الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بِهِ (1) . وَقَال عَبْدُ الْوَهَّابِ الْبَغْدَادِيُّ: هُوَ مَا يُتَمَوَّل فِي الْعَادَةِ وَيَجُوزُ أَخْذُ الْعِوَضِ عَنْهُ (2) .
وَعَرَّفَ الزَّرْكَشِيُّ مِنَ الشَّافِعِيَّةِ الْمَال بِأَنَّهُ مَا كَانَ مُنْتَفَعًا بِهِ، أَيْ مُسْتَعِدًّا لأَِنْ يُنْتَفَعَ بِهِ (3) . وَحَكَى السُّيُوطِيُّ عَنِ الشَّافِعِيِّ أَنَّهُ قَال: لَا يَقَعُ اسْمُ الْمَال إِلَاّ عَلَى مَا لَهُ قِيمَةٌ يُبَاعُ بِهَا، وَتَلْزَمُ مُتْلِفَهُ، وَإِنْ قَلَّتْ، وَمَا لَا يَطْرَحُهُ النَّاسُ، مِثْل الْفَلْسِ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ (4) .
وَقَال الْحَنَابِلَةُ: الْمَال شَرْعًا مَا يُبَاحُ نَفْعُهُ مُطْلَقًا، أَيْ فِي كُل الأَْحْوَال، أَوْ يُبَاحُ اقْتِنَاؤُهُ بِلَا حَاجَةٍ (5) .
مَا اخْتُلِفَ فِي مَالِيَّتِهِ:
اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي
مَالِيَّةِ الْمَنَافِعِ
كَمَا تَبَايَنَتْ أَنْظَارُهُمْ حَوْل مَالِيَّةِ الدُّيُونِ، وَبَيَانُ ذَلِكَ فِيمَا يَلِي:
أ - مَالِيَّةُ الْمَنَافِعِ:
2 -
الْمَنَافِعُ: جَمْعُ مَنْفَعَةٍ. وَمِنْ أَمْثِلَتِهَا عِنْدَ الْفُقَهَاءِ: سُكْنَى الدَّارِ وَلُبْسُ الثَّوْبِ وَرُكُوبُ الدَّابَّةِ (6) .
(1) أحكام القرآن لابن العربي 2 / 607.
(2)
الإشراف على مسائل الخلاف للقاضي عبد الوهاب 2 / 271.
(3)
المنثور في القواعد للزركشي 3 / 222.
(4)
الأشباه والنظائر للسيوطي ص327.
(5)
شرح منتهى الإرادات 2 / 142.
(6)
مغني المحتاج 2 / 377.
وَقَدِ اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي مَالِيَّتِهَا عَلَى قَوْلَيْنِ:
أَحَدُهُمَا لِلْحَنَفِيَّةِ: وَهُوَ أَنَّ الْمَنَافِعَ لَيْسَتْ أَمْوَالاً مُتَقَوِّمَةً فِي حَدِّ ذَاتِهَا؛ لأَِنَّ صِفَةَ الْمَالِيَّةِ لِلشَّيْءِ إِنَّمَا تَثْبُتُ بِالتَّمَوُّل، وَالتَّمَوُّل يَعْنِي صِيَانَةَ الشَّيْءِ وَادِّخَارَهُ لِوَقْتِ الْحَاجَةِ، وَالْمَنَافِعُ لَا تَبْقَى زَمَانَيْنِ، لِكَوْنِهَا أَعْرَاضًا، فَكُلَّمَا تَخْرُجُ مِنْ حَيِّزِ الْعَدَمِ إِلَى حَيِّزِ الْوُجُودِ تَتَلَاشَى، فَلَا يُتَصَوَّرُ فِيهَا التَّمَوُّل.
غَيْرَ أَنَّ الْحَنَفِيَّةَ يَعْتَبِرُونَ الْمَنَافِعَ أَمْوَالاً مُتَقَوِّمَةً إِذَا وَرَدَ عَلَيْهَا عَقْدُ مُعَاوَضَةٍ، كَمَا فِي الإِْجَارَةِ، وَذَلِكَ عَلَى خِلَافِ الْقِيَاسِ، وَمَا كَانَ عَلَى خِلَافِ الْقِيَاسِ فَغَيْرُهُ عَلَيْهِ لَا يُقَاسُ (1) .
وَالثَّانِي لِجُمْهُورِ الْفُقَهَاءِ مِنَ الشَّافِعِيَّةِ وَالْمَالِكِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ: وَهُوَ أَنَّ الْمَنَافِعَ أَمْوَالٌ بِذَاتِهَا؛ لأَِنَّ الأَْعْيَانَ لَا تُقْصَدُ لِذَاتِهَا، بَل لِمَنَافِعِهَا، وَعَلَى ذَلِكَ أَعْرَافُ النَّاسِ وَمُعَامَلَاتُهُمْ.
وَلأَِنَّ الشَّرْعَ قَدْ حَكَمَ بِكَوْنِ الْمَنْفَعَةِ مَالاً عِنْدَمَا جَعَلَهَا مُقَابَلَةً بِالْمَال فِي عَقْدِ الإِْجَارَةِ، وَهُوَ مِنْ عُقُودِ الْمُعَاوَضَاتِ الْمَالِيَّةِ، وَكَذَا عِنْدَمَا أَجَازَ جَعْلَهَا مَهْرًا فِي عَقْدِ النِّكَاحِ، وَلأَِنَّ فِي عَدَمِ اعْتِبَارِهَا أَمْوَالاً تَضْيِيعًا لِحُقُوقِ
(1) المبسوط 11 / 78، 79، وتبيين الحقائق 5 / 234، وكشف الأسرار عن أصول البزدوي 1 / 172، وفتح الغفار شرح المنار لابن نجيم 1 / 52.