الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[أحوال جواب لو]
قال ابن مالك: (وجوابها في الغالب فعل مجزوم بـ «لم» أو ماض منفيّ بـ «ما» أو مثبت مقرون غالبا بلام مفتوحة، ولا تحذف غالبا إلّا في صلة، وقد تصحب ما).
ــ
مطلقا وجعلها لمجرد الربط واحتج بقوله تعالى: وَلَوْ عَلِمَ اللَّهُ فِيهِمْ خَيْراً لَأَسْمَعَهُمْ وَلَوْ أَسْمَعَهُمْ لَتَوَلَّوْا وَهُمْ مُعْرِضُونَ (1) قال (2): فلو أفادت «لو» انتفاء الشيء لانتفاء غيره لزم التناقض، لأن قوله تعالى: وَلَوْ عَلِمَ اللَّهُ فِيهِمْ خَيْراً لَأَسْمَعَهُمْ يقتضي أنه ما علم فيهم خيرا وما أسمعهم، وقوله تعالى: وَلَوْ أَسْمَعَهُمْ لَتَوَلَّوْا يفيد أنه تعالى ما أسمعهم ولا تولوا، لكن عدم التولي خير فيلزم أن يكون قد علم فيهم خيرا وما علم فيهم خيرا، قال: فعلمنا أن كلمة «لو» لا تفيد إلا الربط» هذا كلامه.
قيل: وقد يمنع قوله: إن عدم التولي خير، فإن الخير إنما هو عدم التولي بتقدير حصول الإسماع، والغرض أن الإسماع لم يحصل فلا يكون عدم التولي على الإطلاق خيرا، بل عدم التولي المرتب على الإسماع.
وقيل (3): إن قوله تعالى: وَلَوْ عَلِمَ اللَّهُ فِيهِمْ خَيْراً لَأَسْمَعَهُمْ على معنى الاستدلال، وقوله تعالى: وَلَوْ أَسْمَعَهُمْ لَتَوَلَّوْا وَهُمْ مُعْرِضُونَ على معنى الذم، فلذلك لا ينتج: لو علم فيهم خيرا لتولوا، وقال الزمخشري (4): ولو علم الله فيهم خيرا وقتا ما لتولّوا بعد ذلك، وقيل غير ذلك (5).
قال ناظر الجيش: قال الإمام بدر الدين (6) رحمه الله تعالى: «انفردت لو بلزوم كون جوابها في الغالب فعلا مضارعا مجزوما بـ «لم» نحو: لو قام زيد لم أقم، قال الشاعر: -
(1) سورة الأنفال: 23.
(2)
انظر التفسير الكبير «مفاتيح الغيب» للإمام فخر الدين الرازي (4/ 531) وقد نقله عنه بتصرف.
(3)
انظر التذييل (6/ 937).
(4)
عبارة الزمخشري في الكشاف (2/ 209)«ولو علم الله فيهم خيرا للطف بهم ولو لطف بهم لما انتفعوا باللطف» وانظر التذييل (6 /
937).
(5)
انظر التذييل (6/ 937، 938).
(6)
انظر شرح التسهيل لبدر الدين (خ)(4/ 100).
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
4098 -
فلو كان حمد يخلد النّاس لم تمت
…
ولكنّ حمد النّاس ليس بمخلد (1)
أو ماضيا مثبتا، أو منفيا بـ «ما» ، فإن كان مثبتا فالأكثر أن تصحبه لام مفتوحة نحو وَلَوْ عَلِمَ اللَّهُ فِيهِمْ خَيْراً لَأَسْمَعَهُمْ وَلَوْ أَسْمَعَهُمْ لَتَوَلَّوْا وَهُمْ مُعْرِضُونَ (2)، وقد يخلو منها كما في قوله تعالى: لَوْ شِئْتَ أَهْلَكْتَهُمْ مِنْ قَبْلُ وَإِيَّايَ (3) وقوله تعالى: وَلْيَخْشَ الَّذِينَ لَوْ تَرَكُوا مِنْ خَلْفِهِمْ ذُرِّيَّةً ضِعافاً خافُوا عَلَيْهِمْ (4)، وإن كان منفيا بـ «ما» فالأكثر خلوّه من اللام كما في قوله تعالى: لَوْ كانَ خَيْراً ما سَبَقُونا إِلَيْهِ (5)، وقد تصحبه كما في قولك: لو كان كذا لما كان كذا.
