الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مَخِيلَةٌ
التَّعْرِيفُ:
9 -
مِنْ مَعَانِي الْمَخِيلَةِ فِي اللُّغَةِ: الْكِبْرُ وَالظَّنُّ (1) .
وَأَمَّا فِي الاِصْطِلَاحِ فَقَدْ قَال الْعَيْنِيُّ: الْمَخِيلَةُ - بِفَتْحِ الْمِيمِ - الْكِبْرُ (2) . وَفَسَّرَ الشَّافِعِيَّةُ الْمَخِيلَةَ بِالأَْمَارَةِ عَلَى الْحَمْل (3) .
الأَْلْفَاظُ ذَاتُ الصِّلَةِ:
الْعُجْبُ
2 -
مِنْ مَعَانِي الْعُجْبِ فِي اللُّغَةِ: الزَّهْوُ (4) .
وَهُوَ فِي الاِصْطِلَاحِ: ظَنُّ الإِْنْسَانِ فِي نَفْسِهِ اسْتِحْقَاقَ مَنْزِلَةٍ هُوَ غَيْرُ مُسْتَحِقٍّ لَهَا (5) .
وَالصِّلَةُ بَيْنَ الْمَخِيلَةِ وَالْعُجْبِ: أَنَّ الْمَخِيلَةَ تُكْسِبُ النَّفْسَ الْعُجْبَ.
(1) النهاية في غريب الحديث، والقاموس المحيط، ولسان العرب.
(2)
عمدة القاري 21 / 294.
(3)
حاشية القليوبي 4 / 124.
(4)
لسان العرب.
(5)
الذريعة إلى مكارم الشريعة / 306.
الأَْحْكَامُ الْمُتَعَلِّقَةُ بِالْمَخِيلَةِ:
أَوَّلاً: الْمَخِيلَةُ بِمَعْنَى الْكِبْرِ:
3 -
الْمَخِيلَةُ مَنْهِيٌّ عَنْهَا شَرْعًا، فَقَدْ قَال النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: كُلُوا وَاشْرَبُوا وَتَصَدَّقُوا وَالْبَسُوا فِي غَيْرِ إِسْرَافٍ وَلَا مَخِيلَةٍ (1) .
قَال الْمُوَفَّقُ عَبْدُ اللَّطِيفِ فِي تَعْلِيقِهِ عَلَى هَذَا الْخَبَرِ: هَذَا الْحَدِيثُ جَامِعٌ لِفَضَائِل تَدْبِيرِ الإِْنْسَانِ نَفْسَهُ، وَفِيهِ تَدْبِيرُ مَصَالِحِ النَّفْسِ وَالْجَسَدِ فِي الدُّنْيَا وَالآْخِرَةِ، فَإِنَّ السَّرَفَ يَضُرُّ فِي كُل شَيْءٍ: يَضُرُّ بِالْجَسَدِ وَيَضُرُّ بِالْمَعِيشَةِ فَيُؤَدِّي إِلَى الإِْتْلَافِ، وَيَضُرُّ بِالنَّفْسِ إِذْ كَانَتْ، تَابِعَةً لِلْجَسَدِ فِي أَكْثَرِ الأَْحْوَال، وَالْمَخِيلَةُ تَضُرُّ بِالنَّفْسِ حَيْثُ تُكْسِبُهَا الْعُجْبَ، وَتَضُرُّ بِالآْخِرَةِ حَيْثُ تُكْسِبُ الإِْثْمَ، وَبِالدُّنْيَا حَيْثُ تُكْسِبُ الْمَقْتَ مِنَ النَّاسِ (2) .
ثَانِيًا: الْمَخِيلَةُ بِمَعْنَى الأَْمَارَةِ عَلَى الْحَمْل:
4 -
اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي تَأْخِيرِ اسْتِيفَاءِ الْحَدِّ إِذَا ادَّعَتِ الْجَانِيَةُ الْحَمْل فَقَدْ جَاءَ فِي الْفَتَاوَى الْهِنْدِيَّةِ " عِنْدَ الْكَلَامِ عَنْ حَدِّ الزِّنَا: إِذَا شَهِدُوا عَلَى امْرَأَةٍ بِالزِّنَا فَقَالَتْ: أَنَا حُبْلَى
(1) حديث: " كلوا واشربوا. . . ". أخرجه أحمد (2 / 181) والحاكم (4 / 135) من حديث عبد الله ابن عمر وصححه الحاكم ووافقه الذهبي.
(2)
عمدة القاري 21 / 294، وفتح الباري 10 / 252 - 253، وفيض القدير 2 / 46.
تَرَى النِّسَاءُ وَلَا يُقْبَل قَوْلُهَا، فَإِنْ قُلْنَ: هِيَ حَامِلٌ أَجَّلَهَا حَوْلَيْنِ فَإِنْ لَمْ تَلِدْ رَجَمَهَا (1) .
وَيَرَى الْمَالِكِيَّةُ أَنَّ الْحَامِل إِذَا تَرَتَّبَ عَلَيْهَا قَتْلٌ أَوْ جَرْحٌ يُخَافُ مِنْهُ، أَوْ لَزِمَهَا حَدٌّ مِنْ حُدُودِ اللَّهِ فَإِنَّهُ يُؤَخَّرُ عَنْهَا لِوَضْعِ الْحَمْل عِنْدَ ظُهُورِ مَخَايِلِهِ، وَلَا يَكْفِي مُجَرَّدُ دَعْوَاهَا الْحَمْل (2) .
