الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الْعَصِيرُ عِنْدَهُ، أَوْ عِنْدَهُ خَمْرٌ أَوْ خِنْزِيرٌ مَمْلُوكَيْنِ لَهُ وَأَسْلَمَ عَلَيْهِمَا، وَمَاتَ قَبْل أَنْ يُزِيلَهُمَا وَلَهُ وَارِثٌ مُسْلِمٌ فَيَرِثُهُمَا، وَاصْطَادَ الْخِنْزِيرَ، وَذَلِكَ لأَِنَّ الْمِلْكِيَّةَ تَثْبُتُ عَلَى الْمَال، وَالْمَالِيَّةُ ثَابِتَةٌ فِي غَيْرِ الْمُتَقَوِّمِ، وَلَكِنْ عَدَمُ التَّقَوُّمِ يُنَافِي وُرُودَ الْعُقُودِ مِنَ الْمُسْلِمِ عَلَى الْمَال غَيْرِ الْمُتَقَوِّمِ (1) .
وَقَدْ يُرَادُ أَحْيَانًا بِالْمُتَقَوِّمِ عَلَى أَلْسِنَةِ فُقَهَاءِ الْحَنَفِيَّةِ مَعْنَى الْمُحْرَزِ، حَيْثُ إِنَّهُمْ يُطْلِقُونَ مُصْطَلَحَ (غَيْرُ الْمُتَقَوِّمِ) أَيْضًا عَلَى الْمَال الْمُبَاحِ قَبْل الإِْحْرَازِ، كَالسَّمَكِ فِي الْبَحْرِ، وَالأَْوَابِدِ مِنَ الْحَيَوَانِ، وَالأَْشْجَارِ فِي الْغَابَاتِ، وَالطَّيْرِ فِي جَوِّ السَّمَاءِ، فَإِذَا اصْطِيدَ أَوِ احْتُطِبَ صَارَ مُتَقَوِّمًا بِالإِْحْرَازِ (2) .
أَمَّا جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ مِنَ الشَّافِعِيَّةِ وَالْمَالِكِيَّةِ الْحَنَابِلَةِ فَقَدِ اعْتَبَرُوا إِبَاحَةَ الاِنْتِفَاعِ عُنْصُرًا مِنْ عَنَاصِرِ الْمَالِيَّةِ، فَالشَّيْءُ إِذَا لَمْ يَكُنْ مُبَاحٌ الاِنْتِفَاعُ بِهِ شَرْعًا فَلَيْسَ بِمَالٍ أَصْلاً، وَلِذَلِكَ لَمْ يَظْهَرْ عِنْدَهُمْ تَقْسِيمُ الْمَال إِلَى مُتَقَوِّمٍ وَغَيْرِ مُتَقَوِّمٍ بِالْمَعْنَى الَّذِي قَصَدَهُ الْحَنَفِيَّةُ، وَهُمْ إِذَا أَطْلَقُوا لَفْظَ (الْمُتَقَوِّمُ) أَرَادُوا بِهِ مَا لَهُ قِيمَةٌ بَيْنَ النَّاسِ وَ (غَيْرُ الْمُتَقَوِّمِ) مَا لَيْسَ لَهُ قِيمَةٌ فِي عُرْفِهِمْ.
وَعَلَى ذَلِكَ جَاءَ فِي شَرْحِ الرَّصَّاعِ عَلَى
(1) رد المحتار 4 / 120.
(2)
درر الحكام 1 / 101.
حُدُودِ ابْنِ عَرَفَةَ: أَنَّ الْمُعْتَبَرَ فِي التَّقْوِيمِ إِنَّمَا هُوَ مُرَاعَاةُ الْمَنْفَعَةِ الَّتِي أَذِنَ الشَّارِعُ فِيهَا، وَمَا لَا يُؤْذَنُ فِيهِ فَلَا عِبْرَةَ بِهِ، فَلَا تُعْتَبَرُ قِيمَتُهُ؛ لأَِنَّ الْمَعْدُومَ شَرْعًا كَالْمَعْدُومِ حِسًّا (1) .
وَعَلَى ذَلِكَ فَلَمْ يَعْتَبِرْ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ مِنَ الشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ الْخَمْرَ وَالْخِنْزِيرَ فِي عِدَادِ الأَْمْوَال أَصْلاً بِالنِّسْبَةِ لِلْمُسْلِمِ وَالذِّمِّيِّ عَلَى حَدٍّ سَوَاءٍ، وَلَمْ يُوجِبُوا الضَّمَانَ عَلَى مُتْلِفِهِمَا مُطْلَقًا، فِي حِينِ عَدَّهُمَا الْحَنَفِيَّةُ مَالاً مُتَقَوِّمًا فِي حَقِّ الذِّمِّيِّ، وَأَلْزَمُوا مُتْلِفَهُمَا مُسْلِمًا كَانَ أَمْ ذِمِّيًّا الضَّمَانَ (2) .
وَقَدْ وَافَقَ الْمَالِكِيَّةُ الْحَنَفِيَّةَ فِي وُجُوبِ الضَّمَانِ عَلَى مُتْلِفِ خَمْرِ الذِّمِّيِّ، لاِعْتِبَارِهِ مَالاً فِي حَقِّ الذِّمِّيِّ لَا فِي حَقِّ الْمُسْلِمِ عِنْدَهُمْ، دُونَ أَنْ يُوَافِقُوا الْحَنَفِيَّةَ عَلَى تَقْسِيمِهِمُ الْمَال إِلَى مُتَقَوِّمٍ وَغَيْرِ مُتَقَوِّمٍ بِالْمَعْنَى الَّذِي أَرَادُوهُ (3) .
ب -
بِالنَّظَرِ إِلَى كَوْنِهِ مِثْلِيًّا أَوْ قِيَمِيًّا:
5 -
قَسَّمَ الْفُقَهَاءُ الْمَال إِلَى قِسْمَيْنِ: مِثْلِيٍّ، وَقِيَمِيٍّ
فَالْمَال الْمِثْلِيُّ: هُوَ مَا يُوجَدُ مِثْلُهُ فِي السُّوقِ
(1) شرح حدود ابن عرفة للرصاع الملكي 2 / 651.
(2)
انظر بدائع الصنائع 7 / 147، والمبسوط 13 / 25، والدرر على الغرر 2 / 268، ونهاية المحتاج 5 / 167، ومغني المحتاج 2 / 285، 4 / 253، وشرح منتهى الإرادات 2 / 137.
(3)
حاشية الدسوقي 3 / 447، والمدونة 5 / 368، والفواكه الدواني 2 / 380.