الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الْبَيْعِ مُطْلَقًا بِشُرُوطِهِ الْمَعْلُومَةِ هُوَ دَلِيل جَوَازِهَا.
كَمَا اسْتَدَلُّوا بِأَنَّهُ تَوَافَرَتْ فِي هَذَا الْعَقْدِ شَرَائِطُ الْجَوَازِ الشَّرْعِيَّةُ، وَالْحَاجَةُ مَاسَّةٌ إِلَى هَذَا النَّوْعِ مِنَ التَّصَرُّفِ، لأَِنَّ الْغَبِيَّ الَّذِي لَا يَهْتَدِي فِي التِّجَارَةِ يَحْتَاجُ إِلَى أَنْ يَعْتَمِدَ عَلَى فِعْل الْخَبِيرِ الْمُهْتَدِي، وَتَطِيبُ نَفْسُهُ بِمِثْل مَا اشْتَرَى الْبَائِعُ، وَبِزِيَادَةِ رِبْحٍ، فَوَجَبَ الْقَوْل بِجَوَازِهَا.
ثُمَّ إِنَّ الْمُرَابَحَةَ بَيْعٌ بِثَمَنٍ مَعْلُومٍ، فَجَازَ الْبَيْعُ بِهِ، كَمَا لَوْ قَال: بِعْتُكَ بِمِائَةٍ وَعَشَرَةٍ، وَكَذَا الرِّبْحُ مَعْلُومٌ، فَأَشْبَهَ مَا لَوْ قَال: وَرِبْحُ عَشَرَةِ دَرَاهِمَ (1) .
وَفَسَّرَ الْمَالِكِيَّةُ الْجَوَازَ بِأَنَّهُ خِلَافُ الأَْوْلَى، أَوِ الأَْحَبُّ خِلَافُهُ، وَالْمُسَاوَمَةُ أَحَبُّ إِلَى أَهْل الْعِلْمِ مِنْ بَيْعِ الْمُزَايَدَةِ، وَبَيْعِ الاِسْتِئْمَانِ وَالاِسْتِرْسَال، وَأَضْيَقُهَا عِنْدَهُمْ بَيْعُ الْمُرَابَحَةِ، لأَِنَّهُ يَتَوَقَّفُ عَلَى أُمُورٍ كَثِيرَةٍ قَل أَنْ يَأْتِيَ بِهَا الْبَائِعُ عَلَى وَجْهِهَا (2) .
قَال ابْنُ قُدَامَةَ: وَرُوِّيتُ كَرَاهَتَهُ عَنِ ابْنِ عُمَرَ وَابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهم وَمَسْرُوقٍ وَالْحَسَنِ وَعِكْرِمَةَ وَسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ وَعَطَاءِ بْنِ
(1) فتح القدير 6 / 497، والمهذب 1 / 382 - ط. ثالثة، والمغني 4 / 199 - ط الرياض.
(2)
الشرح الصغير 3 / 215 وما بعدها، ومواهب الجليل للحطاب 4 / 488 وما بعدها.
يَسَارٍ وَعَنْ إِسْحَاقَ بْنِ رَاهَوَيْهِ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لأَِنَّ الثَّمَنَ مَجْهُولٌ حَال الْعَقْدِ فَلَمْ يَجُزْ (1) .
شُرُوطُ الْمُرَابَحَةِ
5 -
يُشْتَرَطُ فِي بَيْعِ الْمُرَابَحَةِ مَا يُشْتَرَطُ فِي كُل الْبُيُوعِ مَعَ إِضَافَةِ شُرُوطٍ أُخْرَى تَتَنَاسَبُ مَعَ طَبِيعَةِ هَذَا الْعَقْدِ وَهِيَ:
أَوَّلاً: شُرُوطُ الصِّيغَةِ:
6 - يُشْتَرَطُ فِي صِيغَةِ الْمُرَابَحَةِ مَا يُشْتَرَطُ فِي كُل عَقْدٍ وَهِيَ ثَلَاثَةُ شُرُوطٍ: وُضُوحُ دَلَالَةِ الإِْيجَابِ وَالْقَبُول، وَتَطَابُقُهُمَا، وَاتِّصَالُهُمَا. (ر: مُصْطَلَحَ: عَقْدٌ ف5) .
ثَانِيًا: شُرُوطُ صِحَّةِ الْمُرَابَحَةِ
7 -
يُشْتَرَطُ لِصِحَّةِ الْمُرَابَحَةِ:
أ - أَنْ يَكُونَ الْعَقْدُ الأَْوَّل صَحِيحًا، فَإِنْ كَانَ فَاسِدًا، لَمْ يَجُزْ بَيْعُ الْمُرَابَحَةِ، لأَِنَّ الْمُرَابَحَةَ بَيْعٌ بِالثَّمَنِ الأَْوَّل مَعَ زِيَادَةِ رِبْحٍ، وَالْبَيْعُ الْفَاسِدُ - وَإِنْ كَانَ يُفِيدُ الْمِلْكَ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ فِي الْجُمْلَةِ - لَكِنْ يَثْبُتُ الْمِلْكُ فِيهِ بِقِيمَةِ الْمَبِيعِ أَوْ بِمِثْلِهِ، لَا بِالثَّمَنِ الْمَذْكُورِ فِي الْعَقْدِ لِفَسَادِ التَّسْمِيَةِ، وَهَذَا لَا يَتَّفِقُ مَعَ مُقْتَضَى عَقْدِ الْمُرَابَحَةِ الْقَائِمِ عَلَى مَعْرِفَةِ الثَّمَنِ الأَْوَّل ذَاتِهِ، لَا الْقِيمَةِ أَوِ الْمِثْل (2) .
(1) المغني 4 / 199 - ط. الرياض، ومغني المحتاج 2 / 77.
(2)
بدائع الصنائع 7 / 3197 - ط. الإمام بالقاهرة.