الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مَجْلِسُ الْحُكْمِ
التَّعْرِيفُ:
1 -
مَجْلِسُ الْحُكْمِ: مُرَكَّبٌ إِضَافِيٌّ مِنْ كَلِمَتَيْنِ: هُمَا مَجْلِسٌ وَحُكْمٌ.
وَالْمَجْلِسُ فِي اللُّغَةِ: مَوْضِعُ الْجُلُوسِ، وَالْحُكْمُ مَصْدَرُ: حَكَمَ.
وَمِنْ مَعَانِيهِ: الْقَضَاءُ وَالْعِلْمُ وَالْفِقْهُ (1) .
وَفِي الاِصْطِلَاحِ: مَجْلِسُ الْحُكْمِ هُوَ الْمَكَانُ الَّذِي يَقْعُدُ فِيهِ الْقَاضِي لِفَصْل الْقَضَاءِ وَإِصْدَارِ الْحُكْمِ (2) .
الأَْلْفَاظُ ذَاتُ الصِّلَةِ:
مَجْلِسُ الْعَقْدِ:
2 -
مَجْلِسُ الْعَقْدِ: هُوَ الاِجْتِمَاعُ لِلْعَقْدِ جَاءَ فِي مَجَلَّةِ الأَْحْكَامِ الْعَدْلِيَّةِ مَجْلِسُ الْبَيْعِ: هُوَ الاِجْتِمَاعُ الْوَاقِعُ لِعَقْدِ الْبَيْعِ (3) .
الأَْحْكَامُ الْمُتَعَلِّقَةُ بِمَجْلِسِ الْحُكْمِ:
3 -
ذَهَبَ الْفُقَهَاءُ إِلَى أَنَّهُ يَنْبَغِي لِلْقَاضِي أَنْ
(1) لسان العرب.
(2)
أدب القضاء لابن أبي الدم ص109، 110.
(3)
المادة (181) .
يَجْعَل مَجْلِسَ حُكْمِهِ فِي مَوْضِعٍ بَارِزٍ لِلنَّاسِ لَا يَكُونُ دُونَهُ حِجَابٌ بِغَيْرِ عُذْرٍ، وَأَنْ يَكُونَ فِي وَسْطِ الْبَلَدِ لِيَتَسَاوَى النَّاسُ فِي الْقُرْبِ مِنْهُ، وَأَنْ يَكُونَ وَاسِعًا فَسِيحًا غَيْرَ ضَيِّقٍ، وَأَنْ يَكُونَ فِي أَشْهَرِ الأَْمَاكِنِ وَمَجَامِعِ النَّاسِ، وَأَنْ يَكُونَ مَصُونًا عَمَّا يُؤْذِي مِنْ حَرٍّ وَبَرْدٍ وَرِيحٍ، وَأَنْ يَكُونَ مُنَاسِبًا لِلْقَضَاءِ، وَأَنْ لَا يَحْتَجِبَ الْقَاضِي بِغَيْرِ عُذْرٍ (1) .
اتِّخَاذُ الْمَسَاجِدِ مَجْلِسًا لِلْحُكْمِ
4 -
اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي اتِّخَاذِ الْمَسَاجِدِ مَجْلِسًا لِلْحُكْمِ:
فَقَال جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ: يَجُوزُ أَنْ يَتَّخِذَ الْقَاضِي الْمَسْجِدَ مَجْلِسَ حُكْمِهِ، بَل يَنْبَغِي أَنْ يَجْلِسَ فِي الْمَسْجِدِ الْجَامِعِ، وَجَاءَ فِي الْمُدَوَّنَةِ: الْقَضَاءُ فِي الْمَسْجِدِ مِنَ الأَْمْرِ الْقَدِيمِ، وَهُوَ الْحَقُّ، قَال مَالِكٌ: لأَِنَّهُ يَرْضَى فِيهِ بِالدُّونِ مِنَ الْمَجْلِسِ، وَهُوَ أَقْرَبُ عَلَى النَّاسِ فِي شُهُودِهِمْ وَيَصِل إِلَيْهِ الضَّعِيفُ وَالْمَرْأَةُ، يَدُل عَلَى ذَلِكَ أَنَّ رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَفْصِل الْخُصُومَاتِ فِي الْمَسْجِدِ (2) وَكَذَا الْخُلَفَاءُ الرَّاشِدُونَ كَانُوا
(1) تبصرة الحكام 1 / 26 وما بعدها، فتح القدير 6 / 369، المغني 9 / 45، وكشاف القناع 6 / 32، ومغني المحتاج 4 / 387 - 390، المحلي 3 / 301 - 312، وروض الطالب 4 / 297، وروضة القضاة للسمناني 1 / 100، والأم 6 / 198.
(2)
حديث: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يفصل في الخصومات في المسجد يدل عليه حديث أبي هريرة أن رجلاً أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو في المسجد فناداه فقال: يا رسول الله، إني زنيت فأعرض عنه، فلما شهد على نفسه أربعًا قال: أبك جنون؟ قال: لا. قال (فتح الباري 13 / 156) وبوب عليه بقوله: باب من حكم في المسجد.