وقوله: في الغالب، احتراز من مجيء جواب «لو» جملة اسمية مصدرة باللام كقوله تعالى: وَلَوْ أَنَّهُمْ آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَمَثُوبَةٌ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ خَيْرٌ (6)، وبالفاء كما أنشده الشيخ (7) رحمه الله تعالى من قول الشاعر:
4099 -
قالت سلامة لم يكن لك عادة
…
أن تترك الأصحاب حتّى تعذرا (8)
لو كان قتل يا سلام فراحة
…
لكن فررت مخافة أن أوسرا
فحمل ما بعد الفاء على أنه خبر مبتدأ محذوف تقديره: فهو راحة، والجملة جواب لـ «لو» وجاز أن يجاب بجملة اسمية مقرونة بالفاء تشبيها بـ «إن» ، ويجوز عندي أن يكون ما بعد الفاء معطوفا على فاعل «كان» وجواب «لو» محذوف تقديره: لو كان قتل فراحة لثبتّ (9)، كما حذف في مواضع كثيرة كما -
(1) هذا البيت من الطويل قاله زهير من قصيدة يمدح بها هرم بن سنان. والشاهد فيه: مجيء جواب «لو» مضارعا مجزوما بلم وهو قوله: «لم تمت» وهذا هو الغالب فيها. والبيت في التذييل (6/ 948) والمغني (ص 256) وشرح شواهده (ص 642) والهمع (2/ 66) والديوان (ص 95).
(2)
سورة الأنفال: 23.
(3)
سورة الأعراف: 155.
(4)
سورة النساء: 9.
(5)
سورة الأحقاف: 11.
(6)
سورة البقرة: 103.
(7)
يعني والده الشيخ جمال الدين بن مالك، وما أنشده ليس في شرح الكافية ولعله في كتاب آخر غير هذا الكتاب.
(8)
هذان البيتان من الكامل لقائل مجهول. وقوله: الأصحاب يروى بدله الأعداء. والشاهد في قوله:
فراحة حيث جاء جواب «لو» جملة اسمية مصدرة بالفاء وهذا غير الغالب فيها وتقديره في البيت: فهو راحة، والبيتان في التذييل (6/ 951) والمغني (ص 272) وشرح شواهده (ص 667).
(9)
انظر حاشية الأمير على المغني (1/ 215).
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
في قوله تعالى: إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَماتُوا وَهُمْ كُفَّارٌ فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْ أَحَدِهِمْ مِلْءُ الْأَرْضِ ذَهَباً وَلَوِ افْتَدى بِهِ (1) وكما حذف هو والشرط في قول الشاعر (2):
4100 -
إن يكن طبّك الدّلال فلو في
…
سالف الدّهر والسّنين الخوالي (3)
قال أبو الحسن (4): يريد فلو كان في سالف الدهر لكان كذا وكذا انتهى كلامه رحمه الله تعالى وهو كلام والده في شرح الكافية (5)[إلا] تصدّر جملة الجواب بالفاء والبيتين اللذين أنشدهما فإنه ذكر في غير الشرح المذكور، لأنه ذكر أن البيتين من إنشاداته.
وأما قوله مشيرا إلى اللام «وقد تصحب ما» فمثاله قول الشاعر:
4101 -
لو أنّ بالعلم تعطى ما تعيش به
…
لما ظفرت من الدّنيا بنقرون (6)
وأما قوله مشيرا إلى اللام أيضا «ولا تحذف غالبا إلّا في صلة» فمثال ذلك (7) قوله تعالى: وَلْيَخْشَ الَّذِينَ لَوْ تَرَكُوا مِنْ خَلْفِهِمْ ذُرِّيَّةً ضِعافاً خافُوا عَلَيْهِمْ (8)، قال الشيخ (9): «ويعني بالصلة أن تكون لو وما دخلت عليه واقعة صلة قال: -
(1) سورة آل عمران: 91.