وَقَال الشَّافِعِيَّةُ بَعْدَ أَنْ فَصَّلُوا الْقَوْل فِي تَأْخِيرِ اسْتِيفَاءِ الْقِصَاصِ وَالْحُدُودِ عَنِ الْحَامِل لِوَضْعِ الْحَمْل: وَالصَّحِيحُ تَصْدِيقُهَا فِي حَمْلِهَا - إِذَا أَمْكَنَ حَمْلُهَا عَادَةً - بِغَيْرِ مَخِيلَةٍ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَلَا يَحِل لَهُنَّ أَنْ يَكْتُمْنَ مَا خَلَقَ اللَّهُ فِي أَرْحَامِهِنَّ} (3) أَيْ مِنْ حَمْلٍ أَوْ حَيْضٍ، وَمَنْ حَرُمَ عَلَيْهِ كِتْمَانُ شَيْءٍ وَجَبَ قَبُولُهُ إِذَا أَظْهَرَهُ كَالشَّهَادَةِ، وَلِقَبُولِهِ صلى الله عليه وسلم قَوْل الْغَامِدِيَّةِ فِي ذَلِكَ (4) .
بَل قَال الزَّرْكَشِيُّ: يَنْبَغِي أَنْ يُقَال بِوُجُوبِ الإِْخْبَارِ عَلَيْهَا بِذَلِكَ لِحَقِّ الْجَنِينِ، وَالْقَوْل الثَّانِي الْمُقَابِل لِلصَّحِيحِ: أَنَّهَا لَا تُصَدَّقُ لأَِنَّ الأَْصْل عَدَمُ الْحَمْل، وَهِيَ مُتَّهَمَةٌ بِتَأْخِيرِ الْوَاجِبِ، فَلَا بُدَّ مِنْ بَيِّنَةٍ تَقُومُ عَلَى ظُهُورِ مُخَايَلَةٍ
(1) الفتاوى الهندية 2 / 147، وانظر حاشية ابن عابدين 3 / 148.
(2)
الخرشي 8 / 25، والتاج والإِكليل بهامش مواهب الجليل 6 / 253.
(3)
سورة البقرة / 228.
(4)
حديث قبول النبي صلى الله عليه وسلم قول الغامدية أخرجه مسلم (3 / 1323) من حديث بريدة الأسلمي.
أَوْ إِقْرَارِ الْمُسْتَحَقِّ.
وَعَلَى الأَْوَّل هَل تَحْلِفُ أَوْ لَا؟ رَأْيَانِ.
أَوْجَهُهُمَا الأَْوَّل أَيْ تَحْلِفُ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْمَاوَرْدِيُّ وَجَزَمَ بِهِ ابْنُ قَاضِي عَجِلُونَ لأَِنَّ لَهَا غَرَضًا فِي التَّأْخِيرِ.
وَقَال الإِْسْنَوِيُّ: الْمُتَّجَهُ الثَّانِي أَيْ: عَدَمُ التَّحْلِيفِ؛ لأَِنَّ الْحَقَّ لِغَيْرِهَا وَهُوَ الْجَنِينُ.
قَال إِمَامُ الْحَرَمَيْنِ: وَلَا أَدْرِي الَّذِي يُصَدِّقُهَا يَقُول بِالصَّبْرِ إِلَى انْقِضَاءِ مُدَّةِ الْحَمْل، أَمْ إِلَى ظُهُورِ الْمَخَايِل؟ وَالأَْرْجَحُ الثَّانِي، فَإِنَّ التَّأْخِيرَ أَرْبَعَ سِنِينَ مِنْ غَيْرِ ثَبْتٍ بَعِيدٌ.
وَقَال الدَّمِيرِي: يَنْبَغِي أَنْ يَمْنَعَ الزَّوْجُ مِنَ الْوَطْءِ لِئَلَاّ يَقَعَ حَمْلٌ يَمْنَعُ اسْتِيفَاءَ وَلِيِّ الدَّمِ.
لَكِنِ الْمُتَّجَهُ عَدَمُ مَنْعِهِ مِنْ ذَلِكَ كَمَا فِي الْمُهِمَّاتِ وَأَمَّا إِذَا ادَّعَتِ الْحَمْل وَلَمْ يُمْكِنْ حَمْلُهَا عَادَةً كَآيِسَةٍ فَلَا تُصَدَّقُ، كَمَا نَقَلَهُ الْبُلْقِينِيُّ عَنِ النَّصِّ، فَإِنَّ الْحِسَّ يُكَذِّبُهَا (1) .
وَقَال الْحَنَابِلَةُ إِنِ ادَّعَتِ الزَّانِيَةُ الْحَمْل قُبِل قَوْلُهَا، لأَِنَّهُ لَا يُمْكِنُ إِقَامَةُ الْبَيِّنَةِ عَلَيْهِ (2) .
(1) مغني المحتاج 4 / 43 - 44 ونهاية المحتاج 7 / 289 وانظر أسنى المطالب 4 / 39.
(2)
كشاف القناع 6 / 82.