يَجْلِسُونَ فِي الْمَسَاجِدِ لِفَصْل الْخُصُومَاتِ.
وَلأَِنَّ الْقَضَاءَ عِبَادَةٌ فَيَجُوزُ إِقَامَتُهَا فِيهِ كَالصَّلَاةِ وَالأَْحْسَنُ أَنْ يَكُونَ مَجْلِسُ قَضَائِهِ حَيْثُ الْجَمَاعَةُ: جَمَاعَةُ النَّاسِ، وَفِي الْمَسْجِدِ الْجَامِعِ، إِلَاّ أَنْ يَعْلَمَ ضَرَرَ ذَلِكَ بِالنَّصَارَى وَأَهْل الْمِلَل وَالنِّسَاءِ الْحُيَّضِ، فَيَجْلِسُ فِي رَحَبَةِ الْمَسْجِدِ، وَقَال سَحْنُونٌ: فَإِنْ دَخَل عَلَيْهِ ضَرَرٌ بِجُلُوسِهِ فِي الْمَسْجِدِ لِكَثْرَةِ النَّاسِ حَتَّى شَغَلَهُ ذَلِكَ عَنِ النَّظَرِ وَالْفَهْمِ فَلْيَكُنْ لَهُ مَوْضِعٌ فِي الْمَسْجِدِ يَحُول بَيْنَهُ وَبَيْنَهُمْ حَائِلٌ (1) .
وَعِنْدَ الْجُمْهُورِ يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَجْلِسَ فِي دَارِهِ فَإِنْ دَعَتْهُ ضَرُورَةٌ فَلْيَفْتَحْ أَبْوَابَهَا وَلْيَجْعَل سَبِيلَهَا سَبِيل الْمَوَاضِعِ الْمُتَاحَةِ لِذَلِكَ مِنْ غَيْرِ مَنْعٍ وَلَا حِجَابٍ، وَحُكِيَ عَنْ مَالِكٍ: لَا بَأْسَ أَنْ يَقْضِيَ الْقَاضِي فِي دَارِهِ وَحَيْثُ أَحَبَّ، وَقَال صَاحِبُ تَبْصِرَةِ الْحُكَّامِ وَعَزَاهُ إِلَى صَاحِبِ تَنْبِيهِ الْحُكَّامِ: يُكْرَهُ لِلْقَاضِي الْجُلُوسُ فِي مَنْزِلِهِ لِلْقَضَاءِ وَالْحُكْمِ (2) .
(1) فتح القدير 6 / 369، وروضة القضاة للسمناني 1 / 98، وتبصرة الحكام 1 / 26 - 27 وما بعدها، وكشاف القناع 6 / 312، ومطالب أولي النهى 6 / 475، والمغني 9 / 45.
(2)
تبصرة الحكام 1 / 26 - 27.
وَقَال الشَّافِعِيَّةُ: يُكْرَهُ اتِّخَاذُ الْمَسْجِدِ مَجْلِسًا لِلْحُكْمِ لأَِنَّ مَجْلِسَ الْقَاضِي لَا يَخْلُو عَنِ اللَّغَطِ وَارْتِفَاعِ الأَْصْوَاتِ، وَقَدْ يُحْتَاجُ لإِِحْضَارِ الْمَجَانِينِ وَالأَْطْفَال وَالْحُيَّضِ وَالْكُفَّارِ وَالدَّوَابِّ، وَالْمَسْجِدُ يُصَانُ عَنْ ذَلِكَ.
فَإِنِ اتَّفَقَتْ قَضِيَّةٌ أَوْ قَضَايَا وَقْتَ حُضُورِهِ فِي الْمَسْجِدِ فَلَا بَأْسَ بِهَا.
وَإِنْ جَلَسَ فِي الْمَسْجِدِ مَعَ الْكَرَاهَةِ أَوْ دُونِهَا، مَنَعَ الْخُصُومَ مِنَ الْخَوْضِ فِيهِ بِالْمُخَاصَمَةِ وَالْمُشَاتَمَةِ وَنَحْوِ ذَلِكَ، بَل يَقْعُدُونَ خَارِجَ الْمَسْجِدِ، وَيَنْصِبُ مَنْ يُدْخِل عَلَيْهِ خَصْمَيْنِ خَصْمَيْنِ (1) .
أَمَّا مَا يَتَعَلَّقُ بِمُعَامَلَةِ الْقَاضِي فِي مَجْلِسِ الْحُكْمِ بِالْخُصُومِ، مِنْ تَسْوِيَةٍ فِي كُل شَيْءٍ، وَتَأْدِيبِ مَنْ أَسَاءَ الأَْدَبَ فِي مَجْلِسِ الْحُكْمِ، وَعَلَاقَتِهِ بِالشُّهُودِ؛ فَيُرْجَعُ إِلَى مُصْطَلَحِ (قَضَاءٌ ف 41 44 وَشَهَادَةٌ ف 36 وَمَا بَعْدَهَا وَشَهَادَةُ الزُّورِ ف 5 - 8) .
(1) مغني المحتاج 4 / 387 - 390.