(2)
هو عبيد بن الأبرص في ديوانه (37).
(3)
هذا البيت من الخفيف وهو لعبيد بن الأبرص (ديوانه ص 37) الشرح: طبّك بكسر الطاء وتشديد الباء أي: إن يكن عادتك الدلال فلو كان هذا فيما مضى لاحتملناه، والطب: العادة، والدلال: هو التحاشي والتمانع على المحب وهو من دلّ يدل من باب ضرب يضرب، والخوالي:
المواضي جمع خالية من خلا إذا مضى.
والشاهد فيه حذف فعل الشرط لـ «لو» وجوابه فإن تقدير قوله: فلو في سالف الدهر، فلو كان ذلك في سالف الدهر لكان كذا، وشبه «لو» في هذا البيت بـ «إن» فكما جاز حذف فعل الشرط والجواب بعد «إن» كذلك جاز بعد «لو» لكن ذلك في «إن» لدلالة المعني جائز وفي «لو» نادر. والبيت في شرح ابن الناظم (ص 814) والتذييل (6/ 953)، والمغني (ص 649)، وشرح شواهده (ص 973).
(4)
انظر شرح الكافية الشافية (3/ 1641) وشرح ابن الناظم (279) والمغني (ص 649) ومنهج الأخفش الأوسط في الدارسة النحوية (ص 328، 329)، وانظر معاني القرآن (ص 215).
(5)
انظر شرح الكافية الشافية (3/ 1641).
(6)
هذا البيت من البسيط لقائل مجهول والنقرون من النقير وهو النكته التي في ظهر النواة، والمعني: أنه لم يظفر من الدنيا بشيء يذكر. والشاهد فيه دخول اللام الواقعة في جواب «لو» على «ما» النافية وهو قليل، والبيت في التذييل (6/ 950).
(7)
انظر شرح الكافية الشافية (3/ 1639).
(8)
سورة النساء: 9.
(9)
انظر التذييل (6/ 949).
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
وكون المثبت مقرونا غالبا بلام ولا تحذف غالبا إلا في صلة شيء اختاره هذا المصنف وتقييد لما أطلقه النحويون من قولهم: إن المثبت الواقع جوابا للو يجوز دخول اللام عليه وحذفها من غير اعتبار غلبة لا في الدخول ولا في الحذف، وقد نطق القرآن العزيز بهما قال الله تعالى: لَوْ نَشاءُ جَعَلْناهُ أُجاجاً (1) وقال تعالى: أَنْ لَوْ نَشاءُ أَصَبْناهُمْ (2) وقال تعالى: لَوْ شِئْتَ أَهْلَكْتَهُمْ (3)، وأما في كلام العرب فخارج حذف اللام عن الحصر».
هذا كلام الشيخ والعجب منه أنه قال قبل ذلك عند شرح قول المصنف: مثبت مقرون غالبا بلام مفتوحة وأكثر ما جاء في القرآن العزيز مقرونا باللام (4)، وإذا كان أكثر ما ورد في الكتاب العزيز مقرونا باللام كان ذلك شاهدا لقول المصنف.
ثم قال الشيخ (5): «وقد سقط قوله: ولا تحذف غالبا إلّا في صلة، من نسخة عليها خطه وتصحيحه، ثم قال: وتدخل إذن بين لو وجوابها فتقول: لو جئتني إذن لأكرمتك، قال: وقد جاء دخول اللام على إذن دون الفعل قال الشاعر:
4102 -
لو تأتّي لك التّحوّل حتّى
…
تجعلي خلفك اللّطيف أماما
ويكون الأمام ذو الخلقة الجب
…
لة خلفا مراكنا مستكاما
لإذن كنت يا عبيدة خير الن
…
نّاس خلفا وخيرهم قدّاما (6)
قال: ومن غريب ما وقع جوابا للو أفعل في التعجب مصحوبة باللام، قال عبد الله بن الحر (7): -
(1) سورة الواقعة: 70.
