الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بِغَيْرِهَا، ثُمَّ يُمَخِّضُ الإِْنَاءَ، ثُمَّ يَفْتَحُ الإِْنَاءَ فَيَنْزِل الْمَاءُ، وَيَبْقَى الزَّيْتُ، يَفْعَل ذَلِكَ مَرَّةً بَعْدَ مَرَّةٍ حَتَّى يَنْزِل الْمَاءُ صَافِيًا، قَال الْمَالِكِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ: مَحَل الْخِلَافِ إِذَا كَانَتِ النَّجَاسَةُ الَّتِي أَصَابَتِ الْمَائِعَ الدُّهْنِيَّ غَيْرَ دُهْنِيَّةٍ كَالْبَوْل مَثَلاً، أَمَّا إِذَا كَانَتْ دُهْنِيَّةً كَوَدَكِ الْمَيْتَةِ فَلَا تَقْبَل التَّطَهُّرَ بِلَا خِلَافٍ لِمُمَازَجَتِهَا لَهُ (1) .
وَالْفَتْوَى عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ عَلَى أَنَّهُ يَطْهُرُ لَبَنٌ وَعَسَلٌ وَدِبْسٌ (2) وَدُهْنٌ يَغْلِي ثَلَالاً، وَقَال فِي الدُّرَرِ: وَلَوْ تَنَجَّسَ الْعَسَل فَتَطْهِيرُهُ أَنْ يُصَبَّ فِيهِ مَاءٌ بِقَدْرِهِ فَيَغْلِيَ حَتَّى يَعُودَ إِلَى مَكَانِهِ، وَالدُّهْنُ يُصَبُّ عَلَيْهِ الْمَاءُ فَيَغْلِي فَيَعْلُو الدُّهْنُ الْمَاءَ فَيُرْفَعُ بِشَيْءِ هَكَذَا ثَلَاثَ مَرَّاتٍ (3) .
وَتَفْصِيل ذَلِكَ فِي مُصْطَلَحِ (نَجَاسَةٌ) .
ج -
الاِنْتِفَاعُ بِالْمَائِعَاتِ النَّجِسَةِ
5 -
ذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ، وَالْمَالِكِيَّةُ، وَالْحَنَابِلَةُ إِلَى أَنَّهُ لَا يَجُوزُ الاِنْتِفَاعُ بِوَدَكِ الْمَيْتَةِ أَوْ شَحْمِهَا فِي طَلْيِ السُّفُنِ وَنَحْوِهَا، أَوِ الاِسْتِصْبَاحِ بِهَا أَوْ لأَِيِّ وَجْهٍ آخَرَ مِنْ وُجُوهِ الاِسْتِعْمَال مَا عَدَا جِلْدَهَا إِذَا دُبِغَ، لِعُمُومِ النَّهْيِ عَنْ ذَلِكَ فِي حَدِيثِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رضي الله عنهما أَنَّهُ سَمِعَ رَسُول اللَّهِ يَقُول عَامَ الْفَتْحِ
(1) مواهب الجليل 1 / 113 وما بعدها، والمجموع 2 / 599، ومغني المحتاج 1 / 86، والمغني 1 / 37.
(2)
الدبس بكسر الدال عصارة الرطب (المصباح المنير) .
(3)
ابن عابدين 1 / 222 وما بعدها، والفتاوى الهندية 1 / 42.
وَهُوَ بِمَكَّةَ: إِنَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ حَرَّمَ بَيْعَ الْخَمْرِ وَالْمَيْتَةِ وَالْخِنْزِيرِ وَالأَْصْنَامِ فَقِيل: يَا رَسُول اللَّهِ أَرَأَيْتَ شُحُومَ الْمَيْتَةِ فَإِنَّهُ يُطْلَى بِهَا السُّفُنُ وَيُدْهَنُ بِهَا الْجُلُودُ وَيَسْتَصْبِحُ بِهَا النَّاسُ؟ فَقَال: لَا هُوَ حَرَامٌ ثُمَّ قَال رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عِنْدَ ذَلِكَ: قَاتَل اللَّهُ الْيَهُودَ إِنَّ اللَّهَ عز وجل لَمَّا حَرَّمَ عَلَيْهِمْ شُحُومَهَا أَجْمَلُوهُ ثُمَّ بَاعُوهُ فَأَكَلُوا ثَمَنَهُ (1) إِلَاّ أَنَّ ابْنَ قُدَامَةَ قَال: وَلَبَنُ الْمَيْتَةِ وَإِنْفَحَتُهَا رُوِيَ أَنَّهَا طَاهِرَةٌ وَهُوَ قَوْل أَبِي حَنِيفَةَ لأَِنَّ الصَّحَابَةَ رضي الله عنهم أَكَلُوا الْجُبْنَ لَمَّا دَخَلُوا الْمَدَائِنَ وَهُوَ يُعْمَل بِالإِْنْفَحَةِ وَهِيَ تُؤْخَذُ مِنْ صِغَارِ الْمَعْزِ فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ اللَّبَنِ، وَذَبَائِحُهُمْ مَيْتَةٌ (2) .
وَذَهَبَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ، وَأَحْمَدُ بْنُ صَالِحٍ وَابْنُ الْمَاجِشُونِ مِنَ الْمَالِكِيَّةِ، وَابْنُ الْمُنْذِرِ وَهُوَ مُقَابِل الْمَشْهُورِ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ إِلَى أَنَّهُ لَا يَجُوزُ الاِنْتِفَاعُ بِشَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ كُلِّهِ فِي شَيْءٍ مِنَ الأَْشْيَاءِ لِلْحَدِيثِ الْمُتَقَدِّمِ، وَلِمَا عَلَى الإِْنْسَانِ مِنَ التَّعَبُّدِ فِي اجْتِنَابِ النَّجَاسَةِ، وَلأَِجْل دُخَانِ النَّجَاسَةِ بِالنِّسْبَةِ لِلاِسْتِصْبَاحِ فَإِنَّهُ قَدْ يُصِيبُ بَدَنَهُ أَوْ ثَوْبَهُ عِنْدَ الْقُرْبِ مِنَ السِّرَاجِ (3) نُقِل عَنِ ابْنِ الْمَاجِشُونِ مِنَ
(1) حديث جابر: " إن الله ورسوله حرم بيع الخمر والميتة. . ". أخرجه البخاري (فتح الباري 4 / 424) ومسلم (3 / 1207) .
(2)
المراجع السابقة، والمغني لابن قدامة 1 / 74، وصحيح مسلم شرح النووي 11 / 8.
(3)
المراجع السابقة، ومغني المحتاج 1 / 41.
الْمَالِكِيَّةِ: أَنَّهُ لَا يُنْتَفَعُ بِشَيْءٍ مِنَ النَّجَاسَاتِ فِي وَجْهٍ مِنَ الْوُجُوهِ (1) .
وَقَال الشَّافِعِيَّةُ: يَحِل مَعَ الْكَرَاهَةِ فِي غَيْرِ الْمَسْجِدِ الاِسْتِصْبَاحُ بِالدُّهْنِ النَّجِسِ عَيْنُهُ كَوَدَكِ مَيْتَةٍ، أَوْ بِعَارِضٍ كَزَيْتٍ وَنَحْوِهِ وَقَعَتْ فِيهِ نَجَاسَةٌ عَلَى الْمَشْهُورِ فِي الْمَذْهَبِ؛ لأَِنَّهُ صلى الله عليه وسلم سُئِل عَنْ فَأْرَةٍ وَقَعَتْ فِي سَمْنٍ، فَقَال: إِنْ كَانَ جَامِدًا فَأَلْقُوهَا وَمَا حَوْلَهَا، وَإِنْ كَانَ مَائِعًا فَاسْتَصْبِحُوا بِهِ أَوْ فَانْتَفِعُوا بِهِ (2) ، وَعَلَى هَذَا يُعْفَى عَمَّا يُصِيبُ الإِْنْسَانَ مِنْ دُخَانِ الْمِصْبَاحِ لِقِلَّتِهِ.
وَمُقَابِل الْمَشْهُورِ: أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لأَِجْل دُخَانِ النَّجَاسَةِ فَإِنَّهُ قَدْ يُصِيبُ بَدَنَهُ أَوْ ثَوْبَهُ عِنْدَ الْقُرْبِ مِنَ السِّرَاجِ.
أَمَّا فِي الْمَسْجِدِ فَلَا يَجُوزُ لِمَا فِيهِ مِنْ تَنْجِيسِهِ كَمَا جَزَمَ ابْنُ الْمُقْرِي تَبَعًا لِلأَْذْرَعِيِّ وَالزَّرْكَشِيِّ، وَإِنْ كَانَ مَيْل الإِْسْنَوِيِّ إِلَى الْجَوَازِ.
وَيُسْتَثْنَى أَيْضًا وَدَكُ نَحْوِ الْكَلْبِ كَمَا قَالَهُ فِي الْبَيَانِ وَنَقَلَهُ الْغَزِّيُّ عَنِ الإِْمَامِ.
قَال الْغَزِّيُّ: وَيَجُوزُ أَنْ يُجْعَل الزَّيْتُ الْمُتَنَجِّسُ صَابُونًا أَيْضًا لِلاِسْتِعْمَال أَيْ لَا لِلْبَيْعِ.
(1) مواهب الجليل 1 / 120.
(2)
حديث: " إن كان جامدًا. . ". سبق تخريجه ف3.
قَال فِي الْمَجْمُوعِ: وَيَجُوزُ طَلْيُ السُّفُنِ بِشَحْمِ الْمَيْتَةِ وَإِطْعَامُهَا لِلْكِلَابِ وَالطُّيُورِ وَإِطْعَامُ الطَّعَامِ الْمُتَنَجِّسِ لِلدَّوَابِّ (1) .
وَفَرَّقَ الْمَالِكِيَّةُ بَيْنَ نَجِسِ الْعَيْنِ كَالْبَوْل وَبَيْنَ الْمُتَنَجِّسِ فَقَالُوا بِجِوَازِ الاِنْتِفَاعِ بِالْمُتَنَجِّسِ لِغَيْرِ الْمَسْجِدِ وَالْبَدَنِ، قَال خَلِيلٌ: وَيُنْتَفَعُ بِمُتَنَجِّسٍ لَا نَجِسٍ فِي غَيْرِ مَسْجِدٍ وَآدَمِيٍّ، قَال الْحَطَّابُ فِي شَرْحِهِ: مُرَادُهُ بِالْمُتَنَجِّسِ مَا كَانَ طَاهِرًا فِي الأَْصْل وَأَصَابَتْهُ نَجَاسَةٌ كَالزَّيْتِ وَالسَّمْنِ تَقَعُ فِيهِ فَأْرَةٌ أَوْ نَجَاسَةٌ، وَبِالنَّجِسِ مَا كَانَتْ عَيْنُهُ نَجِسَةً كَالْبَوْل وَالْعَذِرَةِ وَالْمَيْتَةِ وَالدَّمِ (2) .
وَتَفْصِيل ذَلِكَ فِي مُصْطَلَحِ (نَجَاسَةٌ) .
(1) مغني المحتاج 1 / 309.
(2)
الحطاب 1 / 117.