الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[من جموع الكثرة فعلاء كشعراء]
قال ابن مالك: (ومنها: فعلاء لفعيل وصفا لمذكّر عاقل بمعنى فاعل أو مفعل أو مفاعل، وحمل عليه خليفة، وما دلّ على سجيّة أو حمد أو ذمّ من فعال أو فاعل؛ فإن ضوعف فعيل المذكور أو اعتلّت لامه لزمه أفعلاء إلّا ما ندر، وندر فعلاء في: رسول، وودود، وحدث، وفي نحو: سفيهة وأسير، وسمح وخلم، ويحفظ أفعلاء في نحو: نصيب وصديق وظنين وهيّن وقزّ وندر في صديقة).
قال ناظر الجيش: قال في شرح الكافية: [6/ 92] ومن أمثلة الكثرة فعلاء، وهو مقيس فيما كان على فعيل صفة لمذكر عاقل بمعنى فاعل، غير مضاعف، ولا معتل اللّام، كظريف وظرفاء، وكريم وكرماء، ويكثر في ما دلّ على مدح من فاعل، كصالح وصلحاء، وعاقل وعقلاء، وشاعر وشعراء، وقد يجيء جمعا لفعال، كجبان وجبناء،
ولفعيلة، كخليفة وخلفاء، وسفيهة وسفهاء، ولفعل كسمح وسمحاء، ولفعل كخلم وخلماء، والخلم: الصديق، وقد يجيء - أيضا - جمعا لفعيل بمعنى مفعول كدفين ودفناء، وسجين وسجناء، وجليب وجلباء، وستير وستراء حكاهن اللّحياني (1)، ونقل عن العرب: ودراء، ورسلاء في جمع ودود ورسول، وأفعلاء ينوب عن فعلاء في المعتل اللام، كولي وأولياء. وفي المضاعف كشديد وأشداء، وقال بعض العرب: سري وسرواء، وتقي وتقواء، وسخي وسخواء، وقالوا في نصيب: أنصباء، وفي صديق: أصدقاء وفي ظنين: أظنّاء، وفي قزّ: أقزّاء، وفي هين: أهوناء، وكله مقصور على السماع، وفي الحديث:
«أرسلوا إلى أصدقاء خديجة» (2).
جمع صديقة وهو في النّدور نظير سفيهة وسفهاء، وحق فعلاء وأفعلا؛ أن يخصّا بالمذكّرين (3) انتهى. ولنرجع إلى لفظ الكتاب، فنقول: قوله: ومنها فعلاء -
(1) هو أبو الحسن علي بن مبارك، وقيل ابن حازم من بني لحيان بن ذهيل، قيل: سمّي بذلك لعظم لحيته، أخذ عن الكسائي، وأبي زيد، والشيباني، والأصمعي، وله نوادر مشهورة. البغية (ص 346).
(2)
البخاري: مناقب الأنصار (20)، والتّرمذي في البرّ (69)، وأحمد (6/ 279).
(3)
شرح الكافية (4/ 1860)، وما بعدها بتصرف.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
لفعيل وصفا لمذكّر عاقل بمعنى فاعل، قد عرفت مثاله، وهو: ظريف وظرفاء، وكريم وكرماء، وفي شرح الشيخ: وقد استغنوا في: صغير وصبيح وسمين بفعال عن فعلاء. فقالوا: صغار وصباح وسمان. وقال سيبويه: إنهم لا يقولون صغراء ولا سمناء (1). وأما فعيل بمعنى مفعل فمثاله: سميع وسمعاء، بمعنى مسمع، وأما فعيل بمعنى مفاعل فمثاله: جليس وجلساء، ونديم وندماء، وخليط وخلطاء، وقوله: وحمل عليه خليفة إلى آخره، أما خليفة فهو بمعنى الفاعل من: خلف يخلف، ووجه حمله عليه أنه شبه ما فيه التاء بما لا تاء فيه، ومن ثم قال سيبويه:
وقالوا: خلفاء من أجل أنه لا يقع (إلا) على مذكر؛ فحملوه على المعنى؛ كأنهم جعلوا خليفا؛ حيث علموا أن الهاء لا تثبت في تكسيره (2)، وأبو علي جعل جمع خليفة خلائف، كظريفة وظرائف (3) قال الله تعالى: هُوَ الَّذِي جَعَلَكُمْ خَلائِفَ فِي الْأَرْضِ (4)، وجعل خلفاء جمع خليف اعتمادا على أن فعيلة؛ لا يجمع على فعلاء ولا فعيلا على فعائل؛ وقد سمع من كلامهم خليفة وخليف، ولم يسمع سيبويه خليفا، ورأى أبو علي أن سيبويه، لو سمع خليفا لم يسعه إلا أن
يقول بهذا القول (5). من شرح الشيخ - رحمه الله تعالى -، وأتبع ذلك بشيء آخر تركته خشية الإطالة، وأما ما دل على سجيّة من فعال فمثاله: شجاع وشجعاء، ومثاله -
(1) و (2) الكتاب (3/ 636).