(2)
سورة الأعراف: 100.
(3)
سورة الأعراف: 155.
(4)
انظر التذييل (6/ 949).
(5)
انظر التذييل (6/ 949، 950).
(6)
هذه الأبيات من الخفيف، لقائل مجهول.
الشرح: الجبلة: الغليظة، والمراكن: الغليظ الضخم الذي له أركان، والمستكام من الكوم: المجتمع.
والشاهد في قوله لإذن كنت حيث دخلت اللام على «إذن» الداخلة بين «لو» وجوابها والأصل أن تدخل على الفعل الذي هو جواب لـ «لو» .
(7)
هو عبيد الله بن الحر بن عمرو الجعفي، من بني سعد العشيرة، قائد من الشجعان الأبطال، كان من خيار قومه شرفا وصلاحا وفضلا، وكان شاعرا فحلا، مات غريقا سنة (68 هـ). انظر ترجمته في الخزانة (1/ 296 - 299)، والأعلام (4/ 192).
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
4103 -
فلو متّ في يوم ولم آت عجزة
…
يضعّفني فيها امروء غير عاقل
لأكرم بها من ميتة إن لقيتها
…
أطاعن فيها كلّ خرق منازل (1)
انتهى كلام الشيخ رحمه الله تعالى.
وقد عرفت أن المصنف احترز بقوله «في الغالب» - كما قال الإمام بدر الدين - من مجيء [5/ 184] جواب «لو» جملة اسمية مصدرة باللام ومصدرة بالفاء، وأما المصدرة بالفاء فقد عرفت أن بدر الدين لم يجعل المصدر بالفاء جوابا وأنه أجاب عما استدل به والده من قول الشاعر:
4104 -
لو كان قتل يا سلام فراحة (2)
أن «فراحة» معطوف على فاعل «كان» الذي هو «قتل» وأن الجواب محذوف، ولا شك أن «كان» في البيت تامة، والمعنى على ما يراه المصنف:
لو وقع قتل استرحت، فأوقع الشاعر موقع استرحت فهو راحة، والذي قاله بدر الدين هو الظاهر، بل هو الحق، بل يقال: إن جواب «لو» لا يكون جملة اسمية أصلا، وأما قوله تعالى: وَلَوْ أَنَّهُمْ آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَمَثُوبَةٌ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ خَيْرٌ (3) فقد أجيب عنه بأن جواب «لو» محذوف لدلالة ما بعده عليه، التقدير: لأثيبوا، والجملة التي هي «لمثوبة من عند الله خير» جواب قسم محذوف أي: والله لمثوبة من عند الله خير، ولا شك أن حذف جواب «لو» لدلالة المعنى عليه كثير في الكتاب العزيز وفي أشعار العرب، قال الله تعالى: وَما أَنْتَ بِمُؤْمِنٍ لَنا وَلَوْ كُنَّا صادِقِينَ (4) وقال تعالى: فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْ أَحَدِهِمْ مِلْءُ الْأَرْضِ ذَهَباً وَلَوِ افْتَدى بِهِ (5) وقال تعالى:
وَلَوْ أَنَّ قُرْآناً الآية (6) التقدير في الأولى: ولو كنا صادقين ما آمنتنا أي ما صدقتنا، وفي الثانية: ولو افتدى به لم يقبل منه، وفي الثالثة: ولو أن قرآنا الآية لكان هذا -
(1) هذا البيتان من الطويل. والعجزة: آخر ولد الرجل، والخرق من الفتيان: الظريف في سماحة ونجدة.
والشاهد في قوله «لأكرم بها من ميتة» حيث وقع «أفعل» في التعجب جوابا لـ «لو» مصحوبا باللام والبيتان في الهمع (2/ 66) والدرر (2/ 82).
(2)
سبق شرحه والتعليق عليه.
(3)
سورة البقرة: 103.
(4)
سورة يوسف: 17.
(5)
سورة آل عمران: 91.
(6)
سورة الرعد: 31.