى الْفِعْل الْمُحَرَّمِ بَيْنَ الْفِعْل الْمَوْضُوعِ لَهُ، وَالْفِعْل الْمَوْضُوعِ لِغَيْرِهِ إِذَا جُعِل ذَرِيعَةً لَهُ (2) .
وَعِنْدَ الْحَنَابِلَةِ: قَال ابْنُ الْقَيِّمِ: تَجْوِيزُ الْحِيَل يُنَاقِضُ سَدَّ الذَّرَائِعِ مُنَاقَضَةً ظَاهِرَةً فَإِنَّ الشَّارِعَ يَسُدُّ الطَّرِيقَ إِلَى الْمُفَاسَدِ بِكُل مُمْكِنٍ
(1) حديث: " وإنما لكل امرئ ما نوى ". أخرجه البخاري (فتح الباري 1 / 9) ومسلم (3 / 1515) من حديث عمر بن الخطاب، واللفظ للبخاري.
(2)
فتح الباري 12 / 326، 328.