(3)
قال في التكملة (ص 185): وقالوا: خليفة وخلائف؛ فجعلوه مثل ظريفة وظرائف، وفي التنزيل:
ثُمَّ جَعَلْناكُمْ خَلائِفَ فِي الْأَرْضِ [يونس: 14] وقالوا: خلفاء فجاءوا بالجمع على خليف، وفي التنزيل:
وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفاءَ الْأَرْضِ [النمل: 62] فجاء هذا أيضا على خليف.
(4)
سورة فاطر: 39.
(5)
التذييل (6/ 19)(ب) وقال أبو عليّ في التكملة، مستشهدا على مجيء «خليف» بقول الشاعر:
(إنّ من القوم موجودا خليفته
…
وما خليف أبي ليلى بموجود)
التكملة (ص 186)، والبيت لأوس بن حجر يرثي عمرو بن مسعود الأسدي، والشاهد فيه قوله:
خليفته، ثم قال: وما خليف، وخليفة واحد في المعنى، وجمع خليفة خلائف، كظريف وظرائف، وصبيحة وصبائح، وجمع خليف خلفاء، كظريف وظرفاء. قال سيبويه:(خليفة وخلفاء كسّروه تكسير فعيل، إلا للمذكر وأما خلائف فعلى لفظ خليفة، ولم يعرف خليفا وحكاه أبو حاتم، واستشهد بالبيت المستشهد به، وانظر: ديوانه (ص 25)، وابن يعيش (5/ 52)، والرضي (4/ 139)، والمخصص (3/ 134)، واللسان (خلف).
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
من فاعل: صالح وصلحاء، وعاقل وعقلاء، وعالم وعلماء، وجاهل وجهلاء، وأما قوله: فإن ضوعف فعيل المذكور، واعتلت لامه لزمه أفعلاء؛ فقد عرفت قوله في شرح الكافية. وأفعلاء ينوب عن فعلاء في المعتل اللام: كوليّ وأولياء، وفي المضاعف: كشديد وأشداء، وإنما عدلت العرب إلى أفعلاء في المعتل والمضاعف، أما المعتل؛ فلأنه يلزم من جمعه على فعلاء أن يتحرك حرف العلة وينفتح ما قبله وحينئذ يجب انقلابه ألفا؛ فيلتقي إذ ذاك ألفان فتحذف إحداهما وعند حذفها تختل الكلمة، وأما المضاعف فلما يلزم من ثقل اجتماع المثلين، وفيه ثقل؛ إذ اجتماعهما على حدّ غير اجتماعهما في المفرد؛ لحصول الفصل في المفرد دون الجمع، ولما كان الإدغام غير جائز في فعلاء عدلوا عنه إلى أفعلاء؛ لأنّ الإدغام لا مانع منه في هذه الصيغة بخلاف صيغة فعلاء، فقالوا: أشدّاء لخفة الكلمة بالإدغام، وأشار بقوله: إلا ما ندر، إلى ما ذكره في شرح الكافية من قول بعض العرب: سري وسرواء،
وتقي وتقواء، وسخي وسخواء، وأما قوله: وندر فعلاء في رسول، وودود، وحدث، إلى آخره؛ فقد تقدم قوله في الشرح المذكور، ونقل عن (بعض) العرب: ورداء ورسلاء، وذكر - أيضا - سفهاء وسمحاء وحلماء، ودخل أسراء تحت قوله: وقد يجيء - أيضا - جمعا لفعيل بمعنى مفعول؛ لأن أسيرا بمعنى مأسور فهو فعيل، بمعنى مفعول، وليس قياسه فعلاء، ومثله دفين، وسجين، وحليب، ولم يغفل في الشرح إلا حدثاء جمع حدث، وقوله: ويحفظ أفعلاء في نحو: نصيب إلى آخره ظاهر، وقد ذكر أكثر ذلك في الشرح كما نقلناه عنه، ونظير نصيب وأنصباء: خميس وأخمساء، وربيع وأربعاء؛ ولا شك أن قياسي نصيب أن يجمع على أفعلة في القلّة، وعلى فعل في الكثرة، نحو: رغيف وأرغفة ورغف؛ فجمعوه وهو اسم جمع فعيل المعتل اللّام الصفة، وقالوا: صديق وأصدقاء وقياسه صدقاء، وكذا ظنين وأظناء قياسه ظنناء، وقالوا هين وأهوناء وقياسه هونى نحو: ميت وموتى، وقالوا: قز وأقزاء، وقياس فعل المضاعف الاسم؛ أن يجمع في القلة على أفعل، وفي الكثرة على فعال وفعول، قالوا: صك وأصك وصكاك وصكوك، قال الشيخ: وقد قالوا في جمع كريم: كرماء ولم يذكره المصنف (1).
(1) التذييل (6/ 20)(ب).