الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
تَبْيِينُ مَا يُكْرَهُ فِي ذَاتِ الْمَبِيعِ أَوْ وَصْفِهِ كَأَنْ يَكُونَ الثَّوْبُ مُحَرَّقًا أَوِ الْحَيَوَانُ مَقْطُوعَ عُضْوٍ وَتَغَيَّرَ الْوَصْفُ كَكَوْنِ الْعَبْدِ يَأْبَقُ أَوْ يَسْرِقُ، فَإِنْ لَمْ يُبَيِّنْ مَا يُكْرَهُ فِي ذَاتِ الْمَبِيعِ أَوْ وَصْفِهِ كَانَ كَذِبًا أَوْ غِشًّا، فَإِنْ تَحَقَّقَ عَدَمُ كَرَاهَتِهِ لَمْ يَجِبْ عَلَيْهِ الْبَيَانُ (1) .
وَقَال الشَّافِعِيَّةُ: يَلْزَمُ الْبَائِعَ أَنْ يَصْدُقَ فِي بَيَانِ الْعَيْبِ الْحَادِثِ عِنْدَهُ بِآفَةٍ أَوْ جِنَايَةٍ تُنْقِصُ الْقِيمَةَ أَوِ الْعَيْنَ، لأَِنَّ الْغَرَضَ يَخْتَلِفُ بِذَلِكَ، وَلأَِنَّ الْحَادِثَ يَنْقُصُ بِهِ الْمَبِيعُ، وَلَا يَكْفِي فِيهِ تَبْيِينُ الْعَيْبِ فَقَطْ لِيُوهِمَ الْمُشْتَرِيَ أَنَّهُ كَانَ عِنْدَ الشِّرَاءِ وَأَنَّ الثَّمَنَ الْمَبْذُول كَانَ فِي مُقَابَلَتِهِ مَعَ الْعَيْبِ، وَلَوْ كَانَ فِيهِ عَيْبٌ قَدِيمٌ اطَّلَعَ عَلَيْهِ بَعْدَ الشِّرَاءِ أَوْ رَضِيَ بِهِ وَجَبَ بَيَانُهُ أَيْضًا، وَلَوْ أَخَذَ أَرْشَ عَيْبٍ وَبَاعَ بِلَفْظِ: قَامَ عَلَيَّ حَطَّ الأَْرْشَ، أَوْ بِلَفْظِ: مَا اشْتَرَيْتُ، ذَكَرَ صُورَةَ مَا جَرَى بِهِ الْعَقْدُ مَعَ الْعَيْبِ وَأَخْذِ الأَْرْشِ، لأَِنَّ الأَْرْشَ الْمَأْخُوذَ جُزْءٌ مِنَ الثَّمَنِ، وَإِنْ أَخَذَ الأَْرْشَ عَنْ جِنَايَةٍ بِأَنْ قَطَعَ يَدَ الْمَبِيعِ، وَقِيمَتُهُ مِائَةٌ وَنَقَصَ ثَلَاثِينَ، وَأَخَذَ مِنَ الْجَانِي نِصْفَ الْقِيمَةِ خَمْسِينَ، فَالْمَحْطُوطُ مِنَ الثَّمَنِ الأَْقَل مِنْ أَرْشِ النَّقْصِ وَنِصْفُ الْقِيمَةِ إِنْ بَاعَ بِلَفْظِ: قَامَ عَلَيَّ، وَإِنْ كَانَ نَقْصُ الْقِيمَةِ أَكْثَرَ مِنَ الأَْرْشِ كَسِتِّينَ حَطَّ مَا أَخَذَ
(1) الدسوقي 3 / 164.
مِنَ الثَّمَنِ ثُمَّ أَخْبَرَ مَعَ إِخْبَارِهِ بِقِيَامِهِ عَلَيْهِ بِالْبَاقِي بِنِصْفِ الْقِيمَةِ، وَإِنْ بَاعَ بِلَفْظِ: مَا اشْتَرَيْتُ ذَكَرَ الثَّمَنَ وَالْجِنَايَةَ (1) .
وَقَال الْحَنَابِلَةُ: إِذَا تَغَيَّرَتِ السِّلْعَةُ بِنَقْصٍ كَمَرَضٍ أَوْ جِنَايَةٍ أَوْ تَلَفِ بَعْضِهَا أَوْ بِوِلَادَةٍ أَوْ عَيْبٍ، أَوْ أَخَذَ الْمُشْتَرِي بَعْضَهَا كَالصُّوفِ وَاللَّبَنِ الْمَوْجُودِ وَنَحْوِهِ، أَخْبَرَ بِالْحَال عَلَى وَجْهِهِ، بِلَا خِلَافٍ، وَإِنْ أَخَذَ أَرْشَ الْعَيْبِ أَوِ الْجِنَايَةِ أَخْبَرَ بِذَلِكَ عَلَى وَجْهِهِ، كَمَا ذَكَرَ الْقَاضِي لأَِنَّ ذَلِكَ أَبْلَغُ فِي الصِّدْقِ وَنَفْيِ التَّغْرِيرِ بِالْمُشْتَرِي وَالتَّدْلِيسِ عَلَيْهِ، وَقَال أَبُو الْخَطَّابِ: يَحُطُّ أَرْشَ الْعَيْبِ مِنَ الثَّمَنِ، وَيُخْبِرُ بِالْبَاقِي: لأَِنَّ أَرْشَ الْعَيْبِ عِوَضُ مَا فَاتَ بِهِ، فَكَانَ ثَمَنُ الْمَوْجُودِ هُوَ مَا بَقِيَ، وَفِي أَرْشِ الْجِنَايَةِ وَجْهَانِ: أَحَدُهُمَا يَحُطُّهُ مِنَ الثَّمَنِ كَأَرْشِ الْعَيْبِ، وَالثَّانِي: لَا يَحُطُّهُ كَالنَّمَاءِ (2) .
تَعَدُّدُ الشِّرَاءِ وَالْبَيْعِ:
12 -
إِذَا اشْتَرَى شَخْصٌ ثَوْبًا بِعَشَرَةٍ مَثَلاً، ثُمَّ بَاعَهُ بِخَمْسَةَ عَشَرَ ثُمَّ اشْتَرَاهُ بِعَشَرَةٍ، أَخْبَرَ عِنْدَ بَيْعِهِ ثَانِيَةً مُرَابَحَةً أَنَّهُ بِعَشَرَةٍ وَذَلِكَ عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ وَجُمْهُورِ الْحَنَابِلَةِ وَالصَّاحِبَيْنِ (أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ) لأَِنَّهُ صَادِقٌ فِيمَا أَخْبَرَ بِهِ، وَلَيْسَ فِيهِ تُهْمَةٌ وَلَا تَغْرِيرٌ بِالْمُشْتَرِي، فَأَشْبَهَ مَا لَوْ لَمْ يَرْبَحْ فِيهِ.
(1) مغني المحتاج 2 / 79.
(2)
المغني 4 / 201.